عاقبة التسويف:

أخي الشاب: هناك أمر آخر قد خفي عليك، وهو أن التسويف لا يقف عند حدّ، بل هو بحر لا ساحل له، والأماني لا تنقطع بصاحبها، ولا يزال العبد يسوف حتى يصير مجندلاً في قبره.. فإذا بلغ الثلاثين قال: سوف أتوب غداً.. وإذا جاوز الأربعين قال: سأتوب غداً.. وإذا بلغ الخمسين قال: غداً.. وإذا بلغ الستين قال: غداً غداً.. وكل يوم يمر عليه يزداد فيه بعداً من الله، ونفوراً من التوبة وسبيلها.. فالحازم من عزم على التوبة من ساعته، وترك سبل الغواية الآن قبل غده.

قال الحسن رحمه الله: إن قوماً ألهتهم أماني المغفرة، حتى خرجوا من الدنيا بغير توبة، يقول أحدهم: إني أحسن الظن بربي وكذب.. لو أحسن الظن لأحسن العمل.



خذ من شبابك قبل الموت والهرم ** وبادر التوب قبل الفوت والندم
واعـــلم بأنك مجــزئ ومــــرتهن *** وراقـــب الله واحـذر زلة القـدم


فيا أيها الشاب: إياك والتسويف بالتوبة، والاتكال على العفو والمغفرة، فالله تعالى كما أنه غفور رحيم، فإنه أيضاً شديد العقاب، ذو بطش شديد، وأخذ أليم. قال تعالى: إن بطش ربك لشديد [البروج:12]. وقال سبحانه: إن أخذه أليم شديد [هود:102]. وقال النبي : { إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته} [متفق عليه].

دار الوطن
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم