"قصة بيل والسياره"
أوشك شاب ممن ينتمون إلى إحدى العائلات الغنية على التخرج من مدرسته الثانوية، وكان من عادات هذا الحي أن يقوم الوالدان بإعطاء الابن سيارة بعد تخرجه كهدية وقد ظل "بيل" ووالداه يبحثان عدة أشهر عن سيارة، وقبل التخرج بأسبوع وجدا ما يريدانه وكان "بيل" على يقين من أن السيارة ستكون ليلة التخرج.
لك أن تتخيل مدى الصدمة التي أصيب بها "بيل" حينما جاءت ليلة تخرجه وإذا به يجد والده وقد أعطاه كتابا في الدين، فاستشاط وألقى بالكتاب أرضا ورحل عن المنزل ، ولم ير "بيل" والده بعد ذلك حيث أنه لم يعد لمنزله إلا بعد سماعه بخبر موت والده.
وبينما كان جالسا ذات ليلة يتفحص ممتلكات والده التي ستؤول إليه وقع نظره على كتاب الدين الذي أعطاه له والده، فنفض عنه التراب وفتحه.. .. .. ليجد فيه.. .. ..
شيكاً بتاريخ تخرجه بنفس مبلغ السيارة التي اختارها مع والده .
كم أثرت فيّ هذه القصة لأننا نعيشها بحذافيرها كل يوم وكل شهر.. .. ..
والمشكلة أننا مثل بيل –في كثير من الأحيان- لا نعرف الحقيقة إلا بعد فوات الأوان .. .. ..
كم مرة اعتقدنا أن آباءنا لا يفهمون الواقع؟! أو متعصبون لرأيهم؟ أو إنهم لا يحبوننا؟ أو يجبرونا على مالا نرغبه؟
ونحكم عليهم بنظرنا المتحمس وخبرتنا الضئيلة!!!!!
أتسأل بإعجاب عن صبرهم على حمقنا، وحلمهم على سخطنا، وحبهم- مع ذلك- لنا.. ..
الآن فقط وعندما كبرت وأصبح لي أسرة صغيرة، عرفت مدى الصبر الذي تجرعوه، والآن فقط أصبحت أتصاغر عندما أذكر جهودهم في نصحنا .. ..
والآن فقـــط.. عرفت معنى أن تكوني أماً تخافين على طفلتكِ تضمينها إلى روحكِ فيما تبعدكِ هي بجلافة.. ..!!
إنها عاطفة الأبوة والأمومة التي لا يمكن أن يتصورها إنسان إلا بعد أن يجربها .. .. .. ويبذل الغالي والنفيس في سبيل الحفاظ على تلك الرياحين توجيهها لما يعتقد أنه خير لها.. ..
أبعد هذا نعتقد أننا أحرار في كل تصرفاتنا؟؟!! أبعد هذا نرد بصراخ على أقل توجيه ونصيحة ينبهاننا إليها .. ..
صدقيني إنها مسألة وقت .. .. .. وستكونين مكانهما.. ..
سيكون لكِ صغار يصرخون في وجهكِ ويسفهون كلامكِ .. ..
ويعتقدون جازمين أنهم أدرى منكِ بمصلحتهم وأعرف بحالهم.. . ..
وأعمارهم ربما لا تتجاوز ربـع عمركِ.. ..!!!
إنها الحياة.. ..
لمن أراد أن يعتبر.. ..
أقرئي الآية بتمعن..
قال تعالى:
{ وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَّكُمَا أَتَعِدَانِنِي أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتْ الْقُرُونُ مِن قَبْلِي وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ اللَّهَ وَيْلَكَ آمِنْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَيَقُولُ مَا هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِين} سورة الأحقاف آية "َ17"
ولاحظي كيف هما ينصحانه ويبكيان من أجله وهو سادر في غيه يتأفف عليهما و يستهزىء بهما.. ..
هل نتدارك والدينا فنبرهم ونسعدهم ونحمي مشاعرهم، فنفوز بعظيم الأجر والرضا من ربنا سبحانه ؟؟!! إنها إذا الغنيمة الباردة..
منقول من مجلة حياة للفتيات
العدد رقم "38"
الروابط المفضلة