انتقلت منتديات لكِ النسائية إلى هذا الرابط:
منتديات لكِ النسائية
هذا المنتدى للقراءة فقط.


للبحث في شبكة لكِ النسائية:
الصفحة 1 من 2 12 الأخيرالأخير
عرض النتائج 1 الى 10 من 17

الموضوع: أسبابٌ خفـيَّـة..!

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Nov 2009
    الموقع
    الكويت
    الردود
    208
    الجنس
    أنثى

    المواضيع المتميزة أسبابٌ خفـيَّـة..!




    أسبابٌ خفـيَّـة..!

    رجاء محمد الجاهوش






    ويجمعنا الصَّيف في ذات الباحة، يلمُّ شتات غربتنا تحت ظلال دالية العِنب في بيت جَدِّي الحبيب، فنحثُّ الخطى لحظةَ أن تطأ أقدامنا عتبته، متسابقين أيُّنا سيصلُ أوَّلا ليَحْظى بقرب الجَدِّ والجَدَّة، كما كنا نفعل ذلك ونحن صغار..
    وكَمْ، وكَمْ تَدافَعنا ساعةَ يمدُّ جَدِّي يديه بالعَطايا: حلوى، مُكسَّرات، وفاكهة مُجفَّفة!
    صور شتى تَتَداعى قبالتي وأنا أنظر إلى أطفالنا كيف يمرحون كما كنا نمرح، ويتعاركون كما كنا نتعارك!
    عراك لا يترك نُـدبًا، ولا يقسِّي قلبًا، وتجافينا من بعده لا يدوم طويلا، وأغرب ما فيه أنَّه كان يزيدنا تواصلاً!
    فما أن يغضب الصَّديق من صديقه، ويولِّي وَجْهَهُ مُدبرًا حتى يُدرك أنه لا يستطيع أن يلعب بمَرح وحدَه، وإذا عاندَ واستكبرَ فلن يجدَ مَن يشاركه خططه بالإعداد والتَّنفيذ، فيكون قد حكم على نفسه بوحدةٍ بَغيضةٍ لا يَقوى عليها قلبه الغَضّ، فيعود محمَّلا بجميلِ صَفحٍ ليجد صديقه قد سارع هو الآخر حامِلا اعتذاره الودود وطاقة حبٍّ!
    وحدها "مها" ـ ابنة عمي ـ مَن كانت تقدر على مرِّ الخصام لأيام وأيام، وكم كانت تتسبَّب في عقاب الأولاد من ذويهم دون ذنب اقترفوه، سوى أنهم لا يحبُّون اختيارها ضمن فريقهم بسبب دَلالها ـ كما كانوا يُبرِّرون!
    ويوم كبرتُ قليلا كان بيت جدي ملاذًا آمنًا، آوي إليه ساعة تنهشني القَسوة مِن أقرب الناس إليّ، ويغلبني الحزن لضعف قدرتي على مواجهته، فأرتمي في حضن جدَّتي ألتمسُ دفأً، حنانًا، وشيئًا مِن أمان يُعينني على مواصلة المَسير!


    - "أنسام"، هل أنت معنا؟
    صوت ابنة عمي " مها" ينبِّهني من شرودي، فأجيبها بابتسامة: نعم، ما زلتُ هنا!
    - بعد غد سيُفتتح معرض العُطـور، هل ترغبين في الذهاب معنا؟
    هَمَمْتُ بالإجابة لكن صوت جَلَبة الأطفال أخمدَ صوتي، وصوت بُكاء "بدر" أفزع أمه "مها" فقامت مهرولة نحو مصدر الصوت لترى ماذا حدث!
    تبعتُها قلقة، سائلة الله اللُّطف!

    ...
    - لماذا؟!
    - لم يكن قصدي.

    - لماذا؟!

    - لم يكن قصدي.


    كنت كلما رأيتهما على هذا الحال ملأني الغَـيْظ، وتداعَتْ صُـوَر طفولتي الرماديَّـة قبالة ناظريّ!
    كم كان يوجعني السُّـؤال، ولا أجرؤ على الـتَّفوه به: لماذا أمي بكلِّ هذه القسوة؟!
    وكم كنت أشعر بالغصَّـة عندما تطلب منا مدرسة الـلُّغة العربيَّة كتابة موضوع إنشاء عن قلبِ الأمِّ الشَّـفيف، وعاطفتها الجيَّاشَة، وحنانها الـمُغدِق!
    لم أكن حينها أعرف كيف أواري.. كيف أكذب!
    فكنتُ أسطِّر الكلمات بيَدٍ مُرتجِفَةٍ فتصل مُفكَّـكةً بلا مَعنى!
    ما زالَتْ "مها" تصرخ في وجه طفلتها ذات الأعوام الخمس، مُطالبة إياها بالاعتراف، ونبرة صوتها الحادَّة تَسْـتَـفِزُّ شَـتَّى مشاعر العَداء المكبوتة بين أضلعي!
    عداء لقسوة، لأنانية، للؤم طبعٍ، لضيق أفق، لعدم فَهم، لتضييع أمانة..
    عداء لأمٍّ ـ لكلِّ أمٍّ ـ لا تدرك من مَعاني الأمومَة، ولا تعرف من أبجدياتها سِوى أن تقوم على ترتيب مَظهر أطفالها بصورة فائقة الاهتمام، لتتباهى بهم أمام الآخرين، لاسيما أمام زوجات إخوانها، وقريناتها من الأقارب والصَّديقات!
    حاولتُ مَسك زمام نفسي، والسَّيطرة على موجةِ الغضب الهادِر التي هاجَتْ في صدري، فرحتُ أذكِّر نفسي بوصيَّـة رسولنا الكريم ـ صلى الله عليه وسلم ـ لأبي الدَّرداء: "لا تغضبْ ولك الجنَّـة.. لا تغضبْ ولك الجنَّـة.. لا تغضبْ ولك الجنَّـة!"*
    اقتربتُ منهما أكثر، وسألتُ بهدوء مُصطنع: ما الأمر؟

    - أوقعت أخيها ولا تريد أن تعترف لِمَ فعلت ذلك، ولم يَعُدْ لسانها يحسن الـنُّطقَ إلا بعبارة "لم يكن قصدي"!

    - فأجبتها بِتَهَكُّمٍ لا يخلو من حَنق: طفلة في الخامسة مِن عُمرها تلعب مع أخيها الذي يصغرها بسنة ونصف، تُرى أي سبب خَبيث يدفعها إلى أن توقع أخيها؟! هل هي محاولة اغتيال ليخلُ لها وجه أبيها وأمّها فتستأثر بالدلال وحدها؟ أم رغبة في أن تَـتَـسَـبَّـبَ له بعاهة مُستديمة فلا يتمكن بعد اليوم بالعبث في ألعابها!
    ازدادَتْ غضبًا على غضب، فأمسكتْ بكفِّ ابنتها، ودفعتها بقـوَّة لتمشي أمامها، ثم رَمَقَتْني بنظرة يَقْدَحُ منها الشَّـرر قائلة: احتفظي بفلسفتك لنفسك، فلست بحاجة إليها.. ثمَّ أعْرَضتْ ونَأتْ!
    فأطلقتُ كلماتي ـ كرَصاص أُحْكِمَ تسديده ـ علَّها تخترق جُدُر الكِبر والقَسوة والأنانيَّة فتُضَعْضِعُها: عندما تصبحُ في مثل سنّك سيصبحُ لديها ألفُ سببٍ خَفـيٍّ!








    ــــــــــ
    * "لا تغضب، و لك الجنة"
    الراوي: أبو الدرداء - المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 7374
    خلاصة حكم المحدث: صحيح


    آخر مرة عدل بواسطة قـمر الشـــــام : 25-12-2010 في 11:00 AM السبب: إضافة وسام التميز ~

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    الموقع
    قلبي يسكنك ِ سوريا ,, برغم ِ غربتي عنك ِ,,
    الردود
    8,510
    الجنس
    امرأة
    التدوينات
    1
    التكريم
    • (القاب)
      • ضياء الفيض
      • درة صيفنا إبداع 1432هـ
      • متألقة صيفنا إبداع 1431 هـ
      • مُبدعة صيف 1430هـ
    ..
    أمتعتْـني كلماتُـك ِ جدا ً أختي رجاء .. لديك ِ قلم ٌ روائي ّ ماتع

    مزيدا ً من َ التوفيق ِ أرجوه ُ لك ِ ..

    ما بين َ سطورك ِ حقيقة ٌ نلمسُـها للأسف ..

    التربية ُ ليست ْ مُـجرد َ أوامر َ ونواه ٍ ..

    بل هي توجيه ٌ للطفل ِ وتقويم ٌ لسلوكه .. هي َ تُـربة ٌ خصبة ٌ لغـرس ِ القِـيم ِ النبيلة ..

    وهي َ وسيلة ٌ لتوجيه ِ مشاعر ِ الطفل ِ وعواطفه ِ بالاتجاه ِ السليم ..

    فإن ْ اعوجّـت ْ هذه ِ الوسيلة .. نشأ الطفل ُ عقيم َ المشاعر ..

    خالص ُ ودّي احترامي ،،،
    ..





  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Nov 2003
    الموقع
    في مكان ما...على سطح كوكب
    الردود
    51,980
    الجنس
    امرأة
    التدوينات
    184
    التكريم
    • (القاب)
      • صاحبة همسة متميزة
      • ضياء الفيض
      • درة صيفنا إبداع 1432هـ
      • متألقة صيفنا إبداع 1431 هـ
      • نبض وعطاء
      • درة مطبخ لك
      • ناصحة متألقة
    (أوسمة)


    "لا تغضب، و لك الجنة"


    والكيس من ملك نفسه وقلة من يفعل ذلك

    رحلة جميلة أخذتني بها معك عبر ذكريات ولا اجمل

    حيث الحب الصادق والعاطفة الجياشة بكل مشاعر الحب والحنان

    حيث الجد والجدة ....وحيث براءة الطفولة..


    مها...
    ولم العتب يا غالية

    لا تلوميها لعلها استرجعت ذكرياتها حين كانت بعمر ابنتها

    تتعمد إيذاء الآخرين أو تسبب لهم غضب الأهل...

    لا يهمها حتى بعد أن كبرت سوى نفسها ..

    وهذه حقيقة لمستها من خلال قراءتي لقصتك الممتعة...


    دام قلمك وضاءاً
    ولا تحرمينا جديدك


    بالإنتظـــــــــار



  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Dec 2005
    الردود
    15,367
    الجنس
    امرأة
    التدوينات
    26
    التكريم
    مرحبااااااااااااا....... رجاء

    قلم متميز وواقعي

    ومن منا يستطيع أن يسطر حروفاً ذهبية لوصف واقع ملموس إلا روحاً طيبة وقلم مبدع ...

    قد صورتي الأسباب الخفية بقلمكِ رائع

    سلمت يمناكِ

    وتبقى التربية على السنة النبوية هدفنا لتنمية شخصية مؤمنه وسوية

    جزاكِ الله خير
    ثَمـة قٌلـوبْ لـآ يُكـآفَـئ حَـبهُـآ إلـآ الـدُعَـآء ♥♡....يارب

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Mar 2007
    الموقع
    ألجلج حيرى بهذا الوجود !!
    الردود
    652
    الجنس
    أنثى
    أختي العزيزة رجاء
    أذكر أول مرة رأيت فيها اسمك ، كان يزين موضوعاً جذبني ، نقلته إحدى صديقاتي وأرسلته لي عبر البريد الالكتروني ..
    وكم فرحت إذ رأيت اسمك يضيء كالنجم في منتدانا الحبيب ..

    ما الكلمات في يدك سوى لعبة أتقنتها -كما يبدو لي - منذ الطفولة ، تكتبين حكماً ودرراً تلبسينها الكلمات الجزيلة والمفردات الرائعة لتصل وتعشش في العقول والنفوس ..

    وما موضوعك هذا باستثناء !
    وصفت فأجدت ، وبينت الفرق بين صفاء الطفولة وطهرها ، وما اذا اختلط بالنفس - بخفاء - بات يحيد بها عن درب الجنة وصفات أهلها !!

    بارك الله فيك وزادك من فضله ...
    سأقبع ها هنا أتأمل لوحتك حتى تأتيني بلوحة أخرى ... فلا تؤخريها - رجاءً

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    الموقع
    مكة
    الردود
    2,137
    الجنس
    امرأة
    التدوينات
    19
    موضوع بديع .. عميــــــق ..
    زادك الرحمن تألقا ..




    و ألهمنا جميعا الهدى ...




    ...

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    الموقع
    في مكان ما على كوكب الأرض
    الردود
    1,331
    الجنس
    امرأة
    رائعة جداً وتستحقين التميز بجدارة
    جزاك الله خيراً أختي الفاضلة
    وبارك الله فيك
    دمت ذخراً للمنتدى ،،
    ,,,
    ,

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    الموقع
    ||،،❤ سوريــَـة حرّة ،، مقيمة في فرنسآ ~
    الردود
    5,415
    الجنس
    أنثى
    التدوينات
    2
    التكريم
    • (القاب)
      • متألقة صيفنا إبداع 1431 هـ
      • ريحانة العلم
      • زهرة المجالس الرمضانية
    (أوسمة)
    ،،

    موضوعكـ راائعٌ وهادف غاليتي رجآء

    وفقكـ الله ورعاكـ .. ~

    حقـــاً أنّ التربية مهمّــة ٌ عظيمة

    ليتَ كل الآباء يدركونها وأهميتها .. ~

    بورك القلم الذي يسكن جواركـ

    أمطري ،، ~

    ::





    وطنٌ لا نَفديه ِ ؛ لا نستحقُّ العيش فيه ِ !

    --------------



  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Nov 2010
    الموقع
    بورسعيد
    الردود
    102
    الجنس
    أنثى
    قلمك مبدع رجاء اللهم زده روعة وضياء

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Nov 2009
    الموقع
    الكويت
    الردود
    208
    الجنس
    أنثى


    أخـواتي العـزيـزات
    ღ قمر الشـام ღ وعود الخير ღ باسمه ღ TASNEEM ღ مجد المكية ღ
    ღ ابتسم وكلي أمل ღ زُمُـرُّد ღ سلمى عمر محمود ღ
    شكر الله لكن حضوركن العذب الداعم، وبارك فيكن وفي عطائكن!


    التربية ُ ليست ْ مُـجرد َ أوامر َ ونواه ٍ ..

    أحسنتِ.. أحسن الله إليكِ!

    لا تلوميها لعلها استرجعت ذكرياتها حين كانت بعمر ابنتها
    تتعمد إيذاء الآخرين أو تسبب لهم غضب الأهل...
    لا يهمها حتى بعد أن كبرت سوى نفسها ..
    وهذه حقيقة لمستها من خلال قراءتي لقصتك الممتعة...
    قراءة موفَّـقة.. استوقفتني، فقد سبرت أغوار النص ببصيرة، اللهم بارك!

    أذكر أول مرة رأيت فيها اسمك ، كان يزين موضوعاً جذبني ، نقلته إحدى صديقاتي وأرسلته لي عبر البريد الالكتروني ..
    وكم فرحت إذ رأيت اسمك يضيء كالنجم في منتدانا الحبيب ..
    أسعدك الله برضـاه، وجزى صديقتك خير الجزاء، وبارك فيكما!

    ما الكلمات في يدك سوى لعبة أتقنتها -كما يبدو لي - منذ الطفولة ، تكتبين حكماً ودرراً تلبسينها الكلمات الجزيلة والمفردات الرائعة لتصل وتعشش في العقول والنفوس ..

    هذا من فضل ربي.. فله الحمد حمدًا كثيرًا طيبًا مُباركًا فيه!
    علاقتي بالقلم والورقة [ككاتبة] عمرها قصير حقيقة، بيد أني ـ منذ طفولتي ـ تجذبني الكلمة الجميلة العذبة!


    قلمك مبدع رجاء اللهم زده روعة وضياء
    .. اللهم آمين ..

    وكل الشكـر للوسام الجميل الذي زيَّـن صفحتي!

    دام الجميع بكل خيـر

أعضاء قرؤوا هذا الموضوع: 0

There are no members to list at the moment.

الروابط المفضلة

الروابط المفضلة
لكِ | مطبخ لكِ