انتقلت منتديات لكِ النسائية إلى هذا الرابط:
منتديات لكِ النسائية
هذا المنتدى للقراءة فقط.


للبحث في شبكة لكِ النسائية:
عرض النتائج 1 الى 2 من 2

الموضوع: رسالة

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Nov 2000
    الموقع
    كوكب الارض
    الردود
    15
    الجنس

    Question

    بالإيمان ينجح التغيير:
    إن التغيير أمر ليس بالهين اليسير، إنه عبء ثقيل تنوء به الكواهل، فإن الإنسان مخلوق مركب معقد، ومن أصعب الصعب تغيير نفسه أو قلبه، أو فكره.
    إن بناء الإنسان القادر على نفسه، المتحكم في شهواته، الذي يعطي الحياة كما يأخذ منها، ويؤدي واجبه كما يطلب حقه، الإنسان الذي يعرف الحق ويؤمن به ويدافع عنه، ويعرف الخير ويحبه للناس كما يحبه لنفسه، ويتحمل تبعته في إصلاح الفساد. والدعوة إلى الخير، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وتضحية النفس والمال في سبيل الحق أمر عسير غير يسير، لكن ذلك متيسراً بالإيمان الذي يهيئ النفوس لتقبل المبادئ الخيرة مهما يكمن وراءها من تكاليف وواجبات، وتضحيات ومشقات، وهو العنصر الوحيد الذي يغير النفوس تغييراً تاماً، وينشئها خلقاً آخر. ويصبها في قالب جديد، فيغير أهدافها وطرائقها، ووجهتها وسلوكها وأذواقها ومقاييسها.
    وحسبنا مثلاً على هذا التحول الخطير رجل وامرأة عرف أمرهما في الجاهلية وعرف أمرهما في الإسلام.الرجل هو "عمر بن الخطاب" الذي رووا أنه بلغ في جاهليته من انحراف العقل، أن عبد إلهاً من الحلوى ثم جاع يوماً فأكله، ومن انحراف العاطفة، أن وأد بنتاً له صغيرة كانت تمسح الغبار عن لحيته وهو يحفر لها مكانها في التراب.عمر هذا ينتقل من الجاهلية إلى الإسلام، فيتحرر عقله حتى يقطع شجرة الرضوان التي بايع النبي أصحابه يوم الحديبية تحتها خشية أن يطول الزمن بالناس فيقدسوها، ويقف أمام الحجر الأسود بالكعبة فيقول: أيها الحجر، إني أقبلك وأنا أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أنى رأيت رسول الله يقبلك ما قبلتك.وعمر هذا ... يبلغ من سمو عاطفته، ورقة قلبه، وخشيته لله، ما ملأ صفحات التاريخ بآيات الرحمة الشاملة للمسلم وغير المسلم، بل للإنسان والحيوان، حتى قال: لو عثرت بغلة بشط الفرات لرأيتني مسئولاً عنها أمام الله ... لِمَ لَمْ أسوِّ لها الطريق؟هذا هو الرجل.
    أما المرأة فهي الخنساء .. المرأة التي فقدت في جاهليتها أخاها لأبيها «صخراً» فملأت الآفاق عليه بكاءً وعويلاً، وشِعراً حزيناً، ترك الزمن لنا منه ديواناً كان الأول من نوعه في شعر المراثي والدموع:
    وأذكره بكل غروب شمس يذكرني طلوع الشمس صخراً
    على إخوانهم لقتلت نفسي ولولا كثرة الباكين حـولي
    ولكننا بعد إسلامها نراها امرأة أخرى … نراها أماً تقدم فلذات أكبادها إلى الميدان، أي إلى الموت، راضية مطمئنة، بل محرضة دافعة..
    روى المؤرخون أنها شهدت حرب القادسية بين المسلمين والفرس تحت راية القائد «سعد بن أبي وقاص»، وكان معها بنوها الأربعة، فجلست إليهم في ليلة من الليالي الحاسمة، تعظهم وتحثهم على القتال والثبات، وكان من قولها لهم: "أي بني، إنكم أسلمتم طائعين، وهاجرتم مختارين، والذي لا إله إلا هو إنكم لبنو رجل واحد كما أنكم بنو امرأة واحدة، ما خنت أباكم، ولا فضحت خالكم، ولا هجّنت حسبكم، ولا غيرت نسبكم، وقد تعلمون ما أعد الله للمسلمين من الثواب الجزيل في حرب الكافرين، واعلموا أن الدار الباقية خير من الدار الفانية، والله تعالى يقول: (يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون) (آل عمران: 200)، فإذا أصبحتم غداً إن شاء الله سالمن فاغدوا إلى قتال عدوكم مستبصرين، وبالله على أعدائكم مستنصرين، فإذا رأيتم الحرب قد شمرت عن ساقها فتيمموا وطيسها، وجالدوا رئيسها، تظفروا بالغنم في دار الخلد...".
    فلما أصبحوا باشروا القتال بقلوب فتية، وأنوف حمية، إذا فتر أحدهم ذكَّره اخوته وصية الأم العجوز، فزأر كالليث، وانطلق كالسهم، وانقض كالصاعقة، ونزل كقضاء الله على أعداء الله، وظلوا كذلك حتى استشهدوا واحداً بعد واحد.
    وبلغ الأم نعي الأربعة الأبطال في يوم واحد، لم تلطم خداً، ولم تشق جيباً، ولكنها استقبلت النبأ بإيمان الصابرين، وصبر المؤمنين، وقالت: "الحمد لله الذي شرفني بقتلهم، وأرجو من ربي أن يجمعني بهم في مستقر رحمته".
    ما الذي غير عمر القديم وصنع عمر الجديد؟
    وما الذي غير خنساء النواح والبكاء إلى خنساء التضحية والفداء؟
    إنه صانع المعجزات ... إنه الإيمان!!
    إن الرجوع إلى الإيمان بالله والآخرة هو الأمل الوحيد في خلاص الإنسان مما يعانيه اليوم من مشكلات تهدد الإنسان بالدمار، دمار خصائصه الذاتية، ومقوماته المعنوية، التي كان بها إنساناً، واستحق بها السيادة في الكون والخلافة في الأرض.
    إن الإيمان الحق -كما جاء به الإسلام- هو الحل الفذ لعقد الحياة المعاصرة التي استعصت على العلم وعلى الفلسفة، وحار فيها المفكرون والمشرعون وطلاب الإصلاح.
    أبرز رسول الله صلى الله عليه وسلم برسالته ودعوته الفرد الصالح المؤمن بالله، الخائف من عقاب الله، الخاشع الأمين، المؤثر للآخرة على الدنيا، المستهين بالمادة المتغلب عليها بإيمانه وقوته الروحية، يؤمن بأن الدنيا خُلقت له وأنه خُلق للآخرة، فإذا كان هذا الفرد تاجراً فهو التاجر الصدوق الأمين، وإذا كان فقيراً فهو الرجل الشريف الكادح، وإذا كان عاملاً فهو العامل المجتهد الناصح، وإذا كان غنياً فهو الغني السخي المواسي، وإذا كان قاضياً فهو القاضي العادل الفهم، وإذا كان والياً فهو الوالي المخلص الأمين، وإذا كان سيداً رئيساً فهو الرئيس المتواضع الرحيم، وإذا كان خادماً أو أجيراً فهو الرجل القوى الأمين، وإذا كان أميناً للأموال العامة فهو الخازن الحفيظ العليم. وعلى هذه اللبنات قام المجتمع الإسلامي .
    ووجدت أن هذا الفرد قد أصبح اليوم لا يؤمن إلا بالمادة والقوة، ولا يعنى إلا بذاته وشهواته وأنه يبالغ في تقدير هذه الحياة ويسرف في عبادة الذات وإرضاء الشهوات، إننا لا ننكر أهمية المجتمع الصالح، بل ضرورته لتنشئة الفرد الصالح، ولكن المجتمع إن هو -في الواقع- إلا بناء لبناته الأفراد، فإذا لم تصلح اللبنات في نفسها لم يتصور أن يقوم عليها بنيان سليم.
    لبنات المجتمع هي أنا وأنت وهو وهي، فإذا صلحت أنفسنا صلح المجتمع كله، ومفتاح هذا الصلاح النفسي والخلقي شيء واحد هو الإيمان.

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Oct 2000
    الموقع
    الإمارات - دبي
    الردود
    910
    الجنس
    أنثى

    Lightbulb

    جزاك الله خيرا اخي ابوعوجان على هذه الرسالة

    ------------------
    (اللهم آتنا في الدنياحسنة وفي الآخرة حسنة وقناعذاب النار)

مواضيع مشابهه

  1. رسالة خطا
    بواسطة sorry fals في ركن الكمبيوتر والإنترنت والتجارب
    الردود: 13
    اخر موضوع: 09-10-2009, 01:07 AM
  2. رسالة لبابا الغالي ... (رسالة من طفل لوالده المسافر)
    بواسطة أسماء زكي الدين في الأمومة والطفولة
    الردود: 21
    اخر موضوع: 20-03-2007, 07:16 AM
  3. الردود: 11
    اخر موضوع: 13-09-2006, 08:02 PM
  4. الردود: 0
    اخر موضوع: 04-01-2003, 06:26 AM

أعضاء قرؤوا هذا الموضوع: 0

There are no members to list at the moment.

الروابط المفضلة

الروابط المفضلة
لكِ | مطبخ لكِ