السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أضع بين أيديكن
قصّة قصيرة ولكن بمعنى كبير بالنّسبة إلي...
حدثت في طفولتي.... وحُفرت في ذاكرتي
..
لكلّ قصّة عنوان...لكن لقصّتي أحببت ان أرفق عنوانيْن..
"قـَــهْــــ ــوَةٌ"
"عــــاشِقَــةٌ مـِــنْ نَـــوعٍ آخَرُ"
.
.
.
غالباً ما تشدّني رائحة قهوة جدّتي
في ساعات الصباح,والتي أعرفها على أنّها
قهوة مخمليّةٌ,ذات عبقٌ بنّي ,ولونٌ بنّي,وحتّى رائحةٌ بنّية..!!
فما لبثت حتّى اليوم تصنع قهوتها المُميزة بنفسها,بشتّى خطواتها ,وهي لا
تصنع الا المرّة منها, وتفضّلها اشدّ تفضيل على البنّ والقهوة المشتراةِ.
إني أرى السعادة التي تغمر عينيْها...حين تقوم بصنعها بكلّ شغفٍ ولطفٍ
وكأنها لألئُ سوداء.. تحضى بعنايةٍ فائقةٍ ..بيديْها المجعدتيْن.
أما لحظاتي المفضّلة, فهي حين تجتمع ورفيقاتها, في مجلسها المُتواضع الصغير
ويباشرن التحدث دون انقطاع عن أيّام زمان ,وطعم الحياة سابقاً - طالما
تمنيت لو أنني رايت ولو القليل من هذه الايّام - وطبعاً لا يحلو مجلسهنّ دون القهوة..
وأذكر جيداً حين كنت صغيرة, أنها كانت تطلب مني إحضار فناجينها ناصعة البياض
- والتي خُصصت للرفيقات فقط - على صينيّة نحاسيّة, صينيّّة لها معزّة خاصة
عند الجدّة, كونها صينيةُ ضيافة القهوة التاريخيّة....مدة أربع وأربعين عاماً.
في أحد المرات, أعتراني الفضول لمعرفة سرّ محبّة جدّتي لهذا النوع من القهوة
والتي لا تستطيع تذوقها إلا المتزوجات ,وأنا طفلة صغيرة ومن العيب عليّ تذوقها
لأنها حُظرت على اللامتزوجات,لذلك انتظرت ذهاب الرفيقات... .على أحر من الجمر
ذلك لأني أصريت على تذوقها ...فهل هي شراب محرّم..؟؟؟
لذلك أخذت فنجاناً من فناجينها, وصببت قليلاً من القهوة, ارتشفتُ منها ولم يعجبني طعمها بتاتاً
فبصقتها بسرعة ..وغسلت الفنجان ثم أعدته لمكانه قبل عودة الجدّة, واذا بها
قد شهدت ما حدث, وقتها أحسست بالعريّ والخزيّ,فأبتسمت لي وقالت:
نحن دائما نقول للصغار:عيب تذوقها وأرى بانكِ فعلتِ, فعلاً كل ممنوع مرغوب!!!
قلت لها: جدّتي ,اُريد سؤالك سؤالاً ومجرد سؤال:لماذا تحبين القهوة كل هذا الحبّ
بالرغم من طعمها الغير مستساغ؟؟؟
أجابت: حبيبتي الصغيرة, القهوة رافقتني سنين عمري,فهي اُمي واُختي
وصديقتي وعشيقتي...فكيف لي أن أكرهها؟؟؟؟
الروابط المفضلة