بسم الله الرحمن الرحيم
مضى إليها ، ودخل في غمراتها ، خلف بنوناً وأموالا،وأهلاً وأزواجا، فبكته عيون المحبين ، وقلوب المشتاقين ، ثم سلو في حياتهم لاهين ، وتناسوا امرءً كان بينهم ذات حين ..!!
فلن تنفعه وربي غير أعماله الصالحة وعبادته الخالصة ..!!
مضى .. حيث حياته البرزخية إما في نعيم مقيم أو في عذابٍ وجحيم ...
فتعالوا ياأحبة نقرأ شيئاً عن تلك الدارالتي سنمربهاولو بعدحين :
دار البرزخ ... هي دار بين الحياة الدنيا والآخرة .. سواءً أقمت حينهافي القبر أم لم تدفن نسأل الله تعالى حسن الختام ، إذ أن من يموت حرقاًأو تأكله السباع فلايدفن يعيش حياته البرزخية كمايقدرله الله تعالى ..
يقول الامام ابن تيمية رحمه الله تعالى رحمة واسعة : (الْبَرْزَخِ - مَا بَيْنَ الْمَوْتِ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ - هَذَا قَوْلُ السَّلَفِ قَاطِبَةً وَأَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ ؛ وقال رحمه الله في رده على المنكرين لتلك الحياة ومايحويهامن الثواب والعقاب الْقُرْآنُ قَدْ بَيَّنَ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ بَقَاءَ النَّفْسِ بَعْدَ فِرَاقِ الْبَدَنِ وَبَيَّنَ النَّعِيمَ وَالْعَذَابَ فِي الْبَرْزَخِ ،ثم بين رحمه الله ذكرالقرآن للنعيم والعذاب في البرزخ فقال : وذَكَرَ عَذَابَ الْقِيَامَةِ وَالْبَرْزَخِ مَعًا فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ : ذَكَرَهُ فِي قِصَّةِ آلِ فِرْعَوْنَ فَقَالَ : { وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ } { النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ } وَقَالَ عَنْ الْمُنَافِقِينَ : { سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ } قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ : الْمَرَّةُ الأ ولَى فِي الدُّنْيَا وَالثَّانِيَةُ فِي الْبَرْزَخِ ؛ { ثُمَّ يُرَدُّونَ إلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ } فِي الآخِرَةِ ،
وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ : { أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا أَتَى الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ بَدْرٍ فِي الْقَلِيبِ نَادَاهُمْ : يَا فُلانُ يَا فُلانُ هَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا ؟ فَقَدْ وَجَدْت مَا وَعَدَنِي رَبِّي حَقًّا } . وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى وُجُودِهِمْ وَسَمَاعِهِمْ وَأَنَّهُمْ وَجَدُوا مَا وَعَدُوهُ بَعْدَ الْمَوْتِ مِنْ الْعَذَابِ..{ حَتَّى إذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ } { لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلا إنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ } ..انتهى كلامه رحمه الله تعالى ..)
يقول فضيلة الشيخ محمدالصالح العثيمين رحمه الله تعالى :البرزخ الذي بين موت الإنسان وقيام الساعة وإن لم يدفن كما قال – تعالى -: ( ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون)ولكن هل الداعي إذا دعا "أعوذ بالله من عذاب القبر" يريد عذاب مدفن الموتى ، أو من عذاب البرزخ الذي بين موته وبين قيام الساعة؟
الجواب: يريد الثاني لأن الإنسان في الحقيقة لا يدري هل يموت ويدفن أو يموت وتأكله السباع ، أو يحترق ويكون رماداً ما يدري ( وما تدري نفس بأي أرض تموت)فاستحضر أنك إذا قلت : من عذاب القبر أي من العذاب الذي يكون للإنسان بعد موته إلى قيام الساعة..
***
أيهاالأريب الفطن .. ستمضي إلى دار "برزخ" كمامضى أسلافك..!!
فتودع أهلك وأصحابك وبنوك وأحبابك ..فإن قدر الله تعالى وتوفاك بينهم فإنك لامحالة ستكون كماكانوا((شاخص البصر، جامدالجسد، واهن القوى ، خاوي الروح ..!
محمولٌ رغم سلامة قدميك ، مغسل رغم سلامة أعضاءك، مدفون رغم نواح محبيك..!
راقد على ترابٍ وحجر..وتسمع قرع نعال أهلك في القبر..
ستبصر في ضيقٍ ولحود فإماظلامُ أو نورممدود ..!
ستسُأل عن رب وإلاه الوجود، ونبي الخلق الأمين المحمود..!!
فأعدجوابا،وعملاً وزادايقيك المهالك وسوء المسالك ..!!
أيها النبيل العاقل .. مضى أسلافنا إلى دار برزخ .. ونحن خلفهم ماضون .. فكل يومٍ يمضي يزيدناقربنامن تلك الدار ..!
فهلاأفقنامن سكر الهوى ، والتعلق بالدنيا ، فتباً لحياةٍ فانية ، زائلة ، تقودإلى المهالك رغم أنهاسبيلٌ إلى دار الخلود..
ياطالب الدنيا الدنيةإنها
شرَ ك الردى وقرارة الأكدارِ
دارٌ متى ماأضحكت في يومها
أبكت غداً ، تباً لهامن دارِ
غاراتهالاتنقضي وأسيرها
لايُفتدى بجلائل الأخطارِ
كم مزدرٍ بغرورهاحتى غدا
متمرداً متجاوز المقدارِ
فاربأبعمركِ أن يمرمضيعاً
فيهاسدى من غير مااستظهارِ
واقطع علائق حبهاوطلابها
تلق الهدى ورفاهة الأسرارِ
أسأل الله تعالى بمنه وفضله وكرمه .. أن يثبتناعلى دينه وأن يحسن لناالخواتيم ويقرأعيننابرؤيته ويخلدنافي فردوس جنته ووالدينا والمسلمين أجمعين ..
:
.
:
.
أم مراد التميمي
الروابط المفضلة