حيّاك الله أختي أم الأشبال
عندي نموذج للحوار المتعاكس
أسوقه لخطورته لأنّه كان سببا في فشل مشروع تربوي على صعيد وطني .
المشروع كان : الأقسام النموذجية لتحقيق رهان الجودة في التعليم .
وسواء في اللقاءات التحضيرية
أو حتى حين نزل المشروع إلى المدارس
كان يسوده غموض وسوء فهم وسوء تفاهم .
الفكرة كانت خلق أقسام
وبعد نجاح التجربة يتم تعميمها على المؤسّسة .
في كلّ جلسة كان الحوار يدور
حول كيفية تشكيل هذه الأقسام :
ففريق ادعى أنّه ينبغي اختيار التلاميذ المتميّزين
ووضعهم في أقسام خاصّة واختيار أساتذة متميّزين
وتكليفهم بتدريس هؤلاء التلاميذ ،
مع الحفاظ على نفس المنهاج العام .
وفي نهاية السنة يتمّ التقييم في أفق تعميم التجربة
لتصبح المدرسة نموذجية .
وكان هذا رأي مجموعةكبيرة من العاملين في المنطقة التعليمية
وعلى رأسهم المسؤول الأول .
والرّأي الثاني كان رأيي ووافقني عليه موظّف واحد في قسم التخطيط
وقلّة من المؤطّرين التربويين ـ
مع أنّ أغلبهم من تخصّصات علمية
المفروض أنّهم يعرفون معنى التجريب
*القسم النموذجي يقاس مستواه انطلاقا من قياس أثر متغيّر أدخلناه على المنهاج .
يكون القسم عاد ٍ ،
ونبحث عن المتغيّر الذي بفضله سيتغيّر مستوى التلاميذ
وسلوكهم التعلّمي .
مثلا : إدخال معينات تعليمية متطوّرة ـ كالحاسوب ـ
أو إضافة مواد تنشيطية كالمسرح أو طرائق تفاعلية
ـ كالندوة والتقارير عن الرحلات والأعمال ـ،
مع تكليف منشّطين مختصّين بدل إسناد هذه المواد للمعلّم العادي .
وفي نهاية الدورة نجري اختبارات لأدائهم؛
ونقارن بين تلاميذ خضعوا للمنهاج التقليدي والآخرين الذين دخلوا التجربة .
ومن خلال مقارنة النتائج نلاحظ الفروق وآثار الخطة الجديدة ،
وبناء عليه نوسّع ونعمّم التجربة إن ثبتت صلاحيتها .
مع الإشارة إلى أنّ الأستاذ مفروض فيه أن يكون متميّزا ،
ـ وإلّا ما كان صالحا للتدريس ـ.
لأنّنا إن جمعنا التلاميذ المتميّزين
وأسندنا تدريسهم لأساتذة متميّزين ،
فإنّ النتيجة تكون معروفة مسبقا
ومفروغ منها لأنّنا لم نضف لهم شيئا .
كما أنّه سيحرم التلاميذ المتوسّطين
أو ذوي الحاجات الخاصة من خدمات
أساتذة متمكّنين ،
فضلا عن تأثير الشعور بالإقصاء حين يعرفون
أنّهم تلاميذ من الدرجة الثانية ،
وهو ما يطفئ رغبتهم في التنافس والنجاح .
وكان هذا الكلام يتكرّر ؛
ولمست على مدى اللقاءات أنّ الناس
بدأوا يدركون الخطأ الذي كانوا
انساقوا معه لمجرّد أنّه تعبير
عن رأي جهة رسمية لكنهم كانوا
لايعبّرون عن آرائهم بدعوى
أنّ الجهة المسؤولة ستنفّذ مشروعها
بموافقة أو عدم موافقة المتدخّلين ..
وكان نوعا ما تمهيدا لرفض يكاد يكون جماعيا
عبّر عن نفسه في رفض بعض رؤساء المؤسّسات
الانخراط في التجربة
التي لم تكن تجربة لأنّها بدأت بالنتائج
وأغفلت التّمهيد لها فكان مآلها الفشل .
كانت آخر سنة عمل لي وأحمد الله على ذلك
لأنّ الحوار كان فعلا حوار طرشان .
الروابط المفضلة