البسملة

اخت

المتميزة
المشاركات
64
الإعجابات
74
#1

﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ﴾

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (1)

قَوْلُهُ تَعَالَى: الْأُولَى قَالَ الْعُلَمَاءُ:" بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ" قَسَمٌ مِنْ رَبِّنَا أَنْزَلَهُ عِنْدَ رَأْسِ كُلِّ سُورَةٍ، يُقْسِمُ لِعِبَادِهِ إِنَّ هَذَا الَّذِي وَضَعْتُ لَكُمْ يَا عِبَادِي فِي هَذِهِ السُّورَةِ حَقٌّ، وإني أوفي لَكُمْ بِجَمِيعِ مَا ضَمَّنْتُ فِي هَذِهِ السُّورَةِ مِنْ وَعْدِي وَلُطْفِي وَبِرِّي. وَ" بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ" مِمَّا أَنْزَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِنَا وَعَلَى هَذِهِ الْأُمَّةِ خُصُوصًا بَعْدَ سُلَيْمَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ. وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: إِنَّ" بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ" تَضَمَّنَتْ جَمِيعَ الشَّرْعِ، لِأَنَّهَا تَدُلُّ عَلَى الذَّاتِ وَعَلَى الصِّفَاتِ، وَهَذَا صَحِيحٌ. الثَّانِيَةُ قَالَ سَعِيدُ بْنُ أَبِي سُكَيْنَةَ: بَلَغَنِي أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ نَظَرَ إِلَى رَجُلٍ يَكْتُبُ" بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ" فَقَالَ لَهُ: جَوِّدْهَا فَإِنَّ رَجُلًا جودها فغفر له. قال سيعد: وَبَلَغَنِي أَنَّ رَجُلَا نَظَرَ إِلَى قِرْطَاسٍ فِيهِ" بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ" فَقَبَّلَهُ وَوَضَعَهُ عَلَى عَيْنَيْهِ فَغُفِرَ لَهُ. وَمِنْ هَذَا الْمَعْنَى قِصَّةُ بِشْرٍ الْحَافِي، فَإِنَّهُ لَمَّا رَفَعَ الرُّقْعَةَ الَّتِي فيها بسم اللَّهِ وَطَيَّبَهَا طُيِّبَ اسْمُهُ(١)، ذَكَرَهُ الْقُشَيْرِيُّ. وَرَوَى النَّسَائِيُّ عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ عَنْ رِدْفِ رَسُولِ الله
ﷺ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ:" إِذَا عَثَرَتْ بِكَ الدَّابَّةُ فَلَا تَقُلْ تَعِسَ الشَّيْطَانُ فَإِنَّهُ يَتَعَاظَمُ حَتَّى يَصِيرَ مِثْلَ الْبَيْتِ وَيَقُولُ بقوته صنعته وَلَكِنْ قُلْ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فَإِنَّهُ يتصاغر حتى مِثْلَ الذُّبَابِ". وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى" وَإِذا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلى أَدْبارِهِمْ نُفُوراً(٢) " قَالَ مَعْنَاهُ: إِذَا قُلْتَ" بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ". وَرَوَى وَكِيعٌ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ابن مسعود قل: مَنْ أَرَادَ أَنْ يُنَجِّيَهُ اللَّهُ مِنَ الزَّبَانِيَةِ التِّسْعَةَ عَشَرَ فَلْيَقْرَأْ" بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ" لِيَجْعَلَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ بِكُلِّ حَرْفٍ مِنْهَا جُنَّةً مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ. فَالْبَسْمَلَةُ تِسْعَةَ عَشَرَ حَرْفًا عَلَى عَدَدِ مَلَائِكَةِ أَهْلِ النَّارِ الَّذِينَ قال الله فيهم:" عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ" وَهُمْ يَقُولُونَ فِي كُلِّ أَفْعَالِهِمْ:" بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ" فمن هناك هِيَ قُوَّتُهُمْ، وَبِبِسْمِ اللَّهِ اسْتَضْلَعُوا. قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَنَظِيرُ هَذَا قَوْلُهُمْ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ: إِنَّهَا لَيْلَةُ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ، مُرَاعَاةً لِلَفْظَةِ" هِيَ" من كلمات سورة" إِنَّا أَنْزَلْناهُ" وَنَظِيرُهُ أَيْضًا قَوْلُهُمْ فِي عَدَدِ الْمَلَائِكَةِ الَّذِينَ ابْتَدَرُوا قَوْلُ الْقَائِلِ: رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ، فَإِنَّهَا بِضْعَةٌ وَثَلَاثُونَ حَرْفًا، فَلِذَلِكَ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ:" لَقَدْ رَأَيْتُ بِضْعًا وَثَلَاثِينَ مَلِكًا يَبْتَدِرُونَهَا أَيُّهُمْ يَكْتُبُهَا أَوَّلُ". قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَهَذَا مِنْ مُلَحِ التَّفْسِيرِ وَلَيْسَ مِنْ مَتِينِ الْعِلْمِ. الثالثة روى الشعبي ولأعمش أن رسول الله ﷺ كَانَ يَكْتُبُ" بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ" حَتَّى أُمِرَ أَنْ يُكْتَبَ" بِسْمِ اللَّهِ" فَكَتَبَهَا، فَلَمَّا نَزَلَتْ:" قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ" كَتَبَ" بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ" فَلَمَّا نَزَلَتْ:" إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ" كَتَبَهَا. وَفِي مُصَنَّفِ أَبِي دَاوُدَ قَالَ الشَّعْبِيُّ وَأَبُو مَالِكٍ وَقَتَادَةُ وَثَابِتُ بْنُ عُمَارَةَ: إِنَّ النبي صلى اله عليه وسلم لم يكتب بسم الله الرحمن الرحيم حَتَّى نَزَلَتْ سُورَةُ" النَّمْلِ". الرَّابِعَةُ رُوِيَ عَنْ جَعْفَرٍ الصَّادِقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: الْبَسْمَلَةُ تِيجَانُ السُّوَرِ. قُلْتُ: وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ بِآيَةٍ مِنَ الْفَاتِحَةِ وَلَا غَيْرِهَا. وقد اختلف العلماء في هذا (الْأَوَّلُ) لَيْسَتْ بِآيَةٍ مِنَ الْفَاتِحَةِ وَلَا غَيْرِهَا، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ.
(الثَّانِي) أَنَّهَا آيَةٌ مِنْ كُلِّ سُورَةٍ، وَهُوَ قَوْلُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ.
(الثَّالِثُ) قَالَ الشَّافِعِيُّ: هِيَ آيَةٌ فِي الْفَاتِحَةِ، وَتَرَدَّدَ قَوْلُهُ فِي سَائِرِ السُّوَرِ، فَمَرَّةً قَالَ: هِيَ آيَةٌ مِنْ كُلِّ سُورَةٍ، وَمَرَّةٍ قَالَ: لَيْسَتْ بِآيَةٍ إِلَّا فِي الْفَاتِحَةِ وَحْدَهَا. وَلَا خِلَافَ بَيْنَهُمْ فِي أَنَّهَا آيَةٌ مِنَ الْقُرْآنِ فِي سُورَةِ النَّمْلِ. وَاحْتَجَّ الشَّافِعِيُّ بِمَا رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي بَكْرٍ الْحَنَفِيِّ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ(٣) بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ نُوحِ بْنِ أَبِي بِلَالٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ:" إِذَا قَرَأْتُمُ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ فَاقْرَءُوا بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ إِنَّهَا أُمُّ الْقُرْآنِ وَأُمُّ الْكِتَابِ والسبع المثاني وبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ أحد آياتها
 
أعلى