::
الْصَّبْر .. هَنَاء الْقُلُوْب وَصَفَاؤُهَا ..
أَكْثَر الْخَيْرَات , وَأَعْلَى الْدَّرَجَات , وَثَمَرَة الْسَّعَادَة ..
يَقُوْل تَعَالَى ( إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُوْن أَجْرَهُم بِغَيْر حِسَاب ) الْزُّمَر 10
مَا أَر وَع الْعَطـــاء , وَمَا أَوْفَر الْثَّوَاب حِيْن يَمْنَحُه الْلَّه بِغَيْر حِسَاب ..
فَمَا مِن قِرْبَة يُقَدِّمُهَا الْعَبْد إِلَا وَأَجْرُهَا بِقَدَر عِنْد الْلَّه , إِلَا الْصَّبْر فَهُو
كَمَا وَعَد الْلَّه حِسَابَه مَوْفُوْر ..
وَيَكْفِي فَخْرَا أَن الْلَّه وَعَد الصَّابِرِيْن بِأَنَّه مَعَهُم يَقُوْل تَعَالَى :
( أُوْلَئِك عَلَيْهِم صَلَوَات مِن رَبِّهِم وَرَحْمَة وَأُوْلَئِك هُم الْمُهْتَدُوْن ) الْبَقَرَة 157
فِيَالرَوعَة هَذَا الْكَنْز الَّذِي وَهَبَك الْلَّه إِيَّاه .. وَيَالرَوعَة هَذَا الْخَيْر الَّذِي
يَنْتَظِرُك حِيْن يَكُوْن الْصَّبْر مُتَمَكِّنا مِنْك فِعْلَا وَقَوْلَا بِكُل جَوَارِحِك وَتَصْدِيقَا
بِالْقَوْل وَالْلِّسَان ..
أُخْتَاه .. ~
بَعْض الْأُمُور الْصِّعَاب تُوَاجِه حَيَاتُنَا , فَيَلتَّهِمْنا الْحُزْن وَتَجْزَع قُلُوْبَنَا
ثُم لَا نَلْبَث أَن نَسْخَط عَلَى حَالِنَا وَنَتَذَمر لَيْل نَهَار مِن مُصَابَنَا ..
وَماعَلِّمْنا أَن لَحْظَة شَكَر وَصَبَر قَد تُبْدَل كُل أَحْوَالِنَا وتَهْتَدِيْنا إِلَى
خَيْر الْدُّنْيَا وَالآَخِرَة ..
أُخَيَّتِي .. ~
قَال تَعَالَى ( وَإِن تَصْبِرُوْا وَتَتَّقُوْا إِن ذَلِك مِن عَزْم الْأُمُوْر ) آَل عِمْرَان 186
يَعْلَم الْلَّه يَقِيْنا أَن الْصَّبْر يَحْتَاج مِنْك لِقُوَّة كَبِيْرَة لِأَن الْنَّفْس بِطَبِيْعَتِهَا
سَرِيْعَة الْنَّفُوْر , كَثِيْرَة الشَّكْوَى .. دَائِمَة الْتَّطَلُّع لِمَن هُو أَفْضَل وَأَحْسَن ..
وَلِذَلِك كَان لِلْصَّبْر مُرَتَّبَة عَلَيَّا لَا يَصِل إِلَيْهَا الْمَرْء بِسُهُوْلَة , بَل إِنَّهَا لَا تَسْتكين
بِالْنَّفْس إَلا بِصَلَاح الْجَوَارِح وَإِحْسَان النِّيَّة وَالْإِقْبَال عَلَى الْلَّه لَيْل نَهَار ..
فَرَاشَتُنَا الْنَّدِيَّة ..~
مَا أَنْزَل الْلَّه دَاء إِلَا وَأَنْزَل مَعَه الْدَّوَاء وَوَعَد بِالْشِّفَاء .. فَإِن شَق عَلَيْك الْصَّبْر
فَتَزَوَّدِي بِآَيَات الْقُرْآَن الَّتِي تَجْعَل مِنْك فَتَاة مَشْحُوذَة بِالْهِمَّم وَتُقَوِّي فِيْك
هَذَا الْنُّوْر الْإِيْمَانِي الْقَوّي الَّذِي يُلْهَم قَلْبِك عَظِيْم فَؤَائِد الْصَّبْر بِمَا يَتْبَعُه
مِن رِضَا عَلَى مَا يُصِيْبَك وَلْتَعْلَمِي أَن اخْتِيَار الْلَّه لَك دَائِمَا هُو الْإِخْتِيَار
الْأَفْضَل الَّذِي سَتُجْنَى ثَمَاره بِصَبْرِك جِبَالا مِن حَسَنَات
يَقُوْل صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم ( مَا مِن مُصِيْبَة تُصِيْب الْمُسْلِم إِلَّا كَفَّر الْلَّه عَز
وَجَل بِهَا عَنْه , حَتَّى الْشَّوْكَة يُشَاكُهَا ) أَخْرَجَاه فِي الْصَّحِيْحَيْن
وَيَقُوْل ( لَا يَزَال الْبَلَاء بِالْمُؤْمِن أَو الْمُؤْمِنَة فِي جَسَدِه وَمَالِه وَفِي وَلَدِه
حَتَّى يَلْقَى الْلَّه وَمَا عَلَيْه خَطِيْئَة ) ..
الَلّه مَا أَعْظَم الْوَعْد , وَمَا أَكْبَر الْثَّوَاب
اسْتَشِعْري حَبِيْبَتِي الْحَدِيْث وَتَيَقَّنَي أَنَّه كُلَّمَا زَاد صَبْرُك كُلَّمَا مَحَى الْلَّه
ذُنُوْبُك , وَمَا أَحْوَجَنَا إِلَى ذَلِك جَمِيْعا ..
تَقُوْلِيْن تَأَخَّر زَوَاجِي , وَأُخْرَى تَتَذَمَّر مِن عَدَم الْإِنْجَاب .. وَتِلْك تَشْكُو
قِلَّة الْرِّزْق وَالْمَال .. وَأُخْرَى تَعِيْش عَذَاب مُعَامَلَة الْزَّوْج .. وَكَثِيْرَة هِي
الْمَشَاكِل الَّتِي تُوَاجِه الْجَمِيْع .. وَلَسْنَا بِحَاجَة إِلَى ذِكْرِهَا
وَلَيْس لِكُل هَذَا حَلَّا إِلَا الْصَّبْر يَتْبَعُه الْرِّضَا ثُم الْشُّكْر عَلَى نِعَم كَثِيْرَة غَفَلْنَا
عَنْهَا فِي ظِل الْتَّفْكِيْر الْسَّيِّء بِمَا حَرَّمْنَا الله مِن أشياء لآ تعادل ماوهبنا مِن نِعم ..
أُخَيَّتِي ..~
عَلَيْك تَفْرِيْغ قَلْبِك مَن الشَّكْوَى .. وَانْتِظَار نُزُوْل رَحْمَة الْلَّه عَلَيْك بِشَتَّى
الْطُّرُق , مِن دُعَاء .. وَصَبَر .. وَشَكَر وَيَقِيْن ..
كَالَّذِي يَزْرَع الْأَرْض , وَيُنَقِّيهَا مِن الْحَشَائِش ثُم يَزْرَع الْبُذُور وَيَرْعَاهَا
وَيَقُوْم عَلَيْهَا صَبَاحا حَتَّى تَغِيْب الْشَّمْس وَكُل هَذَا لَا يَنْفَع إِلَا بِنُزُوْل
الْمَطَر وَهُو لَا يَدْرِي مَتَى يُقَدَّر الْلَّه أَسْبَاب الْمَطَر إِلَا أَنَّه يَثِق بِفَضْل
الْلَّه , الْعَالَم بِعِبَادِه أَنَّه سَيَرَعَى زَرْعَه وَيُنْبِت ثَمَرِه ..
فَهَلْا يَا حَبِيْبَة نَثَرَتْي بُذُوْرِك الْطَّيِّبَة وَأَصْلَحْت أَرْضَك وَانْتَظَرْت الْغَيْث
يَهْطِل خَيْرا وَخَيْرَا !! ..~
بقلمي ..~ خاص بركن الإخاء
الروابط المفضلة