’،
’،
’،
’،
يقول أحد الشعراء مستطرقاً:
مهلًا ولا تسرف في عتابكـ.. فقد أغلقتَ دون الناس بابكـ!
وأقول أنا للشاعر وهل بقى هناك من يعتب في زمن أمر “إرسال” “send”??!
* ليلة العيد يمسكـ بهاتفه المحمول ويضع عبارة من ستة دجاجات مجمدة “كل عام وأنتم بخير بمناسبة عيد...” ثم يضغط “تحديد الكل” “select all” ثم ببساطة “إرسال” “send” وذلك فقط لإننا في زمن “send”..
* توفي أحد معارفه بأبرد من الثلج “رسالة نصية جديدة” بها ثلاث قطع ثلج مجمدة “أحسن الله عزاءكم” ثم إختيار قائمة أقارب المتوفى وبعدها تذوب تلكـ القطع بضغطة “send” بسيطة!
كل ذلكـ وغيره من المقاسات على سياقه يحدث فقط في ثلاجة مشاعر الواجب الإجتماعي تلكـ الثلاجة ذات الماركة العالمية التي لم تبخل التقنية بتزويدنا بها وبأصناف وأرقام متعددة تتيح لمشاعرنا الباردة حرية الإختيار فهناكـ ماركة “بلاك بيري” وأخرى “وآتس آب” وثالثه “تويتر” ورابعة ’’فيس بوكـ’’ ومن يدري ربما تخصص للعيد والعزاء والزواج وصنوف المناسبات الأخرى ماركات متخصصة هي الأخرى..
لا أتهجم على التقنية مثلما لا أدعي المثالية فأنا حدّ ذاتي قد أُغرمت بزيف تلكـ التقنية وجمّدت مشاعري في ثلاجاتها ذات الماركات العالمية ولكن..
من ضرب الطرائف أيضاً في ذات السياق أنكـ لا تعجب إن وجدت رسالتكـ التي أرسلتها إلى فلان قد عادت لكـ من شخص آخر بنفس توقعيكـ وقد يكون بنفس إسمكـ الذي وضعته في ذات الرسالة!
ولا تكترث بتلكـ الرسائل التي تحمل حكم من أوراق التقويم تم نقلها لترسل إلى القائمة المئوية في الهاتف النقال وهي ذاتها تتضاعف فيما بعد إلى قائمة ربما ألفية ويا ليت أن كاتب تلكـ الرسالة قد قرأ ما يكتب جيداً على الأقل ويا ليت أن قارئها أكملها حتى المنتصف ولم يبرم ضاجراً من طولها بعد قرائته للسطر الأول!
تلكـ من طرائف الجمود في مشاعر الواجب الإجتماعي ولكن الخطورة في الأمر أننا أصبحنا نفقد قيماً وأجواءاً وهيئة متكاملة من الروح الإجتماعية والممارسات التي تشكل قاعدة أساسية تعبر عن التضامن الإجتماعي وقوة التلاحم والتماسكـ البنّاء في سياق المجتمع فأين تلكـ الحرارة في مشاعر التهنئة التي كانت العنوان الأبرز للمناسبة ذاتها وأين تلكـ الحرارة في مشاعر المواساة في الأتراح والتي كان لها الدور المعنوي الأكبر في تجاوز المحن والمصاعب وأين تلكـ اللقيا والتعاضد الإجتماعي في الأعياد والمناسبات الوطنية والتي كانت ترسم طابعاً نمطياً يضفي للمناسبة لونها ورونقها..
كل ذلكـ تجمّد في ثلاجة مشاعر الواجب الإجتماعي!
لن نُطيل في وصف تلكـ التحولات التي جعلت من حقيقة المشاعر سراباً نجري خلفه للحاق به ولنقول في خلاصة القول: مهما رقت بنا التقنية إلى عوالم وممارسات لم نكد نعتد بها..
وتأخذنا عزّة التقدم بتخلف إجتماعي حقيقي يفقد المجتمع بناءه وتماسكه ووئامه!
منقول
على الخير نلتقي بـِ إذن الله
الروابط المفضلة