أخواتى العزيزات : تمنيت منذ صغرى أن أعرض ما أكتبه على أحد مؤتمن ليوافينى برأيه ويسدى الي نصحه وها أنا أضع بين أيديكن هذه
الأقصوصة راجية المولى عزو جل ان تحوز اعجابكن ...ولسان حالى بقول عمر أمير المؤمنين( فان أسأت فقومونى وان أحسنت فأعينونى)
ومن قرأته فأجابت فجزاها الله خير الجزاء.
كان الوداع باردا" وقصيرا"....رآه هناك قابعا" جوار النافذة فى مكانه المعتاد .....لم يرد حينما أخبره أنه سيرحل الآن ...لكنه رمقه بنظرة طويلة وباردة خيل اليه انها احدى نظراته الكثيرة القاسية....فتح الباب حمل حقائبه وغادر..شعر بنشوة كبيرة وهو ينزل درجات السلم القديم .......يا لها من سعادة ..أخيرا" سيتخلص منه ومن سيطرته وجبروته...جاءته الفرصة ليخع ربقة العبوديه من رقبته...ركب السيارة ورمق لآخر مرة النافذة التي يجلس خلفها..كانت نظرته طويلة وشامتة...ركب السيارة وقاد بعيدا" كانما يفر من الوحش ..الزحام شديد وخانق ولكن سعادته بحريته وقرب تحقيق حلمهالذى انتظره منذ أكثر من ثلاثين سنة أنسته هذا الزحام ..أول اشارات الطريق الى المطار ..قفزت الى ذاكرته تلك الصورة .......صورته وهو طفل له اعوام ثلاث حين بكى ليحضر له ذلك المسدس او تلك الدبابة كغيره من الأطفال لكنه اكتفى باحضار قلم وعدة أوراق ورمقه بتلك النظرة الصارمة قائلا لن تكو قويا فعلا الا بهذا.......انتبه على أبواق السيارات من خلفه..فقاد مخلفا وراءه تلك الذكرى هناك ....أخذ يحلم بما سيفعله هناك فى تلك البلاد البعيدة عن كل شيئ أصدقائه وأهله وأيضا عن ذلك الطاغية المتجبر...تذكر كم كان يهينه.. ويضربه.. كم قسى عليه ذلك الرجل... وها هو الآن يرحل غير مكترث له ولا آبه .....لا شيئ كان سيردعه سوى أمه- يرحمها الله- فقد كانت صدره الحانى وواحته الغناء ..كم كانت ودودة ..ومتحابة.. ومتعاطفة كان يظنها ضعيفة أمامه ..ومقهورة مثله لكنها أحبته رغم قسوته وجبروته....هناك الكثير من الناس اليوم متجهين الى المطار كأنما قرر الجميع مثله الفرارفجاة.....تقف السيارة للمرة الثانية..هنا علت مخيلته صورة أخرى لحياته مع هذا الرجل ..كيف أجبره على دخول تلك الكليه العملية رغم كراهيته لها سالبا" منه أى ارادة لدخول الكلية التى يريد كيف أهانه.. وعذبه بتلك النظرات ..الباردة.. والقاسية حينما فقط أراد أن يناقشه فى ذلك قال أنا أصنع لك مستقبلا".....ها قد انطلق مجددا هذه المرة بدا وجهه واجما بعض الشيئ كأنما فترت قوته وانزوى عزمه ... هز رأسه ممنيا" نفسه بالسعادةهناك ستكون له تلك المكانه المرموقة فى وظيفة أقل ما يقال عنها أنها مذهلة سيكون راتبه منها أضعاف ما يأخذه من هو فى سنه عشرات المرات.......فى المنعطف وقفت تلك الحافلة لافراغ ركابها....عاد الى ذاكرته مع أبيه تذكر وجهه العابس كم كان ذليلا" أمام هذا الرجل صاحب المنصب العالي وهو يطلب منه كارت توصية لابنه كى يلتحق بتلك الشركة الاستثمارية الراقية كم ظل يمتدحه ويثنى عليه وكأنه كان يحسد نفسه عليه عندها تمنى لو تدوم تلك اللحظة والنظرة اللطيفة للأبد.........أخيرا وصل المطار حمل حقائبه ولكنه هذه المرة مشى متثاقلا" أحس بشيئ فى صدره تذكرأمه و حنانها وكم يفتقدها الآن و لاحت اليه نظرات أبيه له عندما ماتت كم سمعه بعدها يجلس فى غرفته يبكى كطفل..ترى هل أحبها كما أحبته..أم أنه فقط افتقد من تخدمه 0وتؤدى رغباته بطاعة عمياء....قال ساخرا لعله افتقد قسوته عليها و لعله حزن لانعتاق أحدهما من الأسر...... جلس فى صالة الانتظار حتى يحين موعد الطائرة لكن صدره يزداد ضيقا تذكر وجه أبيه هذه المرة وهويخبره أنه سيرحل .......ظل صامتا من حينها لم يتحدث معه لم يلمه نعم وكيف يلومه وقد أذاقه ما سلف ..ليس عليه حرج فيما فعل هذا الأب فقد سلبه حقوقه وحريته لقد قهره.. تدخل فى كل شؤنه لهذا تركه...............هو في الرابعة والسبعين الآن وحتى ان مات فلن يبكيه..............هو لم يظهر له يوما أى عاطفة أو حب لم يقل له كلمة يحتسبها له.. لم يقدم له شيئا يتذكره به الا هذه الذكريات الخمس .................هب واقفا مع نداء الطائرة وقد ثبت على قراره .....ركب السيارة وعاد ...وعندما فتح باب المنزل كان مازال هناك جالسا جوار النافذة .......لم يرد عليه عندما أخبره أنه سيبقى ...استدار الى غرفته لكنه هذه المرة أحس بنظرته الطويلة .....كم كانت دافئة....خمس نظرات للعودة
تمت : 17-11-2007
جميع الحقوق محفوظة
الروابط المفضلة