توازن الإسلام في: الجهاد
لقد خلق الله تعالى الإنسان، لعبادته، ولتحقيق عمارة الأرض، والخلافة فيها.. والقيام بالعدل والحق، والسعي على صلاحها ونمائها..
والإنسان أهم عنصر على وجه الأرض، وبفقدانه يفقد كل ذلك الخير والصلاح.. لذلك حافظ الإسلام على النفس البشرية أشد المحافظة، ووصى بها واهتم .. غاية الاهتمام.. وسعى بكل جهوده لنشر السلام الذي يؤمن حياة الإنسان، وعظم وشدد في قتل النفس البشرية.. وبالغ في ذلك أشد المبالغة والزجر، ورتب أقبح وأشنع الوزر.. لمن أرد قتل الأنفس..
كذلك رغب وحث الإسلام على الحفاظ على الأنفس.. فمن أنقذ أو أعان على حياة إنسان فكأنما أحيا الناس جميعا، ومن تسبب أو أعان على قتل نفسا فكأنما قتل الناس جميعا..
قال تعالى: [مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ (32)] المائدة.
وفي يوم القيامة.. أول ما يقضى بين الناس.. الأنفس والأرواح.. قال r : (أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء) متفق عليه:خ/6864،م/1678.
ولنفس المسلمة .. قيمتها العظيمة في الإسلام دون الأنفس الأخرى، فالنفس المسلمة تعيش كي تعبد الله تعالى، وتحقق الصلاح والخير في الأرض، وتلك هي منزلتها الرفيعة التي خلقها الله من أجلها.. لذلك فإن حرمة النفس المسلمة عظيمة جدا عند الله تعالى، قال تعالى: [وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا (93)] النساء. قال r: (كُلُّ ذَنْبٍ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَغْفِرَهُ إِلَّا مَنْ مَاتَ مُشْرِكًا أَوْمُؤْمِنٌ قَتَلَ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا) السلسلة الصحيحة: 511.ولم يرتب الله تعالى أي عقوبة أشد من ذلك..
ولما كان الإنسان هو العنصر الأساسي لنشر الخير في الأرض.. نظم الإسلام حدودا ، ووضع قوانين، لحياة الإنسان، ليلتزم بها، ومن ثم يحقق الخير الذي أراده الله تعالى..
فإذا تخلى الإنسان عن تلك القوانين والنظم التي وضعها الله تعالى له، كان ما يفسد أكثر مما يصلح.. بل قد يكون بذرة فساد وطغيان في الأرض، فعندئذ لا تحتاجه الأرض، وتتخلى عنه.. فإنما هو خلق ليسعى لصلاحها ونشر الخير فيها.. لا للفساد والعدوان عليها..
**************************
الإسلام دين عزيز.. يريد أن يحيى جميع أبناءه حياة آمنة مطمئنة.. ليستطيعوا تحقيق مراد الله تعالى في الأرض.. وعندما يتصادم إنسان يريد الخير والصلاح للأرض، وإنسان آخر يريد الإفساد والطغيان في الأرض.. لابد للخير أن يصمد ويقاوم الشر.. ويرد الكيد والاعتداء والطغيان.. ولو كان الثمن أن يدفع حياته التي عظمها وشرفها الله.. من أجل تحقيق الأمن والسلام والإيمان في الأرض..
ومن ذلك المنطلق.. كان الجهاد..
والهدف والغاية من الجهاد.. تطهير الأرض من الباطل والشر.. ونشر الحق والعدل والخير.. والعزة والحرية للإنسان.. الذي يذل تحت أيدي السلاطين والطغيان.. قال تعالى: [وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ (7) لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ (8)] الأنفال. قال ربعي بن عامر –رضي الله عنه- : "نحن قوم ابتعثنا الله لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة، فمن قبل منا ، قضى الله موعودة فيه: الجنة لمن مات مؤمنا، والنصر لمن بقي من إخواننا المسلمين، والنار لمن مات كافرا"
الإسلام دين عدل.. لا يظلم أبدا أي إنسان.. ولو كان من أي ديانة أخرى.. لذلك نظم الجهاد.. بحيث يحمي أبناءه من الاعتداء.. مع مراعاة العدل التام ونفي الظلم .. عن المعتدي..
إن الحروب الدامية التي جرت بين المسلمين وبين أعدائهم لم تكن أهدافها- بالنسبة للمسلمين- مصادرة للأموال، وإبادة الأرواح، وإفناء المسلمين، أو إكراه العدو على اعتناق الإسلام، وإنما كان الهدف الوحيد الذي يهدفه المسلمون من هذه الحروب "هو الحرية الكاملة لناس" في العقيدة والدين " فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر، لا يحيل بينهم وبين ما يريدون أي قوة من القوات.
فالمسلون لم يكونوا بادئين بالحروب.. وإنما بدأتها قريش، قال تعالى: [أَلَا تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُمْ بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (13)]التوبة، [ 6810 ] قال r: (لا تتمنوا لقاء العدو وسلوا الله العافية)خ/2[ 6810 ]
أما المسلمون فلم يكن المقصود من دورياتهم العسكرية إلا أن تفيق قريش من غطرستها وصدها عن سبيل الله تعالى، وتعمل معهم بالمساواة، كل من الفريقين يعمل على شاكلته.
**************************
يقول "غتافلوين": لم تعرف الأمة فاتحين راحمين متسامحين كالمسلمين،ولم تعرف الأمم ديناً سمحاً كدينهم"
************************
تعليق