ابن الرومية
ابن الرومية (حوالي 560-637هـ / 1165 -1240م)
أبو العباس أحمد بن محمد بن الخليل مفرج النباتي الأموي المعروف بابن الرومية. عالم نبات اشتهر في القرنين السادس والسابع الهجريين / الثالث عشر الميلادي. ولد وترعرع ونما وتعلم في إشبيلية بالأندلس. فبرز في علم النبات ومعرفة الأدوية المفردة ومنافعها ومضارها، حتى صار المرجع في هذا المجال للعلماء في عهده.
ومما تميز به ابن الرومية أنه لم يكتف بما كتبه العلماء السابقون عرب أو مسلمون أو إغريق عن النباتات بل كان يدرسها بنفسه ويعمل عليها التجارب، لكي يتسنى له بوضوح ما يريد أن يكتب عن هذه النباتات. فكان يربط ملاحظاته على أسس علمية جيدة. وقد زار الشام والعراق لكي يلتقي بكبار العلماء آنذاك وعاين نباتا كثيرا في هذه البلاد مما لم ينبت بالمغرب، وشاهد أشخاصها في منابتها ونظرها في مواضعها.
بدأ ابن الرومية رحلته إلى الديار المصرية فوصل إلى الإسكندرية عام 613هـ /1216 م. التي كانت معقلا من معاقل العلم والمعرفة آنذاك. وعندما سمع السلطان الملك العادل أبو بكر بن أيوب رحمه الله عن ابن الرومية ، وبلغه فضله وجودة معرفته بالنبات والطب وعلم الحديث ، فاستدعاه إلى القاهرة ، وتلقاه وأكرمه وقرر أن يكون له جامكية و جراية ، وعرض عليه وظيفة مغرية، ليبقى في مصر، فاعتذر ابن الرومية بحجة أنه يريد أن يذهب إلى مكة المكرمة لأداء فريضة الحج ثم يرجع إلى أهله، وبقي مقيما عنده مدة عامين جمع له فيها الترياق الكبير وركبه، ثم توجه إلى الحجاز. ولما حج عاد إلى المغرب وأقام بإشبيلية.
اشتهر ابن الرومية أيضا بجانب علم النبات أنه من العلماء البارزين في العلوم الشرعية. فلقد اشتهر بنقله كثير من الأحاديث النبوية عن ابن حزم وغيره، فتتلمذ عليه كثير من طلاب العلم في الشريعة والعلوم الطبيعية مثل ابن البيطار . فكان ابن الرومية يجيب على مئات الأسئلة التي ترد إليه في مدينة إشبيلية بنفس راضية ورحبة. وفي إجاباته يوضح المشاكل التي تواجه العالم وطالب العلم عندما يحاول معرفة موضوع في العلوم البحتة أو التطبيقية، وإن أخذ ذلك منه وقتا وجهدا مضنيين. ولقد استعان به الملوك واستفادوا من عقليته الراجحة والمتنورة. كما استفاد منه معظم الناس في الأندلس من ملوك وعلماء وطلبة علم وعامة الشعب آنذاك.
كما عرف ابن الرومية بورعه فقد كان كثير التبرع والتصدق على الفقراء والمساكين. وكانت رغبته الملحة ليقدم خدمة للفقراء وراء دراسته للطب والصيدلة. وكان ابن الرومية يميل لدراسة الشريعة والأحاديث النبوية في أول حياته، ولكنه لما رأى معاملة الأطباء والصيادلة للفقراء والمساكين اندفع لدراسة علمي النبات والطب، حتى برز فيهما. فثقافته الإسلامية جعلت منه عالما فذا مدركا لما يحتاج إليه الناس وخاصة العامة.
ترك ابن الرومية عددا قليلا من المؤلفات في النبات والطب منه كتاب الرحلة النباتية وهو أهم مؤلفاته، ولم يصلنا منه شيء إلا مقتطفات ذكرها ابن البيطار في كتابه. وكتاب تفسير أسماء الأدوية المفردة من كتاب ديسقوريدس (أو شرح حشائش ديسقوريدس)، ومقالة في تركيب الأدوية ، وكتاب أدوية جالينوس والتنبيه على أوهام ترجمتها ، وكتاب التنبيه على أغلاط الغافقي ، وكتاب الرحلة المستدركة .
الروابط المفضلة