انتقلت منتديات لكِ النسائية إلى هذا الرابط:
منتديات لكِ النسائية
هذا المنتدى للقراءة فقط.


للبحث في شبكة لكِ النسائية:
عرض النتائج 1 الى 4 من 4

الموضوع: كيف يمكن أن تحصين منزلك الجديد ؟؟؟

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Mar 2003
    الموقع
    ما فيه اطهر منها فى العالم
    الردود
    1,946
    الجنس
    أنثى

    Question كيف يمكن أن تحصين منزلك الجديد ؟؟؟

    بسم الله الرحمن الرحيم

    اريد معرفه كيفيه تحصين المنزل الجديد
    وهل استطيع ان افتح اداة التسجيل على سورة البقرة طول الوقت بدون الجلوس بجانب المذياع
    والسماع لها وهل اقراء التحصينات فى ماء وانثرة فى ارجاء المنزل

    انتظر ردك وبارك الله فيك

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Sep 2005
    الردود
    484
    الجنس
    الأخت المكرمة ( أم هادي ) حفظها الاله ورعاها

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،،

    أولاً أقول جزاكم الله كل خير على مثل هذا السؤال الهام ، حيث أنه لا بد للمسلم من معرفة الطريقة الشرعية لتحصين ووقاية بيته بإذن الله عز وجل ، ونرىة اليوم كثير من الناس ممن اتخذ أساليب غير شرعية لتحقيق هذا الغرض ومنها : تعليق الخرز الأزرق ، أو الكف أو العين ونحو ذلك من أمور ليس لها أصل في الشريعة بل تعتبر في حكم التمائم التي لا يجوز تعليقها بأي حال من الأحوال 0

    أرى أنه من المهم جداً تحت هذا العنوان من بحث المسائل التالي :

    أولاً : كيفية نحصين البيوت الإسلامية :

    هناك شكلين من أشكال التحصين الخاصة أذكرها على النحو التالي :

    الأول : التحصين المتعلق بالمكان :

    ولذلك فإن المنزل إذا كان محصناً فإنه لا تقربه الشياطين بإذن الله عز وجل ، إلا أن يكون قدراً كونياً من الله سبحانه وتعالى ، ومن أجل تحقيق هذا الهدف وتلك الغاية فلا بد من المحافظة على قراءة القرآن وبخاصة الفاتحة وسورة البقرة فإن لهذه السورة ميزات عظيمة لا يعلمها إلا الله ، وأذكر من ذلك على سبيل المثال لا الحصر :

    1)- أنها رقية وحصانة من السحر والسحرة :

    ولا تستطيعها البطلة ( أي السحرة ) :

    فقد ثبت من حديث أبي أمامة - رضي الله عنه - قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( ..... اقرأوا سورة البقرة ، فإن أخذها بركة ، وتركها حسرة ، ولا تستطيعها البطلة " قال صاحب لسان العرب : والبطلة : السحرة ، مأخوذ منه ، وقد جاء في الحديث : ولا تستطيعه البطلة ، قيل : هم السحرة – لسان العرب – 11/56 " ) ( جزء من حديث صحيـح – أخرجه الإمام مسلم في صحيحه - كتاب المسافرين ( 252 ) - برقم 804 ) 0

    2)- أنها وقاية وحصانة من شياطين الجن بإذن الله عز وجل :

    فقد ثبت في الصحيح عن أبي هريرة - رضي الله عنه قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال : ( لا تجعلوا بيوتكم مقابر ، إن الشيطان ينفر- ( قال صاحب لسان العرب : يقال نفر ينفر نفورا ونفارا إذا فر وذهب – لسان العرب – 5 / 224 ) من البيت الذي يقرأ فيه سورة البقرة ) وفي رواية ( لا تجعلوا بيوتكم مقابر ، وإن البيت الذي تقرأ البقرة فيه لا يدخله الشيطان ) ( أخرجه الإمام مسلم في صحيحه – كتاب المسافرين ( 212 ) - برقم 780 ) 0

    و كما ثبت من حديث عبدالله بن مسعود – رضي الله عنه – قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن لكل شيء سناما ، وسنام ( قال صاحب لسان العرب : سنام كل شيء اعلاه ) القرآن سورة " البقرة " وإن الشيطان إذا سمع سورة " البقرة " تقرأ ، خرج من البيت الذي يقرأ فيه سورة " البقرة " ) ( أخرجه الحاكم في المستدرك - 1 / 561 ، وقال الألباني حديث حسن ، أنظر السلسلة الصحيحة 588 ) 0

    وكذلك الرقية والتحصين بقراءة الآية الثالثة والستين بعد المائة من سورة البقرة والآية ( 1 و 2 ) من سورة آل عمران :

    لما ثبت من حديث أسماء بنت يزيد - رضي الله عنها - قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( اسم الله الأعظم في هاتين الآيتين " وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم " وفاتحة ( آل عمران ) " ألم * الله لا إله إلا هو الحي القيوم " ) ( صحيح الجتمع 980 ) 0

    وكذلك الرقية والتحصين بقراءة آخر آيتين من سورة البقرة :

    لما ثبت من حديث أبي مسعود الأنصاري - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من قرأ الآيتين من آخر سورة البقرة في ليلة كفتاه ) ( متفق عليه ) 0

    قال ابن القيم : ( الصحيح كفتاه شر ما يؤذيه ) ( الوابل الصيب - ص 25 ) 0

    الثاني : التحصين المتعلق بالانسان :

    وذلك من خلال التحصينات المتعلقة بالشخص ذاته ومحافظته على تلاوة القرءان والذكر والدعاء ، وكذلك المواظبة على أوراد الصباح والمساء ، ومن ذلك :

    1)- الاستعاذة بالله من الشيطان :

    كما قال تعالى في محكم كتابه : ( وإما ينزَغنَّك من الشَّيطان نزغٌ فاستعذْ بالله إنه سميع عليم ) ( سورة الأعراف - - الآية 200 ) 0

    وقوله تعالى : ( وقل ربِّ أعوذ بك من همزاتِ الشَّياطين ، وأعوذ بكَ ربِّ أن يحضرون ) ( سورة المؤمنون - الآية 98 ) 0

    2)- المحافظة على قراءة آية الكرسي :

    لما ثبت من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - والحديث طويل والشاهد منه : ( إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي ( اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلا هُو الْحَىُّ الْقَيُّومُ ) ( سورة البقرة - الآية 255 ) حتى تختمها فإنه لن يزال عليك من الله حافظ ولا يقربك شيطان حتى تصبح ) ( أخرجه الإمام البخاري في صحيحه – كتاب الوكالة ( 10 ) – برقم 2311 – كتاب بدء الخلق ( 11 ) – برقم 3275 – وكتاب فضائل القرآن ( 10 ) – برقم 5010 ) 0

    3)- المحافظة على قراءة المعوذتين وسورة الإخلاص :

    لما ثبت من حديث عبدالله بن خبيب – رضي الله عنه – قال : خرجنا في ليلة مطيرة ، وظلمة شديدة ، نطلب رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بنا ، قال : فأدركته فقال : ( قل ) . فلم أقل شيئا . ثم قال : ( قل ) . فلم أقل شيئا . قال : ( قل ) . فقلت : ما أقول ؟ قال : ( قل هو الله أحد ، والمعوذتين ، حين تمسي وتصبح ثلاث مرات تكفيك من كل شيء ) ( صحيح الكلم الطيب 19 ) 0

    4)- المحافظة على قول : ( لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ) 0

    لما ثبت من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من قال في يوم مائة مرة لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير كان له عدل عشر رقاب وكتبت له مائة حسنة ومحي عنه مائة سيئة وكن له حرزا من الشيطان سائر يومه إلى الليل ولم يأت أحد بأفضل مما أتى به إلا من قال أكثر ) ( حديث صحيح - متفق عليه ) 0

    5)- المحافظة على الصلوات وخاصة الجماعة :

    لما ثبت من حديث أبي الدرداء - رضي الله عنه - قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( ما من ثلاثة في قرية ولا بدو لا تقام فيهم الصلاة إلا قد استحوذ عليهم الشيطان فعليك بالجماعة فإنما يأكل الذئب القاصية . ( حسن ) . قال زائدة : قال السائب يعني بالجماعة الصلاة في الجماعة ) ( حديث حسن - صحيح أبو داوود 512 ) 0

    6)- المحافظة على الطهارة والوضوء :

    فإنه من نام على وضوء حرس من الملائكة ، لما ثبت في الحديث الحسن : ( من بات طاهرا بات في شعاره ملك ، لا يستيقظ ساعة من الليل إلا قال الملك : اللهم اغفر لعبدك فلانا ؛ فإنه بات طاهرا ) ( حسن - السلسلة الصحيحة 2539 ) 0

    7)- المحافظة على أذكارالصباح والمساء ، وإليكم ثلة منها :

    أولاً اعلمي - يا رعاكِ الله - أن ذكر الله تعالى يحيي القلوب ، ويجلو صدأها ، ويذهب قسوتها ، ويذيب ما ران عليها من مكاسب وشهوات ، ويصلها بالله عز وجل ، فتخفق في كنفه ورضوانه هانئة مطمئنة 0 والمسلم الذي ينقاد لربه سبحانه ، ويذكره بلسانه وقلبه ، وسره وجهره ، إنما ينير دروب حياته ومعاده بضياء إلهي غامر ، ويحرز نفسه من كيد الشيطان ووسوسته ، ويستحضر دائما أنه في حماية إله عزيز قدير ، ولأهمية الذكر كانت هذه الوقفة مع بعض الأذكار المتعلقة بموضوع الرقية ، والتي فيها تحصين ووقاية للمسلم وأهله وبيته - بإذن الله تعالى - من الشيطان ومكره ودسائسه وإليك ثلة من الأذكار المأثورة عن رسولنا صلى الله عليه وسلم :

    1- عن سهيل بن أبي صالح ، عن أبي هريرة - رضي الله عنهما - قالا : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من قال حين يمسي ثلاث مرات : أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق ، لم يضره حمة – هيَّ سم ما يلدغ كالحية والعقرب والزنبور - تلك الليلة ) ( صحيح الترمذي 2851 ) 0

    قال المناوي : ( " من قال حين يمسي " أي دخلت في المساء " أعوذ بكلمات الله التامات " أي التي لا نقص ولا عيب فيها ، ووصفها بالتمام إشارة إلى كونها خالصة من الريب والشبه ( وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلا ) ( سورة الأنعام – جزء من الآية 115 ) ، " من شر ما خلق " أي من شر خلقه وهو ما يفعله المكلفون من إثم ومضارة بعض لبعض ، من نحو ظلم وبغي وقتل وضرب وشتم وغيرها من نحو لدغ ونهش وعض " لم تضرك " بأن يحال بينك وبين كمال تأثيرها بحسب كمال التعوذ وقوته وضعفه ، لأن الأدوية الإلهية تمنع من الداء بعد حصوله وتمنع من وقوعه ، وإن وقع لم يضر 0 والدواء الطبيعي إنما ينجع بعد حصول الداء 0 قال الحكيم : وهذا مقام من بقي له التفات لغير الله 0 أما من توغل في بحر التوحيد بحيث لا يرى في الوجود إلا الله ؛ لم يستعذ إلا بالله ولم يلتجئ إلا إليه ، والنبي صلى الله عليه وسلم لما ترقى عن هذا المقام قال : أعوذ بك منك 0 والرجل المخاطب لم يبلغ ذلك ) ( فيض القدير - 2 / 163 ) 0

    قال المباركفوري : ( قوله " أعوذ بكلمات الله التامات " قيل : معناه الكاملات التي لا يدخل فيها نقص ولا عيب 0 وقيل : النافعة الشافية 0 وقيل : المراد بالكلمات هنا القرآن ذكره النووي " لم يضره " بفتح الراء وضمها " حمة تلك الليلة " قال في القاموس : الحمة كثبة السم والإبرة يضرب بها الزنبور والحية ونحو ذلك أو يلدغ بها جمعها حمات وحمى انتهى ) ( تحفة الأحوذي - 10 / 48 ) 0

    2- عن أبان بن عثمان - رضي الله عنه - قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( من قال حين يمسي : بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم ، ثلاث مرات ، لم يصبه فجأة بلاء حتى يصبح ، ومن قالها حين يصبح ثلاث مرات ، لم يصبه فجأة بلاء حتى يمسي ) ( صحيح الجامع 6426 ) 0

    ( قال وكان أبان قد أصابه طرف من الفالج 0 فجعل الرجل ينظر إليه 0 فقال له أبان : ما تنظر إلي ؟ أما إن الحديث كما قد حدثتك 0 ولكني لم أقله يومئذ ، ليمضي الله علي قدره ) ( صحيح سنن ابن ماجة – 2 / 332 ) 0

    قال شمس الحق العظيم أبادي : ( " بسم الله " أي أستعين أو أتحفظ من كل مؤذ باسم الله " مع اسمه " أي مع ذكر اسمه " ولا في السماء " أي من البلاء النازل منها " ثلاث مرات " ظرف يقول " لم تصبه فجأة بلاء " قال في مختصر النهاية : فجأة الأمر وفجئه فجاء بالضم والمد وفجأة بالفتح وسكون الجيم من غير مد وفاجأه إذا جاءه بغتة من غير تقدم سبب ) ( عون المعبود – باختصار – 13 / 293 ) 0

    3- عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من قال حين يصبح وحين يمسي : سبحان الله العظيم وبحمده ، مائة مرة ، لم يأت أحد يوم القيامة بأفضل مما جاء به ، إلا أحد قال مثل ذلك ، وزاد عليه ) ( صحيح الجامع 6425 ) 0

    قال المباركفوري : ( قوله " من قال حين يصبح وحين يمسي سبحان الله وبحمده مائة مرة " قال القاري أي فيهما بأن يأتي ببعضهما في هذا وببعضها في هذا أو في كل واحد منهما وهو الأظهر " لم يأت أحد يوم القيامة بأفضل مما جاء " أي القائل " به " وهو قول المائة المذكورة " إلا أحد قال مثل ما قال أو زاد عليه " قال الطيبي : أن يكون ما جاء به أفضل من كل ما جاء به غيره إلا مما جاء به من قال مثله أو زاد عليه ، قيل : الاستثناء منقطع والتقدير لم يأت أحد بأفضل مما جاء به إلا رجل قال مثل ما قاله فإنه يأتي بمساواته ، فلا يستقيم أن يكون متصلا إلا على تأويل نحو قوله : وبلده ليس بها أنيس 0 وقيل : بتقدير لم يأت أحد بمثل ما جاء به أو بأفضل مما جاء به الخ والاستثناء متصل كذا في المرقاة ) ( تحفة الأحوذي – 9 / 308 ) 0

    4- عن أنس – رضي الله عنه – قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ما يمنعك أن تسمعي ما أوصيك به ؟ أن تقولي إذا أصبحت ، وإذا أمسيت : يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث ، أصلح لي شأني كله ، ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين ) ( صحيح الجامع 5820 ) 0

    5- عن أبي سعيد - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من قال رضيت بالله ربا ، وبالإسلام دينا ، وبمحمد نبيا ، وجبت له الجنة ) ( صحيح الجامع 6428 ) 0

    6- عن بريده - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من قال حين يصبح أو حين يمسي : اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني ، وأنا عبدك ، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت ، أعوذ بك من شر ما صنعت ، أبوء لك بنعمتك علي ، وأبوء بذنبي ، فاغفر لي ، فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت 0 فمات من يومه ، أو ليلته دخل الجنة ) ( صحيح الجامع 6424 ) 0

    قال شمس الحق العظيم أبادي : ( " وأنا على عهدك ووعدك " أي مقيم على الوفاء بعهد الميثاق ، وأنا موقن بوعدك يوم الحشر والتلاق " ما استطعت " أي بقدر طاقتي 0
    وفي فتح الباري قال الخطابي : يريد أنا على ما عاهدتك عليه وواعدتك من الإيمان بك وإخلاص الطاعة لك ما استطعت 0 وفيه أيضا : واشتراط الاستطاعة في ذلك معناه الاعتراف بالعجز والقصور عن كنه الواجب من حقه تعالى " أبوء بنعمتك " أي أعترف بها وأقر وألتزم ، وأصله البواء ومعناه اللزوم " وأبوء بذنبي " أي أعترف أيضا 0
    قال الخطابي : معناه الإقرار به أيضا كالأول ولكن فيه معنى ليس في الأول 0 تقول العرب باء فلان بذنبه إذا احتمله كرها لا يستطيع دفعه عن نفسه ) ( عون المعبود - 13 / 278 ) 0

    7- عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك ، وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير ، في يوم مائة مرة ، كانت له عدل عشر رقاب ، وكتبت له مائة حسنه ، ومحيت عنه مائة سيئة ، وكانت له حرزا من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي ، ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به ، إلا أحد عمل عملا أكثر من ذلك ) ( متفق عليه ) 0

    قال النووي : ( هذا دليل على أنه لو قال هذا التهليل أكثر من مائة مرة في اليوم كان له الأجر المذكور ومجاوزة أعدادها ، وأن زيادتها لا فضل فيها ، أو تبطلها ، كالزيادة في عدد الطهارة ، وعدد ركعات الصلاة 0 ويحتمل أن يكون المراد الزيادة من أعمال الخير لا من نفس التهليل ، ويحتمل أن يكون المراد مطلق الزيادة سواء كانت من التهليل أو من غيره ، أو منه ومن غيره ، وهذا الاحتمال أظهر 0 والله أعلم 0 وظاهر إطلاق الحديث أنه يحصل هذا الأجر المذكور في هذا الحديث من قال هذا التهليل مائة مرة في يومه سواء قاله متوالية أو متفرقة في مجالس ، أو بعضها أول النهار وبعضها آخره ، لكن الأفضل أن يأتي بها متوالية في أول النهار ليكون حرزا له في جميع نهاره 0
    قوله : صلى الله عليه وسلم في حديث التهليل : " ومحيت عنه مائة سيئة " وفي حديث التسبيح " حطت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر " ظاهره أن التسبيح أفضل 0 وقد قال في حديث التهليل " ولم يأت أحد أفضل مما جاء به " قال القاضي في الجواب عن هذا : إن التهليل المذكور أفضل ، ويكون ما فيه من زيادة الحسنات ، ومحو السيئات ، وما فيه من فضل عتق الرقاب ، وكونه حرزا من الشيطان زائدا على فضل التسبيح وتكفير الخطايا لأنه قد ثبت أن من أعتق رقبة لله بكل عضو منها عضوا منه من النار ، فقد حصل بعتق رقبة واحدة تكفير جميع الخطايا مع ما يبقى له من زيادة عتق الرقاب الزائدة على الواحدة ومع ما فيه من زيادة مائة درجة وكونه حرزا من الشيطان ) ( صحيح مسلم بشرح النووي – 16 ، 17 ، 18 / 186 ) 0

    يزعم البعض بأن هذا الحديث وأحاديث غيره دليل على تخصيص قراءة آيات أو أحاديث في الرقية بعدد محدد ، وأرد عن ذلك بأوجه مختلفة :

    أ )- إن التخصيص في الحديث آنف الذكر جاء من مخصص ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم ينطق بوحي السماء 0

    ب)- لو أخذ اعتبارا على أحد قولي أهل العلم بالتهليل بهذا العدد أو بزيادة ، لقوله صلى الله عليه وسلم " ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به ، إلا أحد عمل عملا أكثر من ذلك " ، فهذا خاص بهذا الحديث والزيادة متعلقة بهذا النص دون غيره ، وهذا إقرار من أهل العلم باتباع ذلك وفعله ، ولا نستطيع القياس بأي حال من الأحوال على الحديث آنف الذكر وربطه بكافة الأحاديث الواردة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم دون ثبوت ذلك عنه أو إقرار أئمة الأمة وعلمائها 0

    8- عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال أبو بكر : يا رسول الله مرني بشيء أقوله إذا أصبحت ، وإذا أمسيت 0 قال : ( قل : اللهم عالم الغيب والشهادة ، فاطر السماوات والأرض ، رب كل شيء ومليكه ، أشهد أن لا إله إلا أنت أعوذ بك من شر نفسي ومن شر الشيطان وشركه ، قال قله إذا أصبحت وإذا أمسيت وإذا أخذت مضجعك ) ( صحيح الجامع 7813 ) 0

    قال المناوي : ( قال ابن القيم : قد تضمن هذا الحديث الاستعاذة من الشر وأسبابه وغايته ، فإن الشر كله إما أن يصدر من النفس ، أو من الشيطان 0 وغايته إما أن يعود على العامل ، أو على أخيه المسلم فتضمن الحديث مصدري الشر الذي يصدر عنهما ، وغايتيه اللتين يصل إليهما 0 فإن قلت لم قدم الاستعاذة من شر النفس مع أن شر الشيطان أهم في الدفع لأن كيده ومحاربته أشد من النفس لأن شرها وفسادها إنما ينشأ من وسوسته ومن ثم أفردت له في التنزيل سورة تامة بخلافها ؟ قلت : الظاهر أنه جعله من باب الترقي من الأدنى إلى الأعلى ) ( فيض القدير - 4 / 521 ) 0

    9- عن عبد الرحمن بن أبي أبزى - رضي الله عنه - قال : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أصبح وإذا أمسى قال : أصبحنا على فطرة الإسلام ، وكلمة الإخلاص ، ودين نبينا محمد ، وملة أبينا إبراهيم ، حنيفا مسلما وما كان من المشركين ) ( صحيح الجامع 4674 ) 0

    قال المناوي : ( " كان إذا أصبح وإذا أمسى قال أصبحنا على فطرة الإسلام " بكسر الفاء أي دينه الحق وقد ترد الفطرة بمعنى السنة " وكلمة الإخلاص " وهي كلمة الشهادة " ودين نبينا محمد صلى الله عليه وسلم " الظاهر أنه قاله تعليما لغيره ، ويحتمل أنه جرد من نفسه نفسا يخاطبها قال ابن عبدالسلام في أماليه : و " على " في مثل هذا تدل على الاستقرار والتمكن من ذلك المعنى ، لأن المجسم إذا علا شيئا تمكن منه واستقر عليه ومنه ( أُوْلَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ ) ( سورة البقرة – الآية 5 ) ، قال النووي في الأذكار : لعله صلى الله عليه وسلم قال ذلك جهرا ليسمعه غيره فيتعلمه منه " وملة أبينا إبراهيم " الخليل " حنيفا " أي مائلا إلى الدين المستقيم " مسلما وما كان من المشركين " قال الحرالي : جمع بين الحجتين السابقة بحسب الملة الحنيفية الإبراهيمية ، واللاحقة بحسب الدين المحمدي 0 وخص المحمدية بالدين والإبراهيمية بالملة لينتظم ابتداء الأبوة الإبراهيمية لطوائف أهل الكتاب سابقهم ولاحقهم ببناء ابتداء النبوة الآدمية في متقدم قوله تعالى : ( وَإذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّى جَاعِلٌ فِى الأَرْضِ خَلِيفَةً ) ( سورة البقرة – الآية 30 ) الآية ، لينتظم رؤوس الخطابات بعضها ببعض وتفاصيلها بتفاصيلها ) ( فيض القدير – 5 / 105 ) 0

    10- عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلم أصحابه يقول : ( إذا أصبح أحدكم فليقل : اللهم بك أصبحنا ، وبك أمسينا ، وبك نحيا ، وبك نموت ، وإليك المصير ) 0 ( وإذا أمسى فليقل : اللهم بك أمسينا وبك أصبحنا ، وبك نحيا ، وبك نموت وإليك النشور ) ( صحيح الجامع 353 ) 0

    قال المناوي : ( " إذا أصبحتم " أي قاربتم الدخول في الصباح والصباح أول النهار وهو من طلوع الفجر وقبل الشمس ، والمساء من الغروب وقبل الزوال لكن في ذيل فصيح ثعلب للبغدادي : الصباح من نصف الليل الأخير إلى الزوال والمساء منه إلى آخر نصف الليل الأول " فقولوا " ندبا " اللهم بك " قدمه للاختصاص والباء للاستعانة أو المصاحبة أو السببية أي بسبب إنعامك علينا بالإيجاد والإمداد" أصبحنا وبك أمسينا " دخلنا في المساء والباء تتعلق بمحذوف وهو خبر أصبح ، ولا بد من تقدير مضاف أي أصبحنا وأمسينا متلبسين بنعمتك أو بحياطتك وكلاءتك أو بذكرك واسمك " وبك نحيا وبك نموت " حكاية عن الحال الآتية أي يستمر حالنا على هذا في جميع الأزمان وسائر الأحيان إلى أن نلقاك " وإليك " لا إلى غيرك " المصير " المرجع في نيل الثواب مما نكتسبه في حياتنا ) ( فيض القدير – 1 / 287 ) 0

    11- عن ابن عمر وابن عباس - رضي الله عنهما - قالا : لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يدع هؤلاء الدعوات 0 حين يمسي وحين يصبح ( اللهم ! إني أسألك العفو والعافية في الدنيا والآخرة 0 اللهم ! أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي ، وأهلي ومالي 0 اللهم ! استر عوراتي ، وآمن روعاتي واحفظني من بين يدي ، ومن خلفي ، وعن يميني ، وعن شمالي ، ومن فوقي ، وأعوذ بك أن أغتال من تحتي ) ( صحيح الجامع 1274 ) 0

    قال المناوي : ( " والعافية في دنياي وديني " ويندرج تحته الوقاية من كل مكروه " وأهلي ومالي اللهم استر عوراتي " أي عيوبي وخللي وتقصيري ، والعورة سوءة الإنسان وكل ما يستحي من ظهوره ، وهذا وما أشبهه تعليم للأمة " وآمن روعاتي " من الروع بالفتح الفزع وفي رواية عوراتي وروعاتي بلفظ الجمع ، وفيه من أنواع البديع جناس القلب " واحفظني من بين يدي ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي ومن فوقي وأعوذ بك " وفي رواية وأعوذ بعظمتك " أن أغتال " بضم الهمزة أي أهلك قال الراغب : الغول إهلاك الشيء من حيث لا يحس به " من تحتي " أي أدهى من حيث لا أشعر بخسف أو غيره ، استوعب الجهات الست بحذافيرها ، لأن ما يلحق الإنسان من نحو نكبة وفتنة إنما يصله من أحدها ، وتخصيص جهة السفل بقوله : وأعوذ بعظمتك إلى آخره إدماج لمعنى قولـه تعالى : ( وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ ) ( سورة الأعراف - الآية 176 ) ، وما أحسن قوله بعظمتك في هذا المقام ! ) ( فيض القدير - 2 / 125 ) 0

    12- عن جويرية - رضي الله عنها – قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لقد قلت بعدك أربع كلمات ، ثلاث مرات لو وزنت بما قلت منذ اليوم لوزنتهن : سبحان الله وبحمده ، عدد خلقه ، ورضا نفسه ، وزنة عرشه ومداد كلماته ) ( صحيح الجامع 5139 ) 0

    قال شمس الحق العظيم أبادي : ( لو وزنت بصيغة المؤنث المجهول " لوزنتهن " أي لترجحت تلك الكلمات على جميع أذكارك وزادت عليهن في الأجر والثواب ، يقال وازنه فوزنه إذا غلب عليه وزاد في الوزن " سبحان الله وبحمده " أي بحمده أحمده " عدد خلقه " منصوب على نزع الخافض أي بعدد كل واحد من مخلوقاته 0 وقال السيوطي : نصب على الظرف أي قدر عدد خلقه " ورضاء نفسه " أي أقول له التسبيح والتحميد بقدر ما يرضيه خالصا مخلصا له ، فالمراد بالنفس ذاته ، والمعنى ابتغـاء وجهه " وزنة عرشه " أي أسبحه وأحمده بثقل عرشه أو بمقدار عرشه " ومداد كلماته " المداد مصدر مثل المدد وهو الزيادة وللكثرة ، أي بمقدار ما يساويها في الكثرة بمعيار أو كيل أو وزن أو ما أشبهه من وجوه الحصر والتقدير ، وهذا تمثيل يراد به التقريب لأن الكلام لا يدخل في الكيل ، وكلماته تعالى هو كلامه وصفته لا تعد ولا تنحصر ، فإذن المراد المجاز مبالغة في الكثرة ؛ لأنه ذكر أولا ما يحصره العدد الكثير من عدد الخلق ثم ارتقى إلى ما هو أعظم منه أي ما لا يحصيه عدد كما لا تحصى كلمات الله ) ( عون المعبود – 4 / 259 ) 0

    تلك بعض الأحاديث الصحيحة المأثورة بشروحها والمتعلقة بأذكار الصباح والمساء ، سائلاً المولى عز وجل أن ينفع بها ، ويجعلها حصناً حصيناً من شياطين الإنس والجن 0

    ثانياً : كيفية علاج البيوت الإسلامية :

    كثيرا ما نسمع عن أحوال غريبة تحصل هنا وهناك من حرق للبيوت ، وعبث في الأثاث ، وسرقة من المحتويات ، أو سماع أصوات غريبة في بعض المنازل ، ونحو ذلك من أشكال الإيذاء التي قد يتعرض له ساكنو تلك البيوت ، وقد ورد في السنة النبوية المطهرة ما يثبت وجود نوع من أنواع الجن يحلون ويظعنون وهم ما يطلق عليهم اسم ( العمار ) ، وهذا الصنف قد يصدر منه بعض المظاهر آنفة الذكر ، فقد ثبت في الحديث الصحيح الذي رواه أبي ثعلبة الخشني - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( الجن ثلاثة أصناف ، فصنف لهم اجنحة يطيرون بها في الهواء ، وصنف حيات وكلاب ، وصنف يحلون ويظعنون ) ( صحيح الجامع 3114 ) 0

    وقد حكى ابن عقيل في " الفنون " حيث قال : ( كان عندنا بالظفرية يعني من بغداد دار كلما سكنها ناس أصبحوا موتى ، فجاء مرة رجل مقرئ فاكتراها وارتقبناها فبات بها وأصبح سالما فتعجب الجيران ، فأقام مدة ثم انتقل فسئل فقال : لما بت بها صليت بها العشاء وقرأت شيئا من القرآن وإذا شاب قد صعد من البئر فسلم علي فبهت 0 فقال : لا بأس عليك علمني شيئا من القرآن فشرعت أعلمه 0 ثم قلت : هذه الدار كيف حديثها ؟ قال : نحن جن مسلمون نقرأ ونصلي ، وهذه الدار ما يسكن بها إلا الفساق فيجتمعون على الشر فنخنقهم 0 قال : ففي الليل أخافك فتجيء نهارا 0 قال : نعم 0 قال : وكان المصعد من البئر بالنهار وألفته فبينما هو يقرأ إذا بمعزم في الدرب يقول : المرقى من الدبيب ومن العين ومن الجن 0 فقال : أي شيء هذا ؟ قلت : معزم 0 قال : أطلبه فقمت وأدخلته فإذا أنا بالجني قد صار ثعبانا في السقف فعزم الرجل فما زال الثعبان يتدلى حتى سقط في وسط المندل فقام ليأخذه ويضعه في الزنبيل ، فمنعته ، فقال : أتمنعني من صيدي ، فأعطيته دينارا وراح فانتفض الثعبان وخرج الجني وقد ضعف ونحل واصفر وذاب 0 فقلت : مالك ؟ قال : قتلني هذا بهذه التعزيمات الإسلامية وما أظنني أفلح ، فاجعل بالك متى سمعت في البئر صراخا فانهزم : قال : فسمعت في الليل النعي فانهزمت 0
    قال ابن عقيل : وامتنع أحد أن يسكن تلك الدار بعدها والله أعلم 0

    قلت : استوقفني في القصة المذكورة آنفا أمر يتعلق بقصة الجني حيث قال " قتلني هذا بهذه التعزيمات الإسلامية " والذي أعرفه ويعرفه كل معالج متمرس في هذا المجال أن القرآن والتعزيمات الإسلامية لا تؤثر من قريب أو بعيد بالجن المسلم ، بل على العكس من ذلك تماما ، فهي طمأنينة لقلوبهم وراحة لأسماعهم ، وقد حرصوا على سماعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يكون تأثير هذه التعزيمات الإسلامية إلا على شياطين الجن فتحرقهم وتضعفهم وتنال منهم بإذنه سبحانه ، وبكيفية لا يعلمها الا الله عز وجل ، ولذلك نرى بعضا من الشياطين يصرخون ويحترقون من سماع القرآن ، وعند إسلامهم وعودتهم وإنابتهم للحق سبحانه وتعالى تراهم قبل مرحلة مفارقـة الجسد يخشعون ويتفاعلون مع سماع القرآن وتطمئن قلوبهم به ، وقد يذرفون الدموع خوفا وخشية من الله سبحانه وندما على ما ارتكبوا من معاصي وآثام ، وبعض القصص الواردة في هذه الموسوعة تؤكد على هذه الحقيقة ، والله تعالى أعلم 0

    سئلت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء إيذاء الجن والشياطين برمي الحجارة وإغلاق المصباح فأجابت :

    ( قد يكون هؤلاء نفرا من شياطين الجن اعتدوا عليك وعبثوا بك لتخرج من البيت أو لمجرد العبث بك واللعب عليك وقد يكون منهم انتقاما منك لإيذائك إياهم من حيث لا تعلم ، وعلى كل حال الجأ إلى الله وتحصن بتلاوة كتاب الله في البيت وقراءة آية الكرسي عندما تضطجع في فراشك للنوم أو الراحة ، وتستعيذ بالله من شر ما خلق وتقول أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق ثلاث مرات ) ، وتقول كلما دخلت البيت : ( اللهم إني أسألك خير المولج وخير المخرج باسم الله ولجنا وباسم الله خرجنا وعلى الله ربنا توكلنا ) ، وتقول عند كل صباح ومساء ثلاث مرات : ( بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم ) 0
    وبالجملة تحافظ على تلاوة القرآن في البيت وغيره ، وعلى الأذكار النبوية الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم فتذكر الله بها في أوقاتها ليلا ونهارا في البيت وغيره وتجدها في كتاب الكلم الطيب لابن تيمية ، وكتاب الوابل الصيب لابن القيم وكتاب الأذكار للنووي وغير ذلك من كتب الحديث ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم ) ( مجلة البحوث الإسلامية – العدد 27 – ص 76 ، 77 ) 0

    ومن هنا فإن حصول أمور وأحداث قريبة من ذلك ونحوها لا تثير الدهشة والاستغراب ، خاصة إذا علم أنه قد حصل من ذلك الكثير قديما وحديثا ، ونقل التواتر بذلك 0
    وسوف أستعرض هنا الطريقة أو الكيفية التي يسلكها المعالِج في متابعته لتلك الأحوال وعلاجها بإذن الله سبحانه تعالى :

    أولا : الأسباب الرئيسة لتسلط الجن والشياطين : لا بد للمعالِج من إدراك السبب الرئيسي لمثل تلك الأفعال والتصرفات ، وأوجزها بالأمور التالية :

    أ- الإيذاء عن طريق السحر والسحرة :

    إن من أكثر الأساليب شيوعا في حصول هذه الظاهرة في البيوت الإسلامية تسلط الجن والشياطين عليها بواسطة السحر والسحرة حيث يقوم السحرة برصد الجن والشياطين فيعبثوا في تلك البيوت ويعمدوا إلى إيذاء أهلها بالحرق أو السرقة أو العبث ونحوه 0

    قصة واقعية : وتلك قصة أسرة عانت من مشكلة تتعلق بعدم انتظام الكهرباء في المنزل الذي تسكنه ، وقام الأخصائيون والفنيون بمعاينة المكان دون تحديد أية أسباب معلومة لتلك الظاهرة ، وطرأت فكرة لإحدى الفتيات ممن يسكن هذا المنزل بقراءة سورة البقرة ، وحال انتهاء الفتاة من ذلك ، بدأت النيران تشتعل في أنحاء المنزل وجوانبه ( قلت : معلوم أن البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة لا يقربه شيطان كما ثبت في الصحيح ، وقراءة هذه السورة العظيمة تؤثر بطريقة تتأذى منها الأرواح الخبيثة فتنصرف هاربة من البيت وفي ذلك دلالة على تأثير ونفع هذه السورة بطبيعة وكنه لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى ) ، ومن هنا وبسبب تعرض الأرواح للإيذاء الشديد من جراء هذا الفعل ، بدأ الإيذاء يشتد على أهل البيت وساكنيه ، وعانت تلك الأسرة معاناة شديدة ، وقد تبين بعد ذلك بأن المنزل وأهله قد تعرضا لسحر من قبل الخادمة التي غادرت المملكة منذ فترة وجيزة 0
    وبدأت مرحلة العلاج في إقامة الحجة بالدليل والبرهان على عمار هذا المنزل ، وطرح كثير من الأمور الاعتقادية ، أو المتعلقة بالشريعة والدين ومن ثم استخدام أسلوب الترهيب والترغيب وقراءة بعض الآيات الدالة على ذلك ، والتركيز على أن هذا الفعل والإيذاء يعتبر من الظلم الذي حرمه الله سبحانه وتعالى ، وبعد فترة هدأ كل شيء بفضل الله سبحانه وكرمه ومنه ، ومن الأمور العجيبة والغريبة التي حصلت بعد ذلك ، أن إحدى الفتيات سمعت بعد منتصف الليل بقليل صوت أذان ، فاعتقدت أنها تتوهم ذلك ، إلى أن سمع أخوها ما سمعت فحمدت الله سبحانه وتعالى وأثنت عليه 0

    وبعد ذلك وبفضل الله سبحانه وتعالى ثم بصبر هذه العائلة الكريمة ، فرج الله عنهم كربتهم ، وعاد البيت إلى سابق عهده ينعم بالأمن والاطمئنان والسلام ، فلله الحمد والمنة ، والله تعالى أعلم 0

    ب- إيذاء عمار تلك البيوت :

    قد تتسلط الجن والشياطين على تلك البيوت بسبب إيذاء تتعرض له من قبل ساكنيها كصب ماء حار أو إيذاء بدني ونحو ذلك من أمور أخرى 0

    قصة واقعية : وأذكر قصة تحت هذا العنوان حدثت منذ فترة من الزمن ، حيث كانت طفلة صغيرة تلعب في أرجاء البيت ، إلى أن شاهدت في زاوية من زوايا المنزل مجموعة من النمل ، ولعدم إدراكها قامت بسكب مواد حارقة على تلك المجموعة فقتلتها ، وبعد فترة وجيزة بدأت أركان المنزل تشتعل نارا ، واحتار أهل البيت ، في ذلك الأمر ، وباتباع الأسلوب الشرعي الذي سوف يتضح لمعالجة تلك الحالات من الله سبحانه وتعالى على ساكني هذا المنزل بالفرج بعد الكربة والضيق ، والله تعالى أعلم 0

    ج- الإيذاء عن طريق الاقتران :

    قد تلجأ الأرواح الخبيثة المقترنة ببعض الحالات المرضية لأسلوب إيذاء البيت وساكنيه بأفعالها الدنيئة ، نتيجة العدوانية والظلم والسفه والشطط ، ولجبلة تلك النفوس على حب الشر ومقارعته والتلذذ به ، ولذلك تلجأ تلك الأرواح للعبث في المنازل والبيوت بأساليب ووسائل متنوعة كالتسبب في الحرق والسرقة والإتلاف والضرب ونحوه 0

    ثانيا : استيضاح الأحوال والظروف المتعلقة بالمنزل :

    قبل البدء بالمراحل المتلاحقة في علاج البيوت المسكونة بالجن والشياطين وتعرضها للإيذاء من قبل الأرواح الخبيثة ، لا بد للمعالِج من جلسة مع صاحب البيت ليستجمع ويستوضح من خلالها كافة المعلومات المتعلقة بالبيت وأحواله والظروف المحيطة به ، والتي قد تفيده وتساعده للوقوف على الأسباب الحقيقية والرئيسية وراء ذلك الإيذاء 0

    ثالثا : التنبيه على أية أمور مخالفة لأحكام الشريعة :

    في حال رؤية المعالِج لأية مظاهر مخالفة للشريعة الإسلامية ، كالتصاوير والتلفاز والغناء ونحوه ، لا بد من إيضاح خطورة ذلك ، واعتبار أن وجود كافة تلك المظاهر تعتبر عاملا وأسبابا رئيسة تجعل لتلك الأرواح سبيلا ومنفذا لنفث سمومها وأفعالها ، وكذلك لا بد من إيضاح خطورة تلك المظاهر على البيت والأسرة والمجتمع المسلم 0

    رابعا : توخي بعض الأمور الهامة :

    لا بد للمعالِج قبل البدء بالرقية من توخي الأمور التالية :

    أ- إن تلك النوعية من الأرواح الخبيثة - والتي تقوم بتلك الأفعال من حرق وعبث وسرقة ونحوه وتكون بمثابة مصدر للإزعاج والقلق والخوف والرعب لساكني هذه البيوت - هو نوع متمرد قوي يحتاج للفطنة والذكاء والفراسة في أسلوب التعامل والأخذ والرد والذي يتأتى نتيجة الخبرة والممارسة العملية الطويلة ، وهذا الكلام لا يعني مطلقا أن نوعية تلك الأرواح مهما بلغت من القوة والجبروت والبطش لا تتأثر بالرقية الشرعية وقراءة كتاب الله عز وجل ؛ بل على العكس من ذلك تماما ، فقد أكدت النصوص الشرعية على قوة تأثير الرقية بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم على كافة الأنواع والأصناف دون استثناء ، ولا بد للمعالِج من السعي لإقامة الحجة بالدليل والبرهان على تلك الأرواح قبل اتخاذ كافة الأسباب والسبل والوسائل الأخرى التي ترفع الظلم عن ساكني تلك البيوت 0

    ب- يستطيع المعالِج أن يحدد أماكن تواجد تلك الأرواح في البيوت ، من خلال الإحساس والشعور بقشعريرة شديدة في الجسم خلال تواجده في تلك الأماكن ، ويفيد ذلك في اتباع الخطوة التالية التي تعتمد أساسا على دعوة هؤلاء العمار وإقامة الحجة عليهم ، قبل اللجوء إلى الأساليب والطرق الأخرى في العلاج 0

    فائدة هامة : يجب على المسلم أن يحرص دائما على الذكر والدعاء ، خاصة المحافظة على أذكار الصباح والمساء ونزول المكان ودخول المنزل والخروج منه وأذكار الطعام ونحو ذلك من أذكار مأثورة أخرى ، وليحرص كذلك عند دخوله بعض الأماكن وشعوره بتلك الأعراض ( القشعريرة ) من التسمية والذكر ، فإن في ذلك حفظ ووقاية من كل مكروه وسوء بإذن الله سبحانه تعالى 0

    ج- حرص المعالِج أولا ، وقبل البدء بالرقية الشرعية على إقامة الحجة بالدليل والبرهان من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وذلك باتباع أسلوب دعوي يعتمد أساسا في منهجه على الحكمة والموعظة الحسنة والرفق واللين ، ولا بد من اللجوء لهذا الأسلوب لأسباب كثيرة أهمها جهل تلك الأرواح أو ظلمها أو سفهها وشططها ونحو ذلك من أمور أخرى 0

    قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - : ( والمقصود أن الجن إذا اعتدوا على الإنس أخبروا بحكم الله ورسوله ، وأقيمت عليهم الحجة ، وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر كما يفعل بالإنس ، لأن الله يقول : ( وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً ) ( سورة الإسراء – الآية 15 ) ، ولهذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن قتل حيات البيوت حتى تؤذن ثلاثا كما في صحيح مسلم عن أبي سعيد الخدري – رضي الله عنه – قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن نفرا من الجن أسلموا بالمدينة ، فإذا رأيتم أحدا منهم فحذروه ، ثلاث مرات ، ثم إن بدا لكم بعد أن تقتلوه فاقتلوه بعد الثلاث " " صحيح الجامع - 2241 " ) ( مجموع الفتاوى - 19 / 43 ) 0

    قال ابن مفلح – رحمه الله - : ( كان شيخنا – يعني شيخ الإسلام ابن تيمية – إذا أتي بالمصروع وعظ من صرعه وأمره ونهاه ، فإذا انتهى وفارق المصروع أخذ عليه العهد أن لا يعود ، وإن لم يأتمر ولم ينته ولم يفارق ؛ ضربه حتى يفارقه ) ( الفروع – 1 / 607 ) 0

    قال النووي : ( قال العلماء : معناه وإذا لم يذهب بالإنذار علمتم أنه ليس من عوامر البيوت ، ولا ممن أسلم من الجن ، بل هو شيطان - في رواية مسلم - فلا حرمة عليكم فاقتلوه ، ولن يجعل الله له سبيلا للانتصار عليكم بثأره ، بخلاف العوامر ومن أسلم والله أعلم ) ( صحيح مسلم بشرح النووي – 13 ، 14 ، 15 / 397 ) 0

    قال القرطبي : ( قال علماؤنا - رحمة الله عليهم - : لا يفهم من هذا الحديث أن هذا الجان الذي قتله هذا الفتى كان مسلما وأن الجن قتلته به قصاصا ؛ لأنه لو سلم أن القصاص مشروع بيننا وبين الجن لكان إنما يكون في العمد المحض ؛ وهذا الفتى لم يقصد ولم يتعمد قتل نفس مسلمة ، إذ لم يكن عنده علم من ذلك ، وإنما قصد إلى قتل ما سوغ قتل نوعه شرعا ؛ فهذا قتل خطأ ولا قصاص فيه 0 فالأولى أن يقال : أن كفار الجن أو فسقتهم قتلوا الفتى بصاحبهم عدوا وانتقاما 000
    وإنما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن بالمدينة جنا قد أسلموا ) 0 ليبين طريقا
    يحصل به التحرز من قتل المسلم منهم ويتسلط به على قتل الكافر منهم ) ( الجامع لأحكام القرآن – 1 / 316 ، 317 ) 0

    خامسا : خطبة الحاجة : البدء بـ ( خطبة الحاجة ) المشار إليها في مقدمة هذا الكتاب 0

    قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - : ( وتستحب هذه الخطبة في افتتاح مجالس التعليم والوعظ والمجادلة وليست خاصة بالنكاح ) ( مجموع الفتاوى – 18 / 287 ) 0

    سادسا : استخدام الأسلوب الدعوي المؤثر : استخدام المعالِج لأسلوب دعوي مؤثر في دعوته لهؤلاء العمار مع التركيز على ضوابط وأسس هذه الدعوة ، وهذا ما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم في دعوته للكفار ، كما ورد في الرسالة المعروفة التي أرسلها - عليه الصلاة والسلام - لهرقل ملك الروم ، كما ثبت من حديث أبي سفيان - رضي الله عنه - حيث قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( بسم الله الرحمن الرحيم ، من محمد عبد الله ورسوله إلى هرقل عظيم الروم ، سلام على من اتبع الهدى ، أما بعد ، فإني أدعوك بدعاية الإسلام ، أسلم تسلم ، يؤتيك الله أجرك مرتين ، فإن توليت فإن عليك إثم الأريسيين ، و ( قلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلا نَعْبُدَ إِلا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ ) " سورة آل عمران – الآية 64 " ) ( متفق عليه ) 0

    قال النووي - رحمه الله - : ( وفي هذا الكتاب جمل من القواعد وأنواع من الفوائد منها :

    أ)- دعاء الكفار إلى الإسلام قبل قتالهم ، وهذا الدعاء واجب ، والقتال قبله حرام إن لم تكن بلغتهم دعوة الإسلام ، وإن كانت بلغتهم فالدعاء مستحب 0

    ب)- استحباب تصدير الكتاب بـ ( بسم الله الرحمن الرحيم ) ، ومنها أن قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الآخر : ( كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بحمد الله فهو أجزم ) ( أخرجه الإمام أحمد في المسند – 2 / 359 ) 0 المراد بالحمد لله ذكر الله تعالى 0

    ج)- التوقي في المكاتبة واستعمال الورع فيها ، فلا يفرط ولا يفرط ، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إلى هرقل عظيم الروم ) فلم يقل : ملك الروم لأنه لا ملك له ولا لغيره إلا بحكم دين الإسلام ، ولا سلطان لأحد إلا لمن ولاه رسول الله صلى الله عليه وسلم أو ولاه من أذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم بشرط ، وإنما ينفذ من تصرفات الكفار ما تنفذه الضرورة 0

    د)- ولم يقل : إلى هرقل فقط ، بل أتى بنوع من الملاطفة فقال : ( عظيم الروم ) أي الذي يعظمونه ويقدمونه ، وقد أمر الله تعالى بِإلانة القول لمن دعي إلى الإسلام فقال تعالى : ( ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ) ( سورة النحل – الآية - 125 ) وقال تعالى : ( فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّنًا ) ( سورة طه - الآية 44 ) وغير ذلك 0

    هـ)- استحباب البلاغة والإيجاز وتحري الألفاظ الجزلة في المكاتبة ، فإن قوله صلى الله عليه وسلم : ( أسلم تسلم ) في نهاية من الاختصار ، وغاية من الإيجاز والبلاغة وجمع المعاني ، مع ما فيه من بديع التجنيس وشموله لسلامته من خزي الدنيا بالحرب والسبي والقتل وأخذ الديار والأموال ، ومن عذاب الآخرة 0

    و)- إن من أدرك من أهل الكتاب نبينا صلى الله عليه وسلم فآمن به فله أجران كما صرح به هنا 0

    ز)- البيان الواضح أن من كان سببا لضلالة أو سبب منع من هداية كان آثما لقوله صلى الله عليه وسلم : ( وإن توليت فإن عليك إثم الأريسيين ) ومن هذا المعنى قول الله تعالى : ( وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالاً مَعَ أثْقَالِهِمْ " سورة العنكبوت – الآية 3 " ( صحيح مسلم بشرح النووي – 10 ، 11 ، 12 / 450 ، 451 ) 0

    قلت : وذلك من بديع فهم علماء الأمة لمعاني أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وتلك بعض الفوائد العظيمة التي أشار إليها الإمام النووي في المكاتبة والدعوة ، وحري بالداعية التحلي بها لإيصال رسالته إلى الثقلين ، وعالم الجن عالم غيبي يحتاج إلى الدعوة الموزونة بميزان الشريعة ، المتحلية بلباس الحكمة والموعظة الحسنة ، المنمقة باللين والرفق والحلم ، وكل ذلك كفيل لأن تدرك القلوب تلك الدعوة فتلمس شغافها وثناياها ، وتطرق أسماعها فيتجلى الخوف والخشية والبكاء ، وينظر بعد ذلك العبد ببصيرة وسعة أفق ، فيمتثل لأوامر الله ويجتنب نواهيه ، ويقبل بالمحبة والصدق والإخلاص له ولرسوله ولعباده المؤمنين الصالحين 0

    وكما أسلفت فالرقية الشرعية دعوة قبل أن تكون حرب ونزال ، وقد حدد الإمام النووي - رحمه الله - بعض القواعد والفوائد البديعة للدعوة وأسلوبها وطريقتها من خلال فهم الحديث آنف الذكر ، فبإمكان المعالِج الاستفادة من تلك القواعد التي ستكون عونا له في إيصال رسالته وتبليغ دعوته 0

    * طريقة الدعوة والخطاب : ومن هنا تبدأ مسؤولية المعالِج في علاج حالة البيت وما تعرض له من إيذاء وضرر ، وعليه أن يركز من خلال دعوته على أمر هام جدا وهو العقيدة الصحيحة والتوحيد الخالص لله سبحانه وتعالى بأنواعه الثلاثة ( توحيد الألوهية وتوحيد الربوبية وتوحيد الأسماء والصفات ) ، ومن ثم ينتقل للكلام عن رحمة الله سبحانه وتعالى وعقوبته ، ويذكر بحديث البطاقة الذي رواه ابن عمر - رضي الله عنه - عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( إن الله سيخلص رجلا من أمتي على رؤوس الخلائق يوم القيامة ، فينشر عليه تسعة وتسعين سجلا ، كل سجل مثل مد البصر ، ثم يقول : أتنكر من هذا شيئا ؟ أظلمك كتبتي الحافظون ؟ فيقول : لا يا رب ، فيقول : أفلك عذر ؟ فيقول : لا يا رب ، فيقول : بلى ، إن لك عندنا حسنة ، وإنه لا ظلم عليك اليوم ، فتخرج بطاقة فيها أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، فيقول : أحضر وزنك ، فيقول : يا رب ، ما هذه البطاقة مع هذه السجلات ؟ فيقال : فإنك لا تظلم ، فتوضع السجلات في كفة ، والبطاقة في كفه ، فطاشت السجلات ، وثقلت البطاقة ، ولا يثقل مع اسم الله تعالى شيء ) ( صحيح الجامع - 1776 ) 0

    بعد ذلك يسترسل في الحديث عن الجنة وما أعده الله سبحانه وتعالى فيها لعباده الصالحين ، من حور عين وفواكه وأنهار وعسل مصفى لذة للشاربين ، ويقف أمام أهوال النار وما أعده الله سبحانه وتعالى فيها للكافرين والمشركين ، ويتحدث تارة عن القيامة الصغرى منذ لحظة الموت وضمة القبر وسؤال الملكين ، وتارة أخرى يتحدث عن البرزخ وعذاب القبر ، ثم ينتقل للحديث عن القيامة الكبرى من بعث ونشور وصراط ونحو ذلك من أهوال يوم البعث والنشور ، ويستخدم أحيانا أسلوب الترغيب ، ويستخدم تارة أخرى أسلوب الترهيب ، ويتحدث عن الظلم وعاقبته ومآله ، وعادة ما تستجيب تلك الأرواح لمثل ذلك الأسلوب الدعوي بفضل الله سبحانه وتعالى ، وعادة ما يسلك المعالِج هذا المسلك في الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى إن كان يعتقد بأن عمار البيت من الكفرة والمشركين ، وأما إن كان الاعتقاد لديه بأن تلك الأرواح من المسلمين ، فلا بد أن يوضح لهم حق المسلم على أخيه المسلم بالموعظة التي يراها مناسبة في حقهم 0

    وإن رأى المعالِج من خلال خبرته وممارسته العملية أن تلك الأفعال ناجمة عن إيذاء من أهل البيت في حق تلك الأرواح ، فلا بد من إيضاح أنهم ما قصدوا الإيذاء وما تعمدوه ، وفي حال اعتقاد المعالِج بأن تلك الأرواح كافرة فيجب دعوتهم للإسلام وبيان حقيقته ورسالته النبيلة السامية ، وحال اعتقاده بأن تلك الأرواح مسلمة فيجب تذكيرهم بالله سبحانه وتعالى ومخاطبتهم بالحكمة والموعظة الحسنة ، وبيان حقوق المسلمين بعضهم على بعض ، والأخوة الصادقة التي تربط بين المسلم وأخيه المسلم ، وإن كان اعتقاد المعالِج أصلا بتسلط تلك الأرواح عن طريق السحر ، بناء على الدراسة والبحث الموضوعي ومرئيات الحالة ، فلا بد أن يوضح لتلك الأرواح خطورة السحر والسحرة وعواقبه الوخيمة في الدنيا والآخرة 0

    يقول الأستاذ ماهر كوسا : ( فإن المعالج والقارئ بكتاب الله الكريم يجب أن يكون على علم ومعرفة بكل هذه الأمور وعليه عند بداية مخاطبة الجن في أجساد البشر أن يكون حسن الخلق داعية إلى الله يبرز قدرة الدين الإسلامي في مخاطبة القلوب والعقول وأن يلجأ إلى الأسلوب الطيب المقنع كما أسلفت حتى يستنفذ كل السهام ، وعليه بالصبر فإن أفلح فالحمد لله ، وإلا فيقوم بإخراجه بالطريقة التي يراها مناسبة فيما يرضي الله تعالى ) ( فيض القرآن في علاج المسحور - 13 ) 0

    سابعا : التسمية والحمد والثناء على الحق تبارك وتعالى : بعد ذلك يبدأ بالتسمية والحمد والثناء على الحق تبارك وتعالى ودعائه والتضرع إليه ، ثم الرقية الشرعية الثابتة في الكتاب والسنة ، وقد تم الإشارة إلى تلك السور والآيات في هذا الكتاب تحت عنوان ( طريقة علاج اقتران الأرواح الخبيثة ) ، مع التركيز على النصوص الثابتة الصريحة للرقية الشرعية في السنة المطهرة ، كقراءة سورة البقرة وآية الكرسي وأواخر سورة البقرة وسورة الإخلاص والمعوذتين ونحوه 0

    ثامنا : النفث والتفل : ومن ثم ينفث في ماء وملح ، وبالإمكان إضافة مسك أبيض وزعفران وسذاب وحرمل للماء ويبدأ برش الماء في الزوايا العلوية للمنزل مبتدئ بالمدخل الرئيس من الجهة اليمنى ، ومعلوم أن التيامن في إكرام الضيف ونحوه سنة ، لما ثبت من حديث أنس – رضي الله عنه – قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( الأيمن فالأيمن ) ( متفق عليه ) 0

    قال المناوي : ( أي ابتدئوا بالأيمن أو قدموا الأيمن يعني من عند اليمين في نحو الشرب ، أو الأيمن أحق ورجحه العيني بقوله : في بعض طرق الحديث " الأيمنون فالأيمنون " وكرر لفظ الأيمن ، للتأكيد إشارة إلى ندب البداءة بالأيمن ولو مفضولا ، وحكي عليه الاتفاق بل قال ابن حزم : لا يجوز مناولة غير الأيمن إلا بإذنه 0 قال ابن العربي : وكل ما يدور على جمع من كتاب أو نحوه فإنما يدور على اليمين قياسا على ما ذكر ، وتقديم من على اليمين ليس لمعنى فيه بل المعنى في جهة اليمين وهو فضلها على جهة اليسار ، فيؤخذ منه أن ذلك ليس ترجيحا لمن عن اليمين بل لجهته ) ( فيض القدير - 3 / 190 ، 191 ) 0

    وبعد الانتهاء من رش الماء يقوم برش الملح في الزوايا السفلية وبنفس طريقة رش الماء ، ويفضل استخدام النوع الصخري من أنواع الملح ، ولا بد للمعالِج من مراعاة الأمور التالية :

    أ- أن يوضح لعمار المنزل أن قيامه بفعل ذلك لا يعتبر تعديا أو تقصدا للإيذاء ؛ بقدر ما هو رفع للظلم والبغي ، والجزاء إنما يكون من جنس العمل 0

    ب- أن يوضح لأهل البيت بأن استخدام الماء والملح المقروء عليه بهذه الكيفية ، إنما هو من قبيل اتخاذ الأسباب المباحة للعلاج ، خاصة أن تلك الأرواح أكثر ما تتواجد في الزوايا والأركان بناء على ما ثبت تواترا لدى أهل الخبرة والدراية والممارسة ، وأن يوضح أيضا أن فعله ذلك ورشه الماء على هذا النحو يؤدي لطردهم من المنزل بإذن الله تعالى ، لا سيما أن تلك الأرواح تتأذى من الملح ولا تحبه من قريب أو بعيد ، وقد سألت فضيلة الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين بخصوص تلك المسألة واستخدام الماء والملح على النحو السابق فأشار - حفظه الله - بجواز ذلك وأنه لا يرى بأسا باستخدامه دون الاعتقاد فيه ، إنما هو من قبيل الأسباب الداعية للطرد والشفاء بإذن الله تعالى ، هذا وسوف أعرج على تلك الفتوى لاحقا 0

    وقد وقفت على كلام لأبي النضر هاشم بن القاسم حول مسألة رش الماء في الزوايا والأركان حيث يتكلم عن بعض الجن ممن كانوا يسكنون داره قال : ( فأخذت تورا من ماء ، ثم تكلمت فيه بهذا الكلام : بسم الله ، أمسينا بالله الذي ليس منه شيء ممتنع ، وبعزة الله التي لا ترام ولا تضام ، وبسلطان الله المنيع نحتجب ، وبأسمائه الحسنى كلها عائذ من الأبالسة ، ومن شر شياطين الإنس والجن ، ومن شر كل معلن أو مسر ، ومن شر ما يخرج بالليل ويكمن بالنهار ، ويكمن بالليل ويخرج بالنهار ، ومن شر ما خلق وذرأ وبرأ ، ومن شر إبليس وجنوده ، ومن شر كل دابة أنت آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم ، أعوذ بالله : بما استعاذ به موسى ، وعيسى ، وإبراهيم الذي وفى ، من شر ما خلق وذرأ وبرأ ، ومن شر إبليس وجنوده ، ومن شر ما يبغي 0 أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم ، ( بسم الله الرحمن الرحيم - سورة الصافات - الآية - 1- 10 - ثم تتبعت به زوايا الدار فرششته ، فصاحوا بي : أحرقتنا نحن نتحول عنك ) ( ذكره الهيثمي في " مجمع الزوائد " ونسبه لأبي يعلى 0 وقال الهيثمي : وفيه عثمان بن مطر ، وهو ضعيف - محقق الوابل الصيب ، وذكره الكناني في " تنزيه الشريعة " – برقم ( 324 ) ، والغماري في " التهاني في التعقب على موضوعات الصنعاني " – برقم ( 27 ) ، والسيوطي في " اللآلي المصنوعة " – برقم ( 347 و 348 ) ، وابن الجوزي في " الموضوعات " – برقم ( 168 و 169 ) ، والفتني في " تذكرة الموضوعات " – برقم ( 211 و 212 ) والذهبي في " ترتيب الموضوعات : - برقم 995 ) 0

    قلت : ومع عدم ثبوت الكلام آنف الذكر إلا أن لي وقفات ألخصها بالآتي :

    1)- لا يرى بأسا باستخدام الذكر الوارد أعلاه لطرد الجن والشياطين من البيوت المسكونة ، لعدم تعارضه مع حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم " اعرضوا علي رقاكم 000 " مع أن الأولى تركه والاعتماد في ذلك على النصوص الثابتة كقراءة سورة البقرة وآية الكرسي والمعوذتين ونحوه 0

    2)- يستأنس من خلال الكلام آنف الذكر استخدام رش الماء في الزوايا والأركان مع الأخذ بعين الاعتبار بأن تلك الأسباب أسباب حسية للعلاج دون الاعتقاد بأنها تضر أو تنفع بذاتها إنما بإرادة الله سبحانه وتعالى 0
    يقول الأستاذ مختار محمد كامل : ( ومن الأمور الهامة أيضاً شرب الماء المقروء عليه والاغتسال به ورشه في أركان المنزل ، وهذا يؤذي الجن المعتدي على الإنسان ) ( طرد وعلاج الجان بالقرآن والأعشاب – ص 11 ) 0

    3)- بالنسبة لأول عشر آيات من سورة الصافات تبين أنها تؤثر تأثيرا قويا ونافعا بإذن الله تعالى على الجن والشياطين فقراءتها تضعفهم وتنال منهم لما تحتويه من آيات ترهيب وتقريع ، ومع ذلك فلا يجوز الاعتقاد بها دون سواها من آيات وسور القرآن العظيم ، فالقرآن كله خير وشفاء والله تعالى أعلم 0

    سئل الشيخ محمد بن إبراهيم عن الرقية في الملح ؟

    فأجاب - رحمه الله - : ( هذا ليس فيه بأس 0 والناس توسعوا فيها - أي في جنس الرقية - من جهات الأولى البطيء فإنها كلما كانت أجد كانت أنفع ، وما دام لها أثر فإنها تصلح 0 وأيضا الاستعمال وإلا فليس من شرطها أن تكون على معين فإنها قراءة ) ( فتاوى ورسائل الشيخ محمد بن إبراهيم - 1 / 94 ) 0

    سئل فضيلة الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين عن حكم استخدام رش الماء والملح في زوايا المنازل المسكونة بالجن والشياطين واعتبار ذلك من الأسباب الحسية للاحتراز من أذاهم بإذن الله تعالى ، حيث أنه يكثر تواجدهم في الزوايا وهم يكرهون الملح ولا يستسيغونه ؟

    فأجاب – حفظه الله - : ( لا بأس بطرح الملح في الماء حتى يذوب ثم يرش به زوايا المنزل من الداخل والخارج فقد جرب ذلك فوجد مفيدا في حراسة المنازل وطرد المتمردين من الجن والسلامة من أذاهم ، فإنهـم قد يتسلطون على بعض القراء والمعالِجين فيجوز استعمال ما ينفع في التحرز من شرهم وأذاهم ، وكذا يشرع قراءة بعض الأذكار والأوراد والتعوذات في ماء ثم يرش به المنزل الذي يتواجد فيه الجن والشياطين فإنه يبعدهم بإذن الله تعالى والله الشافي ) ( منهج الشرع في علاج المس والصرع ) 0

    بعض المعالجين يعمدون إلى قراءة آية الكرسي أو أي آيات أخرى في زوايا البيوت ، وقد يكون السبب في ذلك معرفتهم بتواجد الجن والشياطين أكثر ما يتواجدون في هذه الأماكن ، مستأنسين بأثر عن عبدالرحمن بن عوف : ( أنه إذا دخل منزله قرأ في زواياه آية الكرسي ) ( أخرجه الهيثمي في " مجمع الزوائد " – 10 / 128 ، من طريق عبدالله بن عبيد بن عمير ، وقال : رواه أبو يعلى ورجاله ثقات إلا أن عبدالله لم يسمع من ابن عوف ، وأخرجه ابن أبي شيبة في " مصنفه " – 6 / 127 – والسيوطي في " الدر المنثور " – 1 / 574 ) 0

    قلت : ومع انقطاع سند الأثر آنف الذكر كما أشار لذلك الهيثمي في " مجمع الزوائد " حيث أن عبدالله بن عبيد بن عمير لم يسمع من عبدالرحمن بن عوف ، وبالتالي ضعف الأثر ، إلا أنه لا يرى بأساً بفعل ذلك خاصة أنه قد ثبت تواترا تواجد الجن والشياطين في الزوايا ، وكذلك ثبوت الرقية بآية الكرسي كما في حديث أبي هريرة – رضي الله عنه – مع أن الأولى ترك ذلك والقراءة في البيوت والمنازل بشكل عام ، لا سيما أن هذه القراءة تحقق المطلوب بإذن الله عز وجل وتسمع العمار أينما كانوا في البيوت ، وكذلك عدم زرع اعتقاد لدى الخاصة في هذه الكيفية ، ودرءاً لما قد يحاك في صدور العامة والله تعالى أعلم 0

    سئل فضيلة الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين عن القراءة في زوايا البيوت ببعض السور والآيات ، فأجاب – حفظه الله - : ( لا بأس بذلك والأولى أن تكون القراءة في البيت بشكل عام خوفاً من مضنة الاعتقاد ، والله تعالى أعلم ) ( منهج الشرع في علاج المس والصرع ) 0

    تاسعا : استخدام الدعاء الوارد في كتاب الدكتور ( عمر الأشقر ) وأدعية أخرى : لا بأس باستخدام الدعاء الذي أورده الشيخ عمر الأشقر - حفظه الله - في كتابه ( عالم الجن والشياطين ) ، وهو على النحو التالي :

    ( بسم الله ، أمسينا بالله الذي ليس منه شيء ممتنع ، وبعزة الله التي لا ترام ولا تضام ، وبسلطان الله المنيع نحتجب ، وبأسمائه الحسنى كلها عائذ من الأبالسة ، ومن شر شياطين الإنس والجن ، ومن شر كل معلن أو مسر ، ومن شر ما يخرج بالليل ويكمن بالنهار ، ويكمن بالليل ويخرج بالنهار ، ومن شر ما خلق وذرأ وبرأ ، ومن شر إبليس وجنوده ، ومن شر كل دابة أنت آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم ، أعوذ بالله : بما استعاذ به موسى ، وعيسى ، وإبراهيم الذي وفى ، من شر ما خلق وذرأ وبرأ ، ومن شر إبليس وجنوده ، ومن شر ما يبغي 0 أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم ، ( بسم الله الرحمن الرحيم - الصافات - 1 – 10 ) ( وهذا من الموضوعات – كما سوف يأتي تخريجه تحت عنوان ( أمور يجب التنبيه عليها ) 0

    قلت : ومع ثبوت وضعه ، إلا أنه لا يحتوي على أية مخالفات للأسس الرئيسة في الرقية الشرعية ولا يتعارض مع قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( اعرضوا علي رقاكم ، لا بأس بالرقية ما لم يكن شرك ) ( صحيح الجامع 1048 ) ، مع أن الأولى تركه ، ولكن الدعاء به جائز شريطة أن لا يعتبر قولا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما هو من قبيل الدعاء المباح فقط ، هذا وقد عقبت عليه آنفا عند الحديث عن كلام أبي النضر هاشم بن القاسم حول مسألة رش الماء في الزوايا والأركان ، والله تعالى أعلم 0

    وكذلك فقد أورد الأستاذ رضا الشرقاوي ما نصه : ( أقسم عليكم بعزة الله وقدرته وقهره وعظيم سلطانه وكبريائه أن تتسلسلوا بسلاسل من نار في أعناقكم وأيديكم وأرجلكم ) ( العلاج بالقرآن من أمراض الجان – ص 41 ، 42 ) 0

    ويجوز كذلك الدعاء بذلك من قبيل الدعاء على الظالم والمعتدي بعد إقامة الحجة عليه بالدليل والبرهان ، مع إصراره على الظلم والعدوان ، وقد تم بحث ذلك في هذه السلسلة ( المنهج اليقين في بيان أخطاء معالجي الصرع والسحر والعين ) ، تحت ( لجوء بعض المعالجين بالدعاء للجن أو عليهم ) ، خاصة أن هذا الدعاء لا يحتوي على أية محاذير أو مخالفات شرعية ، والله تعالى أعلم 0

    عاشرا : الأولى الرقية في تلك المنازل وترا : الأولى أن يقوم المعالِج بالرقية في تلك المنازل وترا ، لما ثبت من حديث أبي هريرة وابن عمر - رضي الله عنهما - قالا : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن الله تعالى وتر ، يحب الوتر ) ( صحيح الجامع 1829 ) ، وقد ثبت من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن لله تعالى تسعة وتسعين اسما ، من حفظها دخل الجنة ، وإن الله وتر يحب الوتر ) ( متفق عليه ) 0

    قال النووي : ( " إن الله وتر يحب الوتر " الوتر الفرد ، ومعناه في حق الله تعالى الواحد الذي لا شريك له ولا نظير 0 ومعنى يحب الوتر تفضيل الوتر في الأعمال وكثير من الطاعات ، فجعل الصلاة خمسا ، والطهارة ثلاثا ، والطواف سبعا ، والسعي سبعا ، ورمي الجمار سبعا ، وأيام التشريق ثلاثا ، والاستنجاء ثلاثا ، وكذا الأكفان ، وفي الزكاة خمسة أوسق ، وخمس أواق من الورق ، ونصاب الإبل ، وغير ذلك 0 وجعل كثيرا من عظيم مخلوقاته وترا منها السماوات ، والأرضون ، والبحار ، وأيام الأسبوع ، وغير ذلك ) ( صحيح مسلم بشرح النووي – 16 ، 17 ، 18 / 178 ) 0

    ولا بد عندئذ من اليقين بالله سبحانه وتعالى إن توفرت كافة السبل والوسائل الشرعية والمباحة ، وإخلاص النية من المعالِج ، وتوجه أصحاب البيوت المسكونة إلى الله تعالى بالدعاء والتضرع والتقرب بالطاعات واجتناب المنهيات ، وكل ذلك كفيل بأن يرفع البلاء ، ويبدل الحال أمنا وطمأنينة بإذن الله سبحانه وتعالى 0

    مسألة هامة : وقبل أن أنهي بحثي في هذا الموضوع فسوف أتعرض لمسألة هامة تختص بهذا الأمر ، حيث يقوم البعض ممن ابتلي بهذا النوع من أنواع الإيذاء بتشغيل شريط مسجل في المنزل أو البيت لآيات من كتاب الله عز وجل ضنا واعتقادا بالحفظ والوقاية من الجن والشياطين ، وأحيانا أخرى قد يقوم بتشغيل الشريط ويمضي خارج المنزل لقضاء بعض حوائجه ، وقد يعمد البعض بتشغيل جهاز تسجيل يحتوي على آيات أو سور من القرآن الكريم وتركه في المنزل حماية ووقاية من الجن والشياطين 0

    سئل سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز عن حكم ترك القرآن في المنزل إذا كان لا يوجد أحد في المنزل ( جهاز تسجيل ) وتشغيل القرآن في المنزل حماية ووقاية للبيت من الجن والشياطين ؟

    فأجاب - رحمه الله - : ( لا أعلم فيه شيء ) ( منهج الشرع في علاج المس والصرع ) 0

    أو قد يعمد البعض بوضع أجهزة التسجيل بجانب المريض وتشغيل أشرطة القرآن والرقية ، وقد سئلت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء عن حكم تشغيل جهاز التسجيل على آيات من القرآن لعدة ساعات عند المريض وانتزاع آيات معينة تخص السحر وأخرى للعين ، وأخرى للجان 00 ؟

    فأجابت - حفظها الله - : ( تشغيل جهاز التسجيل بالقراءة والأدعية لا يغني عن الرقية لأن الرقية عمل يحتاج إلى اعتقاد ونية حال أدائها ومباشرة للنفث على المريض والجهاز لا يتأتى منه ذلك ) ( جزء من فتوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء – الفقرة الثامنة - برقم ( 20361 ) وتاريخ 17 / 4 / 1419 هـ ) 0

    قلت : والأولى أن يلجأ المسلم إلى تحصين نفسه وآل بيته بالرقية المباشرة وخاصة قراءة سورة البقرة وترا فإنها نافعة بإذن الله سبحانه وتعالى في طرد تلك الأرواح الخبيثة وهذا أنفع وأسلم وأتقى ، علما بأن استخدام أجهزة التسجيل في المنازل لطرد الجن والشياطين قد ثبت نفعها بإذن الله تعالى 0

    هذا ما تيسر لي بخصوص هذه المسألة المهمة ، سائلاً المولى عز وجل أن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل ، إنه سميع مجيب الدعاء 0

    وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ،،،

    أخوكم / أبو البراء أسامة بن ياسين المعاني 0

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Mar 2003
    الموقع
    ما فيه اطهر منها فى العالم
    الردود
    1,946
    الجنس
    أنثى
    بارك الله فيك وجزاك خيرآ

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Sep 2005
    الردود
    484
    الجنس



    وإياكم أختي الفاضلة ( أم هادي ) ، مع تمنياتي لكم بالصحة والسلامة والعافية :

    أخوكم / أبو البراء أسامة بن ياسين المعاني 0

مواضيع مشابهه

  1. الردود: 4
    اخر موضوع: 06-07-2008, 09:59 PM
  2. تحصين المنزل الجديد
    بواسطة om fares في روضة السعداء
    الردود: 11
    اخر موضوع: 26-03-2008, 02:51 AM
  3. حديقة منزلك الجديد
    بواسطة شامل في الديكور الداخلي والخارجي
    الردود: 16
    اخر موضوع: 01-12-2007, 09:29 AM
  4. هل يمكن تخزين محاضرات على سي دي مباشر من النت ؟
    بواسطة طريق الهدى في ركن الكمبيوتر والإنترنت والتجارب
    الردود: 1
    اخر موضوع: 11-07-2006, 03:47 PM
  5. حديقة منزلك الجديد
    بواسطة شامل في الديكور الداخلي والخارجي
    الردود: 15
    اخر موضوع: 29-12-2002, 03:13 AM

أعضاء قرؤوا هذا الموضوع: 0

There are no members to list at the moment.

الروابط المفضلة

الروابط المفضلة
لكِ | مطبخ لكِ