واجب الوقت : التوبة من آفاتنا .وقفة مع الاستدراج :

وقفة مع الاستدراج :
إذا نزلت النقم وحلت البلايا من بعد النعم فاعلم أنَّ ذلك بسبب عدم شكران
قال الله تعالى :
" وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ " [ إبراهيم :7 ]

إذا وجدت انفسك في غفلة وشرود ، وتعصي ولا تتوب ، ثم تجد النعم تتوالى عليك فاحذر فأنت مستدرج ، وستفجأك المصيبة ، نعوذ بالله من فجأة النقم .
قال صلى الله عليه وسلم :
إذا رأيت الله تعالى يعطي العبد من الدنيا ما يحب و هو مقيم على معاصيه فإنما ذلك منه استدراج . [ رواه الطبراني وصححه الألباني]

وقد قال الله
" سنستدرجهم من حيث لا يعلمون " [القلم :44 ]
قال الإمام أحمد : سمعت أبا معاق النحوي يقول : سنستدرجهم من حيث لا يعلمون قال : أظهر لهم النعمة و أنساهم الشكر . [ شعب الإيمان (4/128) ]

إذا كان الناس اليوم يعيشون بلا أمان ، وإذا كان القلق والخوف والحزن والاضطراب هو لسان الحال ،
فاستغفر ربك من ذنب " كفران النعم " والهج بالحمد .
جمعها موسى عليه السلام حين قال :
" قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ
قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِلْمُجْرِمِين "
وحينما خرج من مصر خائفًا يترقب فقال :
" رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ "
فجاءته البشرى على لسان العبد الصالح في مدين :
"قَالَ لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ
واجب الوقت : التوبة من آفاتنا .
نحتاج أن نتوب كل يوم من شيء لنستدفع عنا وعن بلادنا العذاب ، ربنا اكشف عنا العذاب .

فمن ذلك : التوبة من اتباع الهوى وإعجاب كل واحد برأيه فقط .
قال الأوزاعيّ- رحمه اللّه تعالى-:
«قال إبليس لأوليائه: من أيّ شيء تأتون بني آدم؟
فقالوا: من كلّ شيء. قال: فهل تأتونهم من قبل الاستغفار؟
فقالوا: هيهات، ذاك شيء قرن التّوحيد، قال: لأبثّنّ فيهم شيئا لا يستغفرون اللّه منه؛
قال: فبثّ فيهم الأهواء . [ سنن الدارمي (1/ 103) رقم (308) ]

هل تراجع نفسك كثيرا ؟
هل تشعر أنك تحتكر الحق وحدك ؟
هل تشعر أن رأيك أفضل من رأي غيرك دائما ؟
ألا تخاف من قوله تعالى :
" قل هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً [الكهف:103-104]

ولذلك تعهد إبليس أن ينشر في البشر اتباع الأهواء حتى يرى الواحد منهم نفسه على الحق، فلماذا يستغفر؟ فيستمر؛ لكن لو أنَّ إبليس اكتفى بإيقاع الناس في الزنا والخمر والربا فقط فإن الناس سيعرفون أنها حرام، وقد يوفق أناس للتوبة، لكن إذا أوقعهم في البدع والأهواء فكل واحد يرى نفسه على صواب فلا يستغفر، إذا نصحته يقول: استغفر لنفسك أنت!
هيا ادع الله تعالى : اللهم اهدنا ويسر لنا الهدى وأرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه وارزقنا السداد والرشاد .
والآن استغفر مما علمت ومما لم تعلم .