لماذا أنا مسلم؟
أنا مسلم لأن الإسلام هو الدين الخاتم الذي يشتمل على طائفة كبيرة من الخصائص والسمات والمحاسن والفضائل والأحكام الشرعية والآداب والأخلاق، لا توجد مجتمعة في دين سواه، فلهذا أنا مسلم.
ومن هذه الخصائص والسمات والمحاسن التي يتميز بها الإسلام:
5- دين العلم والمعرفة والبحث والنظر:
ما من دين حض على العلم والتعلم واكتساب المعارف، والبحث والنظر والتأمل في الكون والآفاق مثل الدين الإسلامي.
ويكفي في ذلك أن أول ما نزل من القرآن آيات كريمات، تحث على القراءة والتعلم، وتذكر أعظم أداة للعلم وهو القلم.
قال تعالى: }اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ{[العلق: 1-5].
وقال تعالى مبينًا فضل العلم وشرف العلماء: }يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ{ [المجادلة: 11].
وقال: }هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ{ [الزمر: 9].
والعقيدة الإسلامية مؤسسة على العلم لا على الجهل والتسليم الأعمى، قال تعالى: }فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا اللهُ{ [محمد: 19]، وقال مبينًا أهمية الدليل العقلي النظري: }لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلا اللهُ لَفَسَدَتَا{ [الأنبياء: 22].
ونبَّه القرآن إلى أهمية البرهان في الدلالة على صدق الدعاوى من كذبها، فقال: }قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ{ [البقرة: 11].
وفي القرآن آيات كثيرة تدعو إلى البحث والنظر والتأمل كقوله تعالى: }وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ{ [النساء: 83].
وأهل الاستنباط هم أهل البحث والنظر والتأمل واستنباط النتائج من مقدماتها.
وقال تعالى: }أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ * وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ * وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ * وَإِلَى الأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ{ [الغاشية: 17-20].
وقال تعالى: }إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِأُولِي الأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ{ [آل عمران: 190، 191].
قال الشيخ القرضاوي: "لم يخش القرآن عواقب الدعوة إلى النظر والتفكر والعلم أن تأتي بنتائج تناقض حقائق الدين ومسلماته، لأن فكرة الإسلام: أن الحقيقة الدينية لا يمكن أن تناقض الحقيقة العقلية، فالحق لا ينقض الحق، واليقين لا يعارض اليقين، إنما يعارض اليقين الظن، وتنافي الحقيقة الشك أو الوهم أو الافتراض.
ومن هنا لا يمكن بحال مناقضة صحيح المنقول لصريح المعقول، وإذا بدا لنا في بعض الأحيان تناقض ظاهري، فلابد أن يكون المنقول غير صحيح، أو المعقول غير صريح"
ومن هنا فإن الإسلام ينظر إلى العلم على أنه من أعظم الأدلة على وجود الخالق سبحانه وتعالى، ومن أعظم الدلالات التي يدعو إلى الإيمان به والخضوع له.
والنبي صل الله عليه وسلم قد أقر المنهج العلمي التجريبي الذي يعتمد على الخبرة والممارسة أو المشاهدة والتجربة.
ومما يروى في ذلك ما جاء عنه عليه الصلاة والسلام في قضية تأبير النخل، فقد قدم النبي صل الله عليه وسلم المدينة وهم يأبرون النخل – أي يلقحونه – فقال: «ما تصنعون؟» قالوا: كنا نصنعه. قال: «لعلكم لو لم تفعلوا كان خيرًا» فتركوه. فنفضت أو فنقصت.,
وفي رواية: «فخرج شيئًا» وهو التمر الرديء. فذكروا ذلك للنبي صل الله عليه وسلم، فقال: «إنما أنا بشر، إذ أمرتكم بشيء من دينكم فخذوا به، وإذا أمرتكم بشيء من رأي فإنما أنا بشر». وفي رواية أنه قال لهم: «أنتم أعلم بأمر دنياكم» [رواه مسلم].
ومن هنا فإن المسلمين الأوائل برعوا في العلوم التجريبية المعتمدة على التجربة والملاحظة وأقاموا حضارة علمية رائدة في الفلك والطب والهندسة والصيدلة والجغرافيا والفيزياء سبقوا بها أوروبا بمئات السنين، وامتازت هذه النهضة العلمية باقترانها بالدين والإيمان واهتدائها بهدي القرآن الكريم والسنة النبوية، بخلاف النهضة العلمية الأوروبية التي قامت على الإلحاد ومعاداة الدين وكل ما يمت له بصلة، فالعلم في الإسلام يدعو إلى الإيمان والتواضع والتسليم لله عز وجل، كما قال تعالى: }وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ{ [الحج: 54].
الروابط المفضلة