دورة: "كيفية الإيمان بأسماء الله تعالى وصفاته"
قال صلى الله عليه وسلم (( من يرد الله به خيرا يفقه في الدين )) متفق عليه.
[الدرس العاشر]
من كتاب:
إتحاف أهل الألباب بمعرفة العقيدة في سؤال وجواب
عقيـدة أهـل السنـة في الأسمـاء والصفـات

قال صلى الله عليه وسلم (( من يرد الله به خيرا يفقه في الدين )) متفق عليه.

[الدرس العاشر]
من كتاب:
إتحاف أهل الألباب بمعرفة العقيدة في سؤال وجواب
عقيـدة أهـل السنـة في الأسمـاء والصفـات

س223 ما مذهب أهل السنة في صفة القدم ، والرجل ، والساق لله – تعالى؟ مع بيان ذلك بالأدلة . وهل هذه الصفات من صفات الذات أم الفعل ؟
ج : يعتقد أهل السنة - رحمهم الله تعالى- أن لله ( قَدَمَاً ، ورِجْلاًََ ، وسَاقاً ) لائقة بجلاله وعظمته ، وباتفاقهم أنها لا تماثل المعهود من صفاتنا ؛ لأن الاتفاق في الاسم لا يستلزم الاتفاق في الصفات ، ولا تثريب على من أثبت ما أثبتته الأدلة ، وقال بما قالت به النصوص مع علم المعنى ، والجهل بالكيفية . وأي عيب بالله عليك أن نقول كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - وأن نثبت لربنا ما أثبته له أعلم الخلق به - صلى الله عليه وسلم ؟ بل التثريب ، والعيب هو على من يقع في مثل هذه النصوص تحريفاً ، وإنكاراً ، وجحوداً ، وإبطالاً ، وكأنه أعلم من الله وأعلم من نبيه - صلى الله عليه وسلم - ونعوذ بالله من حال أهل التمثيل والتعطيل ، ونبرأ إلى ربنا - جل وعلا- من طريقهما ، فإنه طريق سوءٍ ، ومدخل ضلالة ، فلا نقل ، ولا عقل عند هؤلاء الأغبياء ، و إنما هو التخرص ، والهوى ، واتباع الشهوات ، فهذه الصفات الواردة في السؤال قد وردت بها الأدلة فنحن نثبتها لله - تعالى- إثباتاً بلا تمثيل ، وننزه الله - تعالى- من مماثلة خلقه تنزيهاً بلا تعطيل . وهذه الصفات من صفات الذات التي لا تنفك عن الله - تعالى- ففي الصحيحين عن انس بن مالك - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : ( ولا يزال جهنم يلقى فيها ، وهي تقول: هل من مزيد حتى يضع رب العزة فيها رجله ) وفي رواية( عليها قدمه فينزوي بعضها إلى بعض . وتقول: قط قط ) فقد أضاف الرِّجل ، والقدم إليه إضافة الصفة إلى الموصوف ، ولا يصح إن يقال إن الرِّجل هنا : طائفة من الخلق فإن هذا مخالف لظاهر الدليل بلا برهان ، ومخالف لما تقرر في منهج السلف -رحمهم الله تعالى- وفي الصحيحين أيضاً من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : ( تحاجت الجنة ، والنار فقالت النار : أوثرت بالمتكبرين ، والمتجبرين ، وقال الجنة : مالي لا يدخلني إلا ضعفاء الناس ، وسقطهم ؟ فقال الله - عز وجل- للجنة : إنما أنت رحمتي أرحم بك من أشاء من عبادي ، وقال للنار : إنما أنت عذابي أعذب بك من أشاء من عبادي ، ولكل واحدة منكما ملؤها ، فأما النار فلا تمتلئ حتى يضع رجله فيها فتقول قط قط ....... ) فهنا أضاف الرِّجل إليه إضافة الصفة إلى الموصوف لأن الرِّجل ، والقدم مما لا يقوم بذاته ، وقد تقرر لنا سابقاً أن الأعيان التي يضيفها الله إليه ، وهي مما لا يقوم بذاته فإنها إضافة صفة إلى موصوف . وروى مسلم في صحيحه من حديث أبي سعيد نحوه ، وروى أحمد عن أبي سعيد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم – قال: ( افتخرت الجنة ، والنار ....... ) فذكر الحديث ، وفيه (....فيلقى في النار أهلها فتقول: هل من مزيد. قال: ويلقى فيها ، وهي تقول: هل من مزيد . قال: فيلقى فيها ، وهي تقول : هل من مزيد . حتى يأتيها الله - عز وجل- فيضع عليها قدمه فتنزوي ، وتقول : قدني قدني ..... ) ، وفي الصحيحين من حديث أبي سعيد الطويل ... ، وفيه ( فيكشف رب العزة عن ساقه فيسجد له كل من كان يسجد في الدنيا ، ويبقى من كان يسجد رياءً ، وسمعة فيذهب كي يسجد فينقلب ظهره طبقاً واحداً ) والشاهد منه قوله" ساقه " فإضافة الساق إلى الله - تعالى- إضافة حقيقية ، وهي من قبيل إضافة الصفة على الموصوف . وقد أجمع أهل السنة ، والجماعة - رحمهم الله تعالى- على ذلك . وهو الذي نعتقده بقلوبنا ، وننطقه بألسنتنا. والله أعلم .
************************************************** ******
س224 ما مذهب أهل السنة في صفة الكلام ؟ مع بيان ذلك بالأدلة ؟ وهل هو من صفات الذات أم الفعل ؟
ج : يعتقد أهل السنة والجماعة - رحمة الله عليهم ـ، وأجزل لهم الأجر ، والمثوبة ، وجزاهم الله - تعالى- خير ما جزى عالماً عن أمته:
أن الله - تعالى- موصوف بالكلام ، فهو - جل وعلا- يتكلم بما شاء ، كيفما شاء ، متى شاء ، وأن كلامه - جل وعلا-بحرف ، وصوت يسمعه من شاء الله أن يسمعه ، وأنه من صفات الذات باعتبار أصل الصفة ، ومن صفات الفعل باعتبار آحاده ، وإفراده ، وهذا معنى قول أهل السنة - رحمهم الله تعالى- « كلام الله قديم النوع حادث الآحاد »
توضيح أكثر..
أن صفة الكلام لله تعالى..صفة ذاتية باعتبارأصل ومبدأ الصفة
وصفة فعليه.. باعتبار انه تعالى يفعلها متى شاء..
وهذه الصفة من الصفات التي كثرت الأدلة عليها ، وتنوعت في دلالتها ، قال - تعالى- : ﴿ وكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيماً ﴾ [النساء:164] وقال - تعالى- ﴿ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ ﴾ [البقرة:253] وقال - تعالى- ﴿ ومَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثاً ﴾ [النساء:87] وقال: ﴿ وتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقاً وعَدْلاً لا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾ [الأنعام:115] وقال - تعالى: ﴿ ولَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وكَلَّمَهُ رَبُّهُ ﴾ [لأعراف:143] وقال – تعالى: ﴿ ونَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وقَرَّبْنَاهُ نَجِيّاً ﴾ [مريم:52]وقال – تعالى: ﴿ ونَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ ﴾ [الأعراف:22] وقال – تعالى: ﴿ وإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْلَمُونَ ﴾ [التوبة:6] وقال – تعالى: ﴿ ويَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ ﴾ [القصص:65] وقال – تعالى: ﴿ ومَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وحْياً أَوْ مِنْ ورَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ ﴾ [الشورى:51] وكل آية فيها ( وقال الله ) فإنها دليل على إثبات هذه الصفة ، وفي الصحيحين أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ( ما منكم من أحد إلا وسيكلمه ربه ليس بينه ، وبينه ترجمان ) وفي صحيح مسلم من حديث ابن عباس في قصة جلوس جويرية بعد الفجر إلى تعالي النهار فقال النبي - صلى الله عليه وسلم : ( قد قلت بعدك أربع كلمات لو وزنت بما قلت لوزنتهن : سبحان الله وبحمده عدد خلقه ، ومداد كلماته ، ورضا نفسه ، وزنة عرشه ) والشاهد قوله " ومداد كلماته " وثبت في الحديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ( من نزل منزلاً فقال أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم يضره شيء حتى يرحل عن منزله ذلك ) رواه مسلم . فدل ذلك على أن الله موصوف بالكلام ، وأنه ليس بمخلوق إذ لا تصح الاستعاذة بمخلوق ، فلما استعاذ بكلمات الله التامات دل ذلك على أنها ليست بمخلوقة ، وعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : يقول الله - تعالى- يوم القيامة : يا آدم فيقول : لبيك وسعديك ، فينادي بصوت إن الله يأمرك أن تخرج بعث النار .... الحديث ) والشاهد منه " يقول الله " وكذلك ( فينادي بصوت ) فإن فيه أن كلام الله - تعالى- بصوت ٍ ، وروى أبو يعلى الموصلي عن عبد الله بن أنيس قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : ( يحشر الله العباد - أو قال : يحشر الناس- حفاة عراة غرلاً ، فيناديهم بصوت يسمعه من بعد كما يسمعه من قرب : أنا الملك أنا الديان ) ورواه الإمام أحمد في المسند أيضاً ، وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة مرفوعاً ( إن الله - تعالى- إذا أحب عبداً نادى يا جبريل أني أحب فلاناً ، فأحبه ، فيحبه جبريل ، فينادي جبريل في أهل السماء إن ربكم يحب فلاناً ، فأحبوه فيحبه أهل السماء ، فيوضع له القبول في الأرض ، وإن الله - تعالى- إذا بغض عبداً نادى يا جبريل إني أبغض فلاناً فأبغضه فيبغضه جبريل فينادي جبريل إن ربكم - عز وجل- يبغض فلاناً فأبغضوه ....... ) .
وعن جابر - رضي الله عنه - قال : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعرض نفسه على الناس بالموقف فيقول : (هل من رجل يحملني إلى قومه ؟ فإن قريشاً قد منعوني أن أبلغ كلام ربي - عز وجل .... ) [أحمد ، وأبو داود بسند صحيح] وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: ( فضل كلام الله على سائر الكلام كفضل الله - تعالى- على سائر خلقه ) حديث حسن بطرقه وشواهده ،وثبت في أحاديث كثيرة قوله - صلى الله عليه وسلم: ( ثلاثة لا يكلمهم الله ) ، وفي الصحيحين من حديث أبي سعيد الخدري مرفوعاً ( إن الله - تبارك و تعالى- يقول: يا أهل الجنة : فيقولون لبيك ، وسعديك . فيقول: هل رضيتم ...... ) ، وفيه ( ... فيقول: أحل عليكم رضواني فلا أسخط عليكم أبداً ) وروى الإمام ابن خزيمة في التوحيد ، وعبد الله بن أحمد في السنة ، والبيهقي في الاعتقاد ، وفي الأسماء ، والصفات أيضاً عن دينار بن مكرم ، وكانت له صحبة: أن أبا بكر - رضي الله عنه - خاطر قوماً من أهل مكة على أن الروم تغلب فارس فغلبت الروم فنـزلت ﴿ الـم * غُلِبَتِ الرُّومُ ﴾ [الروم2ـ1] فأتى قريشاً فقرأها عليهم فقالوا: كلامك هذا ؟ قال : ليس بكلامي ، ولا كلام صاحبي ، ولكنه كلام الله - عز وجل )وهو أثر صحيح ، وعن عائشة - رضي الله عنها- أنها قالت في قصة الإفك: ( والله ما كنت أظن أن الله - تعالى- ينزل براءتي ، وحياً يتلى ، ولشأني في نفسي كان أحقر من أن يتكلم الله فيَّ بأمر يتلى ..... ) متفق عليه ، وروى الإمام أحمد في الزهد ، وابنه عبد الله في السنة ، وأبو بكر بن أبي شيبة في المصنف ، والحاكم في المستدرك عن فروة بن نوفل الأشجعي قال: ( كنت جاراً لخباب فخرجنا يوماً من المسجد ، وهو آخذ بيدي فقال : يا هناه ، تقرب إلى الله - ما استطعت- فإنك لن تقرب إليه بشيء أحب إليه من كلامه يعني القرآن ) وهو أثر صحيح ، فأنت ترى توافر هذه الأدلة من الكتاب ، والسنة ، والأثر على إثباتها .
وأما الإجماع: فقد أجمع أهل السنة قاطبة على إثبات هذه الصفة لله - تعالى- على ما يليق بجلاله ، وعظمته ، بل ودل العقل الصريح على إثباتها أيضاً ، وبيان ذلك أن يقال: إن الكلام من حيث هو صفة كمال لأن نقيضها نقص ، وهو البكم ، والخرس ، وهذه الصفة أعني البكم ، والخرس لو اتصف بها المخلوق الضعيف العاجز كانت نقصاً بيناً فكيف يصلح إثباتها لمن له الكمال المطلق سبحانه ؟ وقد تقرر عند أهل السنة أن كل كمال في المخلوق لا نقص فيه ، فالله أحق أن يوصف به ؛ لأنه واهب الكمال ، ومعطيه . ومعطي الكمال أولى بالكمال ، فلما كان يلزم من نفى الكلام عنه وصفه بالنقص الذي هو منزه عنه وجب إثباتها على ما يليق بجلاله ، وعظمته ، ولذلك فإن من الأدلة المثبتة لبطلان إلهية الأصنام ، والأحجار ، وسلب الكلام عنها كما قال - تعالى- عن إبراهيم عليه السلام: ﴿ قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ ﴾ [الأنبياء:63] وقال - تعالى- عنه: ﴿ مَا لَكُمْ لا تَنْطِقُونَ ﴾ [الصافات:92] بل وقد دل الدليل الفطري أيضاً على إثباتها لله - تعالى- وهو: أن الفطر السليمة التي لم تتلوث ببعض علم الكلام المذموم ، ولا بقواعده المخالفة للمعقول ، والمناقضة للمنقول ، فإن هذه الفطر تعتقد أحقية الله - تعالى- بكل كمال ، وتنـزيهه عن كل نقص . وصفة الكلام من الكمال فوجب إثباته لله - تعالى- وهذا ما نعتقده بقلوبنا ، وننطقه بألسنتنا . ولله الحمد والمنة ، ونسأله - جل وعلا-أن يثبتنا عليه إلى يوم لقائه ليجزينا به الجزاء الأوفى . والله أعلم .
**************************************
الأسئلة الطبيقية:
س1:هل صفة الكلام .. من صفات الله الذاتية أم الفعلية؟
س2:اذكري دليل على اثبات صفة القدم والرجل والساق، لله تعالى.
س3:اذكري دليل على اثبات صفة الكلام لله تعالى، ؟
***
درس اليوم ثقيل قليلا.. وإذا احتجتم أي استفسار..أو توضيح.. أوضح لكن ان شاء الله أكثر.."من الكتاب..
طلب العلم .. يحتاج صبر.. وثبات..وإن طالت المدة..
أشكركم غالياتي من كل قلبي.. لاستمراركم ..وتواجدكم الدائم..ووالله.. غاية ما أتمنى.. أن أوصل إليكم وأعرفكم بصفات الله تعالى..ولم أفعل ذلك إلا لحبي الخير.. لكن..
تعليق