بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

- قال ابن القيم: إنما جُعِل طلب العلم من سبيل الله، لأن به قوام الإسلام، كما أن قوامه بالجهاد، فقوام الدين بالعلم والجهاد، ولهذا كان الجهاد نوعين: جهاد باليد والسنان، وهذا المُشارك فيه كثير، والثاني: الجهاد بالحجة والبيان وهذا جهاد الخاصة من أتباع الرُّسل، وهو جهاد الأئمة، وهو أفضل الجهادين، لعظم منفعته وشدة مؤنته وكثرة أعدائه. [مفتاح دار السعادة 1/271].
* * *
342- ليس عيبًا أن يعثر الإنسان في مسيره ويسقط أرضًا، ثم يتجاوز عثرته ويقوم مُواصلاً سيره، ولكن العيب أن يسقط الإنسان ويركن للسقوط، فلا يهفو إلى غاية، ولا يصل إلى هدف.
* * *
343- قال أبو حامد الإسفراييني: لو رحل رجل إلى الصين حتى يحصل له كتاب "التفسير" لمحمد بن جرير، لم يكن كثيرًا. [طبقات الفقهاء لابن الصلاح 1/109]. والبعض لو سُئل ما معنى الفلَق، والغاسق والصمد؛ لحار جوابًا.
* * *
344- قال ابن تيمية: "ومن أصغى إلى كلام الله وكلام رسوله r بعقله وتدبره بقلبه وجد فيه من الفهم والحلاوة والهُدى وشفاء القلوب والبركة والمنفعة ما لا يجده في شيء من الكلام لا نظمًا ولا نثرًا".
* * *
345- العلم مواطن يُرتحَل إليها؛ قال أبو العلاء الهمداني: "رحلت إلى بغداد لطلب العلم، فكنت أبيت الليل في المساجد وآكل خبز الذرة" وكان يمشي في اليوم الواحد ثلاثين فرسخًا (150) كيلو متر وهو حامل كتبه على ظهره!
* * *
346- قال سهل التستري: من طعن في الحركة – يعني في السعي والكسب – فقد طعن في السنة، ومن طعن في التوكل فقد طعن في الإيمان.
* * *
347- لن يهنأ بسعادة من يؤذي الناس بكلمة أو فعل، حتى وإن وجد في صدره متعة وأحس بانتصار في حياته, فالله لا يحب عمل المفسدين، وقد يجد غب ذلك بعقوبة تعجل له في الدنيا، وأن تخرج من الدنيا مظلومًا خير لك من أن تخرج منها ظالمًا.
* * *
348- أطلق بصرك في سماء المعالي وليَكُن هذه المرة غضيضًا وهو يسمع بحياء المرأة ابنة الرجل الصالح: ﴿فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ﴾ فما ملك قلوب الرجال مثل ذلك، وما أرهف سمعه وهو يبحث عن زوجة إلا ذاك، فهو من شُعَب الإيمان .. حياءكِ .. جمالكِ وزينتكِ .. وهو ما أثنى الله عزَّ وجلَّ عليه، وتجمَّلت به أمهات المؤمنين، وتدثرت به الصالحات . عليكَ بأبيها فاخطبها فإنها حَيِيَّة!
* * *
349- زرت دار أيتام في أحد مدن المملكة وتفاجأت بشاب لم يتجاوز الخامسة عشر من عمره يحتضن سارية (عمود) العلم, ظننت به خيرًا، وسلمت فانقطع الصوت ولم يصل إليه، وربما سمعه لكنه يحمل هموم الدنيا, حدَّثني المُشرف فيما بعد: قال هذا يتيم الأبوين، لا أخوة ولا أخوات وكلمَّا أهمه أمر وجدناه يفعل هكذا! لعل السارية تقوم مقام والده ووالدته وإخوته! عجبًا لزماننا! كم في بيوتنا من يتمنى أن يفعل ذلك مع وجود الأب والأم والإخوة! إنها عواطف ومشاعر تحتاج إلى حضن دافئ وهمسة طيبة وكلمة موفقة! فأين الآباء والأمهات!!
* * *
350- جاءت الآية: ﴿عَبَسَ وَتَوَلَّى * أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى﴾ بصيغة الحكاية عن أحد آخر غائب غير المخاطب، وفي هذا أسلوب رفيع في تعلم الأدب وحسن المُعاتبة، وهو تلطف في حق النبي r وإجلالاً له، وفي الآيات بيان حقيقة هذه الدعوة وكرامتها وعظمتها واستغنائها عن كل أحد وعن كل سند! والعجب أن هذا في مكة، والدعوة مُطارَدة، والمسلمون قلة، ومع ذلك كانت المُعاتبة للنبي r.
* * *
351- للمرأة دَوْر كبير في جمع شمل الأُسر وترابط الرِّحم وتقوية الصلات، امرأة حاذقة تحبب زوجها إلى أهلها وتحبب أهلها إلى زوجها، فتنقل للطرف الآخر كلامًا جميلاً، وثناءً عاطرًا من كل منهما، أصابت الخير وكسبت الأجر وزادت العلاقة ودامت المحبة. 352- يخبو الحماس وتضعف الهمة في الدعوة إلى الله لطول الطريق وكثرة الأعذار، وعدم تجديد النِّيَّة واستحضار الأجور العظيمة على العمل القليل, ولهذا خرج كثير عن جادة الأنبياء في تبليغ الرسالة بأسباب يسيرة وواهية وتركوا أجورًا عظيمة، وتنحُّوا عن جادة طرقها محمد r وصحبه الكرام.
* * *
352- ﴿وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ * تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ﴾ ذكر الله في سورة الفيل قصة أبرهة الحبشي الذي قدم إلى مكة لهدم الكعبة, وفي السورة دلالة على كرامة الله للكعبة، وفيها عجائب وغرائب من قدرة الله على الانتقام من أعدائه بأضعف جنوده، وهي الطير التي ليست من عاداتها أن تقتل. ﴿وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ﴾.
* * *
354- اعتاد البعض – وهذا من قلة العدل – أن يصفوا الطلاق بالفشل، والمُطلقين بالفاشلين نتيجة إخفاقهم في استمرار الحياة الزوجية، وقد يكون هذا الفراق من أسباب النجاح والسعادة في حياة أخرى، إذا كان الفراق لصعوبة العيش بين الزوجين، والله تعالى يقول: ﴿وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ﴾.
* * *
355- ﴿فَرَجَعْنَاكَ إِلَى أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ﴾ قرار عين الأم في عودة ابنها وإزالة حزنها برؤيته! أمل كل أم ورغبة كل مُتلهفة، أصابها العقوق ونالها الجفاء. وليس البر تقبيل الرأس فحسب، بل إدخال السرور بشتى صوره وأشكاله, ولم نبلغ من البر شيئًا ولا شممنا له رائحة؛ ومن فقد أبويه أو أحدهما علم ذلك تحسرًا وندمًا ورغبة في الزيادة من هذا الخير.
* * *
356- ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ﴾ ما أكثر ما نُعاتب غيرنا على الظنون ونترك عتاب أنفسنا على اليقين. [لباب الآداب].
* * *
357- تميز المسلم مطلوب في كل شيء حتى في اللباس، مظهر حسن ومخبر أحسن (أصلحوا رحالكم وأصلحوا لباسكم حتى تكونوا كأنكم شامة في الناس).
* * *
358- قال الإمام أحمد: رحلت في طلب العلم والسُّنَّة إلى الثغور، والشامات، والسواحل، والمغرب، والجزائر، ومكة والمدينة، والحجاز، واليمن، والعراقين جميعًا، وفارس، وخراسان، والجبال، والأطراف، ثم عدت إلى بغداد. [البداية والنهاية 10/336].
* * *
359- قال شيخ الإسلام عند قول الله تعالى: ﴿إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ﴾ من طلب من الفقراء الثناء أو الدعاء، فقد خرج من هذه الآية. [مجموع الفتاوى 11/11].
360- قال بعض السلف: "لو كان للمنافقين أذناب لما استطعنا السير في الشوارع والطرقات من كثرتها." وفي أمة الإسلام اليوم أكثر من ذلك، والله غالب على أمره، ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
* * *

* * *

كتاب أطايب الجني
د. عبد الملك بن محمد بن عبد الرحمن القاسم


* * *