رجلاً مستجاب الدعوة
عن على ابن أبى طالب قال :
ما سمعت رسول الله يفدي أحدا بأبويه الا سعدا فاني سمعته يوم أحد يقول:
«ارم سعد.. فداك أبي وأمي »
نسبه :
هو سعد بن أبي وقاص مالك بن أهيب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرة من قريش
فهو من بني زهرة وهم من أخوة آمنة بنت وهب أم رسول الله صلى الله عليه وسلم
وقد كان الرسول يعتبره بمثابة الخال
فقد ورد أنه كان جالسا مع نفر من أصحابه فرأى سعد بن أبي وقاص مقبلا فقال لمن معه:
"هذا خالي فليرني أمرؤ خاله"
مولده ونشأته :
ولد فى مكة سنة 23 قبل الهجرة
نشأ سعد في قريش واشتغل في بري السهام وصناعة القوص
وهذا عمل يؤهل صاحبه للائتلاف مع الرمي وحياة الصيد والغزو
وكان يمضي وقته وهو يخالط شباب قريش وساداتهم ويتعرف على الدنيا من خلال معرفة الحجاج الوفدين
إلى مكة المكرمة في أيام الحج ومواسمها المتباينة الأهداف والمتنوعة الغايات
إسلامه :
سعد بن أبي وقاص دخل الإسلام وهو ابن سبع عشرة سنة وكان إسلامه مبكرا
ويتحدث عن نفسه فيقول:
« ولقد أتى عليّ يوم واني لثلث الإسلام »
يعني أنه كان ثالث ثلاثة سارعوا إلى الإسلام
وقد أعلن إسلامه مع الذين أعلنوه بإقناع أبى بكر الصديق إياهم
وهم عثمان بن عفان و الزبير بن العوام وعبد الرحمن بن عوف وطلحة بن عبيد الله
الله الله فى السابقون الاولون
ثورة أمه عليه ورفضها إسلامه
يقول سعد رضى الله عنه :
(وما سمعت أمي بخبر إسلامي حتى ثارت ثائرتها وكنت فتى بارا بها محبا لها فأقبلت علي تقول يا سعد ما هذا الدين الذي اعتنقته فصرفك عن دين أمك وأبيك؟
والله لتدعن دينك الجديد أو لا آكل ولا أشرب حتى أموت فيتفطر فؤادك حزنا علي ويأكلك الندم على فعلتك التي فعلت وتعيرك الناس أبد الدهر)
فقلت لها : لاتفعلي يا أماه فأنا لا أدع ديني لأي شيء
إلا أن أمه اجتنبت الطعام ومكثت أياما على ذلك فهزل جسمها وخارت قواها فلما رأها سعد قال لها :
(يا أماه اني على شديد حبي لك لأشد حبا لله ولرسوله ووالله لو كان لك ألف نفس فخرجت منك نفسا بعد نفس ما تركت ديني هذا بشيء)
فلما رأت الجد أذعنت للأمر وأكلت وشربت على كره منها
ونزل قوله تعالى :
(وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ, وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَى أَن تُشْرِكَ بِي
مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ)
لقمان :15:14
مكانته عند رسول الله:
عَنْ سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ، عَنْ سَعْدٍ، قُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! مَنْ أَنَا؟ قَالَ:
(سَعْدُ بنُ مَالِكِ بنِ وُهَيْبِ بنِ عَبْدِ مَنَافِ بنِ زُهْرَةَ، مَنْ قَالَ غَيْرَ هَذَا فَعَلَيْهِ لَعنَةُ اللهِ)
عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: أَرِقَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذَاتَ لَيْلَةٍ فَقَالَ:
(لَيْتَ رَجُلاً صَالِحاً مِنْ أَصْحَابِي يَحْرُسُنِي اللَّيْلَةَ قَالَتْ:فَسَمِعْنَا صَوْتَ السِّلاَحِفَقَالَ رَسُوْلُ اللهِ: (مَنْ هَذَا؟)
قَالَ سَعْدُ بنُ أَبِي وَقَّاصٍ: أَنَا يَا رَسُوْلَ اللهِ! جِئْتُ أَحْرُسُكَ فَنَامَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى سَمِعْتُ غَطِيْطَهُ
عَنْ جَابِرٍ قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذْ أَقْبَلَ سَعْدُ بنُ مَالِكٍ
فَقَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:
(هَذَا خَالِي، فَلْيُرِنِي امْرُؤٌ خَالَهُ)
قُلْتُ: لأَنَّ أُمَّ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- زُهْرِيَّةٌ وَهِيَ: آمِنَةُ بِنْتُ وَهْبِ بنِ عَبْدِ مَنَافٍ، ابْنَةُ عَمِّ أَبِي وَقَّاصٍ
قَالَ سَعْدٌ بن ابى وقاص:
اشْتَكَيْتُ بِمَكَّةَ، فَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَعُوْدُنِي، فَمَسَحَ وَجْهِي وَصَدْرِي وَبَطْنِي، وَقَالَ:
(اللَّهُمَّ اشْفِ سَعْداً)
فَمَا زِلْتُ يُخَيَّلُ إِلَيَّ أَنِّي أَجِدُ بَرْدَ يَدِهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى كَبِدِي حَتَّى السَّاعَةَ
الرامى الاول فى الإسلام:
يعتبر أول من رمى بسهم في سبيل الله وأول من رمي أيضا وأنه الوحيد الذي افتداه الرسول بأبويه فقال له يوم أحد:
« ارم سعد.. فداك أبي وأمي»
ويقول على بن أبى طالب :
« ما سمعت رسول الله يفدي أحدا بأبويه الا سعدا فاني سمعته يوم أحد يقول:
« ارم سعد.. فداك أبي وأمي »
كان سعد يعد من أشجع فرسان العرب والمسلمين وكان له سلاحان رمحه ودعاؤه
وكان مقاتلا مغوارا فى بدر وأحد
أحد المبشرين بالجنة:
كان الرسول يجلس بين نفر من أصحابه فرنا ببصره إلى الأفق في إصغاء من يتلقى همسا وسرا
ثم نظر في وجوه أصحابه وقال لهم يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة وأخذ الصحاب يتلفتون ليروا هذا السعيد
فإذا سعد بن أبي وقاص آت وقد سأله عبد الله بن عمرو بن العاص أن يدله على ما يتقرب به إلى الله
من عبادة وعمل فقال له لا شيء أكثر مما نعمل جميعا ونعبد غير أني لا أحمل لأحد من المسلمين ضغنا ولا سوء
كان مستجاب الدعوة:
كان سعد بن أبي وقاص إذا رمى عدوا أصابه وإذا دعا الله دعاء أجابه وكان الصحابة يردون ذلك لدعوة النبى
له اللهم سدد رميته وأجب دعوته ويروى أنه رأى رجلا يسب بعض الصحابة
فنهاه فلم ينته فقال له إذن أدعو عليك فقال الرجل أراك تتهددني كأنك نبي
فانصرف سعد وتوضأ وصلى ركعتين ثم رفع يديه قائلا :
اللهم إن كنت تعلم أن هذا الرجل قد سب أقواما سبقت لهم منك الحسنى
وأنه قد أسخطك سبه إياهم فاجعله آية وعبرة
فلم يمض غير وقت قصير حتى خرجت من إحدى الدور ناقة شاردة لا يردها شيء
حتى دخلت في زحام الناس ثم اقتحمت الرجل فأخذته بين قوائمها وما زالت تتخبطه حتى مات
(و كذلك انا ادعوا :اللهم أفعل هذا بكل من يسب صحابة رسول الله آمين)
جهاده فى سبيل رفع راية الإسلام:
شارك في بدر وأحد والقادسية والمدائن التى هزم فيها الفرس
وولاه عمر بن الخطاب رضى الله عنه إمارة العراق
فراح سعد يبني ويعمر في الكوفة وذات يوم اشتكاه أهل الكوفة لأمير المؤمنين
فقالوا: إن سعدا لا يحسن يصلي
ويضحك سعدا قائلا : والله إني لأصلي بهم صلاة رسول الله أطيل في الركعتين الأوليين وأقصر في الآخرين
واستدعاه عمر إلى المدينة فلبى مسرعا وحين أراد أن يعيده إلى الكوفة
ضحك سعدا قائلا : أتأمرني أن أعود إلى قوم يزعمون أني لا أحسن الصلاة ؟
ويؤثر البقاء في المدينة
الستة أصحاب الشورى:
عندما حضرت عمر الوفاة بعد أن طعنه المجوسي جعل الأمر من بعده إلى الستة الذين مات النبي
وهو عنهم راض وأحدهم سعد بن أبي وقاص
وقال عمر إن وليها سعد فذاك وإن وليها غيره فليستعن بسعد
اعتزاله الفتنة:
اعتزل سعد في الفتنة الكبرى بين على بن ابى طالب ومعاوية ابى سفيان رضى الله عنهما
وأمرأهله وأولاده ألا ينقلوا إليه شيئا من أخبارها وقد ذهب إليه ابن أخيه هاشم بن أبي وقاص ويقول له:
يا عم ها هنا مائة ألف سيف يروك أحق الناس بهذا الأمر
فيجيبه سعد :
" أريد من مائة ألف سيف سيفا واحدا إذا ضربت به المؤمن لم يصنع شيئا وإذا ضربت به الكافر قطع"
فيتركه وعزلته
وحين انتهى الأمر لمعاوية بعد الاتفاق الشائك الذي تم بعد معركة صفين
واستقرت بيده مقاليد الحكم سأل سعدا: مالك لم تقاتل معنا..؟
فأجابه: " إني مررت بريح مظلمة فقلت: أخ.. أخ.. وإتخذت من راحلتي حتى انجلت عني."
فقال معاوية: ليس في كتاب الله أخ.. أخ.. ولكن قال الله:
(وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ)
الحجرات:9
وأنت لم تكن مع الباغية على العادلة, ولا مع العادلة على الباغية.
أجابه سعد قائلا: " ما كنت لأقاتل رجلا قال له رسول الله:
(أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي)
وفاته وقبره:
عمر سعد بن أبي وقاص كثيرا وأفاء الله عليه من المال الخير الكثير لكنه حين أدركته الوفاة
دعا بجبة من صوف بالية وقال كفنوني بها فإني لقيت بها المشركين يوم بدر
وإني أريد أن ألقى بها الله عز وجل أيضا
وكان رأسه بحجر ابنه الباكي فقال له :
(ما يبكيك يا بني ؟إن الله لا يعذبني أبدا وإني من أهل الجنة كما بشرنى رسول الله)
فقد كان إيمانه بصدق بشارة رسول الله كبيرا
وكانت وفاته سنة خمس وخمسين من الهجرة النبوية وكان آخر المهاجرين وفاة ودفن في بالبقيع
رضي الله عنه وأرضا وعن صحابة رسول الله أجمعين
وختاما :
اتمنى من كل أب وأم أن يعلموا ابناءهم السباحة والرماية وركوب الخيل وهى رياضات تنفع فى السلم والحرب
بدلا من كرة القدم والرياضات الاخرى التى لا فائدة منها الا تضيع الوقت
الروابط المفضلة