دورة: "كيفية الإيمان بأسماء الله تعالى وصفاته"

قال صلى الله عليه وسلم (( إن طالب العلم يستغفر له كل شيء حتى الحيتان في البحر )) صحيح الجامع2/ 3914.

[الدرس: الثالث عشر]
من كتاب:
إتحاف أهل الألباب بمعرفة العقيدة في سؤال وجواب
عقيـدة أهـل السنـة في الأسمـاء والصفـات
إتحاف أهل الألباب بمعرفة العقيدة في سؤال وجواب
عقيـدة أهـل السنـة في الأسمـاء والصفـات

س229 هل يصح أن يقال: إن بعض القرآن أفضل من بعض ؟ وضح ذلك بالأدلة ؟
ج : هذا السؤال مجمل ، وقد تقرر في أجوبة كثيرة أن اللفظ المجمل يحتاج إلى تفصيل فنقول :
لا يتفاضل باعتبار المتكلم به ؛ لأن المتكلم به هو الله - تعالى- ، فالقرآن كله حروفه ، ومعانيه من الله - تعالى- من الفاتحة إلى الناس فالمتكلم به واحد ، فهو بهذا الاعتبار لا يتفاضل لأن التفاضل إنما يكون بين شيئين أو أكثر فيقال : هذا أفضل من هذا ، والذي تكلم بالقرآن هو الله - تعالى- وهو واحد في ذاته ، وصفاته - جل وعلا- وإن كان المقصود بالتفاضل أي باعتبار دلالة الكلام ، وما يحمله من المعاني العظيمة فهو بهذا الاعتبار يتفاضل ، فإذاً نقول : هنا اعتباران : فأما باعتبار المتكلم به فلا تفاضل ، وأما باعتبار دلالته ، ومعانيه فإنه يتفاضل ، وعلى ذلك وردت الأدلة ، فقد روى النسائي من حديث أنسٍ - رضي الله عنه - قال : ( كان النبي - صلى الله عليه وسلم - في مسيرٍ له فنزل، ونزل رجل إلى جانبه فالتفت إليه النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : ألا أخبرك بأفضل القرآن ؟ قال فتلا عليه ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ ) وسنده صحيح .
وعن أبي سعيد بن المعلى - رضي الله عنه - قال : كنت أصلي في المسجد فدعاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلم أجبه فقلت: يا رسول الله إني كنت أصلي ، فقال: ألم يقل الله - تعالى- ﴿ اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ ولِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم ﴾ [الأنفال:24] ( ثم قال لي لأعلمنك سورة هي أعظم السور في القرآن قبل أن تخرج من المسجد ثم أخذ بيدي فلما أراد أن يخرج قلت له : ألم تقل لأعلمنك سورة هي أعظم سورة في القرآن ؟ فقال ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ هي السبع المثاني ، والقرآن العظيم الذي أوتيته ) [رواه البخاري] ، وغيره ، وعن أبيُّ بن كعب - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ( يا أبا المنذر أتدري أيُّ آية من كتاب الله معك أعظم ؟ قال : قلت: الله ورسوله أعلم ، قال يا أبا المنذر: أتدري أيُّ آية من كتاب الله معك أعظم قال: قلت : ( الله لا إله إلا هو الحي القيوم ) قال: فضرب في صدري وقال ( والله ليهنك العلم أبا المنذر ) ) رواه مسلم في صحيحه ، وعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - أن رجلاً سمع رجلاً يقرأ ﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ﴾ [الاخلاص:1] يرددها فلما أصبح جاء إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكر ذلك له ، وكأن الرجل يتقالها ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ( والذي نفسي بيده إنها لتعدل ثلث القرآن ) [البخاري ، وغيره] وقال الشيخ تقي الدين : والصواب الذي عليه جمهور السلف ، والأئمة أن بعض كلام الله أفضل من بعض كما دل عليه الشرع والعقل. أهـ وهو ما نعتقده بقلوبنا ، وننطقه بألسنتنا . والله أعلم .
***************************************
س230 ما مذهب أهل السنة في صفة الاستواء؟ مع بيانها بالدليل . وهل هو من صفات الذات أم الفعل ؟
ج : يعتقد أهل السنة - رحمهم الله تعالى- أن الله - تعالى- استوى على عرشه استواءً يليق بجلاله ، وعظمته.
قال - تعالى- ﴿ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ ﴾ [الرعد:2] ، وقال ﴿ الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى ﴾ [طـه:5] وقد ورد إثبات ذلك لله - تعالى- في سبع آيات من القرآن جمعها الناظم بقوله :
قال - تعالى- ﴿ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ ﴾ [الرعد:2] ، وقال ﴿ الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى ﴾ [طـه:5] وقد ورد إثبات ذلك لله - تعالى- في سبع آيات من القرآن جمعها الناظم بقوله :
في السجدة الرعد الحديد ، ويونس ، وبطه ، والأعراف ، والفرقان
قال - تعالى- في سورة السجدة : ﴿ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ والْأَرْضَ ومَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ ﴾ [السجدة:4] ، وقال - تعالى- في سورة الرعد: ﴿ اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ ﴾ [الرعد:2] ، وقال - تعالى- في سورة الحديد : ﴿ هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ والْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ ﴾ [الحديد:4] ، وقال - تعالى- في سورة الأعراف : ﴿ إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ والْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ ﴾ [الأعراف:54] ، وقال - تعالى- في سورة طه : ﴿ الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى ﴾ [طـه:5] ، وقال - تعالى- في سورة يونس : ﴿ إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ والْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ ﴾ [يونس:3] ، وقال - تعالى- في سورة الفرقان : ﴿ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ والْأَرْضَ ومَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيراً ﴾ [الفرقان:59] وقد أجمع أهل السنة - رحمهم الله تعالى- على إثبات هذه الصفة ، وأنه استواء حقيقة على ما يليق بجلاله ، وعظمته - تعالى الله وتقدس عن مماثلة خلقه في شيء من صفاته - جل وعلا- والاستواء من الصفات الفعلية . وهذا ما نعتقده بقلوبنا ، وننطقه بألسنتنا . والله أعلم .
***
***
س231 ما معاني الاستواء في لغة العرب ؟ مع تأييدها بالدليل .
ج : الاستواء يختلف معناه في اللغة باختلاف وروده مطلقاً أو متعدياً بحرف.
فإن ورد مطلقاً فيكون بمعنى النضج ، والكمال . ومنه قوله - تعالى- ﴿ ولَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْماً وعِلْماً ﴾ [يوسف:22] أي لما بلغ كماله ، وتمامه . وإذا ورد مقيداً ب( إلى ) فيكون معناه القصد بإرادة تامة ، ومنه قوله - تعالى- ﴿ ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ ، وهِيَ دُخَانٌ ﴾ [فصلت:11] أي قصدها بالإرادة التامة .
وإذا ورد مقيداً بالواو فهو بمعنى المساواة ، ومنه قول العرب : استوى الماء ، والخشبة أي ساواها ، وقول البعض استوى محمد ، وبكر في العلم ، أي تساويا في العلم ، وهكذا .
وإذا ورد مقيداً بـ ( على ) فإنه يكون بمعنى العلو ، والاستقرار ، والفوقية ، ومنه الآيات السبع المذكورة في إجابة السؤال السابق . فاستواء الله - تعالى- على عرشه معلوم معناه في اللغة ، لكنه مجهول الكيف ، والإيمان به واجب ، والسؤال عنه بدعة . والله أعلم .
*******
*******
س232 ما العلة في إنكار كثير من الفرق لهذه الصفة مع ثبوتها بالأدلة الصحيحة الصريحة المتواترة ؟
ج : العلة في ذلك أنهم مثلوا استواء الله على عرشه باستواء المخلوق على كرسيه أو على ظهر الفلك ، والدابة فاستوجب لهم ذلك لوازم باطلة فأرادوا أن يفروا منها ، فلزم عليهم أن الله محتاج إلى العرش ، وأنه يكون محيطاً به ، وأنه لو أبعد العرش لخرَّ الرب كذا قالوا بكل وقاحة ، وقلة أدب ، فلم يجدوا إلا أن يحرفوا هذه الصفة بالاستيلاء ، فقالوا : معنى استوى استولى ، وهذا تحريف للكلم عن مواضعه ، ويلزم منه أن العرش كان مملوكاً لغيره - جل وعلا- ثم استولى عليه ، وهو مخالف لدلالة اللغة ، ومخالف لمنهج السلف . والأدهى ، والأمر:أنهم يحرفون نصوص الاستواء ، ويخرجونها عن دلالتها لبيت من الشعر لا يعرف قائله .كل ذلك سببه لأنهم مثلوا استواء الله على عرشه باستواء المخلوق على ظهور الفلك ، والرواحل ، ولو أنهم قالوا بما قال به أهل السنة لما لزم عليهم هذه اللوازم الباطلة التي بنيت على باطل ، فالقوم يتقلبون من باطلٍ إلى باطل - نعوذ بالله من حال أهل الأهواء والبدع . والله أعلم
__________________________________________________ _____
الأسئلة التطبيقية:
س1: ما مذهب أهل السنة في صفة الاستواء؟ مع ذكر الدليل . وهل هو من صفات الذات أم الفعل ؟
س2: كيف نرد على من سأل عن كيفيه استواء الله تعالى على عرشه ؟
س3: هل سور القرآن تتفاضل عن بعض، باعتبار دلالة الكلام وما يحمله من معاني عظيمة ؟ اذكري دليلا على ذلك؟
*****
تعليق