من أوراق جدة

أخواتي الغاليات
هذه قصة على أجزاء كل جزء غير مرتبط بما بعده ولكنها تدور جميعا حول مواقف مع الجدات استوحيتها من قصص حقيقية
أتمنى أن تنال إعجابكن
وأنا في انتظار النقد
……………….
دقت دقة لطيفة على باب الدار الداخلي ثم سمعت صوت تكة وظهر أمامي أويس الصغير ذي الأعوام السبعة،نظر إلي ومشى بتؤدة
-السلام عليكم
-وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته كيف حالك يا حفيدي الغالي؟
-الحمد لله
-ألن يأتي أحد من أعمامي أو عماتي إليك اليوم؟
-كلا يا بني
-لماذا؟
-نحن في وسط الأسبوع وكل مشغول بعمله ودراسته.

أخرجت أحد أجزاء المصحف من حقبيتي وأخذت أقرأ وردي،ومضى أويس يلعب بلعبة إلكترونية أنزلها معه،وفجأة أحسست برغبة في الانتقال إلى الغرفة المجاورة فلملمت حاجياتي وتوكأت على عصاي ومضيت.
لحقني أويس ثم عاد للعبه وعدت لتلاوتي،أحسست بألم في قدمي فرفعتها إلى الأعلى لعلي أستريح ،أتت الخادمة لتسألني إن كنت بحاجة لشيء؟ فطلبت منها كأس ماء مع دوائي؛لأني نسيته وبدأت أشعر بالصداع.
نفذت ما طلبت ،ولففت رأسي بعصابة عل الألم يهدأ
ولما طال الأمر ولم أتحسن،توجهت إلى غرفة نومي وتمددت قليلا حاولت الوصول إلى الراحة ولكني لم أسترح فعدت إلى الغرفة الأولى حيث مكان جلوسي المفضل وفي هذه المرة ساعدتني الخادمة للوصول إليها ورفعت لي قدمي ووضعت الوسائد تحت رأسي فشكرتها وانصرفت تتابع عملها.
أما أويس فكان يدور معي في غرف المنزل متنقلا معي من غرفة لأخرى،ثم سألني:
-ما بك يا جدتي تدورين في البيت وأنت متعبة؟
-أذهب عن نفسي هذا الملل يا بني
-ولم تشعرين بالملل؟
-لأني أعيش وحيدة فعماتك مع أزواجهم وأعمامك يكدون ليعيلوا عوائلهم مثل أبيك تماما
-قولي لهم أن يأتوك
-لا أستطيع؛فهم بغاية الانشغال، غدا عندما تتزوج ويتزوج أخوتك الكبار سيكون حال والديك مثل حالي.
سكت قليلا متأملا في كلامي ثم أردف:
-غدا؟ غدا الأربعاء لا أستطيع.
تبسمت وقلت لنفسي يا لبراءة الأطفال
-يا حبيبي أقصد بغد أي عندما تصبح كبيرا في المستقبل، فهمت؟
-آه نعم .
يفتح الباب الداخلي مرة أخرى وتطل خادمة ابني والد أويس وتنادي:
-أويس أمك تقول هيا إلى العشاء
-حسنا.
قبلني ولوح قائلا
-وداعا
-وداعا يا صغيري

الجزء الثاني
زارني اليوم أبناء ابنتي التي توفيت قبل شهرين بعد معاناة مع المرض الخبيث،في إقبالهم علي لمحت الحزن يخيم عليهم رغم تصنعهم الابتسام،عانقتهم ودمعت عيني مازالت رائحتها عالقة بثيابهم.
قال لي كبيرهم :
-يقرئك والدي السلام ويقول(هذا إرثك من ذهبها وأما النقود فمازالت متفرقة وهذه ثيابه أخذت منها أختي ما أرادت فخذي منها وليأخذ خالاتي منها وادع لها بالمغفرة ).
لم أتمالك نفسي وأجهشت بالبكاء
بدل أن ترثني ورثتها رحمها الله ..رحمها الله
وهاهي ثيابها مكومة أمامي في حقائب بلاستيكية
بعد أن كانت تحرص عليها أن تبدو دائما خالية من أي تجاعيد ، ياإلهي إن بعضها لم يلبس بعد مازال بأوراقه يا للإنسان لا يدرك قصر عمره يؤمل في غد وبعد غد بل والسنة القادمة والموت أقرب إليه .
آه خرجت مني آهة حملتها ما أستطيع من حزني ودموعي مازالت تنهمر انهمارا ، ابنها الصغير عندما رآني ابكي بكى معي ،فأجلسته على فخذي وقلت:
-بني يقول الله تعالى (كل من عليها فان )فكفكف دموعك وأنا أيضا ولا تنسها من دعائك
نظر إلي غير مستوعب لما أقول فهو مازال في الصف الأول إلا أنه قال:
- حسنا
- هل تعرف معنى الآية (مل من عليها فان)؟
–ابتسم ولمعت عينيه وقال نعم
- -ها ما معناها؟
- (الفان) هو مثل سيارة عمي فلان "وهي سيارة كبيرة قد تحوي دورة مياه وسرير"
- أجبرتني إجابته على الابتسام رغم الألم الذي أحس وقلت
- -كلا ليس هذا هو معناها بل معناها أن كل الناس سيموتون ،فهمت؟
- نعم فهمت
عندما أتى وادهم لأخذهم همس
-أريد أن أتزوج يا عمتي ،فهل تأذنين لي؟
-ءأذن لك؟ماذا أقول يا ولدي شرع الله وأنت بحاجة إلى امرأة ترعاك ؛ولكن لا تنسى أبناؤك ولا يلهك الجديد عن القديم
- هم في عيوني كما تعلمين
وقال بما يشبه العتاب:
- أو توصيني على أبنائي؟؟
-أعلم يابني أعلم
ثم بكيت هنا قال:
-لا تبك يا عمتي لن أتزوج إذا كانت هذه رغبتك
-كلا يابني، افعل ما تراه في مصلحة الجميع يسر الله لك الخير حيث كنت
-حسنا جزاك الله خيرا في أمان الله
- في حفظ الله ورعايته
جافني النوم تلك الليلة تقلبت في فراشي مرارا أفكر في ابنتي الموفاة وأبناؤها وزوجها،وعندما أيقنت النوم بعيد عني ،توضأت وطفقت أصلي وأدعو لها بالرحمة وان يرحمني الله إذا صرت إلى ما صارت إليه






كنت اتمنى ان ارى ردودا ونقد ومشارركات

الجزء الثالث

حدثتني اليوم ابنتي الصغرى تخبرني بمجيئها في الغد، ثم أخبرتني أن ابنتها تريد محادثتي
-أهلا حبيبتي رغد
جاءني صوتها الرقيق :
-السلام عليكم كيف حالك يا أحلى جدة؟
-وعليكم السلام ورحمة الله أنا بخير ياحلوتي
-جدتي لا تقلمي أظافرك غدا سأقلمها لك إن شاء الله
-حاضر
-أنا أحبك ياجدتي
-وأنا أيضا
-حسنا إلى الغد
-في أمان الله

انتهت محادثتي مع تلك الحفيدة الحنونة على الرغم من كونها في التاسعة إلا أنها تصر على نقليم أظافر يدي وقدمي كل أسبوع وتصر دائما بعد انتهاءها أن تضع لي مرطبا برائحة الزهور وأحمر شفاه ثم تنظر إلي في رضامماصنعت وأبادلها الابتسام واشكر الله على نعمائه فهي تقلد امها بل وتنافسها في كسب رضاي
فأنا أراها تسابق أمها في تقريب الاطعمة التي احب على طاولة الطعام ثم تلقي على امها قبلة سريعة مرددة بطريقة طفولية لقد سبقتك .. لقد سبقتك
وعند الخروج دائما ما تختم ابنتي المجلس بقولها :
-أتامريني بشيء يا امي ؟
-جزاك الله خيرا يا ابنتي برك ابناءك كما بررتني
-اذا استودعك الله الذي لا تضيع ودائعه
-وانا ايضا استودعك الله الذي لا تضيع ودائعه
وتعيد الصغيرةنفس مقولة امها وارد عليها بنفس الاجابة فتقبلاني وتخرجان

الجزء الرابع
(لقد غبنت عندما اخترتك زوجة لابني)
هذا ما قلته -في نفسي-عندما أخبرتني زوجة ابني أن ابنتها الوحيدة ،تلك الحفيدة الرقيقة أصيبت بالثعلبة في شعرها الجميل ،وأن الطبيب أخبرها أنها من سوء حالتها النفسية
تخيلوا طفلة لم تدخل المدرسة بعد في عامها الخامس تصاب بمرض نتيجة تدهور حالتها النفسية بل ماذا تعي من الدنيا أصلا؟
أحكي لكم حكايتها
يسكنون في مدينة بعيدة عن مدينتنا بعد أن كانوا يسكنون معنا لظروف دراسة والدها وأمها تدرس أيضا،أين تذهب المسكينة ؟ ذهبوا بها إلى بيت خالتها التي تعيش في مدينتهم ولا قريب لهم سواها
فكروا ورأوا أن لديها أبناء صغار قريب من سنها وظنوا أنها ستسعد معهم ولكن الحقيقة أنها مغلوب على أمرها حتى من أبناء خالتها الأصغر سنا منها وأمهم-أي الخالة-مشغولة عنهم في إعداد البيت هذا حالها نهارا أما الليل فما هو بأحسن حالا منه والدها منغمس في مذاكرته ووالدتها كذلك أو تهتم في شؤون البيت وهي كأنها سقط من المتاع وإن رسمت لها رسمة وأرادت التشجيع عليها فإنها لن تجد سوى اذهبي عني يا ذات الرسم القبيح مثلك

فهل تلام صغيرتي إن كرهت هذه المدينة جدا

بقيت سنة واحدة لتنهي زوجة ابني دراستها وعندما أراد منها ابني ترك الدراسة والتفرغ لابنتها المريضة قالت:
أنت مجرم !لم تبق إلا سنة واحدة أتريد لتعبي أن يذهب أسدى؟
سأنفذ رغبة والدي المرحوم مهما حصل
وعندما يأتون إلى مدينتنا تكون مشتاقة إلينا جدا وعند زيارتنا ترفض العودة مع والدتها إلى بيت والدتها إنها تحبنا أكثر ،هنا راحتها وسعادتها ولكن تأبى أمها ولابد من أن تأتي معها بل حتى عندما أرادوا قضاء عطلة بعيدة عنها أرادت البقاء معنا ورفضت أمها ولم تخرج من البيت إلا ببكاء قطع قلبي
ما حيلتي يا ابنتي ؟؟
إن كان أبوك ضعيف الشخصية عجنته أمك مثلما أرادت،إني لأتحسر عليه كلما رأيته حسبي الله ونعم الوكيل
وبالطبع لم يسلم من تصرفاتها الغريبة
تريد أن منه ألا يأتي إليها أبدا ويبقى كل عند أهله –عند زيارتنا- بحجة أنها مشتاقة إلى أهلها جدا وهو وإياها متقابلين دوما في مدينتهم
وماذا سيقول أهلها إن جاء ثم رأوها تغتسل !
يإلهي إنه زوجك جنتك ونارك فافعلي ما تشائين كله دين مقدر مكتوب وربما عاد أضعاف

فهل تظنون أني مخطئة عندما قلت إني غبنت ؟
عندما بحثنا عن ذات الدين أخبرونا عنها ولكننا لم نوفق في الاختيار

ام3بنات

مررت من هنا وحبيت ان اضع توقيعي

حتى اعود لمضمون القصه وموضوعها

لك ودي

جزاك الله خيرا


الجزء الخامس
منذ فترة وأنا متوعكة تارة يشتد المرض وأخرى يخف
قرر أبنائي أن أكون كل شهر عند أحدهم حتى أتعافى
لو تعلمون يا أبنائي ما هو بمرض إنه التقدم في السن فهل تجدون له علاجا؟
صوتي أصبح ضعيفا بعد أن كان قويا يجلجل في أنحاء البيت
عيناي ما عادت قادرة على الأبصار جيدا فاستعنت بالمنظار الطبي
وأما رجلي التي قطعت بها المسافات الطوال قد أعلنت عجزها ..فأصبحوا ثلاثة رجلاي والعصا
وأسناني لم تعد تجيد المضغ فأصبحت اختار اللين من الطعام
ناهيك عن وجهي الذي تهدل وملأته التجاعيد بعد أن كان مشرقا متوردا
بل إن يداي خارت قواها فاليوم لم أستطع رفع الطعام إلى فمي فاستعنت بأختها
آه يا أبنائي إن أكثر ما يحز في نفسي عجزي عن وضع جبهتي على الأرض فركبتي لم تعد تنثيان كسابق عهدهما والحمد لله على كل حال
بعد أن عدت إلى بيتي وانتهت فترة نقاهتي عند أبنائي الأحباء طلبت من أحد أحفادي صاحب موهبة فنية أن يصنع لي لوحة يزخرف لي عبارة أردت لأبنائي أن يتعظوا بها
وضعت اللوحة على الحائط خلفي مباشرة ليقرأها كل من يأتيني إنها

اغتنم شبابك قبل هرمك

الجزء السادس
انتهت فترة الصيف وعدت إلى منزلي بعد غياب شهرين أو أكثر متنقلة مع أبنائي
وفي أثناء تناولي شاي العصر رن الهاتف وكانت جارتي
-السلام عليكم
-وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته حيا الله الغالية أم خالد اشتقنا إليك
ردت في عتاب
-إن اشتقت إلي فأين أنت؟شهرين ونصف أيتها القاطعة !! لا أنت تتصلي ولا تردين على اتصالاتي!؟
- لا تعتبي علي فلم أكن في المنزل ،كنت أتصيف مع أبنائي مكثت شهرا في الخارج وشهرا في ربوع بلادي
- ظننتك لا تحبين الخروج مثلي
- أنا فعلا لا احبه ولكن أبنائي ألحوا علي ورأيت في أعينهم رغبة شديدة في أن أكون معهم فتوكلت على الله ورحلت هل تصدقين أنى سمعت أحفادي يتفاخرون على بعضهم لذهابي معهم قرة عيني هؤلاء الصغار
- زادك الله من فضله
- وأنت كيف كان صيفك؟
- أي صيف وأي شتاء؟ حسرة علي مكثت في بيتي يزورني ابنائي كل أسبوع أو أسبوعين والمسافر منهم يحادثني في الهاتف ولا أحد منهم حاول استضافتي معه في سفره ولو مازحا
- لأنهم يعلمون انك لا تحبين الخروج كثيرا
- صحيح لا احبه ولكن لا باس به من فترة لأخرى كأني بهم استراحوا من هم على رؤوسه
- انهم يحبونك يا غالية ويحرصون على راحتك
- اعلم وأنا أيضا لا احب أن أكون عبئا ثقيلا على أحد
حاولت إدارة دفة الحديث وإدخال بعض المرح
-لست ثقيلة بل مازلت تحتفظين برشاقتك ولست مثلي كثيرة الشحوم
ضحكت وقالت
-استأذنك الآن أريد اشرب الشاي واعلم انك لم تنهي شايك بعد
-أذنك معك اسمع صوتك قريبا
-السلام عليكم
- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته





وهذا أخر الاجزاء

وجزاكم الله خيرا على تشجيعكم لي

ما أجملها من يوميات ..

كم هي معبرة وتحمل الكثير مما نرى ونسمع كل يوم ..

كم أصبحت علاقاتنا العائلية هرمة وميتة ..

ليتنا نتعظ بكلام الجدة ..

ملاحظة: أعجبتني مذكرات اليوم الرابع .. كم هي واقعية ..

لا عدمناك أختي وليتك تكملي لنا اليوميات ولو قليلاً..

أحرجني كلامك ياغالية

كما اسعدني ردك ورفعني عاليا في سماء التفاؤل بعد ان ظننت ان كتاباتي لن تروق سوى لنفسي

شكرا لمرورك العطر

<<<<<<<< من قدم الموضوع ثارت الغبار عند قرائته شكرا لرفعه رفع الله قدرك