::
لتكن منهجَ حياتكِ
جاءت هند مسرعةً إلى أمِّها...تحملُ بين يديها الصغيرتين كتاب الله
تضمُّه إلى صدرها وهي في غاية السَّعادة
ـ أمي سأقرأُ عليك سورة العلق غداً بإذن الله سيكون دوري لتسميعها في المركز .
سُرَّت الأم بابنتها الصغيرة ، وأجلستها بجوارها فقد كانت سعيدةً جداً بهند لاستغلالها العطلة الصيفية
فقررت التسجيل بمركز تحفيظ القرآن
بدل أن تضيعه في مشاهدة التلفاز أو توافه الأمور
ـ قرأت هند بصوتٍ شجيٍّ ، وبترتيلٍ رائع
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
" اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ *خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ *
اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ *الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ* عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يعْلَمْ "
هنا سكتت هند وتوقفت عن القراءة ؛ لِتبادر أمها بسؤالها
ـ أمي ما معنى هذه الآيات ؟
أجابتها أمها : هذه يابُنيتي أول آيات القرآن التي أنزلها الله على نبيِّ الهدى
محمد صلى الله عليه وسلم ، وهو قائمٌ في غار حراء يتعبَّد
وهي دعوةٌ من الله سبحانه وتعالى إلى نبيَّه للقراءة
وأول خطوة من خطواته في طريق الدعوة التي اختير لها
وتبين له أنها يجب أن تبدأ باسم الله الذي خلق كل شيء
إذ إن غاية القراءة معرفة الله تعالى ، ووسيلتها النظر والتحري في آياته سبحانه
ثم يخصص خلق الإنسان من علق أي من نطفة صغيرة
فانظري يا هند كيف تصبح هذه النطفة الصغيرة إنساناً
ألا يدلُّ هذا على كرم الله وقدرته ؟؟
ثم يذكر القلم الذي هو أوسع وأعمق أداة للتعليم
يذكره في أول لحظة من لحظات اتصاله بالملأ الأعلى ليدلل على أهميته الكبيرة
ثم يذكر أن كل شيء تعلمه الإنسان مصدره من الله عز وجل
فهو الذى علمه وكل ما وصل إليه الإنسان إنما كان من فتح الله له
لذلك علينا دائما يا هند أن نكون متواضعين ، خاضعين لله
مهما وصلنا إليه من علم لأنَّه كله من الله عز وجل
ـ هند : ألهذه الدرجة القراءة مفيدة يا أمي ؟
ـ الأم : طبعاً يا ابنتي سأخبرك عن القراءة فاستمعي لي حبيبتي :
http://www.lakii.com/vb/smile/12-7.gif
القراءة : نشاطٌ ذهني ، وإدراكٌ بصري ، وغذاء للذهن والعقل
و وسيلة لتوسيع المدارك والقدرات ..
تجعل من الإنسان مثقفاً ، حاضر الذهن والبديهة ، مُطِّلعاً على ما يدور حوله من أمور في شتى المجالات
كما أنّ القراءة تنمّي ملكة التعبير وتُثْري حصيلتك اللُّغويَّة ..
كما ذكرت لكِ يا هند إن أولََ كلمةٍ أُنزلت في القرآن الكريم هي اقرأ ..
إذ كان أول لقاء بين النبي الأمي صلى الله عليه وسلم والوحي عندما طلب منه أن يقرأ
هنا ألا يتبادر لأذهاننا سؤالٌ مهم
لماذا كانت القراءة أولَ أمر للنبيّ لماذا لم يأمرْه بالصَّلاة ، الزكاة أو التقوى
أوغيرها من الأوامر التي لا تقلُّ عنها في أهميَّة
ألا يدلُّ هذا على أهمِّية ومكانة القراءة وعلى أنها وسيلة للتعلُّم والإطِّلاع والتثقُّف وزيادة الخبرات .. وأنها ليست مجرد هواية بل هي منهج حياة !؟
وقد أوضح الله عز وجل ذلك في سورة العلق :
" اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ *خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ *
اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ *الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ* عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يعْلَمْ "
كيف أحب القراءة ؟
كثيراً ما نسمع من الناس : لا أستطيع مواصلة القراءة ! أتمنَّى أن أحبَّها وأداوم عليها !
:
هنا.... عشر وسائل تُعين على القراءة :
النيَّة
" إنما الأعمال بالنيات "
على المسلم أن يخلصَ النيَّة لله - تعالى -سواءٌ كان العمل صغيراً أو كبيراً !
حتى عندما يطالع ويقرأ فعليه أن يتساءل لماذا يقرأ وما الهدف من القراءة ..
يقرأ لنفسه .. وللمجتمع .. للعمل على النهوض في الأمة .. وهكذا .
إذاً فاستحضار النية هو أول الوسائل وأهمُّها .
:
التخطيط الجيد
كل شئ له تخطيطٌ مسبقٌ يكلَّل بالنجاح - بإذن الله -
وحتى لو لم ينجح يستطيع المرء أن يتعلم من خطئه ويعاود الكرَّة !
وكلُّ إنسان أدرى بنفسه ، فالتخطيط هنا يعود إليه
فهو أعرف بوقته المتاح ، وإمكانياته ، وقدراته
والكتب المتوفرة عنده ، ومدى استيعابه ..
وبناءً على هذه العوامل ينظِّم وقته ويرتِّب أموره !
فمثلاً : تحدد مجموعة من الكتب لقراءتها في زمنٍ معين ؛ ثمّ تقيِّم نفسك وأداءك ..
ومن المهم : ألا ترهق نفسك باختيار كتب كبيرة أو كثيرة في وقت قصير حتى لاتنفر من القراءة !
:
استغلال الفراغات البيْنيَّة
ينبغي استغلال الأوقات البيْنيَّة فالمسلم مُحاسَبٌ على كل دقيقة في حياته ،
فلماذا لا نستغلُّ أوقاتنا في ما ينفعنا ويزيدنا علماً ؟
والأوقات البينية : هي تلك التي تكون بين عمل وآخر
كالانتظار داخل عيادة أو مكتب ، ويجب أن يكون الكتاب الذي تقرأه معك دائماً حتى و لو كان كبيراً !
:
التدرج
- إن هذا الدين متين فأوغل فيه برفق -
قد تنتابنا الحماسة بعد قراءة الموضوع ، فنسارع لشراء الكتب ونخصص لها وقتاً كبيراً
وهنا نقول عليكِ بالتدرج ؛ خاصة إذا لم تكوني متعودة على القراءة .. لأنهُ سينتابكِ الملل بسرعة
إذاً عليك أختي الحبيبة بالتدرج في الأمور والتعقل والرَّويَّة لتكون القراءة إن شاء الله منهجاً لحياتك ..
:
الجدية
القراءة ليست هواية فحسب ؛ بل هي عمل جاد ومهم يحتاج إلى وقت وفكر ومجهود وتركيز .
فعليكِ أختي أن تركزي فيما تقرئين
وحبذا لو خصَصتِ دفتراً لتسجيل ملاحظاتك عن الكتاب
وتدونين فيه المعلومات الجديدة ، والنقاط التي تهمّك
و النقاط التي صعبت عليك للسؤال عنها ..
وبهذه الطريقة تستفيدين من القراءة وتحبينها - بإذن الله -
و مع الوقت ستجدين أن لديك قدرات وطاقات كامنة كنتِ تجهلينها عن نفسك !
:
التنسيق والنظام
هما أمران مهمان جداً ، ومطلوبان في كل شيء
فكلما كان المسلم منظماً يقوم بترتيب الأمور .. تكون حياته منظمة ومرتبة ومباركة ..
وكذلك القراءة إذا ُنظِّمت ، ثم تم تنسيق المعلومات بطريقة جميلة
سهُل عليك تذكُّرُها والرُّجوع إليها بسهولة ويسر .
:
إنشاء مكتبة صغيرة
كما تفكرين بنيتى بإنشاء منزلٍ جميل مكون من حديقة وطوابق ..
فعليكِ أيضاً أن تفكري بإنشاء مكتبةٍ في بيتك حتى ولو كانت صغيرة !
وهنا لا نهتم بالشكل ؛ بل بالمضمون وعلى ما تحتويه المكتبة من كتب ..
وليس الكلام هنا موجها للأغنياء فحسب ؛ بل للفقراء أيضاً فالإنسان إذا شعر بقيمة الكتاب سيوفر ثمنه من مأكله ومشربه ليشتريه ..
وحبذا لو تكن المكتبة متنوعة شاملة كل المجالات و لو كان كتاباً واحد في كل فرع من فروع المعرفة
وبإذن الله ستكون هذه المكتبة مرجع لكل أفراد العائلة والأصدقاء والأقارب
ولك أن تتخيَّلي الأجر الذي ستنالينه - إن شاء ربي - بفضل هذا العلم الذي سينتشر بين أقاربك أخيّة !
إلى ......ومع .....ومن
إلى:
انقلي ما تقرئينه إلى غيركِ" فالنبي صلى الله عليه وسلم قال بلغوا عنى ولو آية"
فنحن مطالبون بتبليغ العلم وتعليم الغير ما نتعلمه
مع
بحيث نقوم بتكوين مع الأخوان أو الأصحاب جلسة نقرأ فيها كتاب معين
أو يقوم كل شخص باختيار كتاب يتم تبادل المعلومات والآراء والأفكار ومن خلال ذلك نتشجع على القراءة
من:
الأخذ من المتخصصين وسؤالهم عن أهم الكتب التي يجب أن نطلع عليها ونقرأها
فربما يضيع الوقت بقراءة كتاب غير مفيد والمتخصصون على إطلاع واسع ومعرفة فهم استفادوا ممن قبلهم وهكذا يفيدوا غيرهم
لنكن عمليين لا نظريين
علينا أن نقرأ كي نتعلم ونستفيد كما ذكرنا وأن لا يكون كلاماً نظرياً نأخذه
فقط وبذلك علينا أن نطبق ما نتعلمه في مجال حياتنا
وخير ما نقرأه ونطبق هو كتاب الله عز وجل وسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم
للموضوع بقية......
تابعونا
