لماذا أنا مسلم؟


أنا مسلم لأن الإسلام هو الدين الخاتم الذي يشتمل على طائفة كبيرة من الخصائص والسمات والمحاسن والفضائل والأحكام الشرعية والآداب والأخلاق، لا توجد مجتمعة في دين سواه، فلهذا أنا مسلم.


ومن هذه الخصائص والسمات والمحاسن التي يتميز بها الإسلام:



13- دين العفة والاستعفاف:




من محاسن الإسلام أنه يعلم أتباعه كيف يسيطرون على أنفسهم ويتحكمون في شهواتهم، فالإنسان لم يخلق لاتباع الشهوات والإغراق في الفجور والملذات، وإنما خلق لأمر عظيم عجزت السموات والأرض والجبال عن تحمله: }إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولاً{ [الأحزاب: 72].




لقد خلق الله الإنسان وركب في الشهوة، ولكنه جعل له عقلاً وإرادة يضبط بهما هذه الشهور حتى لا يكون الإنسان كالبهيمة يقضي وطره بأي سبيل كان.




لقد وازن الإسلام – كما سبق أن ذكرنا – في نظرته للإنسان بين جانبي الروح والجسد، فلم يهمل جانب الروح كما فعلت النظريات المادية التي أطلقت للإنسان عنان الشهوات، حتى صار باحثًا عنها، لاهثًا وراءها، أسيرًا في قيودها.


كذلك لم يهمل الإسلام جانب الجسد وما ركب في الإنسان من شهوة وميل فطري إلى الجنس الآخر كما فعلت الرهبانية التي حرمت على أتباعها كل أشكال التمتع، ولو كان في إطاره الشرعي الذي أحله الله تعالى.


وبهذا التوازن الذي تعامل له الإسلام مع الإنسان استطاع أن يكون جيلاً فريدًا تميز بالطهارة والعفة وعلو الهمة والاستعلاء على الشهوات، والتضحية بالنفس والمال طلبًا لمرضاة الله عز وجل وتصديقًا بجزائه، ودفاعًا عن الدين والعرض والحرمات والنفس.


لقد حث الإسلام على الزواج وجعله من آيات الله الدالة على كمال حكمته وعظيم رحمته بعباده، حيث رفع عنهم الحرج، ويسر لهم طريقًا شرعيًا حلالاً نظيفًا يقضون به وطرهم، ويحفظون به نسلهم، ويلبون به نداء الفطرة بين الجنسين، لتأخذ النفس حظها من المتعة الشريفة. قال تعالى: }وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً{ [الروم: 21].


وقال سبحانه في الحث على النكاح: }وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ{[النور: 32].


وقال سبحانه: }وَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ{ [النساء: 3].


وحثّ سبحانه على نكاح الإماء المؤمنات لمن لم يجد مهر المؤمنة الحرة، فقال سبحانه: }وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ{ [النساء: 25].


بل إن النبي صل الله عليه وسلم أخبر أن المرء يُثاب على جماع زوجته وإعفافها وإمتاع نفسه وزوجته، فعن أبي ذر t، أن النبي صل الله عليه وسلم قال: «وفي بضع أحدكم صدقة» قالوا: يا رسول الله! أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال: «أرأيتم لو وضعها في حرام، أكان عليه وزر؟ فكذلك إذا وضعها في حلال كان له أجر» [رواه مسلم].


وعلى الجانب الآخر فقد حظر الإسلام اتباع الشهوات، والإغراق في طلبها، وأمر بالعفة وحث عليها، وأغلق جميع الأبواب التي تنشر الفاحشة وتفسد القلوب، وتدنئ الهمم، وتخرب المجتمعات والأمم. قال تعالى: }قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ{ [المؤمنون: 1-7].


وقال سبحانه: }وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ{ [النور: 33].


وقال النبي صل الله عليه وسلم: «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغضُّ للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء» [متفق عليه].






فالعفة إذن مطلب إسلامي عظيم، وخلق إيماني رفيع، يعمل على تهذيب النفوس، وتطهير القلوب، وسوق الجوارح إلى طاعة الله عز وجل، واجتناب معاصيه، وإذا فقد المرء خلق العفة أصبح كالبهيمة لا هم له إلا في متابعة الشهوات أني اتجهت ركائبها، والحصول على اللذات من أي طريق وبأي ثمن، حتى ولو كان في ذلك خسران الدين والعرض والنفس والمال والأهل والدنيا والآخرة.




ولتحقيق العفة حرم الإسلام الزنا وحرَّم جميع الوسائل المفضية إليه، قال تعالى: }وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً{ [الإسراء: 32]. والفاحشة هي الذنب العظيم الذي تناهي جُرْمه.


وقال النبي صل الله عليه وسلم محذرًا من الزنا: «لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن» [متفق عليه].
أي أن الإيمان يُرفع من الزاني حال زناه، وهذا من أعظم العقوبات.


وحرم الإسلام النظر إلى النساء الأجنبيات لأن النظر من المنافذ التي تؤدي إلى الزنا. قال تعالى: }قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فَرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا{ [النور: 30، 31].


وعن جرير بن عبد الله رضى الله عنه قال: سألت رسول الله صل الله عليه وسلم عن نظر الفجأة فقال: «اصرف بصرك» [رواه مسلم].


وحرم الإسلام كذلك الخلوة والاختلاط لأنهما ذريعتان إلى إقامة العلاقات المحرمة بين الرجال والنساء. قال النبي صل الله عليه وسلم: «لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم» [متفق عليه].




وحرم الإسلام على النساء الخضوع بالقول للرجال الأجانب حتى لا يطمع فيهن طامع ولا يسيء الظن بهن ظان. قال تعالى: }يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفًا{ [الأحزاب: 32].


وحرم الإسلام تبرج النساء الذي هو من أعظم أسباب الفساد والزنا والعياذ بالله. قال تعالى:}وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى{ [الأحزاب: 33].


بهذا حفظ الإسلام المجتمع الإسلامي وجعله مجتمعًا متوازنًا لا يعاني من مثل هذه المشكلات التي تعاني منها المجتمعات الإباحية، أو الجماعات التي فرضت على نفسها التشدد والرهبنة. ولهذا فأنا مسلم.






تم الإنتهاء من هذه السلسلة بفضل الله

نسأل الله الهداية الى طريق الله المستقيم