
".. فَجـرٌ جَـدِيــدٌ .." [ 4 ] هل للتَّوبةِ شُـرُوطٌ ؟
دَعانا اللهُ- سُبحانه وتعالى- للتَّوبةِ، وحَثَّنا عليها.
وبعد أن عُدتِ إليه سُبحانه مُعترفةً بذَنبِكِ، طالبةً رضاه ومَغفرتَه،
طامِحةً في حَياةٍ جَديدةٍ عامِرةٍ بالإيمان، مَليئةٍ بالطاعةِ، بعيدةٍ عن المعصية.
بعد أن عُدتِ تائبةً نادِمةً، قد تتساءَلِين: هل للتَّوبةِ شُرُوطٌ؟
فنقولُ لكِ: نعم، للتوبةِ شروطٌ خَمسة، وهِيَ:
1- إخلاصُ النيَّة لله عَزَّ وجَلَّ، وصِدقُ العَبدِ في توبتِهِ.
2- نَدَمُ العَبدِ على ما حَصَلَ منه مِن الذَّنبِ.
3- الإقلاعُ عن الذَّنبِ في الحال.
4- العَزمُ على عَدَمِ العَودةِ للذَّنبِ ثانيةً.
5- أن تكونَ التَّوبةُ في الوقتِ الذي تُقبَل فيه،
فإذا تاب الإنسانُ عند حُضُور أَجَلِهَ لم ينتفع بهذه التَّوبةِ.
وكذلك إذا طَلعت الشمسُ مِن مَغربها، فحِينها لا تُقبَل التَّوبةُ.
إنَّها شُرُوطٌ تَحتاجُ لمُجاهدةٍ وصَبرٍ وثباتٍ. وإذا صَدَقَ العَبدُ مع اللهِ،
وعاد إليه مُعترفًا بذَنبِهِ، وأراد الاستقامةَ الحقَّة على دِينِهِ وسَعَى لها،
فإنَّ الله تعالى يُوفِّقُه ويُعينُه ويُيسِّرُ أمرَه.

وبعد مَعرفتكِ لشُرُوطِ التَّوبةِ، قد تشعرين بندمٍ شديدٍ على ما حَصَلَ مِنكِ
وما اقترفتيه من ذُنُوبٍ ومَعاصٍ في أيام عُمُركِ الماضية، وقد تتألَّمين لذلك كثيرًا،
وتودِّين تعويضَ كُلِّ لَحظةٍ مرَّت مِن عُمُركِ في طاعةِ الله، تودِّين لو تستطيعين
غَسْلَ قلبكِ وجَسدكِ وتطهيرَهما من كُلِّ خَبَثٍ ونَجَسٍ حِسِّيٍّ ومَعنويٍّ.
فالحمدُ للهِ الذي أعانكِ على الإقلاع عن ذنوبكِ، وجعلكِ لا تُطيقين الحديثَ
عنها أو حتى سماعَها، فضلاً عن رؤيتها أو مُقاربَتها.
وبعد قِراءتكِ لهذه الكلمات، وبعد أن علمتِ أنَّ رَبَّكِ سُبحانه غفورٌ رحيمٌ،
فقد آنَ لكِ أن تُعلني توبتَكِ، وأن تستغفري اللهَ مِمَّا حَصَلَ مِنِّكِ،
وأن تبدأي في تَعَلُّم أمور دِينكِ؛ مِن طَهارةٍ وصَلاةٍ وصِيامٍ وغيره.
وبعد أن تتعلَّمي، لتُطبِّقي، ولتُحاولي الاستقامةَ على الطاعةِ قَدْرَ استطاعتِكِ.

كأنِّي بِكِ الآنَ تقولين: أشعرُ أنَّ قلبي أصبح الآنَ أفضلَ؛ ذَهَبَ ألمُهُ،
واستقَرَّ وسَكَنَ، وجِسمي ذَهَبَ تعبُهُ. أشعرُ براحةٍ لم أشعُر بها من قبل.
أريدُ أن أحلِّقَ وأحلِّقَ، أريدُ أن أذهبَ بعيدًا. أتمنَّى لو أنَّ أهلي والناسَ
حولي يَشعُرُونَ بما أشعُر به الآن، وأن يُشاركوني تلك اللحظاتِ الجميلة
في حياتي.
فنقولُ لكِ: الحَمدُ لله الذي هدَّأ قلبكِ، وأذْهَبَ تعبَهُ، وجعلكِ تشعرين بتلك
السعادةِ التي كانت غائبةً عنكِ، فواللهِ إنَّها لَنِعمةٌ عَظيمةٌ أن يَشعُرَ المُسلمُ
بما تشعرين به، وأن ينصلِحَ قلبُه وحالُه بعد أن كان غارقًا في المعاصي.
ثُمَّ قد تَخشين العَودةَ للذَّنبِ ثانيةً، رغم عَزمكِ على عَدَمِ العَودةِ إليه،
وتتساءَلِين: ماذا أفعل؟ هل مِن وسائل تُعينُني على الثَّباتِ على الطاعة؟
فيكونُ الجَوابُ أنْ بالتأكيد هناك وسائلُ عِدَّة، سنُخبِركِ بها إن شاء الله.
ولتذكُري لنا- أخيَّة- ما تعرفينه من أسبابٍ للثَّباتِ على الطاعةِ،
ووسائل للوقايةِ مِن الذَّنبِ. وسيجمعنا لِقاءٌ جديدٌ مع دَرسٍ جديدٍ
بإذن اللهِ تعالى؛ لنتعرَّفَ عليها سَويًّا.
.gif)

تعليق