السلام عليكم و رحمة الله و بركـاتهُ
أختنا توفي ، حياكم الله في فيضكم
و جزاكم الله عنا ألف خير على محاولتكم إفادتنا
و بثَّ جو الرفاهية و الاستجمام بوضعكم لمثل هذه القصص
فأحسنَ الله إليكم و أثابكم عنا الفردوس الأعلى
لكـن لدي ملاحظة ، و هي نصيحة من أخ شفوق يحب الخير لإخوانه و أخواته
و هو أن نتثبت قبل أن ننقل أي مقال عثرنا عليه أو أرسلَ لنا قبلَ نشره ليُطالعه القراء
و قد يستفيدون منه كما قد يتضررون بعد قراءته خصوصا إذا كانت المعلومات التي يحويها
ذلك الموضوع خاطئة ، بل باطلة و مُلفقة ..
و هو شأن موضوعنـا هذا
أعلم أنكم لا تعلمون أن الموضوع فيه مغالطات كثيرة كما أعلم أنكم نشرتموه بحسن نية
و هذا ظننا في كل رواد منتدى لك حينما ينقلون موضوعا إلى هذا الصرح المُبارك
فهم في الحقيقة لا يريدون إلا إفادة إخوانهم و أخواتهم نحسبهم و الله حسيبهم و لا نزكي على الله أحداً ..
إذا سمحتم لي أختنا الفاضلة ، معشر القراء أن أبين لكم ما توصلت إليه من الخلال البحث
عن مدى صحة هذه القصة ، فإليكم بعض الملاحظات :
1- اللغة التي تتحدث بها القصة بعيدة عن لغة القرون الأولى و الصدر الأول من الإسلام ، لغة ركيكة و عبارات دنية ، حتى الشعر ، فهو شعر رديء
و كما قال بعض الإخوة : فإن بعض العبارات أقرب إلى العامية منها إلى العربية
فكيف تصدر عن أفصح الناس و هم عرب الصدر الأول ؟!! مثاله قول الغلام : ( أما إن كنت ابن حلال فتعطيني الجميع )
2- يغلب على الظن أن واضع هذه القصة و مُلفقها رافضي ، بحث نلمس نزغاته في ثنايا الحوار كقول الغلام مثلا : ( أما السلام فعلى أمير المؤمنين وأصحابه ، يعني السلام على علىّ بن أبى طالب وأصحابه ) و التشيع في هذه العبارة بادٍ للعيان ، إذ هم من يسلمون عليه ، و يزعمون أنه يسلم عليهم أيضا ، من خلال صوت الرعد الذي هو صوته كما يزعمون !! و لهذا إذا سمعوا صوت الرعد قالوا : ( و عليكم السلام يا أمير المؤمنـين!!) ...
و انظر إلى ردّ الغلام حين سأله الحجاج : ( من أشجع العرب ؟ ) فأجابه الغلام : ( بنو هاشم لأن علي بن أبي طالب منهم ) فهذه نفثة شعية ترجح ما ذكرنا
و تجدر الإشارة أيضا إلى أن الشيعة يحطّون على الحجاج و ينالون منه في قصصهم و كتبهم كما أفاده بعض الإخوة الباحثين ، و أذكر لكم من ذلك :
-قول الحجاج للغلام : ( أنا أتقرب إلى الله بدمك لأنك قلت أنك من أولاد الحسن والحسين ) و هنا إشارة عن جنبٍ تقضي بأن الحجاج ناصبي !!
- غباء الحجاج و سُخفه المتجلي في تبيين الطريق للغلام لكي يفر بجلده من القتل بعد استشارة هذا الأخير للحجاج عن المهرب و إشارته إياهُ بسلوك باب السلام !!
3- هناك بعض المعلومات التي وردت في القصة و هي معلومات تاريخية ، تبَيَّنَ من خلال العودة إلى كتب التاريخ أنها مغلوطة ، و سنضرب أمثلة عن ذلك :
- ذكر الغلام حديثا نسبه إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم جاء فيه : ( يظهر من بنو ثقيف نمرود وكذاب فالكذاب مسيلمة والنمرود أنت .. )
أولا : الحديث ليس هذا هو لفظه إضافة إلى أخطائه
ثانيا : ذُكر أن مسيلمة من بني ثقيف و هذا خطأ فادح ، إذ أن مسيلمة من قبيلة بني حنيفة كما تذكر كتب التاريخ !!
- الشعر الذي ورد في القصة و ادعى صاحب القصة أن آدم عليه السلام ذكره بعد وفاة ابنه هابيل !!
أقول : ذكر هذه القصة ابن جرير الطبري في كتابه " تاريخ الرسل و الملوك " [1/145]
بسنده إلى علي ابن أبي طالب رضي الله عنه ، ثم ساق القصة ..
صدّر ابن جرير القصة بقوله : و ذُكِرَ
و هو فعل مبني للمجهول إيذانا بأن الرواية لا تخلو من ضعف كما هو مقرر في كتب المصطلح لدى أئمة الحديث
و في السند ابن حُميد و هو شيخ ابن جرير و هو ضعيف جداً كما هو مسطر في كتب الرجال
كما أن القصة ذكرها ابن كثير في كتابه قصص الأنبياء المستل من البداية و النهاية لهُ
فعقّب عليه قائلا : ( و هذا الشعر فيه نظر ، و قد يكون آدم عليه السلام قال كلاما يتحَزّنُ به
بلغته ، فألفه بعضهم إلى هذا ، و فيه أقوال و الله أعلم ) إهـ
كما أن محققا كتاب " تاريخ الرسل و الملوك " قسما الكتاب إلى صحيح الأخبار و سقيمها
فذكرا هذه القصة في الجزء الضعيف من الأخبار
هذا ما تأتى النظر فيه و البحث حسب الوقت و الجهد
و إلا فلو تتبعنا هذه القصة بدقة لوجدنا هنّاتٍ أكثر و سقطات أدهى و أمر مثالها الغمز في الرسل
و الأنبياء و العياذ بالله و غيرها من الطوام الأوابد ، نسأل الله العافية
و به يعلم أن هذه القصة أقرب إلى الوضع من الصدق
و عليه وجب الكف عن نشرها و ترويجها
و الله أعلم
الروابط المفضلة