انتقلت منتديات لكِ النسائية إلى هذا الرابط:
منتديات لكِ النسائية
هذا المنتدى للقراءة فقط.


للبحث في شبكة لكِ النسائية:
عرض النتائج 1 الى 5 من 5

الموضوع: من الادب التركي .. المقاولة .. !!

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Sep 2004
    الموقع
    الموصل ـ العراق
    الردود
    97
    الجنس
    رجل

    من الادب التركي .. المقاولة .. !!

    المقاولة .. !!
    لا اخفي عليكم انني رجل هادئ الطبع اكثر الاحيان غير انني اتهيج بين حين وآخر لاتفه الاسباب ، وفي ثورة تلك النوبات المزعجة ، اخلق مشاكل عويصة معقدة ، يعود ضرر تسع وتسعين بالمئة منها على نفسي ، من ذلك ان جرت لي هذه الحادثة التي ساسردها عليكم الان .
    في الشتاء الماضي حصل بيني وبين زوجتي خلاف تفاقم الى حد مدهش لامر تافه جدا ، ذلك ان زوجتي خاطت زرا من ازرار قميصي مقلوبا عن هيئته ، فانطلق لساني عليها من عقاله ، ومن سوء الحظ ان حسيبة لم تكن من النوع الذي يحسن السكوت في مثل هذه المواقف ، اذ سرعان ما ردت على اقوالي بافصح منها ، فاشتطت غضبا وخرجت من فمي كلمة رهيبة ، اذ قلت لزوجتي العزيزة : انت طالق .. اخرجي من داري ، لكن حسيبة لم تسقط مغمى عليها ، ولم تتهافت على قدميّ متوسلة ، بل قالت بلهجتها المعتادة : انني ممتنة ومسرورة من فراقك ، وعليك ترك الدار لانني انا صاحبتها .
    فنهضت على عجل وجمعت حقيبتي وخرجت ، ولكني قبل ان ابلغ منعطف الزقاق ، ندمت على ما بدر مني ، فقد كانت حركتي طائشة ورديئة ، فما يليق بالشهامة والرجولة ان تترك امراة ثرية كزوجتي بهذه السهولة ، ورايت ان من الاوفق ان اعود على عجل وارمم ما حدث قبل ان يستفحل الشق ، فعدت وطرقت الباب ، فاطلت حسيبة من النافذة وقال : من هذا ؟ وماذا تريد ؟! ، فقلت اهدئ من روعها : الظاهر ان الغضب قد اثر عليك كما اثر عليّ ، أفلا تعرفين زوجك يا زوجتي العزيزة ؟ فقالت بلهجة نافرة : واي زوج هذا ؟ انني امراة مطلّقة يا رجل ، وليست لك بي صلة ! فهيا اذهب لشأنك .. ثم اغلقت النافذة ، وذهبت كل توسلاتي ووعودي ادراج الرياح .
    أشغلت حسيبة بالي خمسة عشر يوما ، واخيرا ارسلت لي رسالة مع احد اقاربها تقول : اني مستعدة للزواج منك ثانية ، ولكن بشرط واحد وهو ان توقع المقاولة المرسلة اليك ، والا فلا تبحث عني بالمرة .
    دعكت عيني المرتعشة من الحيرة والغضب ، وقرات هذه المقاولة : (( ان جعل الاعمال الخارجية التي هي اشبه باللعب منها بالعمل وقفا على الرجل وحده ، وترك الاعمال البيتية كلها للمراة وحدها ، ظلم اجتماعي لا يحتمل ، وعليه فاني اعتبارا من اعادة زواجي من زوجتي السابقة ، اتعهد بان اقوم بنزح الماء من البئر وكنس الدار والغرف وتنظيف الصحون وغسلها )) .
    الحق انني ترددت بادئ ذي بدء عن التوقيع عليها ، ولكني ذكرت غرائب طبائع النساء وسرعة تفشي وتبدل الموضات بينهن ، فحسبت هذه المقاولة نوعا من الموضة الجديدة ، وستنساها حسيبة بعد بضعة ايام ، فاخذت القلم ووقعت على المقاولة بامضائي المعمم الكبير ، وبعد يومين جرى عقد وزاجنا من جديد .
    لم يكن شهر العسل من زواجنا الثاني كأوله ، لان شروط المقاولة كانت قاسية ، وقد شددت واصرت حسيبة على تطبيقها ، فكان لزاما عليّ ان ارتدي المئزر واكنس الغرف ، واخرج الماء من البئر كفتاة شغول وانا بين حانق وساخر من شأني .
    مضى اسبوع كامل على ذلك وانا في حالة يائسة ، فقد كانت زوجتي تبدو غير متساهلة بشان تطبيق كل فقرات المقاولة المتعسفة ، ولم يكن بدّ من مفاتحتها بالحقيقة ، فقلت لها ذات يوم : (( اذا استمر الحال على هذا المنوال فلن اعيش اكثر من اسبوع آخر ، فارجوك ان تقلعي عن هذه الفكرة الطائشة ، واذكري انني اذا متّ ، فستبقين ارملة منسية من بعدي )) .
    ولكن حسيبة لم تكن من اللواتي تفهم خطابا او تعي رجاء او تتنازل عن خادم مجاني ارتبط معها بعهد وثيق ، حتى جاء يوم وجدت فيه بصيصا من الرجاء بقرب الخلاص .
    كنت انقل الماء من البئر فسقط الدلو فيه قضاء وقدرا ، وكانت زوجتي على مشهد مما وقع ، فجاءت ثائرة حانقة وقالت : (( يا عديم الفائدة ، انك لا تحسن حتى مثل هذه الاعمال التافهة )) ، فازداد حنقي عليها ، وثرت بوجهها وقلت : (( ماذا تحسبينني ؟ أأنا خادمك حقا ؟ أأنا خادم حقيقي ؟ )) ، فردت على ذلك بابلغ منها ، ودار بيننا كلام عنيف ، اضطرت حسيبة بعد برهة ان تاتي بكلابات حديدية وتصيح بوجهي امرة : (( هيا اخرجه )) ، واهتاج بي عصب العناد ، فقلت : (( لا ، فليس في المقاولة فقرة تنص على اخراج الدلو الذي يقع في البئر )) ، واصررت ان ابقى حريصا انا الاخر على تطبيق نصوص المقاولة ، فاضطرت هي الى اخراجه بنفسها بعد جهد جهيد وتعب ثلاث ساعات متصلة ، واستقرت هذه الفكرة اللطيفة في راسي ، فكلما جاء دور اخراج الماء من البئر ، القيت بالدلو في البئر ، ودعوتها الى اخراجه استنادا الى شروط المقاولة ، واخيرا استطعت ان املأ قلبها كمدا ومللا فجاءتني في يوم من الايام تمشي على كبرياء لتخفي اندحارها ، وقالت : (( اني اعفيتك من مهمة اخراج الماء من البئر ! )) ، حسنا جدا ، لقد اجتزت احدى الموانع الكبرى من المقاولة الجائرة ، ويجب التخلص من الباقيات … الغسل وكنس الغرف .
    وتفتقت فكرة جديدة في راسي ، فاذا جاء دور الكنس ، جمعت اثاث الغرف وجعلت منها كومة كبيرة ، غير ملتفت الى ما يتحطم من الكؤوس والاواني الجميلة والخزفيات التي تعتز بها حسيبة كثيرا ، فاذا جاءت تطلب اعادة كل شئ الى مكانه ، قلت لها باستهزاء : (( ليس في المقاولة ما يرغمني على تنضيد الاشياء بعد الكنس )) ، وهكذا استطعت ان اشطب فقرة الكنس ايضا من المقاولة .
    ثم جاء دور غسل الصحون ، كانت حسيبة بعد ان اكملت زينتها والقت عليّ ما شاءت من الاوامر ، قد اخذت مظلتها وذهبت بخيلاء تتأود في نزهة الى الشارع ، الا اني استطعت ان اضع لذلك الغرور الطائش والزهو حدا ، فلم تكد تاتي بعد حين حتى وجدت بانتظارها مشهدا من اروع واحزن المناظر ، ابصرتني واقفا بمئزري امام الدار اغسل بعض الصحون ، غير مبال بما يتحطم منها او ما تلغ به القطط والكلاب ، وقد اجتمع حولي لفيف من الاطفال يضحكون ويمرحون ، ووقف الحارس ذو اللحية الطويلة يقول مستهزئا : (( اقسم بانه ابرع في الغسل من زوجتي )) ، بينما كانت متسولة عجوز تقول متالمة : (( عمى" لعيني زوجتك )) .
    رات حسيبة كل هذه المشاهد ، وسمعت ما دار من كلام العابرين ، فتاثرت اشد التاثر ، فجاءت اليّ مؤنبة معاتبة : (( ما هذا يا مراد ؟ أفلا تخجل من نفسك ؟ )) ، فقلت وانا اصطنع الدهشة : (( وما العيب في الامر ؟ وهل في العمل الاعتيادي ما يعيب ؟ )) ، فقالت : (( طبعا .. انك بهذا العمل تجعلني اضحوكة !)) ، فقلت : (( اذا كان هذا مخجلا ، فمعنى ذلك ان العيب يقع عليك انت ، لانني اقوم بواجبك ظلما وعدوانا )) ، فقالت ساخطة : (( الم تر محلا اخر للعمل ؟ )) ، فقلت لها ببرود : (( اني اغسل كيفما اشاء وحيث اشاء ، فهل في مقاولتك ما يعيّن محل الغسل والخدمة ؟ اني اقوم بعملي حسب حريتي ورغبتي )) .
    قالت بادية الحزن : (( اجمع هذه الاشياء ، وارجع بها الى البيت على الاقل ، واعتراني زهو مفاجئ لانكسارها ، فمسحت يدي بذيل مئزري ، وقلت باعصاب هادئة : (( لقد غسلت الصحون ، وقمت بواجبي ، اما ادخالها فلا يعود لي ، وهاهي مقاولتك ، أفتجدين فيها مثل هذا الامر ؟ )) ، عادت زوجتي بالصحون عجلة متالمة واخذت المقاولة بين اسنانها ومزقتها اربا اربا في حين كنت اضحك من النتيجة ، فقد بلغت حريتي المسلوبة .
    وبالطبع لم تكلمني حسيبة بضع ساعات ، وكان اليأس يأكل صدرها ويبدو على وجهها ، وفي منتصف الليل مرت بنوبة اخرى من البكاء ، فاشفقت عليها ، فعدت الى جعبة الكلمات المعسولة والالفاظ الرقيقة اهدئ من اعصابها الثائرة ، واعيد الى نفسها الصفاء .

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Oct 2002
    الموقع
    الرياض
    الردود
    2,783
    الجنس
    أنثى
    قصة جميلة جداً ..وممتعة ..

    وان كنت اراه اسلوب ذكي وفعال لتعامل مع الاعداء.!.... وليس الازواج !

    بوركت اخي الكريم ..نننتظر المزيد ..








  3. #3
    مرارة البحر's صورة
    مرارة البحر غير متواجد كبار الشخصيات "متميزة الركن العلمي والتربوي" شُعلة الثقافه ,باحثة علمية متألقة "
    تاريخ التسجيل
    Jun 2002
    الموقع
    جدة/ألمانيا
    الردود
    5,072
    الجنس
    أنثى
    رائعة..بل في قمة الروعة..

    جزاكم الله خيرًا
    اللهم اغفر لوالد أخيتي حمامة الجنة وارحمه واجمعها به في فردوسك الأعلى
    شاركونا.. ما هي اللغات التي تُجيدون؟

    Islam 101 ; Search Qur'an ; Search Hadith
    Islaam.com
    دار الإسلام: مكتبة إسلامية بأكثر من 70 لغة


  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Sep 2004
    الموقع
    الموصل ـ العراق
    الردود
    97
    الجنس
    رجل
    شكرا اختي الكريمة امنية على ما تفضلت به من تعليق لطيف
    انها قصة للطرافة ولا عداوة هناك ان شاء الله

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Sep 2004
    الموقع
    الموصل ـ العراق
    الردود
    97
    الجنس
    رجل
    شكرا جزيلا اختي الكريمة مرارة البحر على مرورك وتعليقك
    اشكرك مرة اخرى وارجو ان اكون دائما عند حسن ظنك

مواضيع مشابهه

  1. ::.. بئست المقاومة و المقاومون ! ..::
    بواسطة فارس السنه في المجلس العام
    الردود: 5
    اخر موضوع: 02-05-2011, 11:55 PM
  2. **تطبيق متميز**تطبيقي لعمل خبز بيدا التركي بالسمسم بالصور علي طريقة الاخت منى !!
    بواسطة إكليل الزهــور في المعجنات والسندويشات والفطائر والخبز
    الردود: 28
    اخر موضوع: 03-09-2009, 05:05 PM
  3. المقاومة = الارهاب
    بواسطة nono_fara7 في الملتقى الحواري
    الردود: 3
    اخر موضوع: 16-01-2009, 06:20 PM
  4. إلى المقاومة في غزة : أحبكم في الله
    بواسطة عبدالكـريم في روضة السعداء
    الردود: 0
    اخر موضوع: 06-01-2009, 03:06 AM
  5. المقاومة العراقية
    بواسطة نبع الحب في الملتقى الحواري
    الردود: 0
    اخر موضوع: 18-06-2003, 09:02 PM

أعضاء قرؤوا هذا الموضوع: 0

There are no members to list at the moment.

الروابط المفضلة

الروابط المفضلة
لكِ | مطبخ لكِ