...ولكن الله يهدي من يشاء

تقليص
X
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • ياسمينة ..
    كبار الشخصيات" قلم متميز"
    • Oct 2004
    • 7864

    ...ولكن الله يهدي من يشاء

    بسم الله الرحمن الرحيم

    (إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ) القصص 56

    إستوقفتني هذه الآية اليوم أثناء قراءتي لتفسيرها. بالطبع لقد قرأتها مرارا و تكرارا عبر السنين، و لكنني لم أفهم معناها حق فهمه إلا حديثا..
    تذكرت أيام الجامعة حينما كنت أصنف زميلاتي قبل دعوتهن إلى محاضرة أو ندوة أو حلقة علم.. هذه يرتجى منها خيرا، و تلك بعيدة عن الله، و أخرى لا أمل منها... تصنيفات لا أساس لها سوى المظهر من ملبس و حديث و ما شابه.. سبحان الله.. كأن باب الهداية مفتوح أمام ناس دون غيرهم، و أنا قد نصبت نفسي مشرفة على هذا الباب...
    ثم قدمت الى هذه البلاد حيث المسلمين قلة متغربة، و تعرفت الى بعض الأخوات الايرلنديات الحديثات عهد بالاسلام. معظم هؤلاء يعتنقن الاسلام بعد زواجهن من مسلمين، فالنشاط الدعوي هنا محدود جدا، ربما بسبب ضئالة حجم الجالية الاسلامية..

    كنت كلما اجتمعت بهؤلاء النسوة الايرلنديات المسلمات لأساعدهن على تلاوة القرآن الكريم و لأجيبهن على جزء بسيط من استفساراتهن على حسب معرفتي المحدودة، أخذت دروسا في الإخلاص و الصدق لما أرى في أعينهن من تعطش للمعرفة و محبة صادقة لهذا الدين ... دروسا في الاخلاص و الصدق، و إحساسا بالذنب العظيم للتقصير بحق نفسي في التزود من العلوم الدينية و التقصير بحق هؤلاء في الدعوة و التعلم، و تقديرا للنعم التي أنعمها الله علينا كمسلمين عرب لم أكن أقدرها حق قدرها، و إدراكا و فهما لكثير من المعاني الحديث عنها جميعا يطول كثيرا... موضوعي الأساسي هنا هو إحداها..

    منذ أول يوم تعرفت به عليها، أحسست أن حنيفة -جينا سابقا - متميزة عن الأخريات. كلهن محبات و مشتاقات لطلب العلم، و لكن في عيني حنيفة بريق عزم و استقامة كان دائما يذكرني بقول النبي عليه الصلاة و السلام لأحد صحابته الكرام، معاذ بن جبل رضي الله عنه على حسب ما أذكر 'عرفت فالزم'. لا تعرف التهاون و لا التسويف و لا التفريط..
    في أحد الأيام، أمضينا ساعة كاملة في تركيز لفظ آية واحدة من سورة الطارق.. شكرتني و الدمع يملأ عينيها، فأجبتها بأنها هي من يستحق الشكر إذ أني أتعلم منها الكثير الكثير، و طلبت منها أن تحكي لي قصة إسلامها. كنت أنتظر منها ما اعتدت على سماعه؛ شيئا من قبيل: 'تعرفت على رجل مسلم'... أو في حالات نادرة، 'كانت لي جارة أو زميلة عمل مسلمة'.. ولكنها فاجأتني بقولها: هل لديك متسع من الوقت؟ فرحلة هدايتي طويلة...

    تقول حنيفة أنها وجدت نفسها في العشرين من عمرها، أما لطفلين من غير زواج، و الوالد غير معترف بولديه مما اضطرها لترك دراستها و العمل كنادلة في ملهى ليلي لإعالتهما، تدخن بكثرة، و تتناسى همومها بالخمر و السكر كل ليلة.. بقيت على هذه الحال إلى أن وقع الحدث الذي هز أعماقها و غير مجرى حياتها.. توفي عمها في ريعان شبابه بسبب التدخين، و كفى بالموت واعظا... دفعتها الصدمة الى التفكير في معنى و جدوى الحياة الانسانية، و كان أشد ما يؤرق بالها سؤال واحد: لماذا يدمر الإنسان نفسه؟ أليس من حق نفسه عليه أن يحفظها و يحفظ قيمتها؟؟ ... كانت حنيفة من السعداء إذ أنها اتعظت بغيرها، فقد قررت منذ تلك اللحظة أن تمسك ذمام حياتها.. أولى الخطوات كانت المحافظة على جسدها الذي خلقه الله في احسن تقويم، فتوقفت عن ضخ سموم الدخان فيه.. ثم امتنعت عن الخمر تماما حفظا لما وهبت من نعمة العقل. حين صفا ذهنها، و انجلت عنه غشاوة التيه و الغفلة، أيقنت أختنا أن للقلب و الروح حقا لن تنعم بعيش كريم من دون إدراكه، فكان قرارها البحث عن الحقيقة..
    جمعت خلال اسابيع أكبر قدر تيسر لها من كتب سماوية و عقائدية لمختلف الأديان و الملل. رأت أن تبدأ بالتعرف على دينها عن كثب، فكانت كلما تعمقت فيه أكثر، زادت حيرتها و قلقها.. انتقلت الى الطوائف الأخرى و لكن بلا جدوى.. تقول أنها لما لم تجد مستقرا لنفسها في ظل الدين الذي نشأت عليه، أصيبت بخيبة أمل كبيرة، و لكنها لم تيأس، بل توجهت الى الديانات الأخرى، علها تجد في إحداها سؤلها..
    انشرح صدرها للقرآن الكريم و أحست أنه 'مختلف' عن كل ما سبق.. وجدت فيه ما يحاكي العقل و يلامس القلب في آن، و لكن الشيطان الرجيم لم يكن ليدعها بسلام، فعظم لها آيات الترهيب مثل (إن الله شديد العقاب)... و زين لها البوذية 'الأكثر لينا' فقررت أن تسلك مسلك أهلها..
    لم يكن الله تبارك و تعالى ليدع من جاء اليه بقلب سليم ليتيه عن الحق، فألزم حنيفة إحساسا بعدم الراحة المطلقة، و أراها كتابه العزيز في منامها، فاستجابت لربها و عادت الى الحق..
    توجهت إلى أقرب مكتبة عامة، و طلبت كل ما توفر لديهم من كتب عن الإسلام، فزودوها بكتاب يتيم.. مذكرات أميرة سعودية تروي فيها قصة معاناتها في بلاد الاسلام، وصولا الى هروبها و تحررها من كل القيود... حطمت الأميرة قيد الزواج، في حين تاقت نفس حنيفة لتجد من تسكن إليه مع صغيريها.. شمرت الأميرة عن ساعديها في ساحة العمل، بينما حلمت حنيفة بمن يحمل عنها المسؤولية و يعيلها هي و أطفالها.. تحررت الأميرة الى عالم يغشيه دخان السجائر؛ قاتل عم حنيفة... لم تنطوي آخر صفحة من صفحات ذلك الكتاب، إلا و انطوت معه آخر ذرة شك في قلب حنيفة أن حريتها و عزتها و كرامة انسانيتها تكمن في ظل هذا الدين الحنيف...

    شرك.. زنى.. خمر.. تدخين.. و لكن الله يهدي من يشاء، و هو أعلم بالمهتدين.. أي أن الله أعلم بمن يستحق الهداية لما يجد في نفسه من استعداد للإيمان.. لقد هدى الله عز و جل من تجرأ على حدوده من الكبائر الموبقات..فهذه دعوة لنفسي و لكم: دعونا لا نغتر بالمظاهر، و لا نبخل على أحد بالدعوة و التذكرة، فنحن لا نعلم ما تخفي الصدور.. (وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ) الذاريات 55

    والحمدلله رب العالمين
    اللهم لك الحمد وإليك المشتكى وأنت المستعان وبك المستغاث وعليك التكلان‏

    رِفْقاً أهلَ السُّنَّة بأهلِ السُّنَّة

    أصول الحوار .. وأدب الإختلاف ..
  • عزيزه بإسلامي
    :: إشراقة لكِ :: زهرة لا تنسى
    • Nov 2003
    • 3652

    #2
    جزاك الله خيرا أختي على هذه القصه ،

    وعسى الله يثبت قلبك وقلوبهن على طاعته ودينه ...........

    الوالده حفظها الله تحتك بالكثير من الناس بحكم أنها تعالج بالأعشاب ،

    فلما يأتينها المريضات المتبرجات تقول لهن عن طريق قصه وكلام غير مباشر :

    عليهن ترك معصية الخالق لينعم الله عليهن بالهدايه ، ومن ثم يبدأن بالعلاج ،

    ومع مرات الاتصال تقول والدتي (( كأنهن متعطشات لسماع أي شيء عن القلب وطمأنانيته بطاعة الله والعمل

    على طاعة رسوله )) فإنهن يتحجبن ويتعلقن بوالدتي حفظها الله .....

    مع أن العلم الشرعي متوفر والحمدلله فنحن دولة دينها الإسلام ولكنهن غافلات جاهلات لأحكام الدين فهن تربين

    في بيئه لم يسمعن بها عن فرض الحجاب ولم يسمعن عن الكثير من تعاليم الإسلام ، وحتى احداهن تقول :

    لم أفكر يوما أن ألبس الحجاب وما إن سمعت كلامك (( لأن أمي هينه لينه بالدعوه وتعلم نقطة ضعف

    التي أمامها فتحادثها على حسب نفسيتها ومن ثم يهديها الله وتتعلق بأمي وتتحول أمي من معالجه بالأعشاب إلى

    حل مشاكلهن الإجتماعيه لأنهن يقلن إنهن تعلقن بها وبكلامها )) ....

    -------------------
    لا عز لنا إلا بالإسلام
    -------------------
    *** لطفا الرد من النساء فقط
    -------------

    تعليق

    • الموج الهادر
      عضو نشيط
      • Sep 2004
      • 374

      #3
      جزاكن الله خيراّ

      على هذه القصص المعبرة

      تعليق

      • (سمية)
        "العدسة الفضية"زهرة لا تنسى
        • Oct 2003
        • 3618

        #4
        توجهت إلى أقرب مكتبة عامة، و طلبت كل ما توفر لديهم من كتب عن الإسلام، فزودوها بكتاب يتيم.. مذكرات أميرة سعودية تروي فيها قصة معاناتها في بلاد الاسلام، وصولا الى هروبها و تحررها من كل القيود... حطمت الأميرة قيد الزواج، في حين تاقت نفس حنيفة لتجد من تسكن إليه مع صغيريها.. شمرت الأميرة عن ساعديها في ساحة العمل، بينما حلمت حنيفة بمن يحمل عنها المسؤولية و يعيلها هي و أطفالها.. تحررت الأميرة الى عالم يغشيه دخان السجائر؛ قاتل عم حنيفة... لم تنطوي آخر صفحة من صفحات ذلك الكتاب، إلا و انطوت معه آخر ذرة شك في قلب حنيفة أن حريتها و عزتها و كرامة انسانيتها تكمن في ظل هذا الدين الحنيف...

        سبحان الله ..أرادوا بذلك الكتاب أن يطمسوا شوق التعرّف إلى الإسلام..ولكن لم يهنئوا بذلك..
        بارك الله في حنيفة وثبّتها على دينها..
        جزاك الله خيراً غاليتي لسرد هذه التجربة..
        --





        أعتذر عن عدم تواجدي ...وخمـولي...

        تعليق

        • شربت
          عضو نشيط
          • Aug 2004
          • 274

          #5
          اللهم أغفر لحنيفة وتقبل توبتها وثبتها
          و جزاك الله خيرا وأعانك على الدعوة وجعله في ميزان حسناتك آمين

          تعليق

          • ترتيل
            درة التحفيظ 2
            • May 2002
            • 3060

            #6

            اللهم ثبتنا و اهدنا إلى صراطك المستقيم
            بارك الله فيك اختي تجربة تبت في النفس الامل
            في هداية من لا نتوقعم يتوبون لكن الآية جاءت لتبرهن عكس ما نظن
            و هذا ما نلحظه من الواقع
            اختي ننتظر تجارب أخرى إذا كان لديك المزيد
            و جزاك الله خيرا جعل ما تقومين به بميزان حسناتك

            تعليق

            • ياسمينة ..
              كبار الشخصيات" قلم متميز"
              • Oct 2004
              • 7864

              #7
              أخواتي
              عزيزة باسلامي
              الموج الهادر
              سمية
              شربت
              ترتيل

              أشكركن على المرور، و جزاكن الله خيرا على الردود المشجعة..

              المشاركة الأصلية بواسطة عزيزه بإسلامي

              مع أن العلم الشرعي متوفر والحمدلله فنحن دولة دينها الإسلام ولكنهن غافلات جاهلات لأحكام الدين فهن تربين

              في بيئه لم يسمعن بها عن فرض الحجاب ولم يسمعن عن الكثير من تعاليم الإسلام ....
              جزاك الله خيرا .. نقطة مهمة جدا..
              اللهم لك الحمد وإليك المشتكى وأنت المستعان وبك المستغاث وعليك التكلان‏

              رِفْقاً أهلَ السُّنَّة بأهلِ السُّنَّة

              أصول الحوار .. وأدب الإختلاف ..

              تعليق

              • جار الفراق
                عضو نشيط
                • Sep 2003
                • 315

                #8
                جزاكم الله كل خير

                تعليق

                • ضوءالقمر
                  النجم الفضي
                  • Feb 2003
                  • 1934

                  #9
                  اختي الحبيبة اشكرك
                  على القصص الرائعة جزاك الله خيرا

                  تعليق

                  • عبيرالازهار
                    عضو نشيط
                    • Apr 2004
                    • 445

                    #10
                    جزاكي الله ألف خير اختي علي هذه القصة الرائعه

                    تعليق

                    • أم حنين
                      عضو نشيط
                      • Dec 2003
                      • 291

                      #11
                      اختي الغاليه جزاك الله خيرا على هذه القصه المؤثره واسال الله ان يثبتنا واياك على الحق حتى نلقاه .

                      تعليق

                      • عبيرالازهار
                        عضو نشيط
                        • Apr 2004
                        • 445

                        #12
                        جزاكي الله الف خير اختي علي هذه القصه الرائعه
                        وارجوا اخواتي في الله ان تدعوا للأشقائي الاولاد بالهدايه من عنده لعل الله سبحانه وتعالي يستجيب أن شاء الله
                        وجزاكم الله الف خير

                        تعليق

                        • * اليازية *
                          كبار الشخصيات
                          • Oct 2003
                          • 5297

                          #13

                          السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                          أختى جزاكِ الله خير عزيزتى
                          على كل ماتبذلينة من مجهود لخدمة
                          الاسلام و المسلمين فى بلاد الغربة
                          بارك الله فى جهودك وأعانك وجعلك
                          خير من يمثل الاسلام وبكل معانية السامية
                          فى بلاد الغربة واسأل الله العظيم للأخت
                          حنيفة الثبات وان يرزقها الزوج المسلم الصالح
                          الذى تسكن الية ويسكن إليها ويعينها على
                          التفقة فى الدين ...
                          وسائلة من المولى لك التوفيق والسداد
                          التعديل الأخير تم بواسطة * اليازية *; 25-11-2004, 02:29 PM.

                          تعليق

                          • ياسمينة ..
                            كبار الشخصيات" قلم متميز"
                            • Oct 2004
                            • 7864

                            #14
                            الأخ جار الفراق،
                            أخواتي ضوء القمر، عبير الأزهار، أم حنين، alezea
                            أشكركم على مروركم الكريم..

                            نسأل الله أن يهدي أشقاء الأخت عبير الأزهار و جميع شباب المسلمين، و أن يردهم إليه مردا جميلا..


                            المشاركة الأصلية بواسطة alezea

                            واسأل الله العظيم للأخت
                            حنيفة الثبات وان يرزقها الزوج المسلم الصالح
                            الذى تسكن الية
                            الحمدلله هي متزوجة الآن من أخ مسلم يحسن معاملتها و معاملة ولديها، و لقد رزقهما الله طفلة وجهها كالبدر ما شاءالله..
                            اللهم لك الحمد وإليك المشتكى وأنت المستعان وبك المستغاث وعليك التكلان‏

                            رِفْقاً أهلَ السُّنَّة بأهلِ السُّنَّة

                            أصول الحوار .. وأدب الإختلاف ..

                            تعليق

                            يعمل...