~ الأخْلَاقْ ~
للأخلاق في ديننا مكانتُها الخاصة ومنزلتُها الرفيعة، لدرجة أن النبي- صلى الله عليه وسلم-
قصر الهدف من رسالة الإسلام على تتميم مكارم الأخلاق في واقع الناس وسلوكهم..
وهذا مدلول قوله- صلى الله عليه وسلم-: "إنَّما بُعِثْتُ لأتمِّم مكارم الأخلاق"
فالإسلام دين الأخلاق الحميدة، دعا إليها، وحرص على تربية نفوس المسلمين عليها.
وقد مدح الله تعالى نبيه، فقال: {وإنك لعلى خلق عظيم}.[القلم: 4]
وجعل الله جل وعلا الأخلاق الفاضلة سببًا للوصول إلى درجات الجنة العالية،
يقول الله تعالى :
{وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين ,
الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين} [آل عمران: 133-134]
وأمرنا الله بمحاسن الأخلاق، فقال تعالى:
{وَلَا تَسْتَوِى ٱلْحَسَنَةُ وَلَا ٱلسَّيِّئَةُ ٱدْفَعْ بِٱلَّتِى هِىَ أَحْسَنُ فَإِذَا ٱلَّذِى بَيْنَكَ وَبَيْنَهُۥ عَدَٰوَةٌ كَأَنَّهُۥ وَلِىٌّ حَمِيمٌۭ} [فصلت: 34]
وحثنا النبي صلى الله عليه وسلم على التحلي بمكارم الأخلاق، فقال:
(اتق الله حيثما كنتَ، وأتبع السيئةَ الحسنةَ تَمْحُها، وخالقِ الناسَ بخُلُق حَسَن) [الترمذي].
وقد قال رسولُ اللهِ - صلَّى الله عليه وسلَّم - :
" الإيمانُ هُوَ مَا وَقَرَ في القلبِ، وصدَّقَه العملُ" (رواه مسلمٌ)
من هذه الكلمات القليقة والبليغة في معناها نفهم،
أنَّ إيمان الإنسان المسلم لا يرتبط فحسب بكلماتٍ يقولها وقناعاتٍ يعتقدها،
ولكنَّه يتمُّ أيضًا من خلال العمل، أي انتهاج سلوكٍ إيجابيٍّ حسنٍ على أرض الواقع يُثبتُ به الإنسان إيمانه.
فعلى المسلم أن يتجمل بحسن الأخلاق، وأن يكون قدوته في ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كان أحسن الناس خلقًا،
وكان خلقه القرآن، وبحسن الخلق يبلغ المسلم أعلى الدرجات، وأرفع المنازل،
ويكتسب محبة الله ورسوله والمؤمنين، ويفوز برضا الله -سبحانه- وبدخول الجنة.
وقد عرف الشيخ محمد الغزالي الأخلاق بأنَّها:
"مجموعةٌ من العادات والتَّقاليد تحيا بها الأُمَمُ كما يحيا الجسم بأجهِزَتِه وغُدَدِه".
وكما هي طبيعة الإسلام، جاءت أخلاقيَّاته، شاملةٌ ووسطيَّةٌ
وملائمةٌ لكلِّ زمانٍ ومكانٍ، فمن بين خصائص الأخلاق الإسلاميَّة أنَّها:
أولاً: تُوازِنُ بين مطالب الرُّوح والجسد، فلا تمنع حاجات الجسد المختلفة، بل تُهَذِّبُها، وتضعها
في إطارها الشَّرعيِّ الذي لا يتعارض مع فطرة الإنسان..
قال الله تعالى:
{ قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللّهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ } [الأعراف: 32].
ثانيًا: الأخلاق الإسلاميَّة صالحةٌ لكلِّ إنسانٍ، ولكلِّ زمانٍ ومكانٍ مع اتِّصافها بالسُّهولة ورفع الحرج.
قال الله تعالى:
{ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ } [الحج: 78].
ثالثًا: مبادئ الأخلاق الإسلاميَّة تُقنع العقل وتُرضي القلب؛
وهو "سبحانه وتعالى" أعلم بشؤون عباده
الروابط المفضلة