

إن الحمد لله نحمده ونستعينه من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله أما بعد:
كان النبي ينهى عن المعاصي ويحذر منها ويذكر عقوبة صاحبها امتثالا لأمر الله تبارك وتعالى له بقوله


[سورة ق: 45]
فباب الترهيب وردت فيه النصوص الكثيرة من الكتاب والسنة,,
تحذر من الوقوع في المعصية وتبين حكم من قارفها في الدنيا والآخرة فيذكر أصحابه بهذه النصوص ويقرأها عليهم فيبكون حين سماعها أحيانا.
وكان هدي النبي


و البحث عن مسوغ لصاحبها فلذا كان أصحابه من أتقى الناس تجنبوا المتشابهات فضلا عن المحرمات ,
فأنتجت هذه التربية خشية عند الصحابة في البعد عن المعاصي ولو حصل لأحدهم حالة ضعف وأغواه الشيطان فقارف المعصية
سرعان ما يتوب ويطلب أن يطهر من هذه المعصية في الدنيا قبل الآخرة ولو توقف الأمر على بذل النفس لجاد بها.
فلا يَخلو أفراد المجتمع منَ الأخطاء، فالخَطَأ والتقصير يَحْصُل في بُيُوتنا، وفي شوارعنا، وفي مدارسنا، وفي مَقرِّ أعمالنا، وفي مساجدنا،
ومما لا يُختَلَف فيه أنَّ سَيَّد المُرَبِّين، وإمامَ المصلحين محمد بن عبدالله، قد بَعَثَهُ الله لإصلاح الدِّين والدُّنيا، فباتِّباعِ هَدْيِه يسعَدُ الناس في مَعَاشِهم ومَعَادِهم،
وَلَعَلِّي أذْكُر طَرَفًا مِن مواقف النَّبِيِّ - صلَّى الله عليه وسلم - في تصحيح بعض الأخطاء، ودَفْع الناس إلى التَّرَقِّي في صفاتِ الكمال.
هَدْي النبي

كان ينبه عليها، مِن غير ذِكْر مَن وَقَعَ فيها، فهذا مظنَّة الانتفاع أكثر، فلا يقع في نفس الشخص المُراد توجيهه شيءٌ، أو حَرَج،
ولا يَتَعَرَّض لِقَدْح مِن بعضِ الناس، وكذلك الخِطاب يكون عامًّا لكُلِّ مَن وَقَع في الخَطَأ، فيظنُّ أنَّه المقصود بالخطاب،
بِخِلاف لو حدد الشخص؛ فعنْ أنس: أنَّ نَفَرًا مِن أصحاب النَّبي - صلى الله عليه وسلم - سَأَلوا أزواج النَّبِي - صلى الله عليه وسلم - عن عمله في السر،
فقال بعضهم: لا أَتَزَوَّج النِّساءَ، وقال بعضهم: لا آكُل اللَّحْم، وقال بعضهم: لا أنام على فِراش، فحَمِدَ الله، وأَثْنى عليه، وقال:
((ما بال أقوام قالوا: كذا وكذا؛ لكني أُصَلِّي وأنام، وأصوم وأفطر، وأَتَزَوَّج النساء؛ فَمَنْ رَغِب عنْ سُنَّتِي فليْسَ مني))
رواه البخاري (5063)، ومسلم (1401).
وذكر هذا في كتاب ربِّنا كثيرٌ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ﴾[التوبة: 58].
﴿وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آَتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ﴾[التوبة: 75].
ومِن هَدْي النَّبي

سألتُ رسول الله

((يا حكيم، إنَّ هذا المال خضرة حلوة، فمَن أخذه بِسَخَاوَة نفس بورِكَ له فيه، ومَن أخذه بإشراف نفس لَمْ يبارَكْ له فيه، كالذي يأكل ولا يشبع، اليدُ العليا خيرٌ منَ اليد السُّفلَى))،
قال حكيم: فقلتُ: يا رسول الله، والذي بعثَكَ بالحق، لا أرزأ أحدًا بعدكَ شيئًا حتى أفارقَ الدنيا، فكان أبو بكر رضيَ الله عنه يدعو حكيمًا إلى العَطَاء،
فيأبَى أن يقبَلَه منه، ثم إنَّ عمر رضي الله عنه دعاهُ لِيُعْطِيَه، فأبى أن يقبلَ منه شيئًا، فقال عمر: إنِّي أُشْهِدكم يا معشر المسلمين على حكيم، أنِّي أعْرضُ عليه حَقَّه مِن هذا الفَيء،
فيأبَى أن يأخذَه، فلم يرزأ حكيم أحدًا منَ الناس بعد رسول الله

رواه البخاري (1472)، ومسلم (1035).
فحينما كَرَّرَ حكيم المسألةَ، كَرِه له النَّبي


فَلَمْ يَجْرح مشاعر حكيم بكلمة، وأَوْصَل ما يُريد إيصاله إليه؛ فلذا الْتَزَم حكيم بهذا التوجيه، ولم يأخُذْ حتى حَقَّه مِنَ العطاء.
هَدْي النبي

الصغير تبدر منه الأخطاء مِن غير قصدِ الإساءَة، وتعمُّد إيذاء الآخرين، فلاينبغي أن نكْثَرَ معه العتب والتوبيخ، وأيضا العقاب،
فَأَنَس بن مالك كان صغيرًا، وخَدَمَ النبي

ولم يَكُن يعتب عليه النبي


رواه البخاري (6038)، ومسلم (2309).
عندما يُخْطئ الصغير، يحتاج منا تَنْبيهٍ وتوجيهٍ، كان مِن هَدْي النبي

والرِّفْق بالتَّوجيه؛ فعن عمر بن أبي سلمة، قال: كنتُ غلامًا في حجْرِ رسول الله


((يا غلامُ، سَمِّ الله، وكُل بيمينكَ، وكُل ممَّا يليك))، فما زالتْ تلك طعمتي بعدُ..
رواه البخاري (5376)، ومسلم (2022)

تعليق