موضوعي هو عبارة عن قصة .. إن شاء الله تعجبكم ..
حينما غادرت غرفة الصف ،
تناهى لأذني حديث لصوتين أعرفهما معرفة تامة ،
ها إنها زميلتي في الصف دانة و عبير ،
سرت نحوهما بخطى قد تبدو بطيئة ،
و بابتسامة أزرعها على وجهي قد أسميها بالهادئة ، قلت لهما :
_ ما لأمر ؟ هل بإمكاني مشاركتكما الحديث ؟
قالت عبير بهدوئها المعتاد :
_ بالطبع فليس هنالك ما نخفيه ،
كنا نتحدث عن قدوم شهر رمضان المبارك،
و ما لمشاريع التي سننجزها من خلال أيامه ؟
عدلت من وقفتي و ضممت كتبي إلى صدري و قلت بصوت راض :
_ رائع ، ممتاز ،
تعجبني مثل هذه المواضيع و طرح النقاش و الأفكار فيها ،
و هل شمل حديثكما عن كيفية استقبال شهر رمضان المبارك ؟
قالت دانة بجرأة واضحة :
_ نعم ، من دون أدنى شك ، هنالك عطلة بانتظارنا ،
لذلك سأكون متفرغةً تمامًا و على أتم الاستعداد لمشاهدة المسلسلات التلفازية ،
فكما تعلمون شهر رمضان شهر السباق و التنافس بين كافة المسلسلات العربية ،
ناهيك هذا عن غير المأكولات و المشروبات و أصناف الحلوى طبعًا
التي تقدم على مائدة الإفطار ،
و في الليل فقط يبقى علينا مشاهدة برامج المسابقات و الفوازير الرمضانية ..
يا إلهي ستكون أيامًا و ليالي مميزة بكل تأكيد
، بالنسبة إلي سأحرص حرصًا شديدًا على تنفيذ هذا كله .
نظرت إليها لأقول بصوتي المخنوق :
_ دانة .. أنت ، ألم يفتك شيء مهم ؟!!
شيء ربما نسيته أن تضعيه في الحسبان ،
و بين دفاتر حساباتك القيمة !
عادت دانة تتكلم بثقة و بجرأة أكبر من ذي قبل :
_ لا لا ، فكما قلت لك يا عزيزتي كل شيء جاهز ،
و لا ينقصني الآن غير قدوم الشهر ..
نظرت إلى عبير أتفحص تعابير وجهها البريء ،
و كما توقعت تمامًا كانت تشير إلى عدم موافقتها
و أنها غير راضية على الإطلاق عن هذا الكلام ..
_ لذلك عدت موجهة سؤالي إليها ،
عبير و ما مشاريعك أنت ؟
قالت بصوتها الذي يملئه الإيمان :
_ نعم هو شهر السباق و التنافس ،
و لكن ليس كما أشارت في حديثها قبل قليل ،
لأنه سباق بين الطاعات و العبادات ،
و طوبى لمن أحسن الفوز فيه ،
و كما اعتددت في كل عام سأتلو القرآن الكريم كاملًا ،
و التأني و الإخلاص في الصلوات المفروضة و إتباعها بالسنن و النوافل ،
و قراءة أذكار الصباح و المساء و الإكثار منها ،
و إن شاءت لي الظروف و سمحت لي لسوف أشارك في أعمال البر و الخير ،
و مشاريع الصدقات و الزكاة ، لنفعل الواجب من أجل الواجب ،
لنكسب المزيد من الأجر و الثواب ،
و الفوز برضا الله أولًا ، و بالجنة ثانيًا .
سكتت برهة لتنظر إلى ساعتها الزرقاء ثم عادت مواصلةً حديثها :
آه يبدو أننا بالفعل قد تأخرنا على موعد الذهاب إلى المنزل ،
ألقاكما بإذن الله بعد هذا الشهر الفضيل ،
انتبها إلى أنفسكما جيدًا . إلى اللقاء .
قلت لها مودعة و أنا ألوح بيدي :
_ وداعًا و مع السلامة ، رافقك الله .
ثم قلت بصوت غير مسموع :
_ و أتمنى لك التوفيق و النجاح في حياتك ..
و مرت الأيام لأعود إلى دوام المدرسة مرة أخرى ،
عندها سمعت خبرًا تتناقله فتيات المدرسة بين بعضهن البعض ،
كان يتعلق بخصوص صاحبتا الصوتين اللتين تحدثت إليهما قبل بداية شهر رمضان ،
لكن في هذه المرة ما عدت قادرة على سماع صوتهما مرة أخرى ،
لأنني سمعت خبر وفاتهما ...
هنا توقفت في مكاني لأرفع عيني إلى سماء رب العباد ،
متنهدة و أنا اقول بالصوت الحزين :
_ يا ترى هل سنتطيع استقبالك في العام القادم أم ماذا ؟!!
ماذا لو كان يا أختي الكريمة هذا واقع و حقيقة قد تعيشينها أنت بالذات ..
إن أعمارنا ليست بأيدينا .. ليكن رمضان هذا العام .. رمضان خير و محبة
و استغفار من الذوب و ارجوع إلى الله ..
هذا فقط اللذي لدي .. و بإذن الله أن يهديكن جميعًا
و يرجعكن إلى الصواب و طريق الرشاد ..
لبنى ..
تعليق