بسم الله الرحمن الرحيم ..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
بدايةً أريد أن أعرفكم بهذه التي نفضتُ الغبار عنها..
ولِدَتْ معي..حين ولدتُ..قبل عشرين عاماً..كبُرنا معاً..وتعلمنا معاً..وكنّا دائماً وأبداً..معاً
لم يكُن هناك أحدٌ في الدنيا يفهمني أكثر منها..أو يفهمها أكثر مني..فنحن متفاهمتان إلى أبعد الحدود..حتى هواياتنا كانت مشتركة..القراءة..كنتُ أقرأ بنَهَم-لكن للأسف أقرأ كل شيء..حتى أدمنتُ قصص أجاثا كريستي لفترة طويلة قبل أن أهجرها!-كنتُ أقرأ بعينيّ وتقرأ معي بقلبها، والرسم..هي من عرّفني عليه عندما كنتُ في الصف الأول المتوسط-13سنة- كنتُ أرسم وألوّن وأجد تلك المتعة الرهيبة في تلطيخ أناملي بالأصباغ..بينما تراقب هي بصمت..مع ابتسامةٍ ناعمة، وبعدها بسنة..بدأتْ تمُدُّني بالمساعدة أكثر من ذي قبل،
كانت دائماً تساعدني في مادة التعبير..بمجرد أن يُطلب مني كتابة موضوع..تشرع هي في التفكير..وترجوني أن أُطلِق العنان لها..لتكتب..آه..لم أخبركم..تلك هي لغتها..الكتابة..
أعود فأقول لقد كثّفَتْ من مساعدتها لي..وسَعِدَتْ بذلك كلتانا..وأفسحتُ لها المجال..ولم أردُّها يوماً..حتى حُزتُ على رضى معلمات اللغة العربية، بل إن بعضهنّ طالبني بكتابة مقالات باسم المدرسة لتُنشر في الصُحُف لكنني رفضتُ..لأنها هي رفضتْ مواد تلك المقلات..فلم تكن تستهويها أبداً.
عاشت في سعادةٍ غامرة ثلاث سنوات..ثمَّ..تغيّرتُ عليها..خُنتُها..ضيّقتُ الخناق عليها..منذُ أن دلفتُ المرحلة الثانوية، ولم يُشكِّل ذلك صدمةً عليها إذ أنني لم أُفاجئها..بل بدأتُ بالتدريج،
بدايةً..قلّصتُ الوقت المتاح لها..وكان عُذري كثرة المواد الدراسية التي تواجه جميع الطلاب حال ولوجهم عالم الثانوية..سمحتُ لها فقط بالوقت المخصص لمادة التعبير،
ثمَّ ازددتُ حدةً..فضيّقتُ عليها أكثر..حتى في الإجازة الصيفية..رغم أنني تعرضتُ لوقتٍ عصيبٍ جداً جداً..وكانت يداها ممدودتان للمساعدة طوال الوقت..ولكنني تجاهلتهما..وقلتُ لها بكلِّ جفاء: لا وقتَ لديّ أُضيعه معك!!
حزنَتْ المسكينةُ كثيراً..ولكن..ماذا تقول؟! لاذت بالصمت.
وما إن وصلتُ إلى الثانوية العامة-ولم أكن أدرس التعبير فيها(علمي)- حتى قاطعتها تماماً..بل ومنعتُ عنها الهواء والماء..ألستُ شريرة؟!
كبرتُ أنا..وبقيَتْ هي طفلة..لم تنمُ ولم تكبُر..بل تراكم الغبارُ عليها حتى غيّر معالمها.
كم احتجتها!..ولكنني كنتُ أُكابر..كنتُ أظنُّ أنها ستتمرد إن أتحتُ لها فرصة!
ثمّ..تعرفتُ على بيتي الجميل..(منتدى لكِ)..فرحَتْ هي..شعرتُ بفرحتها..ولكنها لم تُعلِّق،
في بدايات تصفحي للمنتدى..وحين وقعتْ عيناي على اسم أحد الأركان (وحي القلم) أحسستُ بنبضها يزداد..وبأنفاسها تتلاحق..تلكمتْ أخيراً..ورجتني!
رجتني أن أسمح لها بثوانٍ فقط..تروي بها عطشها..فرفضتُ بكل صلافة!! ثم إنني سمحتُ لها مرةً أو مرتين..ثمّ تكرمتُ أكثر..وسمحتُ لها بالمشاركة..مرةً واحدةً فقط..وهذه مشاركتها اليتيمة.
لا أُنكِر أنها ساعدتني في بقية الأركان..ولكن..من تحت أكوام الغبار!
وفي هذا العام..راجعتُ سجلّ كتاباتي..الذي وثَّقَتهُ هي من قبل..فتعجبتُ..ورأيتُ كلاماً..لا يُمكن أن أكون أنا كاتبته..فشعرتُ بجسيم خطأي..وفداحة ظلمي..فعقدتُ العزم على مصالحتها..بل..الاعتذارمنها..وقد فعلت
نفضتُ الغبار عنها..ونظرتُ إليها بخجل..فابتَسَمَتْ..واحتضنتني..يالطيبة قلبها، لو كنتُ مكانها لحقدتُ..ولأرعدتُ وأزبدتُ..ولكنها تختلف عني..ولله الحمد، عاهدتها على العودة من جديد..والمساعدة لتكبر وتنمو..لتنضج قليلاً..وأحتاج لمساعدتكم في هذا.
لقد عرفتموها..بلا شك..أقدم لكم:
>>>الكاتبة الصغيرة..التي تعيشُ بداخلي<<<
اصبروا عليها..إنها خجولة..فمازالت طفلة..بسببي
سأقدم لها مكافأة صغيرة..سأنشر هنا السجل الذي كتبته بيديها..لمحاولاتها الخجلى..لننتقدها معاً..ونأخذ بيدها معاً.
ملاحظة هامة: 99% من المواضيع كانت مواضيع مدرسية لمادة التعبير..وتعرفون القيود المفروضة عليها..خصوصاً في مسألة الإستشهاد..فلابد أن تجدوا هنا أو هناك بيت شعر مُقحَم ليس له داعٍ..ولكنها الدرجات! وقد حاولتُ قدر المستطاع ألا أُعدّل الأخطاء النحوية والترقيمية..إلا في بعض المواضع التي تغيّر المعنى لو تُرِكَت.
الأمر الآخر أن قراءتي لقصص أجاثا كريستي أثّرت في أسلوبي بشكلٍ أو بآخر..خصوصاً في مجال الوصف والذي تميزت به كريستي..لكن بالطبع ليس بتلك الدقة وذلك الإيجاز، علماً بأن جميع المحاولات كانت في الفترة التي لم ألتزم فيها بديني بالشكل المطلوب.
new moon
منتدى لكِ
الخميس 30/11/1424-22/1/2004
>>>لا أسمح بالنقل<<<
الروابط المفضلة