¤•°•¤ دعـوة لقـراءة كتــاب: "الرحيـق المختـوم"..شــاركونـــا ¤•°•¤

تقليص
X
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • ..الغدير..
    كبار الشخصيات - نبض وعطاء - صاحبة الطرح المتميز
    • Aug 2005
    • 13195

    #91
    نعم أختي نور الإيمان..جزءك يبدأ من عند (نجاح الدعوة وأثرها) إلى آخر صفحة قبل عنوان (البيت النبوي)..

    "عيوننا ستبقى دومًا صوب القدس والأقصى ولن تنحصر داخل حدود غزة، وإن مشروعنا المقاوم سيمتد كما كان دومًا إلى كل أرضنا المغتصبة إن عاجلاً أو آجلاً"
    الشهيد أحمد الجعبري-رحمه الله





    تعليق

    • اديم السماء
      النجم البرونزي
      • Sep 2006
      • 758

      #92
      اتمنى ان
      اسجل في هذه المسابقة مع جزيل
      الشكر.








      تعليق

      • الجمان
        كبار الشخصيات "درة التحفيظ 2"
        • Dec 2000
        • 9839

        #93



        بسم الله الرحمن الرحيم

        .

        .

        المرحلـة الثانية: الدعــوة جهــارًا
        .
        .

        أول أمـر بإظهار الدعـوة

        وأول ما نزل بهذا الصدد قوله تعالى‏:‏"وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ"‏ كانت هذه الآية في سورة الشعراء وهي سورة ذكرت فيها قصة موسى عليه ‏السلام وقد اشتملت هذه القصه على جميع المراحل التي مر بها موسى عليه السلام خلال دعوة فرعون وقومه إلى الله.
        ومن ناحية أخرى تشتمل هذه السورة على ذكر مآل المكذبين للرسل ليعلم الذين سيقومون بالتكذيب عاقبة أمرهم وما سيلقونه من مؤاخذة الله إن استمروا عليه، وليعرف المؤمنون أن حسن العاقبة لهم وليس للمكذبين‏.‏

        الدعـوة في الأقربين
        ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عشيرته بني هاشم بعد نزول هذه الآية، فجاءوا ومعهم نفر من بني المطلب بن عبد مناف، فكانوا نحو خمسة وأربعين رجلًا‏.‏ فلما أراد أن يتكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم بادره أبو لهب وقال‏:‏هؤلاء عمومتك وبنو عمك فتكلم، ودع الصباة، واعلم أنه ليس لقومك بالعرب قاطبة طاقة،وأنا أحق من أخذك، فحسبك بنو أبيك، وإن أقمت على ما أنت عليه فهو أيسر عليهم من أن يثب بك بطون قريش، وتمدهم العرب، فما رأيت أحدًا جاء على بني أبيه بشر مما جئت به،فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يتكلم في ذلك المجلس‏.‏

        ثم دعاهم ثانية وقال‏:‏ ‏(‏الحمد لله، أحمده وأستعينه، وأومن به،وأتوكل عليه‏.‏ وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له‏)‏‏.‏ ثم قال‏:‏ ‏(‏إن الرائد لا يكذب أهله، والله الذي لا إله إلا هو، إنى رسول الله إليكم خاصة وإلى الناس عامة، والله لتموتن كما تنامون، ولتبعثن كما تستيقظون، ولتحاسبن بما تعملون،وإنها الجنة أبدًا أو النار أبدًا‏)‏‏.‏

        فقال أبو طالب‏:‏ ما أحب إلينا معاونتك، وأقبلنا لنصيحتك، وأشد تصديقًا لحديثك‏.‏ وهؤلاء بنو أبيك مجتمعون، وإنما أنا أحدهم، غير أني أسرعهم إلى ما تحب، فامض لما أمرت به‏.‏ فوالله، لا أزال أحوطك وأمنعك، غير أن نفسى لا تطاوعنى على فراق دين عبد المطلب‏.‏

        فقال أبو لهب‏:‏ هذه والله السوأة، خذوا على يديه قبل أن يأخذ غيركم، فقال أبو طالب‏:‏ والله لنمنعه ما بقينا‏.‏


        على جبل الصفا
        وبعد تأكد النبي صلى الله عليه وسلم من تعهد أبي طالب بحمايته وهو يبلغ عن ربه، صعد النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم على الصفا، فعلا أعلاها حجرًا،ثم هتف‏:‏ ‏(‏يا صباحاه‏)‏وكانت كلمة إنذار تخبر عن هجوم جيش أو وقوع أمر عظيم‏.‏
        ثم جعل ينادى بطون قريش، ويدعوهم قبائل قبائل‏:‏ ‏(‏يا بني فهر، يابني عدى، يا بني فلان، يا بني فلان، يا بني عبد مناف، يا بني عبد المطلب‏)‏‏.‏
        فلما سمعوا قالوا‏:‏ من هذا الذي يهتف‏؟‏ قالوا‏:‏ محمد‏.‏ فأسرع الناس إليه، حتى إن الرجل إذا لم يستطع أن يخرج إليه أرسل رسولًا لينظر ما هو، فجاءأبو لهب وقريش‏.‏
        فلما اجتمعوا قال‏:‏ ‏(‏أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيلًا بالوادى بسَفْح هذا الجبل تريد أن تغير عليكم أكنتم مُصَدِّقِىَّ‏؟‏‏)‏‏.‏
        قالوا‏:‏ نعم، ما جربنا عليك كذبًا، ما جربنا عليك إلا صدقًا‏.‏
        قال‏:‏ ‏(‏إنى نذير لكم بين يدى عذاب شدي)، فقال أبو لهب: تبا لك سائر اليوم ألهذا جمعتنا؟ فنزلت:"تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ".
        ‏كانت هذه الصيحـة العالية هي غاية البلاغ، فقد أوضح الرسول صلى الله عليه وسلم لأقرب الناس إليه أن التصديق بهذه الرسالة هو حياة الصلات بينه وبينهم،وأن عصبة القرابة التي يقوم عليها العرب ذابت في حرارة هذا الإنذار الآتى من عند الله‏.‏


        الصدع بالحق وردود فعل المشركين:
        ولم يزل هذا الصوت يرتج دويه في أرجاء مكة حتى نزل قوله تعالى‏:‏‏"‏فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ‏"‏، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم يجهر بالدعوة إلى الإسلام في مجامع المشركين ونواديهم، يتلو عليهم كتاب الله، ويقول لهم ما قالته الرسل لأقوامهم‏:‏ ‏"‏يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ‏"‏ ‏،وبدء يعبد الله تعالى أمام أعينهم، فكان يصلى بفناء الكعبة نهارًا جهارًا وعلى رءوس الأشهاد‏.‏
        انفجرت مكة بمشاعر الغضب، وماجت بالغرابة والإستنكار، حين سمعت صوتا يجهر بتضليل المشركين وعبادة الاصنام فرعدت وبرقت وقامت قريش تستعد لحسم هذه الثورة التي اندلعت بغتة ويخشى أن تأتي على تقاليدها وموروثها.


        المجلس الاستشاري لكف الحجاج عن استماع الدعوة
        وخلال هذه الأيام أهم قريشًا أمر آخر،وذلك أن الجهر بالدعوة لم يمض عليه إلا أيام أو أشهر معدودة حتى قرب موسم الحج، وعرفت قريش أن وفود العرب ستقدم عليهم، فرأت أنه لابد من كلمة يقولونها للعرب، في شأن محمد صلى الله عليه وسلم حتى لا يكون لدعوته أثر في نفوس العرب، فاجتمعوا إلى الوليد بن المغيرة يتداولون في تلك الكلمة، فقال لهم الوليد‏:‏ أجمعوا فيه رأيـًا واحدًا،ولا تختلفوا فيكذب بعضكم بعضًا، ويرد قولكم بعضه بعضًا، قالوا‏:‏ فأنت فقل، وأقم لنا رأيًا نقول به‏.‏قال‏:‏ بل أنتم فقولوا أسمع‏.‏ قالوا‏:‏ نقول‏:‏ كاهن‏.‏ قال‏:‏ لا والله ما هو بكاهن، لقد رأينا الكهان فما هو بزَمْزَمَة الكاهن ولا سجعه‏.‏ قالوا‏:‏ فنقول‏:‏مجنون، قال‏:‏ ما هو بمجنون، لقد رأينا الجنون وعرفناه، ما هو بخَنْقِه ولاتَخَالُجِه ولا وسوسته‏.‏ قالوا‏:‏ فنقول‏:‏ شاعر‏.‏ قال‏:‏ ما هو بشاعر، لقد عرفنا الشعر كله رَجَزَه وهَزَجَه وقَرِيضَه ومَقْبُوضه ومَبْسُوطه، فما هو بالشعر،قالوا‏:‏ فنقول‏:‏ ساحر‏.‏ قال‏:‏ ما هو بساحر، لقد رأينا السحار وسحرهم، فما هو بنَفْثِهِم ولا عقْدِهِم‏.‏ قالوا‏:‏ فما نقول‏؟‏ قال‏:‏ والله إن لقوله لحلاوة،‏[‏وإن عليه لطلاوة‏]‏ وإن أصله لعَذَق، وإن فَرْعَه لجَنَاة، وما أنتم بقائلين من هذا شيئًا إلا عرف أنه باطل، وإن أقرب القول فيه لأن تقولوا‏:‏ ساحر‏.‏ جاء بقول هوسحر، يفرق به بين المرء وأبيه، وبين المرء وأخيه، وبين المرء وزوجته، وبين المرءوعشيرته، فتفرقوا عنه بذلك‏.‏


        وبعد أن اتفق المجلس على هذا القرار أخذوا في تنفيذه، فجلسوا بسبل الناس حين قدموا للموسم، لا يمر بهم أحد إلا حذروه إياه وذكروا لهم أمره‏.‏

        أما رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج يتبع الناس في منازلهم وفي عُكَاظ ومَجَنَّة وذى المَجَاز، يدعوهم إلى الله، وأبو لهب وراءه يقول‏:‏ لا تطيعوه فإنه صابئ كذاب‏.‏

        وأدى ذلك إلى أن صدرت العرب من ذلك الموسم بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وانتشر ذكره في بلاد العرب كلها‏.‏






        اللهم اجعل لي من كل همٍ فرجاً
        ومن كل ضيق مخرجاً
        وارزقني من حيث لاأحتسب

        تعليق

        • الجمان
          كبار الشخصيات "درة التحفيظ 2"
          • Dec 2000
          • 9839

          #94


          أساليب شتى لمجابهة الدعوة
          ولما فرغت قريش من الحج فكرت في أساليب تقضى بها على هذه الدعوة فيمهدها‏.‏ وتتلخص هذه الأساليب فيما يلي‏:‏

          1ـ السخرية والتحقير، والاستهزاء والتكذيب والتضحيك‏:‏
          قصدوا بها تخذيل المسلمين، وتوهين قواهم المعنوية، فرموا النبي صلىالله عليه وسلم بتهم هازلة، وشتائم سفيهة، فكانوا ينادونه بالمجنون ‏{‏وَقَالُواْ يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ‏}‏[‏الحجر‏:‏6‏]‏، ويصمونه بالسحر والكذب ‏{‏وَعَجِبُوا أَن جَاءهُم مُّنذِرٌ مِّنْهُمْ وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ‏}‏[‏ص‏:‏4]‏،وكانوا يشيعونه ويستقبلونه بنظرات ملتهمة ناقمة، وعواطف منفعلة هائجة{‏وَإِن يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ‏}‏ ‏[‏القلم‏:‏51]‏،وكان إذا جلس وحوله المستضعفون من أصحابه استهزأوا بهم وقالوا‏:‏ هؤلاء جلساؤه ‏{‏مَنَّ اللّهُ عَلَيْهِم مِّن بَيْنِنَا‏}‏ ‏[‏الأنعام‏:‏ 53‏]‏، قال تعالى‏:‏ ‏{‏أَلَيْسَ اللّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ‏}‏ ‏[‏الأنعام‏:‏53]‏،وكانوا كما قص الله علينا ‏{‏إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُواْ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ وَإِذَامَرُّواْ بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ وَإِذَا انقَلَبُواْ إِلَى أَهْلِهِمُ انقَلَبُواْ فَكِهِينَ وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلَاء لَضَالُّونَ وَمَا أُرْسِلُواعَلَيْهِمْ حَافِظِينَ‏}‏ ‏[‏المطففين‏:‏ 29‏:‏ 33]‏‏.‏

          2ـ إثارة الشبهات وتكثيف الدعايات الكاذبة‏:‏
          وقد أكثروا من ذلك وتفننوا فيه بحيث لا يبقى لعامة الناس مجال للتدبر في دعوته والتفكير فيها، فكانوا يقولون عن القرآن‏:‏‏"‏أَضْغَاثُ أَحْلاَمٍ‏"‏ ‏يراها محمد بالليل ويتلوها بالنهار،ويقولون‏:‏‏"‏بَلِ افْتَرَاهُ‏"‏من عند نفسه ويقولون‏:‏ ‏"‏إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ‏"‏ وقالوا‏:‏ ‏"‏إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ‏"‏ أي اشترك هو وزملاؤه في اختلاقه‏.‏ ‏"‏وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا‏"‏.

          وأحيانا قالوا‏:‏ إن له جنًا أو شيطانًا يتنزل عليه كما ينزل الجن والشياطين على الكهان‏.‏ قال تعالى ردًا عليهم‏:‏ "‏‏هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَن تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ‏"‏ ، أي إنها تنزل على الكذاب الفاجرالمتلطخ بالذنوب، وما جرّبتم علىّ كذبًا، وما وجدتم في فسقًا، فكيف تجعلون القرآن من تنزيل الشيطان‏؟‏

          وأحيانًا قالوا عن النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ إنه مصاب بنوع من الجنون، فهو يتخيل المعانى، ثم يصوغها في كلمات بديعة رائعة كما يصوغ الشعراء، فهو شاعر وكلامه شعر‏.‏ قال تعالى ردًا عليهم‏:‏ ‏"‏وَالشُّعَرَاء يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ‏"‏ وقالوا‏:‏‏"‏مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ‏".‏ ‏

          3 ـ الحيلولة بين الناس وبين سماعهم القرآن، ومعارضته بأساطيرالأولين‏:‏

          كان المشركون بجنب إثارة هذه الشبهات يحولون بين الناس وبين سماعهم القرآن ودعوة الإسلام بكل طريق يمكن، فكانوا يطردون الناس ويثيرون الشغب والضوضاء ويتغنون ويلعبون، إذا رأوا أن النبي صلى الله عليه وسلم يتهيأ للدعوة، أو إذا رأوه يصلى ويتلو القرآن‏.‏ قال تعالى‏:‏ ‏{‏وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ‏}‏ ‏[‏فصلت‏:‏26‏]‏ حتى إن النبي صلى الله عليه وسلم لميتمكن من تلاوة القرآن عليهم في مجامعهم ونواديهم إلا في أواخر السنة الخامسة من النبوة، وذلك أيضًا عن طريق المفاجأة، دون أن يشعروا بقصده قبل بداية التلاوة‏.‏

          وكان النضر بن الحارث، أحد شياطين قريش قد قدم الحيرة، وتعلم بهاأحاديث ملوك الفرس، وأحاديث رستم واسفنديار، فكان إذا جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم مجلسًا للتذكير بالله والتحذير من نقمته خلفه النضر ويقول‏:‏ أنا و الله يامعشر قريش أحسن حديثًا منه، ثم يحدثهم عن ملوك فارس ورستم واسفنديار، ثم يقول‏:‏بماذا محمد أحسن حديثًا مني‏.‏
          وفي رواية عن ابن عباس أن النضر كان قد اشترى قَيْنَةً، فكان لايسمع بأحد يريد الإسلام إلا انطلق به إلى قينته، فيقول‏:‏ أطعميه واسقيه وغنيه، هذا خير مما يدعوك إليه محمد، وفيه نزل قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ‏}‏[‏لقمان‏:‏ 6‏]‏‏.‏

          الاضطهادات
          أعمل المشركون الأساليب التي ذكرناها شيئًا فشيئًا لإحباط الدعوة بعد ظهورها في بداية السنة الرابعة من النبوة، ومضت على ذلك أسابيع وشهور وهم مقتصرون على هذه الأساليب لا يتجاوزونها إلى طريق الاضطهاد والتعذيب، ولكنهم لمارأوا أن هذه الأساليب لم تجد نفعًا في إحباط الدعوة الإسلامية استشاروا فيما بينهم، فقرروا القيام بتعذيب المسلمين وفتنتهم عن دينهم، فأخذ كل رئيس يعذب من دان من قبيلته بالإسلام، وانقض كل سيد على من اختار من عبيده طريق الإيمان‏.‏
          كان أبو جهل إذا سمع برجل قد أسلم له شرف ومنعة أنبه وأخزاه، وأوعده بإبلاغ الخسارة الفادحة في المال، والجاه، وإن كان ضعيفًا ضربه وأغرى به‏، وكان عم عثمان بن عفان يلفه في حصير من ورق النخيل ثم يدخنه من تحته‏، ولما علمت أم مصعب بن عمير بإسلامه منعته الطعام والشراب، وأخرجته من بيته، وكان من أنعم الناس عيشًا، فتَخَشَّفَ جلده تخشف الحية‏.‏
          واشترى أبوبكر رضي الله عنه هؤلاء الإماء والعبيد رضي الله عنهم وعنهن أجمعين، فأعتقهم جميعًا‏.‏ وقد عاتبه في ذلك أبوه أبو قحافة وقال‏:‏ أراك تعتق رقابًا ضعافًا، فلو أعتقت رجالًا جلدًا لمنعوك‏.‏ قال‏:‏ إني أريد وجه الله‏.‏فأنزل الله قرآنًا مدح فيه أبا بكر، وذم أعداءه‏.‏ قال تعالى‏:‏ ‏{‏فَأَنذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى‏}‏ ‏[‏الليل‏:‏14‏:‏ 16]‏ وهو أمية بن خلف، ومن كان على شاكلته ‏{‏وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى وَمَا لِأَحَدٍ عِندَهُ مِن نِّعْمَةٍ تُجْزَى إِلَّا ابْتِغَاء وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى وَلَسَوْفَ يَرْضَى‏}‏ ‏[‏الليـل‏:‏17‏:‏ 21]‏ وهـو أبـوبـكـر الصديـق رضي الله عنه‏.‏


          وفد قريش إلى أبي طالب
          قال ابن إسحاق‏:‏ مشى رجال من أشراف قريش إلى أبي طالب، فقالوا‏:‏يا أبا طالب، إن ابن أخيك قد سب آلهتنا، وعاب ديننا، وسَفَّه أحلامنا، وضلل آباءنا،فإما أن تكفه عنا، وإما أن تخلى بيننا وبينه، فإنك على مثل ما نحن عليه من خلافه،فنكفيكه، فقال لهم أبو طالب قولًا رقيقًا وردهم ردًا جميلًا، فانصرفوا عنه، ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما هو عليه، يظهر دين الله ويدعو إليه‏.‏ ولكن لم تصبر قريش طويلًا حين رأته صلى الله عليه وسلم ماضيًا في عمله ودعوته إلى الله، بل أكثرت ذكره وتذامرت فيه، حتى قررت مراجعة أبي طالب بأسلوب أغلظ وأقسى من السابق‏.‏

          قريش يهددون أبا طالب
          وجاءت سادات قريش إلى أبي طالب فقالوا له‏:‏ يا أبا طالب، إن لك سنًا وشرفًا ومنزلة فينا، وإنا قد استنهيناك من ابن أخيك فلم تنهه عنا، وإنا والله لا نصبر على هذا من شتم آبائنا، وتسفيه أحلامنا، وعيب آلهتنا، حتى تكفه عنا، أوننازله وإياك في ذلك، حتى يهلك أحد الفريقين‏.‏
          عَظُم على أبي طالب هذا الوعيد والتهديد الشديد، فبعث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال له‏:‏ يا بن أخي، إن قومك قد جاءونى فقالوا لي كذا وكذا، فأبق عليَّ وعلى نفسك، ولا تحملنى من الأمر ما لا أطيق، فظن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن عمه خاذله، وأنه ضعُف عن نصرته، فقال‏:‏ ‏(‏يا عم، والله لو وضعواالشمس في يمينى والقمر في يسارى على أن أترك هذا الأمر ـ حتى يظهره الله أو أهلك فيه ـ ما تركته‏)‏، ثم استعبر وبكى، وقام، فلما ولى ناداه أبو طالب، فلما أقبل قالله‏:‏ اذهب يا بن أخي، فقل ما أحببت، فو الله لا أُسْلِمُك لشىء أبدًا.

          قريش بين يدى أبي طالب مرة أخرى
          ولما رأت قريش أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ماض في عمله عرفت أنأبا طالب قد أبي خذلان رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنه مجمع لفراقهم وعداوته مفي ذلك، فذهبوا إليه بعمارة ابن الوليد بن المغيرة وقالوا له‏:‏ يا أبا طالب، إنهذا الفتى أنْهَدَ فتى في قريش وأجمله، فخذه فلك عقله ونصره، واتخذه ولدًا فهو لك،وأسْلِمْ إلينا ابن أخيك هذا الذي خالف دينك ودين آبائك، وفرق جماعة قومك، وسفه أحلامهم، فنقتله، فإنما هو رجل برجل، فقال‏:‏ والله لبئس ما تسومونني، أتعطوني ابنكم أغذوه لكم، وأعطيكم ابني تقتلونه‏؟‏ هذا والله ما لا يكون أبدًا‏.‏ فقال المطعم بن عدى بن نوفل ابن عبد مناف‏:‏ والله يا أبا طالب لقد أنصفك قومك، وجهدواعلى التخلص مما تكره، فما أراك تريد أن تقبل منهم شيئًا، فقال‏:‏ والله ماأنصفتموني، ولكنك قد أجمعت خذلاني ومظاهرة القوم علىّ، فاصنع ما بدا لك‏.‏
          ولما فشلت قريش في هذه المفاوضات، ولم توفق في إقناع أبي طالب بمنع رسول الله صلى الله عليه وسلم وكفه عن الدعوة إلى الله، قررت أن يختار سبيلا قد حاولت تجنبه والابتعاد منه مخافة مغبته وما يؤول إليه، وهو سبيل الاعتداء على ذات الرسول صلى الله عليه وسلم‏.‏


          اعتداءات على رسول الله صلى الله عليه وسلم
          واخترقت قريش ما كانت تتعاظمه وتحترمه منذ ظهرت الدعوة على الساحة،فقد صعب على غطرستها وكبريائها أن تصبر طويلًا، فمدت يد الاعتداء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، مع ما كانت تأتيه من السخرية والاستهزاء والتشوية والتلبيس والتشويش وغير ذلك‏.‏ وكان من الطبيعى أن يكون أبو لهب في مقدمتهم وعلى رأسهم، كان قد زوج ولديه عتبة وعتيبة ببنتى رسول الله صلى الله عليه وسلم رقية وأم كلثوم قبل البعثة، فلما كانت البعثة أمرهما بتطليقهما بعنف وشدة حتى طلقاهما‏.‏
          ولما مات عبد الله ـ الابن الثاني لرسول الله صلى الله عليه وسلم ـاستبشر أبو لهب وذهب إلى المشركين يبشرهم بأن محمدًا صار أبتر‏.‏
          وقد روى البخاري عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه‏:‏أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلى عند البيت،وأبو جهل وأصحاب له جلوس؛ إذ قال بعضهم لبعض‏:‏ أيكم يجىء بسَلاَ جَزُور بني فلان فيضعه على ظهر محمد إذا سجد، فانبعث أشقى القوم ‏[‏وهو عقبة بن أبي معيط‏]‏ فجاء بهفنظر، حتى إذا سجد النبي وضع على ظهره بين كتفيه، وأنا أنظر، لا أغنى شيئًا، لوكانت لي منعة، قال‏:‏ فجعلوا يضحكون، ويحيل بعضهم على بعضهم ‏[‏أي يتمايل بعضهم على بعض مرحًا وبطرًا‏]‏ ورسول الله صلى الله عليه وسلم ساجد، لا يرفع رأسه، حتى جاءته فاطمة، فطرحته عن ظهره، فرفع رأسه، ثم قال‏:‏ ‏[‏اللهم عليك بقريش‏]‏ ثلاث مرات،فشق ذلك عليهم إذ دعا عليهم، قال‏:‏ وكانوا يرون أن الدعوة في ذلك البلد مستجابة،ثم سمى‏:‏ ‏(‏اللّهم عليك بأبي جهل، وعليك بعتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، والوليدبن عتبة، وأمية بن خلف، وعقبة بن أبي معيط‏)‏ ـ وعد السابع فلم نحفظه ـ فوالذي نفسى بيده لقد رأيت الذين عدّ رسول الله صلى الله عليه وسلم صرعى في القَلِيب، قليب بدر‏.‏
          هذه صورة مصغرة جدًا لما كان يتلقاه رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون من الظلم والخسف والجور على أيدى طغاة المشركين، الذين كانوا يزعمون أنهم أهل الله وسكان حرمه‏.‏
          وكان من مقتضيات هذه الظروف المتأزمة أن يختار رسول الله صلى الله عليه وسلم موقفًا حازمًا ينقذ به المسلمين عما دهمهم من البلاء، ويخفف وطأته بقدرالمستطاع، وقد اتخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم خطوتين حكيمتين كان لهما أثرهما في تسيير الدعوة وتحقيق الهدف، وهما‏:‏

          1 ـ اختيار دار الأرقم بن أبي الأرقم المخزومى مركزا للدعوة ومقرًا للتربية‏.‏
          2ـ أمر المسلمين بالهجرة إلى الحبشة‏.‏


          دار الأرقم
          كانت هذه الدار في أصل الصفا، بعيدة عن أعين الطغاة ومجالسهم،فاختارها رسول الله صلى الله عليه وسلم ليجتمع فيها بالمسلمين سرًا، فيتلو عليهم آيات الله ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة؛ وليؤدى المسلمون عبادتهم وأعمالهم، ويتلقوا ما أنزل الله على رسوله وهم في أمن وسلام، وليدخل من يدخل في الإسلام ولا يعلم به الطغاة من أصحاب السطوة والنقمة‏.‏
          ومما لم يكن يشك فيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لو اجتمع بالمسلمين علنا لحاول المشركون بكل ما عندهم من القسوة والغلظة أن يحولوا بينه وبينما يريد من تزكية نفوسهم ومن تعليمهم الكتاب والحكمة، وربما أفضى ذلك إلى مصادمة الفريقين، بل قد وقع ذلك فعلًا‏.‏ فقد ذكر ابن إسحاق أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يجتمعون في الشعاب، فيصلون فيها سرًا، فرآهم نفر من كفار قريش،فسبوهم وقاتلوهم، فضرب سعد بن أبي وقاص رجلًا فسال دمه، وكان أول دم هريق في الإسلام‏.‏
          ومعلوم أن المصادمة لو تعددت وطالت لأفضت إلى تدمير المسلمين وإبادتهم، فكان من الحكمة السريةُ والاختفاء، فكان عامة الصحابة يُخْفُون إسلامهم وعبادتهم واجتماعهم، أما رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان يجهر بالدعوة والعبادة بين ظهراني المشركين، لا يصرفه عن ذلك شىء، ولكن كان يجتمع مع المسلمين سرًا؛ نظرًا لصالحهم وصالح الإسلام‏.‏
          .
          .
          لقاؤنا القادم مع الأخت حفيدة الصحابة و..
          الهجرة الأولى إلى الحبشة (صفحة 98 -112)






          اللهم اجعل لي من كل همٍ فرجاً
          ومن كل ضيق مخرجاً
          وارزقني من حيث لاأحتسب

          تعليق

          • الجمان
            كبار الشخصيات "درة التحفيظ 2"
            • Dec 2000
            • 9839

            #95
            اتمنى ان أن أكون احسنت الإختصار غير المخل،، ومعذرة إن كان هناك كلمات تلاصقت فقد نقلت الموضوع من الوورد ولفت نظري تلاصق الكلمات بعد ذلك حاولت التعديل مااستطعت..
            لعل لي عودة للتعليق إن شاء ربي فقد خشيت التأخر عليكم..
            .
            .
            ومن قرأت واستفادت فلتذكر مااستطاعت..






            اللهم اجعل لي من كل همٍ فرجاً
            ومن كل ضيق مخرجاً
            وارزقني من حيث لاأحتسب

            تعليق

            • قلم وورق
              عضو نشيط
              • Sep 2006
              • 166

              #96
              تسلم يمناكِ الجمان...

              والله يعطيك العافية على مجهودكِ...

              تعليق

              • نور الإيمان2
                النجم البرونزي
                • Mar 2006
                • 516

                #97
                سلمت يالجمان وجعل الله ذلك في موازين حسناتك

                تعليق

                • غسق الليل
                  النجم الفضي
                  • Apr 2005
                  • 2709

                  #98
                  تسلمين ياجمان والله يعطيك الف عافيه ..
                  لي عودة لتكملت القراءة ..

                  تعليق

                  • ..الغدير..
                    كبار الشخصيات - نبض وعطاء - صاحبة الطرح المتميز
                    • Aug 2005
                    • 13195

                    #99
                    بارك الله فيكِ جمان على التلخيص..جعله الله في ميزان حسناتك..

                    أختي اديم السماء..حياكِ الله أختي ..تم إضافتك للقائمة ورديت عليكِ في رد سابق..
                    راجعي الرابط التالي لكي تعرفي دورك والمطلوب منكِ..
                    http://www.lakii.com/vb/showpost.php?p=2561653&postcount=37

                    أختي rabhaatia ..هناك أخت اعتذرت فهل تحبين أن تحلين محلها؟

                    "عيوننا ستبقى دومًا صوب القدس والأقصى ولن تنحصر داخل حدود غزة، وإن مشروعنا المقاوم سيمتد كما كان دومًا إلى كل أرضنا المغتصبة إن عاجلاً أو آجلاً"
                    الشهيد أحمد الجعبري-رحمه الله





                    تعليق

                    • ..الغدير..
                      كبار الشخصيات - نبض وعطاء - صاحبة الطرح المتميز
                      • Aug 2005
                      • 13195

                      المرحلة الثانية: الدعوة جهارا..دروس وعبر..

                      المرحلـة الثانية: الدعــوة جهــارًا

                      فوائد ولطائف:
                      1. دعوة الأهل والعشيرة:
                      هذه البداية الطبيعية للداعية المسلم , أن يبدأ بآله وعشيرته, فالأقربون أولى بالمعروف.
                      2. أعلى المنابر لدين الله تعالى:
                      "فعلا أعلاها حجرا"..إنه أعلى المنابر في تلك البلد, فيجب تسخير أعلى المنابر لدين الله تعالى, ولا يحسن الزهد فيها متعللا بورع أو شبهة, فنترك منابر الصدارة السياسية والاجتماعية ونحوها للفسقة وأقلام الردة والضلال.
                      3. استعمال مصطلح القوم: "يا صباحاه":
                      إنها رعاية الله لنبيه صلى الله عليه وسلم, أن يحسن نداء القوم بما ألفوا وعرفوا, ليسير المؤمنون على هديه صلى الله عليه وسلم فيصبروا, حتى يصعد بلال سطح الكعبة مكبرا ..فالساعة آتية ولكنكم تستعجلون.
                      4. "ألهذا جمعتنا؟"
                      نعم؛ لهذا الأمر يكون الجمع. ولكن الجاهلية الأولى ووليدتها المعاصرة لا ترى أن هذا الأمر يدعى له, أو يُجتمع عليه, أما أن تجمع الملايين على لعب الكرة أو المسارح, فهذا أمرٌ معتبر مستجاب له!!
                      5.(أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَن يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءكُم بِالْبَيِّنَاتِمِن رَّبِّكُمْ)
                      للمحنة فقهٌ آخر..وقد فقه ذلك أبو بكر رضي الله عنه, وهو يحاول أن يذود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم, فيعمد إلى كلمات لا تزيد اللهب اشتعالا, فكلمة "ربي الله" ليست مثل "لا إله إلا الله", فالجاهلية تقر بالربوبية لكنهم كانوا ينكرون توحيد الآلهة وجعلهم إلهاً واحداً.
                      فعمله رضي الله عنه أصل في المحافظة على الطاقات, وعدم الانجرار للمعارك الجانبية المفتعلة, مع المحافظة على العقيدة والدين..
                      6. ليس على الضعفاء حرج:
                      فها هو ابن مسعود يقول: "فأنا أرهب منهم" –أي أخاف- فلم يستطع أن يدافع عن نبيه صلى الله عليه وسلم..
                      فهذا عذر للذين لا يقدرون على مجابهة الباطل ومدافعته , فإن لم يكن كأبي بكر رضي الله عنه, ولم يستطع ما استطاع. فإن له في قول علي رضي الله عنه "فو الله ما دنا منا أحد إلا أبو بكر" عزاء وسعة, والناس منازل, ولكل ٍ فضله وجهاده وأجره..
                      7. الابتلاء سنة في الدعوات:
                      (أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون)
                      8. دار الأرقم:
                      إن على الداعية أن يجتمع بأنصاره على فترات في كل نهار أو أسبوع, ليتزودوا بالعلم والإيمان,
                      وليعلمهم طرق الدعوة وأساليبها, وإذا خشي على نفسه وجماعته وجب عليه أن يكون اجتماعه سرا..

                      "عيوننا ستبقى دومًا صوب القدس والأقصى ولن تنحصر داخل حدود غزة، وإن مشروعنا المقاوم سيمتد كما كان دومًا إلى كل أرضنا المغتصبة إن عاجلاً أو آجلاً"
                      الشهيد أحمد الجعبري-رحمه الله





                      تعليق

                      • الجمان
                        كبار الشخصيات "درة التحفيظ 2"
                        • Dec 2000
                        • 9839

                        جزاكم الله خيرا أخواتي وبارك فيك ياغدير على السبق وطرح الفوائد أثابك الله..

                        لعل لي وقفة مع هذا الجزء المؤثر حقا وكيف صبر النبي صلى الله عليه وسلم في دعوته وصابر ورابط مع شدة الأذى عليه وعلى أصحابة،، كذلك الصحابة كيف صبروا على شدة العذاب الذي نالهم وهنا دعوة لمراجعة الكتاب وقراءة فقرة الإضطهادات والإعتداءات فقد اختصرت منها الكثير حتى لاأطيل عليكم واكتفيت ببعض الامثلة..
                        ستترقرق عيانكِ بالدموع حنما تقرأين شدة العذاب والأذى ونحن بحمد الله قد وُلدنا مسلمين بفضل الله ولم نواجه ماواجهه النبي وصحابته ومع ذلك مقصرين اشد التقصير في ديننا!

                        ماأجمل قراءة السيرة فهي تسلية للإنسان في دنياه وخير معين له على العمل الصالح..






                        اللهم اجعل لي من كل همٍ فرجاً
                        ومن كل ضيق مخرجاً
                        وارزقني من حيث لاأحتسب

                        تعليق

                        • حفيده الصحابه
                          عضو
                          • Jan 2006
                          • 70

                          جزاكـِ الله خيرا وزاد الله في علمكـِ ووفقكـِ لخير الدارين

                          اختي الغالية الجمان
                          التعديل الأخير تم بواسطة حفيده الصحابه; 20-11-2006, 09:57 AM.

                          تعليق

                          • حفيده الصحابه
                            عضو
                            • Jan 2006
                            • 70

                            الهجرة الأولى إلى الحبشة
                            _______________________________

                            كانت بداية الاعتداءات في أواسط أو أواخر السنة الرابعة من النبوة، بدأت ضعيفة،
                            ثم لم تزل تشتد يومًا فيومًا وشهرًا فشهرا، حتى تفاقمت في أواسط السنة الخامسة،
                            ونبا بهم المقام في مكة، وأخذوا يفكرون في حيلة تنجيهم من هذا العذاب الأليم،
                            وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد علم أن أصْحَمَة النجاشى ملك الحبشة ملك عادل،
                            لا يظلم عنده أحد، فأمر المسلمين أن يهاجروا إلى الحبشة فرارًا بدينهم من الفتن‏.‏
                            وفي رجب سنة خمس من النبوة هاجر أول فوج من الصحابة إلى الحبشة‏.‏ كان مكونًا من اثنى عشر رجلًا
                            وأربع نسوة، رئيسهم عثمان بن عفان، ومعه زوجته رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم،
                            وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم فيهما‏:‏
                            (‏إنهما أول بيت هاجر في سبيل الله بعد إبراهيم ولوط عليهما السلام‏)‏
                            كان رحيل هؤلاء تسللًا في ظلمة الليل ـ حتى لا تفطن لهم قريش
                            وفي رمضان من نفس السنة خرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى الحرم، وفيه جمع كبير من قريش،
                            فيهم ساداتهم وكبراؤهم، فقام فيهم، وفاجأهم بتلاوة سورة النجم،
                            ولم يكن أولئك الكفار سمعوا كلام الله من قبل؛ لأنهم كانوا مستمرين على ما تواصى به بعضهم بعضًا،
                            من قولهم‏:
                            ‏{‏لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ‏}‏ ‏[‏فصلت‏:‏26]‏ فلما باغتهم بتلاوة هذه السورة،
                            وقرع آذانهم كلام إلهي خلاب، وكان أروع كلام سمعوه قط، أخذ مشاعرهم،
                            ونسوا ما كانوا فيه فما من أحد إلا وهو مصغ إليه، لا يخطر بباله شىء سواه،
                            حتى إذا تلا في خواتيم هذه السورة قوارع تطير لها القلوب، ثم قرأ‏:‏
                            ‏{‏فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا‏}‏ ‏[‏النجم‏:‏62‏]‏ ثم سجد،
                            لم يتمالك أحد نفسه حتى خر ساجدًا‏.‏ وفي الحقيقة كانت روعة الحق قد صدعت العناد في نفوس المستكبرين والمستهزئين،
                            فما تمالكوا أن يخروا لله ساجدين‏.‏
                            وسَقَطَ في أيديهم لما أحسوا أن جلال كلام الله لَوَّى زمامهم، فارتكبوا عين ما كانوا يبذلون قصارى جهدهم في محوه وإفنائه،
                            وقد توالى عليهم اللوم والعتاب من كل جانب، ممن لم يحضر هذا المشهد من المشركين،
                            وعند ذلك كذبوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وافتروا عليه أنه عطف على أصنامهم بكلمة تقدير،
                            وأنه قال عنها ما كانوا يرددونه هم دائما من قولهم‏:‏
                            ‏(‏تلك الغرانيـق العلى، وإن شفاعتهم لترتجى‏)‏،
                            جاءوا بهذا الإفك المبـين ليعـتذروا عـن سجودهم مع النبي صلى الله عليه وسلم،
                            وليس يستغـــرب هـذا مـن قـوم كانوا يألفون الكذب، ويطيلون الدس والافتراء‏.‏
                            وبلغ هذا الخبر إلى مهاجري الحبشة، ولكن في صورة تختلف تمامًا عن صورته الحقيقية،
                            بلغهم أن قريشًا أسلمت، فرجعوا إلى مكة في شوال من نفس السنة،
                            فلما كانوا دون مكة ساعة من نهار وعرفوا جلية الأمر رجع منهم من رجع إلى الحبشة،
                            ولم يدخل في مكة من سائرهم أحد إلا مستخفيًا، أو في جوار رجل من قريش‏.‏
                            ثم اشتد عليهم وعلى المسلمين البلاء والعذاب من قريش، وسطت بهم عشائرهم،
                            فقد كان صعب على قريش ما بلغها عن النجاشي من حسن الجوار،
                            ولم ير رسول الله صلى الله عليه وسلم بدا من أن يشير على أصحابه بالهجرة إلى الحبشة مرة أخرى‏
                            .واستعد المسلمون للهجرة مرة أخرى، وعلى نطاق أوسع، ولكن كانت هذه الهجرة الثانية أشق من سابقتها،
                            فقد تيقظت لها قريش وقررت إحباطها، بيد أن المسلمين كانوا أسرع، ويسر الله لهم السفر،
                            فانحازوا إلى نجاشي الحبشة قبل أن يدركوا‏.‏
                            وفي هذه المرة هاجر من الرجال ثلاثة وثمانون رجلًا إن كان فيهم عمار،
                            فإنه يشك فيه، وثماني عشرة أوتسع عشرة امرأة‏.‏




                            مكيدة قريش بمهاجري الحبشة
                            ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــ

                            عز على المشركين أن يجد المهاجرون مأمنا لأنفسهم ودينهم، فاختاروا رجلين جلدين لبيبين،
                            وهما‏:‏ عمرو بن العاص، وعبد الله بن أبي ربيعة ـ قبل أن يسلما ـ
                            وأرسلوا معهما الهدايا المستطرفة للنجاشي ولبطارقته، وبعد أن ساق الرجلان تلك الهدايا إلى البطارقة،
                            وزوداهم بالحجج التي يطرد بها أولئك المسلمون، وبعد أن اتفقت البطارقة أن يشيروا على النجاشي بإقصائهم،
                            حضرا إلى النجاشي، وقدما له الهديا ثم كلماه فقالا له‏:‏
                            أيها الملك، إنه قد ضَوَى إلى بلدك غلمان سفهاء، فارقوا دين قومهم، ولم يدخلوا في دينك،
                            وجاءوا بدين ابتدعوه، لا نعرفه نحن ولا أنت، وقد بعثنا إليك فيهم أشراف قومهم من آبائهم وأعمامهم وعشائرهم؛
                            لتردهم إليهم، فهم أعلى بهم عينًا، وأعلم بما عابوا عليهم، وعاتبوهم فيه‏.‏
                            وقالت البطارقة‏:‏ صدقا أيها الملك، فأسلمهم إليهما، فليرداهم إلى قومهم وبلادهم‏.‏
                            ولكن رأي النجاشي أنه لا بد من تمحيص القضية، وسماع أطرافها جميعًا‏.‏
                            فأرسل إلى المسلمين، ودعاهم، فحضروا، وكانوا قد أجمعوا على الصدق كائنًا ما كان‏.‏
                            فقال لهم النجاشي‏:‏ ما هذا الدين الذي فارقتم فيه قومكم،
                            ولم تدخلوا به في دينى ولا دين أحد من هذه الملل ‏؟‏
                            قال جعفر بن أبي طالب ـ وكان هو المتكلم عن المسلمين‏:‏ أيها الملك كنا قومًا أهل جاهلية؛
                            نعبد الأصنام ونأكل الميتة، ونأتى الفواحش، ونقطع الأرحام، ونسىء الجوار، ويأكل منا القوى الضعيف،
                            فكنا على ذلك حتى بعث الله إلينا رسولًا منا، نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه، فدعانا إلى الله لنوحده ونعبده،
                            ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان، وأمرنا بصدق الحديث،
                            وأداء الأمانة، وصلة الرحم، وحسن الجوار، والكف عن المحارم والدماء، ونهانا عن الفواحش، وقول الزور،
                            وأكل مال اليتيم،وقذف المحصنات،وأمرنا أن نعبد الله وحده،لا نشرك به شيئًا،وأمرنا بالصلاة والزكاة والصيام ـ
                            فعدد عليه أمور الإسلام ـ فصدقناه، وآمنا به، واتبعناه على ما جاءنا به من دين الله، فعبدنا الله وحده،
                            فلم نشرك به شيئًا، وحرمنا ما حرم علينا، وأحللنا ما أحل لنا، فعدا علينا قومنا،
                            فعذبونا وفتنونا عن ديننا؛ ليردونا إلى عبادة الأوثان من عبادة الله تعالى، وأن نستحل ما كنا نستحل من الخبائث،
                            فلما قهرونا وظلمونا وضيقوا علينا، وحالوا بيننا وبين ديننا خرجنا إلى بلادك، واخترناك على من سواك، ورغبنا في جوارك،
                            ورجونا ألا نظلم عندك أيها الملك‏.‏
                            فقال له النجاشي‏:‏ هل معك مما جاء به عن الله من شيء‏؟‏ فقال له جعفر‏:‏ نعم‏.‏ فقال له النجاشي‏:‏ فاقرأه على،
                            فقرأ عليه صدرًا من‏:‏
                            ‏{‏كهيعص‏}‏ فبكى والله النجاشي حتى اخضلت لحيته، وبكت أساقفته حتى أخْضَلُوا
                            مصاحفهم حين سمعوا ما تلا عليهم، ثم قال لهم النجاشي‏:‏ إن هذا والذي جاء به عيسى ليخرج من مشكاة واحدة،
                            انطلقا، فلا والله لا أسلمهم إليكما، ولا يكادون ـ يخاطب عمرو بن العاص وصاحبه ـ فخرجا، فلما خرجا
                            قال عمرو بن العاص لعبد الله بن أبي ربيعة‏:‏ والله لآتينه غدًا عنهم بما أستأصل به خضراءهم‏.‏
                            فقال له عبد الله بن أبي ربيعة‏:‏ لا تفعل، فإن لهم أرحامًا وإن كانوا قد خالفونا، ولكن أصر عمرو على رأيه‏.‏
                            فلما كان الغد قال للنجاشي‏:‏ أيها الملك، إنهم يقولون في عيسى ابن مريم قولًا عظيمًا،
                            فأرسل إليهم النجاشي يسألهم عن قولهم في المسيح ففزعوا، ولكن أجمعوا على الصدق، كائنًا ما كان،
                            فلما دخلوا عليه وسألهم، قال له جعفر‏:‏ نقول فيه الذي جاءنا به نبينا صلى الله عليه وسلم‏:‏
                            هو عبد الله ورسوله وروحه وكلمته ألقاها إلى مريم العذراء البَتُول‏.‏




                            محاولة القضاء على رسول الله صلى الله عليه وسلم
                            ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــ

                            ولما أخفق المشركون في مكيدتهم، وفشلوا في استرداد المهاجرين استشاطوا غضبًا، وكادوا يتميزون غيظًا،
                            فاشتدت ضراوتهم وانقضوا على بقية المسلمين، ومدوا أيديهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسوء،
                            وظهرت منهم تصرفات تدل على أنهم أرادوا القضاء على رسول الله صلى الله عليه وسلم؛
                            ليستأصلوا جذور الفتنة التي أقضت مضاجعهم، حسب زعمهم‏.‏
                            ومما روت لنا كتب السنة والسيرة من الأحداث التي تشهد القرائن بأنها وقعت في هذه الفترة‏:‏
                            أن عتيبة بن أبي لهب أتى يومًا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ أنا أكفر بـ
                            {‏وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى‏}‏ ‏[‏النجم‏:‏1]‏
                            وبالذي
                            ‏{‏ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى‏}‏ ‏[‏النجم‏:‏8‏]‏ ثم تسلط عليه بالأذى، وشق قميصه، وتفل في وجهه صلى الله عليه وسلم،
                            إلا أن البزاق لم يقع عليه، وحينئذ دعا عليه النبي صلى الله عليه وسلم
                            وقال‏:‏
                            ‏(‏اللهم سلط عليه كلبًا من كلابك‏)‏، وقد استجيب دعاؤه صلى الله عليه وسلم،
                            فقد خرج عتيبة إثر ذلك في نفر من قريش، فلما نزلوا بالزرقاء من الشام طاف بهم الأسد تلك الليلة،
                            فجعل عتيبة يقول‏:‏ يا ويل أخي هو والله آكلى كما دعا محمد علىّ، قتلنى وهو بمكة، وأنا بالشام، ثم جعلوه بينهم،
                            وناموا من حوله، ولكن جاء الأسد وتخطاهم إليه، فضغم رأسه‏.‏
                            ومنها‏:‏ ما ذكر أن عقبة بن أبي مُعَيْط وطئ على رقبته الشريفة وهو ساجد حتى كادت عيناه تبرزان‏.‏
                            ومما يدل على أن طغاتهم كانوا يريدون قتله صلى الله عليه وسلم ما رواه ابن إسحاق عن عبد الله ابن عمرو بن العاص
                            قال‏:‏ حضرتهم وقد اجتمعوا في الحجر، فذكروا رسول الله صلى الله عليه وسلم،
                            فقالوا‏:‏ ما رأينا مثل ما صبرنا عليه من أمر هذا الرجل، لقد صبرنا منه على أمر عظيم،
                            فبينا هم كذلك إذ طلع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأقبل يمشى حتى استلم الركن،
                            ثم مر بهم طائفًا بالبيت فغمزوه ببعض القول، فعرفت ذلك في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم،
                            فلما مر بهم الثانية غمزوه بمثلها، فعرفت ذلك في وجهه، ثم مر بهم الثالثة فغمزوه بمثلها‏.‏
                            فوقف ثم قال‏:
                            ‏(‏أتسمعون يا معشر قريش، أما والذي نفسى بيده، لقد جئتكم بالذبح‏)‏،
                            فأخذت القوم كلمته، حتى ما منهم رجل إلا كأنما على رأسه طائر واقع،
                            حتى إن أشدهم فيه ليرفؤه بأحسن ما يجد، ويقول‏:‏ انصرف يا أبا القاسم، فو الله ما كنت جهولًا‏.‏
                            فلما كان الغد اجتمعوا كذلك يذكرون أمره إذ طلع عليهم،
                            فوثبوا إليه وثبة رجل واحد وأحاطوا به، فلقد رأيت رجلًا منهم أخذ بمجمع ردائه،
                            وقام أبو بكر دونه، وهو يبكى ويقول‏:‏ أتقتلون رجلًا أن يقول ربي الله‏؟‏ ثم انصرفوا عنه.

                            تعليق

                            • حفيده الصحابه
                              عضو
                              • Jan 2006
                              • 70

                              إسلام حمزة رضي الله عنه
                              ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

                              وسبب إسلامه‏:‏ أن أبا جهل مر برسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا عند الصفا فآذاه ونال منه،
                              ورسول الله صلى الله عليه وسلم ساكت لا يكلمه، ثم ضربه أبو جهل بحجر في رأسه فَشَجَّهُ
                              حتى نزف منه الدم، ثم انصرف عنه إلى نادى قريش عند الكعبة، فجلس معهم،
                              وكانت مولاة لعبد الله بن جُدْعَان في مسكن لها على الصفا ترى ذلك، وأقبل حمزة
                              من القَنَص مُتَوَشِّحًا قوسه، فأخبرته المولاة بما رأت من أبي جهل، فغضب حمزة ـ
                              وكان أعز فتى في قريش وأشده شكيمة ـ فخرج يسعى، لم يقف لأحد؛
                              معدًا لأبي جهل إذا لقيه أن يوقع به، فلما دخل المسجد قام على رأسه،
                              وقال له‏:‏ يا مُصَفِّرَ اسْتَه، تشتم ابن أخي وأنا على دينه ‏؟‏ ثم ضربه بالقوس فشجه شجة منكرة،
                              فثار رجال من بني مخزوم ـ حى أبي جهل ـ وثار بنو هاشم ـ
                              حي حمزة ـ فقال أبو جهل‏:‏ دعوا أبا عمارة، فإني سببت ابن أخيه سبًا قبيحًا‏.‏
                              وكان إسلام حمزة أول الأمر أنفة رجل، أبي أن يهان مولاه، ثم شرح الله صدره
                              فاستمسك بالعروة الوثقى، واعتز به المسلمون أيما اعتزاز‏




                              إسلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه
                              ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

                              فقد أخرج الترمذى عن ابن عمر، وصححه، وأخرج الطبراني
                              عن ابن مسعود وأنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏
                              ‏(‏اللّهم أعز الإسلام بأحب الرجلين إليك‏:‏ بعمر بن الخطاب أو بأبي جهل بن هشام‏)‏
                              فكان أحبهما إلى الله عمر رضي الله عنه‏.‏
                              وخلاصة الروايات ـ مع الجمع بينها ـ
                              في إسلامه رضي الله عنه‏:‏ أنه التجأ ليلة إلى المبيت خارج بيته،
                              فجاء إلى الحرم، ودخل في ستر الكعبة، والنبي صلى الله عليه وسلم قائم يصلي،
                              وقد استفتح سورة
                              {‏الْحَاقَّةُ‏}، فجعل عمر يستمع إلى القرآن، ويعجب من تأليفه، قال‏:‏
                              فقلت ـ أي في نفسي‏:‏ هذا والله شاعر، كما قالت قريش، قال‏:‏ فقرأ

                              {‏إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ‏}‏ ‏[‏الحاقة‏:‏40، 41‏]‏
                              قال‏:‏ قلت‏:‏ كاهن‏.‏ قال‏: {‏ وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ‏}‏
                              إلى آخر السورة ‏[‏الحاقة‏:42، 43‏]‏
                              قال‏:‏ فوقع الإسلام في قلبي‏.‏
                              روى مجاهد عن ابن عباس قال‏:‏ سألت عمر بن الخطاب‏:‏
                              لأي شيء سميت الفاروق‏؟‏ قال‏:‏ أسلم حمزة قبلى بثلاثة أيام ـ ثم قص عليه قصة إسلامه‏.
                              ‏ وقال في آخره‏:‏ قلت ـ أي حين أسلمت‏:‏ يا رسول الله، ألسنا على الحق إن متنا وإن حيينا‏؟‏
                              قال‏:‏ ‏(‏بلى، والذي نفسي بيده، إنكم على الحق وإن متم وإن حييتم‏)‏،
                              قال‏:‏ قلت‏:‏ ففيم الاختفاء‏؟‏ والذي بعثك بالحق لنخرجن، فأخرجناه في صفين،
                              حمزة في أحدهما، وأنا في الآخر، له كديد ككديد الطحين، حتى دخلنا المسجد،
                              قال‏:‏ فنظرت إلىّ قريش وإلى حمزة، فأصابتهم كآبة لم يصبهم مثلها،
                              فسماني رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏(‏الفاروق‏)‏ يومئذ‏.‏



                              ممثل قريش بين يدي الرسول صلى الله عليه وسلم
                              ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــ

                              وبعد إسلام هذين البطلين الجليلين ـ حمزة بن عبد المطلب وعمـر بن الخطاب رضي الله عنهما
                              أخذت السحائب تتقشع، وأفاق المشركون عن سكرهم في تنكيلهم بالمسلمين،
                              قال ابن إسحاق‏:‏ حدثني يزيد بن زياد عن محمد بن كعب القرظى قال‏:‏ حدثت أن عتبة بن ربيعة،
                              وكان سيدًا، قال يومًا ـ وهو في نادى قريش، ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس في المسجد وحده‏:‏
                              يا معشر قريش، ألا أقوم إلى محمد فأكلمه وأعرض عليه أمورًا لعله يقبل بعضها، فنعطيه أيها شاء ويكف عنا‏؟‏
                              وذلك حين أسلم حمزة رضي الله عنه ورأوا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثرون ويزيدون،
                              فقالوا‏:‏ بلى، يا أبا الوليد، قم إليه، فكلمه، فقام إليه عتبة،حتى جلس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم،
                              فقال‏:‏ يابن أخي، إنك منا حيث قد علمت من السِّطَةِ في العشيرة، والمكان في النسب،
                              وإنك قد أتيت قومك بأمر عظيم، فرقت به جماعتهم، وسفهت به أحلامهم، وعبت به آلهتهم ودينهم،
                              وكفرت به من مضى من آبائهم، فاسمع منى أعرض عليك أمورًا تنظر فيها لعلك تقبل منها بعضها‏.‏
                              قال‏:‏ فقال رسول صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏قل يا أبا الوليد أسمع‏)‏‏.‏
                              قال‏:‏ يابن أخي، إن كنت إنما تريد بما جئت به من هذا الأمر مالًا جمعنا لك من أموالنا
                              حتى تكون أكثرنا مالًا، وإن كنت تريد به شرفًا سودناك علينا حتى لا نقطع أمرًا دونك،
                              وإن كنت تريد به ملكًا ملكناك علينا، وإن كان هذا الذي يأتيك رئيًا تراه لا تستطيع رده
                              عن نفسك طلبنا لك الطب، وبذلنا فيه أموالنا حتى نبرئك منه،
                              فإنه ربما غلب التابع على الرجل حتى يداوى منه ـ أو كما قال له ـ
                              حتى إذا فرغ عتبة ورسول الله صلى الله عليه وسلم يستمع منه
                              قال‏:‏ ‏(‏أقد فرغت يا أبا الوليد‏؟‏‏)‏ قال‏:‏ نعم، قال‏:‏ ‏(‏فاسمع منى‏)‏، قال‏:‏أفعل،
                              فقال‏:
                              {‏ بسم الله الرحمن الرحيم حم تَنزِيلٌ مِّنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ
                              قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ بَشِيرًا وَنَذِيرًا فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ وَقَالُوا
                              قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِّمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ‏}‏ ‏[‏فصلت‏:‏1‏:‏ 5‏]
                              ثم مضى رسول الله فيها،
                              يقرؤها عليه‏.‏ فلما سمعها منه عتبة أنصت له، وألقى يديه خلف ظهره
                              معتمدًا عليهما، يسمع منه، ثم انتهي رسول الله صلى الله عليه وسلم
                              إلى السجدة منها فسجد ثم قال‏:‏ ‏(‏قد سمعت يا أبا الوليد ما سمعت، فأنت وذاك‏)‏‏.‏
                              فقام عتبة إلى أصحابه، فقال بعضهم لبعض‏:‏ نحلف بالله لقد جاءكم أبو الوليد
                              بغير الوجه الذي ذهب به‏.‏ فلما جلس إليهم قالوا‏:‏ ما وراءك يا أبا الوليد‏؟‏
                              قال‏:‏ ورائي أني سمعت قولًا والله ما سمعت مثله قط، والله ما هو بالشعر
                              ولا بالسحر، ولا بالكهانة، يا معشر قريش، أطيعونى واجعلوها بي،
                              وخلوا بين هذا الرجل وبين ما هو فيه فاعتزلوه،
                              فوالله ليكونن لقوله الذي سمعت منه نبأ عظيم،
                              فإن تصبه العرب فقد كفيتموه بغيركم،
                              وإن يظهر على العرب فملكه ملككم، وعزه عزكم،
                              وكنتم أسعد الناس به، قالوا‏:‏ سحرك والله يا أبا الوليد بلسانه،
                              قال‏:‏ هذا رأيي فيه، فاصنعوا ما بدا لكم‏.‏



                              موقف أبي طالب وعشيرته
                              ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

                              أما أبو طالب فإنه لما واجه مطالبة قريش بتسليم النبي صلى الله عليه وسلم لهم ليقتلوه،
                              ثم رأي في تحركاتهم وتصرفاتهم ما يؤكد أنهم يريدون قتله وإخفار ذمته ـ
                              مثل ما فعله عقبة بن أبي معيط، وأبو جهل بن هشام وعمر بن الخطاب ـ
                              جمع بني هاشم وبني المطلب، ودعاهم إلى القيام بحفظ النبي صلى الله عليه وسلم،
                              فأجابوه إلى ذلك كلهم ـ مسلمهم وكافرهم ـ حَمِيَّةً للجوار العربي،
                              وتعاقدوا وتعاهدوا عليه عند الكعبة‏.‏ إلا ما كان من أخيه أبي لهب، فإنه فارقهم،
                              وكان مع قريش‏.‏

                              تعليق

                              • حفيده الصحابه
                                عضو
                                • Jan 2006
                                • 70

                                السيرة النبوية دروس وعبر

                                لـِ مصطفى السباعي


                                ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

                                * إن في أمر الرسول أصحابه أولا وثانيا بالهجرة إلى الحبشة، ما يدل على أن رابطة الدين بين المتدينين

                                ولو اختلفت دياناتهم هي أقوى وأوثق من رابطتهم مع الوثنيين والملحدين.
                                - إن ثبات المؤمنين على عقيدتهم بعد أن ينزل بهم الأشرار والضالون أنواع العذاب والاضطهاد،

                                دليل على صدق إيمانهم وإخلاصهم في معتقداتهم، وسمو نفوسهم وأرواحهم،
                                بحيث يرون ما هم عليه من راحة الضمير واطمئنان النفس والعقل،
                                وما يأملونه من رضا الله جل شأنه أعظم بكثير مما ينال أجسادهم من تعذيب وحرمان واضطهاد.
                                - إن المبطلين لا يستسلمون أمام أهل الحق بسهولة ويسر، فهم كلما أخفقت لهم وسيلة

                                من وسائل المقاومة والقضاء على دعوة الحق، ابتكروا وسائل أخرى وهكذا
                                حتى ينتصر الحق انتصاره النهائي ويلفظ الباطل أنفاسه الأخيرة.

                                * إن المؤمن إذا كان واثقا من قوته لا يستخفي في عمله، بل يجاهر فيه، ولا يبالي بأعداء دعوته

                                ما دام واثقا من التغلب عليهم، كما فعل عمر رضي الله عنه حين هاجر،
                                وفي ذلك دليل أيضا على أن موقف القوة يرهب أعداء الله.
                                - حين ييأس المبطلون من إيقاف دعوة الحق والإصلاح، وحين يفلت المؤمنون

                                من أيديهم ويصبحون في منجى من عدوانهم، يلجؤون آخر الأمر إلى قتل الداعية المصلح،
                                ظنا منهم أنهم إن قتلوه تخلصوا منه، وقضوا على دعوته.

                                * إن الجندي الصادق المخلص لدعوة الإصلاح، يفدي قائده بحياته،

                                ففي سلامة القائد سلامة للدعوة، وفي هلاكه خذلانها ووهنها، فما فعله
                                علي رضي الله عنه ليلة الهجرة من بياته على فراش الرسول صلى الله عليه وسلم
                                تضحية بحياته في سبيل الإبقاء على حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

                                * وفي إيداع المشركين ودائعهم عند رسول الله صلى الله عليه وسلم

                                مع محاربتهم له وتصميمهم على قتله، دليل على أن أعداء الإصلاح
                                يوقنون في قرارة نفوسهم باستقامة الداعية وأمانته ونزاهته.

                                * إن تفكير قائد الدعوة، أو رئيس الدولة، أو زعيم حركة الإصلاح في النجاة

                                من تآمر المتربصين والمغتالين، وعمله لنجاح خطة النجاة ليستأنف
                                حركته أشد قوة ومراسا في ميدان آخر.




                                تعـليــق:
                                إن سيرة الحبيب محمد صلى الله علية وسلم طاقة ووقود


                                إن قلمي صغير في وصف ذالكـ الشعور الذي ينتابني وأنا أقرأ السيرة العطرة

                                كيف لا وأنا أعيش مع النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابة رضي الله عنهم

                                ومابالكم بمن يعيش معهم في حلهم وترحالهم هل يمل؟

                                ومن يظن اني أبالغ في ذلكـ فليجرب !

                                لقد تعلمت منها كيف أدعو..بل وكيف اتعلم وكيف أعيش...

                                وفي الختام أشكر الأخت الغالية ..الغدير.. أثابكـِ الله وباركـ فيكـ

                                أسأل الله لكـِ الخير كلة وان يصرف عنكـِ الشر كله


                                أتمنى أن اكون قد أحسنت الإختصار


                                إن أصبت فمن الله وإن اخطأت فمن نفسي والشيطان

                                اللهم زدنا علما وانفعنا بما علمنا .

                                هذا وصلى الله على سيدنا ونبينامحمد وعلى آله وصحبه اجمعين.




                                لقاؤنا القادم مع الأخت loulia و...

                                المقاطعة العامة (112)

                                تعليق

                                يعمل...