ساعة مع العارفين
أهل النور، والإيمان
وهيب بن الورد بن أبي الورد


(الجزء الاول)


مات في سنة ثلاث وخمسين ومائة رحمه الله


مولى بني مخزوم يكنى أبا أمية وقيل أبا عثمان وكان اسمه عبد الوهاب فصغر فقيل وهيب .
الاسم: وهيب بن الورد بن أبى الورد القرشى المخزومى مولاهم، أبو عثمان، و يقال أبو أمية المكى، مولى بنى مخزوم، اسمه عبد الوهاب
الطبقة: 7 : من كبار أتباع التابعين
الوفاة: 153 هـ
روى له: م د ت س (مسلم - أبو داود - الترمذي - النسائي)
رتبته عند ابن حجر: ثقة عابد
رتبته عند الذهبي: ثقة
وقال أبو حاتم: كان من العباد وله أحاديث ومواعظ وزهد، وذكره بن حبان في الثقات وقال: كان من العباد المتجردين لترك الدنيا مات سنة ثلاث وخمسين ومائة، وقال إدريس بن محمد الروذي: ما رأيت رجلا أعبد منه .


(التأييد)

عن سفيان بن عيينة عن وهيب بن الورد قال: بينا أنا واقف في بطن الوادي إذا أنا برجل قد أخذ بمنكبي فقال يا وهيب خف الله لقدرته عليك، واستحى منه لقربه منك، قال فالتفت فلم أر أحدا .
وعن ابن أبي رواد قال: انتهيت إلى رجل ساجد خلف المقام في ليلة باردة مطيرة يدعو ويبكي فطفت سبعاً ثم عدت فوجدته على حاله فقمت قريبا منه الليل كله فلما أدبر الليل سمعت هاتفا يقول: يا وهيب ابن الورد ارفع رأسك فقد غفر لك قال: فلم أر شيئا فلما برق الصبح رفع رأسه ومضى فاتبعته فقلت أو ما سمعت الصوت فقال وأي صوت فأخبرته فقال: لا تخبر به أحدا فما حدثت به أحدا حتى مات وهيب .


(إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً)

وعن بشر بن الحارث –يعني الحافي- قال: أربعة رفعهم الله بطيب المطعم وهيب بن الورد وإبراهيم بن أدهم ويوسف بن أسباط وسالم الخواص .


(أطب مطعمك)

وعن مؤمل قال سمعت وهيبا يقول: لو قمت قيام هذه السارية ما نفعك حتى تنظر ما يدخل بطنك حلال أو حرام .


(وَرِعٌ ذاهلٌ عن الدنيا)

وعن زهير بن عباد قال: كان فضيل بن عياض ووهيب بن الورد وعبد الله بن المبارك جلوسا فذكروا الرطب فقال: وهيب أَوَ قدْ جاء الرطب !! فقال عبد الله إبن المبارك: رحمك الله هذا آخره !! أو لم تأكله ؟ قال: لا قال: ولمَ ؟ قال وهيب: بلغني أن عامة أجنة مكة من الصوافى والقطائع-وهي الأراضي التي لا يعرف مالكها- فكرهتها . فقال عبد الله بن المبارك يرحمك الله أو ليس قد رخص في الشرى من السوق إذا لم تعرف الصوافى والقطائع منه وإلا ضاق على الناس خبزهم، أو ليس عامة ما يأتي من قمح مصر إنما هو من الصوافى والقطائع، ولا أحسبك تستغني عن القمح فسهل عليك . قال: فصعق !! قال فضيل لعبد الله: ما صنعت بالرجل ؟! فقال ابن المبارك: ما علمت أن كل هذا الخوف قد أعطيه !! فلما أفاق وهيب قال: يا ابن المبارك دعني من ترخيصك لا جرم لا آكل من القمح إلا كما يأكل المضطر من الميتة، فزعموا أنه نحل جسمه حتى مات هزلا .
قال شعيب بن حرب: ما احتملوا لأحد ما احتملوا لوهيب كان يشرب بدلوه .


(حب وإيثار)

عن القعقاع بن عمارة عن وهيب المكي قال: يقول الله عز وجل وعزتي وجلالي وعظمتي ما من عبد آثر هواي على هواه إلا أقللت همومه وجمعت عليه ضيعته ونزعت الفقر من قلبه وجعلت الغنى بين عينيه واتجرت له من وراء كل تاجر، وعزتي وعظمتي وجلالي ما من عبد آثر هواه على هواي إلا كثرت همومه وفرقت عليه ضيعته ونزعت الغنى من قلبه وجعلت الفقر بين عينيه ثم لم أبال في أي أوديتها هلك .


(حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به)

وعن محمد بن يزيد عن وهيب قال: بلغنا والله أعلم أن موسى عليه السلام قال يا رب أوصني، قال: أوصيك بي قالها ثلاثا كلُّ ذلك يقول أوصيك بي حتى قال في الآخرة أوصيك بي ألا يعرض لك أمر إلا آثرت فيه محبتي على ما سواها فمن لم يفعل ذلك لم أرحمه ولم أزكه .


(بين باب الله وباب الناس)

وقال عبد الرحمن العراقي قال وهيب بن الورد: خالطت الناس خمسين سنة فما وجدت رجلا غفر لي ذنبا فيما بيني وبينه، ولا وصلني إذا قطعته، ولا ستر علي عورة، ولا أمنته إذا غضب !!! فالاشتعال بهؤلاء حمق كبير .


(طبيب القلوب)

وكان سفيان الثوري إذا حدث الناس في المسجد الحرام وفرغ قال: قوموا إلى الطبيب يعني وهيبا .

(زنوها قبل أن توزنوا)

وعن إبن المبارك قال: ما جلست إلى أحد كان أنفع لي مجالسة من وهيب، كان لا يأكل من الفواكه، وكان إذا انقضت السنة وذهبت الفواكه يكشف عن بطنه وينظر إليها ويقول-مخاطباً نفسه- يا وهيب ما أرى بك بأسا ما، أرى تركك الفواكه ضرك شيئا .


(حقيقة العزلة في مراقبة اللسان)

وعن محمد بن مزاحم عن وهيب بن الورد قال: وجدت العزلة اللسان .
وعن محمد بن يزيد بن خنيس قال قال وهيب بن الورد: كان يقال الحكمة عشرة أجزاء، فتسعة منها في الصمت، والعاشرة عزلة الناس، قال: فعالجت نفسي على الصمت فلم أجدني أضبط كل ما أريد منه، فرأيت أن هذه الأجزاء العشرة عزلة الناس .
وعن عبد الرزاق قال سمعت وهيب بن الورد يقول: من عد كلامه من عمله قل كلامه .
عن عمرو بن محمد بن أبي رزين قال وسمعت وهيبا يقول: إن العبد ليصمت فيجتمع له لبّه –عقله- .


(البشارة والإشارة)

وعنه قال كانوا يرون الرؤيا لوهيب أنه من أهل الجنة فإذا أخبر بها اشتد بكاؤه وقال قد خشيت أن يكون هذا من الشيطان .


(بين كلام العالم وعمله)

وعن محمد بن يزيد بن خنيس قال قال وهيب بن الورد: لو أن علماءنا عفا الله عنا وعنهم نصحوا لله في عباده فقالوا: يا عباد الله اسمعوا ما نخبركم عن نبيكم صلى الله عليه وسلم وصالح سلفكم من الزهد في الدنيا فاعملوا به ولا تنظروا إلى أعمالنا هذه الفسلة (المسترذلة الرديئة) كانوا قد نصحوا لله في عباده، ولكنهم يأبون إلا أن يجروا عباد الله إلى فتنتهم وما هم فيه .


(شؤم المعصية)

وعن عبد الله بن المبارك قال قيل لوهيب بن الورد، أيجد طعم العبادة من يعصي الله ؟ قال: لا ولا من يهمُّ بالمعصية .


(رضي الله عنهم ورضوا عنه)

وعن جرير بن حازم عن وهيب قال بلغني أن موسى عليه السلام قال: يا رب أخبرني عن آية رضاك عن عبدك، فأوحى الله تعالى إليه: إذا رأيتني أهيء له طاعتي وأصرفه عن معصيتي فذاك آية رضاي عنه .


(عين فاضت من خشية الله)

وقال بن المبارك كان وهيب يتكلم والدموع تقطر من عينيه .


(خشية العالم)

وعن محمد بن يزيد بن خنيس قال وهيب: عجبا للعالم كيف تجيبه دواعي قلبه إلى إرتياح الضحك وقد علم أن له في القيامة روعات ووقفات وفزعات ثم غشي عليه .