::
لــمــاذا يـفـشـلـون؟
هم حاضر... وألم دائم... ومعاناة تنوء بحملها العصبة..
سمنة مفرطة.حرمتها الكثير من المتع ونالت من صفو حياتها
.. لإنهاء المأساة وقطع المعاناة تحتاج إلى أن تنقص 25 كجم
قررت اتباع ريجيم قاس يحرمها من ألذ وأشهى الأطعمة والحلويات
إضافة إلى ساعتين يوميا من التمارين المجهدة..
بدأت والأمل يحدوها لجسم رشيق وقوام ممشوق ولكنها. بعد أيام قليلة استسلمت ولم تقاوم وعادت سيرتها الأولى وكانت خسارتها مضاعفة جسم لا يزال على حاله ومعه نفسية سيئة وصورة مشوهة عن الذات!
وهذا آخر سمع حديثا عن فضل حفظ القرآن فاشتعلت همته واستنهضت عزائمه وقرر أن يحفظ القرآن في ستة أشهر وعقد العزم على تخصيص ثلاث ساعات يومياً لتلك المهمة!
بدأ متحمساً متطلعاً وللأسف لم يتجاوز أسبوعا واحدا فقط وقد كلَّ وتعب ووجد نفسه غير قادر على مواصلة الطريق فانسحب محملا بخيبات الأمل وسوء الظن بالنفس!
وثالث يشكو من رهاب اجتماعي وبعد قراءة إحدى كتب التطوير الذاتي هبت رياحه فقرر اغتنامها حيث قرر أن يلقي كلمة بعد صلاة الجمعة في أحد أكبر جوامع المدينة!
وبمجرد وقوفه داهمته جيوش الارتباك فارتج عليه وأغلقت منافذه وهو لم يتجاوز البسملة والسلام فانسحب يجر أذيال الفشل وقد تضاعف همه وتعمقت مشكلته... والسؤال الحاضر لماذا فشل هؤلاء في تحقيق أمنياتهم وللأسف أن حال الكثير من الناس كحال هؤلاء الثلاثة وما هو سر تراجعهم وانسحابهم في البدايات؟
لو تأملنا الاستراتيجية التي طبقها هؤلاء الثلاثة لرأيناها تعتمد على التغير السريع بإحداث انقلاب في حياتهم وهي تدعو إلى التغيير الجذري المباشر أو الراديكالي بحسب تعبير السياسيين وهو التغيير بخطوات وإجراءات كبيرة لربما والقلة فقط هم من ينجحون في تغيير أوضاعهم بتلك الطريقة.
ولكن الأكثر مصيره الفشل والأعم الغالب أن تلك التطلعات ستتراجع وهاتيك الطموحات ستقتل واقفة وستفتر الهمة وتخبو العزيمة في أول الطريق حيث إن الرغبة في التغيير عن طريق الوثب والخطوات الكبيرة طريقة خطيرة عواقبها وخيمة وهي الطريقة الأشهر للتغيير للأسف حيث الاعتقاد الجازم أن التغيير لا يكون إلا بانقلاب كامل وسريع على العادات القديمة وعادة ما ينشأ هذا جراء التساهل مع صغار المشكلات وغض الطرف عنها وعندما تستفحل وتكبر وتدق أجراس الإنذار فالتفكير في حلها يقتصر على القفز على الواقع لتسريع النتائج والأغلب هنا للأسف يعود حسيرا كسيرا ما يلبث أن يعود لطريقته الأولى بعد أن تذوي جمرة الحماس وتسكن رياح الإرادة ويشبه د. روبرت مورير تلك التغيرات الجذرية بتسلق تل شديد الانحدار والذي قد تفقد طاقتك قبل الوصول لقمته أو بمجرد التفكير في باقي العمل الصعب الذي ينتظرك سيجعلك تقلع عن المواصلة).
إن الإقدام على التغير لربما تنجح ويستحق أصحابها كل تقدير ولكن حال زلت القدم وفشلت المحاولات فسوف تشكل تهديدا خطيرا على الصحة النفسية للشخص. والدراسات تقول إن سبب فشل الكثير في التغير من معتنقي نظرية التغير الجذري وجود ما يسمى بالـ( أميكاديلا ) أو اللوزة وهي تتواجد في المخ الأوسط وهي معنية بالاستجابات العاطفية وتنظيم المشاعر ومن وظائفها قرع أجراس الإنذار لتحذير الأعضاء من أي خطر محدق ومن الأمور التي تصنفها اللوزة خطرا بالغا هي الأفكار التي تنادي بالتغير الجذري والابتعاد عن التصرفات المألوفة والخروج من منطقة ( الراحة ) وهي منطقة العادات التي لا نبذل معها أي جهد حيث إن اللوزة دائما ما تثير الخوف حال التحديات والتغيرات الجذرية الجديدة فترسل إشارات التثبيط والتضعيف والتخذيل لكافة أعضاء الجسم ولربما استدعت مواقف فشل سابقة لتعزيز هدفها في تعطيل وكبح جماح هذه التطورات الجديدة ومعها قد ينقطع الاتصال مع الجزء المسؤول عن التفكير في المخ لذلك تفشل أغلب خطط الريجيم القاسي وطموح حفظ القرآن وباقي الأهداف التي يحتاج تحقيقها إلى تغيير في النظام اليومي المألوف في فترة وجيزة.. ولعلك تسال أخي القارئ إذن كيف السبيل لتحقيق الأهداف وتجديد الأوضاع وتغيير النفس؟ وهذا سؤال وجيه ..
في الأسبوع القادم سأجيب على سؤالك وسأهديك طريقة رائعة وتقنية متقدمة وهي الاستراتيجية التي نهضت بها اليابان وجعلتها على قمة هرم الدول المتقدمة وسوف نوظف تلك التقنية في المجال الشخصي ومعها ستحقق بإذن الله نتائج مبهرة تفوق التوقعات فانتظرني الأسبوع القادم.
حقق أحلامك بـ ( الكايزن )
تحدثت في الأسبوع الماضي عن السبب الرئيس الذي يجعل الكثير يفشلون في تحقيق أمنياتهم وذكرت أن الاندفاع والحرص على الإنجاز السريع ومحاولة أكل الفيل ( بلقمة واحدة ) هو سبب هذا الفشل الذريع والإخفاق المؤلم وحديثي اليوم عن أفضل وسيلة للتغير وهي ما يسمى بتقنية الكايزن ( kaizen ) وهي كلمة يابانية تعني التحسين المستمر وهي كلمة متداولة على صعيد الشركات ولقد تجاوز استخدامها نطاق الأعمال إلى النطاق الشخصي حيث أضحت الشعار المفضل لملايين الأشخاص ووسيلتهم الأمثل للتغير.
وتوظيف تلك التقنية على المستوى الشخصي يفضي إلى نتائج مذهلة وسوف أقدم شرحا مختصرا عن كيفية الاستفادة من تقنية ( الكايزن ) في التغيير الشخصي.
ترتكز ( الكايزن ) في إحداث التغيرات المطلوبة على الخطوات الصغيرة والمداومة عليها ومضمون ذلك أن هناك طرقا بسيطة وسهلة وتحت مرمى البصر تتغير معها الأوضاع وتتحسن الأحوال ومع مرور الأيام يشكل الأثر التراكمي لتلك الخطوات الوصول إلى مستويات متقدمة من النتائج الإيجابية، وفي هذا الأمر يذكر أن شركة American Airlines استطاعت توفير 40.000 دولار وذلك عن طريق الاستغناء عن زيتونة واحدة فقط من كل وجبة سلطة لركاب الدرجة الأولى!
وتخيلوا لو أن ربة بيت خصصت خمس دقائق فقط يوميا لإخراج الملابس الزائدة أو الأواني القديمة أو الألعاب غير الصالحة فقط أو إعادة ترتيب مطبخها أو غرفتها ماذا ستكون النتائج خلال شهر؟!!. إن نجاح ( الكايزن ) يعتمد على تفسير نفسي يقول: إن الإنسان بعد تكرار الخطوات الصغيرة سيكتسب الكثير من الثقة والتفاؤل مردها إلى المشاعر الإيجابية الناتجة من الإنجاز لذا تجدهم بعد زمن يسير لا تقنعهم تلك الخطوات الصغيرة فيبادرون بتكثيف الجرعة تدريجيا فيعلون من مقاييسهم ويعظمون خطواتهم.
بعد أن انتصروا على المقاومة الداخلية ( للأميكاديلا ) وأذابوا مع تلك التقنية كل الحواجز النفسية الصلبة...
لربما وجد أشخاص لم تقنعهم استراتيجية ( الكايزن ) للتغير وأقول لهم أليس التغير نحو الأحسن ولو كان بطيئا أفضل من الحال السيئة التي أنت عليها؟!
فالسيل من تتابع النقط والجبال هي حصيات اجتمعت والرسول الكريم صلى الله عليه وسلم حثنا على قاعدة ( أدومه وإن قل ).
يقول برايان تريسي: إن التفوق رحلة طويلة وليس مشهدا سريعا ولا يمكن بحال للمرء أن يثب من المستويات الدنيا إلى التفوق بين عشية وضحاها بل هي عملية طويلة وبطيئة تتطلب التوجه السليم والالتزام وحتى يمكنك الاستفادة من هذه تقنية ( الكايزن ) يلزمك اتباع الخطوتين التاليتين :
1 . اسأل نفسك ما هي الخطوات الصغيرة التي تقربني من هدفي كأن تقول ما هي الخطوة الصغيرة التي لو عملتها الآن ستقربني من ربي أو تزيد من ثقافتي؟
2 . العالم يصفق فقط للأفعال والأفكار وحدها لا تصنع نجاحا لذا فلا بد من المباشرة في الفعل.
برنامج عملي
* لتطوير الذات والتثقف ( قراءة صفحتين يومياً من كتاب مفيد -سماع خمس دقائق لشريط هادف- مشاهدة 10 دقائق لبرنامج جيد).
* لإنقاص الوزن (مشي يوميا لثلاث دقائق -التنازل عن ملعقة سكر يوميا- التوقف عن أكل اللقمة الأخيرة).
* لتوفير المال (جمع 5 ريال يوميا -قبل الحساب تنازل عن شيء واحد من سلة المقاضي- الحرص على إجراء مكالمة واحدة عن طريق الهاتف الثابت).
ويمكن توظيف هذه التقنية على كل ما تريد إحداث تغيير في حياتك فيه فقط أبدا وجزما ستصل بحول الله.
ومضة قلم
رحلة الألف ميل تبدأ بخطوة
د. خالد المنيفالمقال نقلته من جريدة الجزيرة ..
::
الروابط المفضلة