يقول رسولنا الأكرم ـ صلى الله عليه وسلم ـ :
" مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد ، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر " ..
هكذا وصف رسولنا الكريم حال المسلمين ..
شبـّـه الأمة بجسد يتكون من أعضاء ، و كأن كل مسلم في الأمة يشكل عضوا ً من أعضاء هذا الجسد ..
وكما الحال في أي جسد ، فإن أي ألم ينتاب عضوا ً فيه يمتد أثره ليشمل الجسد كله ..
وهذه إشارة إلى أن المسلم يتأوه لألم أخيه ، ويشعر بوجع أخيه ..
وصف رائع لأحوال المسلمين ..
لكن ..
ما عاد هذا الوصف ينطبق علينا ..
فكلّ مِنا في حياته وعالمه ..
عشنا همومنا الشخصية ، فغابت عنا هذه المعاني ..
معاني الإخاء والمحبة والإيثار ، كلها باتت ضربا ً من الخيال ..
ما عـُدنا نــُلقي بالا ً لأحوال غيرنا ..
نسينا أن إخوانا ً لنا تناديهم الدماء ، ويتعثرون بالأشلاء ..
أطفالهم بلا كساء ولا غذاء ..
ينامون ويقض ّ مضاجعهم قذف القنابل وسير الدبابات ..
كيف يطيب لنا العيش !! وإخواننا لا يذوقون طعم الحياة ؟؟
هل ماتت المشاعر في قلوبنا ؟؟ أم أن صدورنا باتت بلا قلوب ؟؟
منذ أشهر قليلة قامت الحرب في غزة ، وارتكب العدو الغاشم أبشع الجرائم في أهلها ..
أما نحن .. فاكتفينا بمشاهدة فصول المأساة عن بعد ، واعترانا صمت رهيب قتل مشاعرنا ..
رأينا بأم أعيننا مشاهد القصف والقتل والتدمير ، رأينا أطفالا ً تـُقتل ، وبيوتا ً تهدم فوق رؤوس أصحابها ..
غير أن هذا كله لم يـُحرّك فينا ساكنا ً ..
ووصلت القسوة بنا إلى قمّتها حين أبينا أن نتنازل عن بعض شهواتنا ورغباتنا لإنقاذ أرواح إخواننا ..
وصلت القسوة إلى قمّتها حين تناسينا أن كل فلس نشتري به بضائع أمريكية وإسرائيلية سيتحول إلى رصاصة تستقر في قلب مسلم ..
هذا واقـعـنا ، وبكل أسف ..
نـدعـم إسرائيل بأموالنا دون أن ندري ..
وحتى لو كـنا ندري ، فـمـا عـاد الأمر يـعـنينا !!
لا أدري لـمـاذا نتساهل بهذه القــضية !!
لـمـاذا نرضى بكل بساطة أن نــُـعين عـدونـا على ارتكاب جرائـمه فـينا !!
أتعلمون يـا إخوتي ؟؟
نحن ساهـمـنا بـقـتل إخواننا في غـزة ..
أجل فـعـلنا ..
فكل رصاصة اخـترقت جـسد طـفل بريء ، نحن صنـعـناها بأيدينا ..
صنـعناها بجـهـلنا وسلبيـّتنا ..
قـتلنا إخواننا ، حـين رضـينا أن أن نشتري بـضاعـة من صـنع إسرائيل ..
أحبتي الكرام ..
لا تستهينوا بدوركم ..
لا يجب أن نتساهل بما يمكننا القيام به ..
نحن نستطيع أن نفعل شيئا ً ، أجل نستطيع ..
نستطيع أن ندوس بأقدامنا على بعض ما نحب لئلا تتحول أموالنا إلى رصاصات في صدور إخواننا، وشظايا في أجساد أطفالهم ..
نستطيع أن نحرم أنفسنا رغباتها، فنهز بذلك اقتصاد أولئك الذين بأموالهم وأسلحتهم يقتلون إخواننا ..
أجل .. لو فعلنا ذلك جميعا ً نستطيع أن نهز اقتصادهم ..
نحن نستطيع أن نقاتل بدون سلاح ، بدون صاروخ ، بدون دبابة ، وبدون طائرة ..
سلاحنا المقاطعة ..
فلنبدأ بالمقاطعة ..
وهذا أضعف الإيمان ، وأقل ما يمكن أن نفعل ..
أحبتي ..
تذكروا قول رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ :
" والله لا يؤمن والله لا يؤمن والله لا يؤمن "
قالوا : من يا رسول الله ؟؟
قال :
" من بات شبعان وجاره جائع وهو يعلم به " ..
وكلنا يعلم ما حل ّ بإخواننا في غزة ..
ضاقت بهم السبل وأغلقت عليهم جميع المنافذ- بحرها وأرضها وجوها- وتوقفت جميع سبل الحياة هناك، بل ووقف الجميع ضدهم يمنعون عنهم الماء والغذاء والدواء ..
هل يُعقل أو يصدق أن يرى المسلمون الأحوال المعيشية المتردية في قطاع غزة، ولا يحرك أحدٌ منهم ساكنًا ؟!
بـقلـمي
ــ قـمر الشـــــام ــ
..
الروابط المفضلة