ذكاء الطفل يرتبط بالأم أكثر

المشاركات
5
الإعجابات
5
#1
كثير من شفرات الجهاز الوراثي للإنسان باتت واضحة المعالم وتبوح بالكثير عن العوامل الوراثية التي يحملها الأبناء عن الآباء ومنها ما يتعلق بالذكاء، وعلاقته الجينية بالأم أو الأب .
لكن العلم حسم هذا الجدل . . حيث أعلن باحثون أن الأبناء يكتسبون الذكاء من الأم وليس من الأب كما يشاع، ولكن هذا يعني أن الأبناء الذكور منهم والإناث لا يرثون الصفات بالتساوي من آبائهم .

يؤكد الباحثون أن جينات الأم هي الغالبة، وان الذكاء موروث بنسبة كبيرة من الأم وليس الأب، أي أن الطفل بالرغم من أنه يرث الجينات من أمه وأبيه بالتساوي، إلا أن الأثر الذي تحدثه بعض الجينات غير متساو، فيكون على سبيل المثال جين الأم للذكاء وهو المؤثر في ذكاء الطفل .
ويقول الدكتور خالد شرف الدين - استشاري أمراض النساء والتوليد - إن الوالدين يورثان أطفالهما الجينات وغير الجينات، وهناك أثر عميق في أن معرفة الصحة البدنية والعقلية لا تحددها الجينات، بل عناصر البيئة التي عاش ويعيش فيها الوالدان خاصة الأم .
ويضيف: عندما نتابع الجنين خلال فترة الحمل، فإننا نعرف جيدا أنه يحمل الكثير من الخصائص والصفات التي يرثها من الأم والأب، لكن ما يفصح عنه العلم حاليا يؤكد أن ذكاء الأبناء يرجع إلى الأم وليس الأب، ونحن بلغة الطب نقول إنه افتراض علمي، لأن الطفل يأخذ من الأم والأب لكن بنسب تختلف، فإذا كانت جينات الأب أقوى من الأم فإن الطفل يأخذ منه أكثر حتى تظهر في الشبه والملامح، والعكس للأم، وأحيانا يكون هناك تساو فيحمل الطفل من الأب والأم معاً صفات مشتركة، سواء في الذكاء أو الصفات أو التكوين الجسماني .
ولكن إذا أضفنا الشفرة الوراثية التي تعتبر تحولا هائلا في تشخيص الصفات الموروثة بل والخريطة الصحية أيضاً للابن أو الابنة، فيمكننا على المدى الطويل اكتشاف حالته الصحية والبدنية وما إذا كان هناك تعرض للأمراض يمكن اكتشافها مبكرا .
ويوضح الدكتور خالد شرف الدين أن تاريخ العائلة الصحية مثلاً يؤكد وجود مرض السكري أو الضغط، "فهنا احتمال كبير أن يكون الابن معرضا لهذه الأمراض بنسبة كبيرة حتى ولو لم تظهر عليه أعراض المرض، وفي هذه الحالة نقوم بعمل خط دفاع ووقاية له حتى لا يصاب بهذا المرض، بل يمكن علاجه مبكرا في حالة الإصابة" .
وأكد الدكتور خالد أن هذه الأمراض وغيرها تظهر بشدة في زواج الأقارب، وينطبق هذا الكلام على الخلايا العصبية والقدرات العقلية وفي النهاية فإن الطفل يحمل من الاثنين معاً .
ومن جانبها توضح الدكتورة منى سالم - أستاذة طب الأطفال بجامعة عين شمس أن الخلايا العصبية للطفل تتأثر بالعامل الوراثي، ولكن البيئة من حوله لها تأثير في تنمية الذكاء أو الحد منه، وهو ما يعني أن المناخ الاجتماعي والنفسي والثقافي له دور كبير في تحديد شكل ونسب الذكاء عند الأولاد، وهذا ما تؤكده أيضاً .
وتشير الدكتورة منى سالم إلى أن الطفل يولد ولديه نصيب ليس بقليل من الذكاء الموروث، ولكن عن أي من الوالدين فهو الأمر غير المؤكد، الشيء الأكيد هو أن تنمية الذكاء يرجع إلى الأم، حيث إن أول خمس سنوات من عمره يرتبط بأمه، وهو بالنسبة لها كالصفحة البيضاء تبدأ معه خطوة خطوة ومن البداية تجعله ينتبه ويحاكي العالم الخارجي بداية من تعليمه الكلام ومتابعته ومدى تعامله مع الآخرين، وأيضاً الأكل واللعب، كما أنها تحرص على تنمية قدراته الحركية والعقلية من خلال حرصها على تدرج الألعاب له، وهذه كلها أشياء بسيطة لكنها تنمي الذكاء ومن خلالها أيضاً تعرف مدى استجابته، فهي تختبر نسبة ذكائه من مدى تراكم المعلومات لديه، وتعرّفه الأشياء .
وأشارت إلى أن دور الأب يظل سلبياً جداً في تلك المرحلة، وربما يبدأ دوره مع دخول الطفل المدرسة بمتابعته في الدراسة، وحتى هذا الدور قد يقع على الأم مرة أخرى نظرا لانشغال الأب خارج المنزل، فتبدأ معه مرحلة جديدة من المتابعة، ثم مع تدرج العمر تبدأ في غرس النواحي العلمية والثقافية وتنمية مهاراته البدنية أيضاً عن طريق إشراك الطفل في الرياضة، ما ينمي لديه روح التعاون والذكاء الاجتماعي، وهذا يؤكد أن البقية تأتي من المحيط والبيئة والتربية ونوع التعليم والألعاب والكتب والرحلات والأمور المثيرة للدهشة وحب الاطلاع، وهنا يمكننا القول إن ذكاء الطفل يرجع الدور الأعظم فيه إلى الأم .
وقد خلصت دراسة كندية في هذا الصدد إلى أن الأطفال الذين يعيشون مع والديهم يكونون أكثر ذكاء من نظرائهم الذين يعيشون مع والد واحد .
وبيّنت الدراسة التي أجراها باحثون كنديون من معهد (هوتشكيس الدماغي بجامعة (كالغاري) أن العيش مع الوالدين في السنوات الأولى من الحياة يؤدي إلى نمو خلايا دماغية إضافية لدى الطفل .
غير أن الباحثين أشاروا إلى أن الفوائد تختلف بين الجنسين، موضحين أن العيش مع والدين يساعد في الحصول على ذاكرة أفضل وفي تحسين الوظائف التعليمية لدى الفتيان، في حين أن ذلك يساعد الفتيات في تطوير قدراتهنّ التنسيقية والاجتماعية .
وأكّد الباحثون أن الأطفال الذين يعيشون مع والدين يحظون برعاية واستقرار أكبر، وهم أقل عرضة لأن يعانوا القلق النفسي في السنوات الأولى من حياتهم .
وأضاف أنه لهذا السبب، يزداد نمو خلايا الدماغ لدى الجنسين، موضحاً أن المادة الرمادية في الدماغ يزداد نموها لدى الفتيان، فيما يزداد نمو المادة البيضاء لدى الفتيات .
وقام الباحثون من المعهد بدارسة على الفئران، قسّموها إلى مجموعتين، حيث كان للمجموعة الأولى والد واحد، وللمجموعة الثانية والدان، ثم عمدوا بعدئذٍ إلى قياس نمو الخلايا الدماغية لدى ذريتهما منذ سنواتها الأولى وحتى سن رشدها .
ووجدوا أن الفئران التي لديها أكبر عدد من الخلايا الدماغية هي التي تربّت مع والدين، لا والد واحد .
وقال مدير المعهد، صامويل ويس، إن المجموعة الأولى من الفئران حظيت برعاية واهتمام أكبر من والديها اللذين تناوبا على لعقها والاهتمام بها .
ولاحظ أن المجموعة الأولى كانت أقل عرضة للمعاناة النفسية خلال طفولتها، علماً أن القلق النفسي يمكن أن يؤثّر في الطريقة التي ينمو فيها دماغها في وقت لاحق من حياتها .
غير أن الباحثين تفاجأوا لملاحظة أن الفئران الإناث التي تربت مع والديها، أفضل في رعاية ذريتها في المستقبل، حتى لو كانت من دون شريك .
وقال ويس إن "عملنا يزيد التأكيد على أن الدعم في السنوات الأولى من الحياة لديه تأثير طويل الأمد في وظائف القدرات الدماغية لدى الراشدين" .
وخلص إلى إنه "في عالم الفئران، تؤثّر التربية والبيئة بشكل مباشر بإنتاج خلايا الدماغ لدى الراشدين"، مشيراً إلى أنه "من الممكن أن تؤثّر التربية والبيئة بالشكل عينه في الثدييات الأخرى، ومن بينها البشر" .
 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:
أعلى