رأيت عمي سالم في المسجد ..لا أعلم هل سيصبح عمي حقاً؟ ..أم أن كل شئ سيتحول إلى تاريخ
وماضٍ جميل عشته في أحد الأيام..بدا شاحباً ..سلم علينا ثم اتجه لركن بعيد ..أو بدا لي بعيداً وبدأ
تحية المسجد ..التفتَ نحوي سامر :سمير ..لاتشغل بالك ياأخي ..جئنا للحلقة .
جميل جداً أن تُخلص النية ..بعد دقائق أُقيمت الصلاة ..وبعد الصلاة ناداني إمام المسجد ..وطلب
مني افتتاح الحلقة ببعض الآيات..شعرتُ بالسعادة وأنا أقرأ وتعمقتُ في التلاوة ..حتى نسيتُ
الناس من حولي ولم يعد في عالمي سواي أنا والمصحف ..
بعدما توقفتُ عن التلاوة..تغيرتُ كثيراً ..أيقنتُ أن ماسيحدث هو قضاء الله ..وعلي أن أرضَ به .
وكان موضوع الحلقة هو الايمان بالقضاء والقدر..
أبدع الإمام في الحلقة ونظم المعلومات بطريقة مشوقة جعلتْ المستمعين يصرون على إتمام
الموضوع ..حتى ولو بعد صلاة المغرب .
وكنتُ أشد المتعطشين ..ولا أظن أن عمي فاقني شوقاً لإتمام الدرس.
...........................
عدنا للمنزل بعد صلاة المغرب بغير النفوس التي خرجنا بها ..سألتُ أمي ماذا أعدتْ
للعشاء ..ومازحتها قليلاً ..حتى شعرتُ بالسرور عاد اليها ..خلوتُ لنفسي بعض الوقت ..رفعتُ
سماعة الهاتف وضربتُ الأرقام ..سأكلم عمي وإذا سمح لي بالحديث مع إزدهار ..كلمتُها.
..............................
نادتني إمي :إزدهار ...تعالي هنا يابنتي.
نزلتُ لغرفة المعيشة :نعم يا أمي.
تكلم أبي هذه المرة:إزدهار ..لا أعرف ماذا أقول .....وقال بتنهد :سمير يريد الحديث معك على الهاتف.
تفاجأتُ كثيراً ..لم أتوقع هذه البادرة أبداً ..أخذتُ سماعة الهاتف بيد مرتجفة ..وأشرتُ لأبي بأن
يبقي السماعة الأخرى على أذنه ..لا أعرف مالذي دفعني لأطلب من والدي سماع مكالمتنا ..لكني فعلتُ .
لم استطع الوقوف أطول أمام والديّ ..صعدتُ لغرفتي ..ثم وضعتُ السماعة على أذني:نعم ..؟
:السلام عليكم يا آنسة إزدهار.
آلمتنى الأخيرة ..بعدما ناداني باسمي مجرداً عاد ليستخدم الألقاب.
:وعليكم السلام ورحمة الله .
:كيف حالكِ ؟ سمعتُ بأنكِ مرهقة هل صحتكِ على مايرام؟
:الحمد لله ..
قال بتردد:لا أريد أن أطيل عيكِ ..أظنكِ تعرفين سبب مكالمتي.. آنسة إزدهار ..أنا لم أطلب
الزواج منكِ إلا لأني أعجبتُ بدينكِ وخلقكِ ..وأعجبني تمسككِ بالحجاب في مثل
ظروفنا ..وزوجة بهذه الموصفات يسرني الارتباط بها ..ولايهمني سنها .. بكراً كانت أم ثيباً .
بدأتْ دموعي في الانهمار ..وأنفاسي أخذتْ تتلاحق.
تابع سمير:والحمد لله أن أمي نظرتْ إلى الزوجة الصالحة من نفس منظاري ..فاتفقنا على
التقدم ..و بالصدفة ..حضر عمي سالم ..لتكون الخطبة مرتبة ..دون أن نخطط لها .لكن الله شاء
أن تكون هكذا .
والآن يا آنسة أتمنى أن أعرف إن كنتِ موافقةً على الزواج مني.. أم أنك ترفضين هذا
الزواج ..؟أرجوكِ أجيبيني .
كدتُ أختنق من البكاء ..هناء فتحتْ عيني على أمور كنتُ متغافلة عنها ..وجاءتْ كلمات سمير
مؤثرةً جداً ..باختصار علي التوقف عن اللعب بمشاعره ..فهو إنسان ومن حقه أن يعيش كباقي الناس ....
:يا آنسة ..؟
ناداني أبي:إزدهار يابنتي هل مازلتِ على الخط؟
قلتُ بصوت مخنوق:أنا هنا ..
هل تستطيعين الإجابة على سؤال سمير؟
أعاد سمير سؤاله:هل أنت موافقة ..على الزواج مني؟
:نـ ..نعـ....ـم أنا موافقة .
سمعتُ أبي يكبر في الهاتف مسروراً ..ثم تكلم سمير:آنسة إزدهار ..أشكركِ كثيراً لأنكِ أجبتني
بصدق واعلمي أنني سأبذل كل مافي وسعي لإسعادكِ أنتِ والصغيرين ..
لم أقوَ على إضافة كلمة واحدة ..سلمتُ ثم تركتُ أبي يكمل حديثه مع سمير.
....................................
الروابط المفضلة