
..

بدت ِ الدنيا سوداء َ في عينيها ....
غمامة ُ الحزن ِ كانت ْ تُـظـلّلها .. ورياح ُ الألم ِ باتت ْ تعصف ُ بها من ْ كل ّ جانب ♥
ومن ْ مُـقلتيها الحزينتيْـن .. انسكبت ْ دموعُـها كحبّات ِ المطر ..
كفكـفَت ْ دموعَـها بأسى ♥
وجالت ْ ببصرها في أنحاء ِ حُـجرتها المُـظلمة .. فبدت ْ كـسجن ٍ يُطبق ُ جُـدرانَـه ُ على صدرها ..
أبصرت ْ حُـجرتَها كـئيبة ً مُـعـتِمَة .. سوى من ْ نافـذة ٍ يتسلّل ُ منها بصيص ُ نور ♥
برفق ٍ مـدّت ْ يدها ... فرفعت ِ الستار َ عن وجه ِ نافذتها الصغيرة ..
وإذ ْ بضوء ِ الشمس ِ يتسلل ُ عبر َ زجاج ِ النافذة ..
مُـبَـدّدا ً بنوره ِ عتمة َ المكان .. ومُـحيلا ً ظلمتَه ُ نورا ً ووحشتَه ُ أنسا ً ..
بعث َ ضياء ُ الشمس ِ الحياة َ لروحها .. فابتسمت ْ ♥
وما إن ْ فـتحَـت ْ زجاج َ نافـذتها .. حتى انبعث َ هواء ُ الفجـر ِ العليل ..
وإذا بنسماته ِ الحانية تُـداعب ُ وجهها بحـنو ّ آسِر ..

جلست ْ على كُرسيّها أمام َ النافذة .. وراحت ْ تُراقـب ُ إشراقة َ الشمس ِ البديعة ..
كانت ِ الشمس ُ تُـطل ّ على الدنيا بوجهها الباسم .. وكان َ قُرصُـها المتوهج ُ يومض ُ بِـشْـرا ً ونورا ً ♥
أما أشعتُـها الذهبيّـة ِ .. فانطلقت ْ في الأرجاء ِ مانحة ً الكون َ دفـئَها ونورها ..
بـدّد َ بزوغ ُ الفجـر ِ عتمة َ الدنيا .. وأزاح َ سكونا ً كان َ يعلوها ..
وإذا بكل ّ الكون ِ ينبض ُ بالحياة ِ ♥

أطلقت ْ بصرها في الدنى ..
فلمحَـت ْ تمايل َ الأشجار ِ مع َ نسمات ِ الهواء .. وأصغـت ْ لحفيف ِ أوراقها إذ ْ يعـزف ُ أنغامه ُ العـذبة ..
وهناك َ قرب َ التل ّ .. أبصَرت ْ أسرابا ً من َ الحمام ِ تُحلّـق ُ بعـيدا ً ..
فتغيب ُ في الأفـق ِ حينا ً .. ثم ّ تعـود ُ فتحط ّ على سور ِ الحديقة ِ المُـجاورة ♥
لفت َ نظرها سور ُ الحديقة ِ المُحيط ِ بأشجارها .. وأحبّـت ْ أن ْ تعـرف َ ما تُـخـفيه ِ الحديقة ُ خلف َ سياجها ..
فأسدلت ْ ملاءتها على كتفيْـها .. ومضت ْ تسير ُ نحو َ الحديقة ..

وما إن ْ دخلت ْ بوابَـتها الصغيرة .. حتى استقبلتها أزهار ٌ بديعة ُ الألوان ♥
جذبتْـها ألوانُـها الساحرة .. فحلّقت ْ نحوها كنحلة ٍ تطلب ُ الرحيق ..
وبينما حملت ْ إحدى الزهرات ِ في راحَـتيْها .. لمحت ْ فراشات ٍ تتراقص ُ حولها ..
وبأجنحتها الصغيرة .. كانت ْ ترفـرف ُ بخـفة ٍ كنسمات ِ الهواء ♥
وهناك َ غير َ بعـيد ٍ عنها .. كان َ أطفال ٌ يمرحون َ كما الفرشات ِ الوديعة ..

لفت َ نظرها طفل ٌ يجلس ُ على العـشب ِ مُـنزويا ً .. وعلى وجهه ِ بـدَت ْ علامات ُ الأسى ..
دنت ْ منه ُ مُـتسائلة ً عن ْ سبب ِ حزنه ..
غير َ أنه ُ آثـر َ الصمت َ ولم ْ يُـجبها !!
مسحت ْ على رأسه ِ وطبعت ْ على جبينه ِ قُـبلة ً حانية ♥
فنظر َ إليها مُـبتسما ً .. وأشار َ بإصبعه ِ نحو َ أرجوحة ٍ بعيدة ٍ مُـبديا ً رغبتَـه ُ في ركوبها ..
مدت ْ يدها نحوه ُ لينهض .. ثم ّ سارت ْ برفـقته ِ حيث ُ الأرجوحة ..
وبينما خلت ِ الأرجوحة ُ من راكبها .. رفعت ْ الطفل َ فأجلسته ُ عليها ..
وبكلتا يديْـها راحت ْ تدفـعُـه ُ ليتأرجح ..
ومع َ تأرجحه ِ جيئة ً وذهابا ً .. كان َ يرمقُـها بنظرات ِ الود ّ والمحبة ♥
ودّعـتْـه ُ بابتسامة ٍ عـذبة .. فلوح َ بيده ِ مُمْـتنّـا ً ..

وعلى كرسي ّ خشبي ّ أظلتْـه ُ شجرة ٌ وارفة .. جلست ْ لتأكل َ قطعة َ كعك ٍ كانت ْ بيدها ..
كانت ْ تتأمل ُ جمال َ الشجرة ِ وتشابك َ أغصانها .. حين َ سقطت ْ قطعة ُ الكعك ِ من يدها ..
وبينما انْحـنت ْ لترفعَـها عن ِ الأرض .. لمحت ْ عـصفورا ً يتقافـز ُ قربها ♥
فـتّتـت ْ القـطعة َ ذرات ٍ صغـيرة .. ثم ّ نثرتْـها على الأرض ِ حيث ُ العصفور ..
فأقبل َ نحوها مُـتلهفا ً .. وراح َ يلتقط ُ الفُـتات َ بمنقاره ِ الصغير ..
وسُـرعان َ ما حـطّـت ْ عشرات ُ العصافير ِ حوله .. وكل ٌ منها بدا سعيدا ً برزقه ♥
بيد َ أن ّ فرحة َ العصافير ِ لم ْ تـدُم ْ طويلا ً .. إذ ْ طارت ْ مع َ اقتراب ِ عامل ِ النظافة ِ العجوز ..
كان َ العرق ُ يتصبّب ُ من ْ جـبينه .. وكانت ْ ملامح ُ التعب ِ قد ْ علت ْ تقاسيم َ وجهه ..
رق ّ قلبُـها لحاله ♥
فمدّت ْ يدها في حـقيبتها .. وناولته ُ ما وجدته ُ فيها من ْ نقود ..
وبوجه ٍ يغمره ُ البشر ُ والفرح .. تناول َ نقودَها شاكـرا ً ..
ومضى هاتفا ً لها بالدعاء ..

كان َ قرص ُ الشمس ِ متوسطا ً كبد َ السماء .. وكان َ حـرّ الظـهيرة ِ قد ْ بلغ َ ذروتَـه ..
فجمعت ْ أشياءها .. وعادت ْ أدراجَـها نحو َ منزلها ♥
عادت ْ لحُـجرتها بغير ِ الوجه ِ الذي خرجت ْ به ..
فغـمامة ُ الحزن ِ بدّدتْـها يد ُ الأمل .. ورياح ُ الألم ِ هزمتْـها أنسام ُ الرضا ..
وبروح ٍ يحدوها الأمل .. أمسكت ْ قلمها الصغير ♥
وراحت ْ تخط ّ أحـداث َ يومِـها ..
وأنهت ْ قـصّـتَـها بعبارة ٍ مَـفـادُها .........
[ كُـن ْ جـميـلا ً ~ ~........................................
.............................................تر َ الوجود َ جميلا ً ]
.............................................تر َ الوجود َ جميلا ً ]

بقلمي
~ قـمر الشــام ~
~ قـمر الشــام ~
..
تعليق