أنا مدينة صفد ، المصيف الجميل ، هوائي بَليل ، ( وأرجوكم : لا تقولوا عليل ، فأنا أكره العلل والأمراض .. قولوا : هواء بليل ) ومناظري خلابة ، وأنا عاصمة الجليل الأعلى الذي أتربع فوقه ، على جبل الجرمق ، أعلى موقع في فلسطين ، إذ يبلغ ارتفاعه 1208 أمتار ، وأطل منه على الأراضي السورية من جهة الشرق ، فأنا إحدى أعلى مدن فلسطين ، وأطيبها مُناخاً .
والحقيقة أني مبنية على عدد من التلال ، تفصل بينها أودية تتجه نحو الجنوب ، والتلة الممتدة جنوب سفح جبل كنعان ، هي أقدم التلال المعمورة لديّ .
وجبل كنعان هذا يرتفع عن سطح البحر 950 متراً ، ومن قمّته تستطيعون مشاهدة بحيرة طبرياأنا مدينة جميلة ، مبنية من الحجارة البيضاء النقية ، وتحيط بي أشجار اللوز وأزهارها التي تجعلني أبدو للناظر ، وكأنني حمامة بيضاء تجهز نفسها للطيران ، وقد وصفني بعض الناس بالجنّة ، لما حباني الله من طبيعة رائعةأنا صفد ، مدينة تاريخية قديمة ، بناني أجدادكم العرب الكنعانيون في هذا الموقع الاستراتيجي وأسموني صفت أي العطاء..... لأكون محطة مهمة من محطات البريد بين الشام ومصر ، وقد عانيت الكثير من الغزاة الطامعين كالرومان ، والصليبيين ، ولكن البطل العظيم صلاح الدين حررني من الصليبيين ، كما حرر أختنا الكبرى : القدس الشريفة ، وقد وقعت في أيدي الإنكليز الذين احتلوا فلسطين عام 1917 وقال جنرالهم اللنبي كلمته التاريخية التي تعبر عما يكنه هؤلاء من أحقاد تجاه العرب المسلمين ، وأرضهم المقدسة .. قال : الآن انتهت الحروب الصليبية ، ظناً منه أنه وقومه الإنكليز قد انتصروا على الإسلام والمسلمين ، ولكن .. خسئوا ، وخسئ معهم اليهود الذين تسلموا مفاتيح فلسطين من الإنكليز ، وقد سقطتُ أنا في أيديهم القذرة في العاشر من آذار عام 1948 بعد معارك ضارية خاضها أبنائي المجاهدون بالسلاح الأبيض ، دفاعاً عني ، ويكفي أن تعلموا أن تسعة وتسعين مجاهداً من أبنائي كانوا في قلعتي ، وآثروا الشهادة في سبيل الله على الاستسلام لليهود الأنذال .
وقد كان لأبنائي دور هام في مجاهدة الاستعمار البريطاني البغيض الذي أصدر حكماً بالإعدام على أحد أبنائي المجاهدين ، وهو الشهيد فؤاد حجازي الذي أعدمه الإنكليز مع المجاهدين الشهيدين : عطا الزير ، ومحمد جمجوم ، رحمهم الله جميعاً ، ورحم شهداء فلسطين الأبرار على مدى الزمان . وعندها شاركت أخواتي من المدن والقرى الفلسطينية بالإضراب الشامل عام 1936 الذي استمر ستة أشهر .وعندما سقطت في أيدي الصهاينة ، ارتكب اليهود جرائم ومجازر بحق أبنائي ، ومساجدي التي حولوها إلى مستودعات ، ومعارض للصور والرسوم ، مثل الجامع اليونسي ، وجامع الشعرة الشريفة ، وجامع الصواوين الذي هدمه اليهود ، وبقيت مئذنته شاهدة على إجرامهم .
وأضمّ بين حناياي عدة مساجد ، مثل المسجد الأحمر المبني بالحجارة الحمراء المصقولة ، وجامع الشيخ نعمه ، وجامع الحمام العنبري ، وجامع الأمير فيروز .
ومن أبرز معالمي التاريخية ، متحفي الذي يحتوي بداخله على بعض الآثار التاريخية .
وأنا أشتهر بينابيعي الكثيرة الجميلة ، مثل : نبع الرمانة ، والزرقاء ، والعافية ، والحمراء ، وبئر الجوزة ، وعين الجن ، وعين التينة .
ويمر عبري أربعة أنهار تنبع من جبل الشيخ ، وتصب في نهر الأردن ، وهي : نهر حاصبيا ، ونهر بانياس ، ونهر الدّان ونهر البريغيث ولكثرة مياهي ، كثرت البساتين والمزروعات عندي وتنوعت ، كأشجار الزيتون ، والتين ، والعنب ، والجوز ، واللوز ، والخوخ ، والرمان ، والليمون ، والبرتقال ، والزعتر ، والبابونج ، والتوت ، وسواها من الفواكه والخضروات .
وأنا مركز مهم لعدد من القرى الجميلة التي تربطها بي وببعضها البعض طرق معبدة .
أنا - يا أحبائي- مدينة جميلة ، ولكني أسيرة
كنت ومازلت على ما أنا عليه، تماما كما تركني أهلي ، فما زلت المدينة العربية الفلسطينية موجودة على حالي ،حاراتي ، ازقتي ، بيوتي ،اسواقي ، ادراجي و شوارعي ، برغم من عوامل الزمنالذى اهلكتها قليلا ، او هدمت بعضا من بيوتها ، وبرغم من ان المحتلين فقط ادخلو بعضالتحسينات على ماهو قائم من شوارعي وبعض من طرقاتي ، او بعض اماكن التسوق في المدينة ، لكنهم ولأسفي اهتموا فقط بهدم بعض الجوامع وتحويل البعض الآخر الى متاحف لتاريخهم المزيف ،وبنوا لأنفسهم أحياء جديدة حول المدينة ، وجعلوا من منيمدينة دينية ، سياحية ، ثقافية وفنية ، لموقعي المميز ، ولجمالها وروعتي ،
أنا يا أحبائي اشتهر بالزراعة حيث زرعت الأراضي الجبلية المحيطة بي بأشجار الزيتونوالعنب والتبغ والأشجار المثمرة الأخرى والخضر والحبوب، وأهم المحاصيل التي أنتجها الزيتون والعنب والتين والبطيخ والمشمش والبرقوق والخوخ والكمثرى والبرتقال .
أما عن الصناعة فتوجد بعض الصناعات الغذائية والسجائر والدراجات والمطابخ .
والتجارة حدثوا عنها ولا حرج ، نظرا للموقع الجغرافي الهام التي أتمتع به فإن الحركةالتجارية قد نشطت بسبب كوني مركزا سياحيا ومصيفاً مشهورا من مصايف فلسطين، غني بالمغريات السياحية، كالمناظر الطبيعية الجميلة والأشجار الباسقة والأماكنالتي تروج الحركة وتنشط المواصلات، لكثرة الأسواق التي يأتي إليها السكان منالمناطق المجاورة للبيع والشراء .
ومن أهم معالمي التاريخية
الكثير من المعالم التي تظهر الهوية العربيةوالإسلامية لهذه المدينة مثل الجوامع والزوايا ومنها
-الجوامع
جامع الظاهر بيبرس أو الجامع الأحمر
جامع الجوكنداري
الجامع اليوسفي الكبير أو جامع السوق ، اتخذه اليهود معرضا للصور
الصواوين وهدمه اليهود وبقيت مئذنته
جامع سيدنا يعقوب ، جعله اليهود مخزنا للأخشاب
أما اليوم
فمازالت بعض الآثار التي تدل على هويتي العربية الإسلامية ماثلةللعيان على الرغم من محاولة اليهود طمسها وتغيير معالمها، كما رفعت المبانيالحديثة لتشمل معظم أنحاء المدينةسعدت جدا بصحبتك في جولتي
وادعوا الله معي ان تزوروني قريبا محررة مطهرة من دنس الاحتلال الصهيوني
الروابط المفضلة