انتقلت منتديات لكِ النسائية إلى هذا الرابط:
منتديات لكِ النسائية
هذا المنتدى للقراءة فقط.


للبحث في شبكة لكِ النسائية:
عرض النتائج 1 الى 7 من 7

الموضوع: قصة قارون .. *

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2009
    الموقع
    الصَاحِبُ الذي لاَيخذِلُ صَاحِبه أبدا *كتاب ربي*
    الردود
    19,607
    الجنس
    أنثى
    التدوينات
    6
    التكريم
    • (القاب)
      • درة صيفنا إبداع 1432هـ
      • إبداع الكلمة
      • بصمة مبدعة
      • باحثة متألقة في الصوتيات
      • فراشة الحلم والأناة
    (أوسمة)

    قصة قارون .. *





    قصة قارون


    الحمد لله الذي أنزل آيات بينات، وفصلها سورًا وآيات، وصلى الله وسلم على نبي الْمَكْرُمَاتِ،
    وعلى آله وصحبه ومن تبعهم حتى الممات.

    أمّا بعد: أيّها النَّاس!اتقوا ربكم واشكروه، واقرءوا القرآن وتدبروه، فهو سدٌ منيع لمواجهة فتن الشبهات والشهوات،
    كتاب الله للأرواح روح به تحيا النفوس وتستريح


    عباد الله! الكثير من الناس يتمنى أن يكون ذا مال وجاه، بل أن يكون أكثر الناس مالاً وأغناهم تجارة، يتسابق الناس لكسب المليون، بل الملايين، بل أصبح يتكرر على مسامعنا المليار، وأصبحنا نسمع عن تنافس المليارديرات من رجال المال والأعمال
    على الوصول لقائمة أغنى رجالات العالم،
    وإذا كان الميزان الرباني السماوي يقول:"إن أكركم عند الله أتقاكم
    فقد أصبح أكرم الناس عند الناس اليوم أكثرهم مالاً،




    والحق أن المال نعمة كبيرة، ومنة عظيمة من الله على عباده، فهو عصب الحياة، وهو شريانها الدفاق،
    فما زال المال منذ الأزل زينة الدنيا وبهجتها، وأساس الحياة وقوامها، إلا أن الناس منقسمون حياله إلى قسمين اثنين:
    قسم يخدمهم المال، وقسم يخدمون المال.

    وأما من يخدمه المال، فهو:الذي لم يبطره المال ويطغه، ولم يعمه لمعانه وبريقه، ولم يُفتتن بزهرته ونضارته،
    بل سخره لصلاح دينه ودنياه، وسعادة أولاه وأخراه، وجعله جنده المطيع، وعبده الذليل، وكسبه من حلال، وأنفقه في حلال،
    وكان المال في يده، وليس في قلبه، ولم يستحوذ عليه ولم يأسره، هنا المال نعمة وأي نعمة،
    نعمَ المالُ الصالِحُ للعبدِ الصالِحِ، قال
    رسول الله عليه الصلاة والسلام لعمرو بن العاص:
    ((إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَبْعَثَكَ عَلَى جَيْشٍ فَيُسَلِّمَكَ اللَّهُ وَيُغْنِمَكَ، وَأَرْغَبُ لَكَ مِنْ الْمَالِ رَغْبَةً صَالِحَةً))
    قَالَ عمرُو: يَا رَسُولَ اللَّهِ! مَا أَسْلَمْتُ مِنْ أَجْلِ الْمَالِ، وَلَكِنِّي أَسْلَمْتُ رَغْبَةً فِي الْإِسْلَامِ،
    وَأَنْ أَكُونَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ
    ، فَقَالَ:((يَا عَمْرُو! نِعْمَ الْمَالُ الصَّالِحُ لِلْمَرْءِ الصَّالِحِ))

    فهنيئًا لهؤلاء أموالهم، وهي نِعْمَ العون لهم على تقوى الله سبحانه،
    كما قال ابن المنكدر:"نعم العون على تقوى الله الغنى".

    وقيل للإمام أبي الزناد: "لمَ تحب الدراهم وهي تدنيك من الدنيا؟
    فقال: لأنها وإن أدنتني منها فقد صانتني عنها".

    وقال الثوري: "كان المال فيما مضى يكره فأما اليوم فهو ترس المؤمن".


    أما القسم الثاني فهو خادم المال ومأموره، وعبده وأسيره، شقوا في جمعه، وتعبوا في كنزه وحفظه،
    واستحوذ عليه فجعلهم خداماً له، وعبيد أسارى لسطوته ولمعانه، فأنساهم ذكر الله، وتمكن من سويداء قلوبهم،
    فكانوا في تعاسة لا يعلمون عنها،كما قال
    عليه الصلاة والسلام
    :
    ((تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ، وَعَبْدُ الدِّرْهَمِ، وَعَبْدُ الْخَمِيصَةِ، إِنْ أُعْطِيَ رَضِيَ، وَإِنْ لَمْ يُعْطَ سَخِطَ، تَعِسَ وَانْتَكَسَ، وَإِذَا شِيكَ فَلَا انْتَقَشَ))
    ، قال هشام بن حسان: سمعت الحسن: يحلف بالله ما أعز أحد الدرهم إلا أذله الله
    ومن يشاهد انكسار الخاسرين في الصفقات وذلهم، ثم إصرارهم ومواصلتهم في الطريق الخطأ علم حقيقة هذا المقال"
    ما أعز أحد الدرهم إلا أذله الله، وكم من قائل:"دلوني على سوق المدينة"، فلما دلوه ضاع في زحام السوق وصخبه وصفقه،
    وربما ضاع معه دينه وصلاحه، فتساهل في صلاته، وخفف لحيته، وكثرت مماطلاته، وربما حلف كاذب، ورشاوى،
    وربا وتحايل لا نهاية له في طرائقهم في كسب المال، وهكذا المال فتنة عظيمة، وبريقه باهر، وسلطانه قاهر، لما في طبع الإنسان من حبه"ويحبون المال حباً جماً"، ولما جُبِلَ على الشغف به، كما قال تعالى: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا
    وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ}

    وقال
    عليه الصلاة والسلام
    :((فَوَاللَّهِ مَا الْفَقْرَ أَخْشَى عَلَيْكُمْ، وَلَكِنِّي أَخْشَى أَنْ تُبْسَطَ عَلَيْكُمْ الدُّنْيَا
    كَمَا بُسِطَتْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ؛ فَتَنَافَسُوهَا كَمَا تَنَافَسُوهَا، وَتُهْلِكَكُمْ كَمَا أَهْلَكَتْهُمْ)).

    وممن أهلكه المال زعيم أعماه الثراء، زعيم يضرب به المثل في كثرة المال، غني يشار إليه في سعة الرزق ورغد العيش،
    فاضت خزائنه بالأموال، اكتظت حساباته، حتى ضاق المحاسبون منها ذرْعًا، وأثقلهم حملها والعمل لها، طغى في ماله،
    وأعمله في مشاريعه الفاسدة وقنواته، ابتلاه الله بالمال، أنعم عليه ليرى هل يشكر أم يكفر؟

    فأخذه الصلف والغرور، وطلب الشهرة والثناء، بلغ الذروة في الطغيان وجحود النعمة، فتن نفسه وقومه،
    وإذا نُصح زاد بغيه وعناده، يركب المراكب الفاخرة، مزهوًّا بنفسه وماله، فرحًا وبطرًا ورئاء الناس.
    أظن أنكم عرفتموه، فلا أحد يجهله في هذا الزمان، كيف وهو إذا ذُكر المال ذُكر؛ إنه:
    قارون بن يصفد بن يصهر اِبْن عَمّ مُوسَى عليه السلام,

    أحد أقطاب البلاط الفرعوني، وثالوث الضلالة، ممن شارك فرعون وهامان في البغي والطغيان، فهؤلاء الثلاثة يمثلون الأسباب الثلاثة للطغيان، فطغيان فرعون: بسبب الملك والسلطان، وطغيان هامان بسبب المنصب والوظيفة، حيث كان وزيرًا لفرعون، وطغيان قارون بسبب الثراء والغنى والمال. فتعددت الأسباب و الطغيان واحد.

    عباد الله: ذُكر قارون في القرآن أربع مرات: مرتين في سورة القصص، وهي السورة التي فيها قصته بالتفصيل،
    والثالثة في العنكبوت، والرابعة في غافر. أما قصته كما حكاها القرآن في سورة القصص[76-84]
    {إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ..}،


    :




    هل تصدقون أن قارون كان رجلاً صالحاً ففتن، فقد روى الطبري بسنده عن قَتادة قال:
    "كنا نحدَّث أنه كان ابنَ عمه-أي موسى- أخي أبيه، وكان يسمى المنوّر من حُسن صوته بالتوراة،
    ولكن عدوّ الله نافق، كما نافق السامري، فأهلكه البغي"
    .

    وقال ابن سعدي: "كان قارون من بني إسرائيل، الذين فُضِّلوا على العالمين، وفاقوهم في زمانهم، وامتن اللّه عليهم بما امتن به، فكانت حالهم مناسبة للاستقامة، ولكن قارون هذا، بغى على قومه وطغى، بما أوتيه من الأموال العظيمة المطغية"
    {فَبَغَى عَلَيْهِمْ}
    وتجاوز حده في الكبر بسبب المال والجاه {وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ}
    العصبة: تطلق على الرجال المجتمعين المتعاونين الأقوياء، عشرة فصاعدًا، فآتى الله قارون من الأموال الكثيرة
    ما إن مفاتحه لتثقل على هؤلاء الرجال الأشداء الأقوياء، والمفاتح قيل: جمع مِفتاح، أي: أن مفاتح خزائن أمواله لتثقل الجماعة القوية عن حملها، هذه المفاتيح، فما ظنكم بالخزائن؟!

    قال خيثمة: "كانت مفاتح كنوز قارون من جلود، كل مفتاح مثل الأصبع، كل مفتاح على خزانة على حدة،
    فإذا ركب حملت المفاتيح على ستين بغلا أغرّ محجَّل". وفي هذا واضح عنصر المبالغة.

    وقيل: إن المفاتح هنا جمع مَفْتَح، وهو الخزانة نفسها. أي أن هؤلاء العصبة يعجزون عن حمل الخزائن.
    وهذا القول هو اختيار ابن عباس والحسن، فحملا المفاتح على نفس المال،

    قال الرازي: "وهذا أبين وعن الشبهة أبعد".

    قال ابن عباس: كانت خزائنه يحملها أربعون رجلاً أقوياء، وكانت خزائنه أربعمائة ألف فيحمل كل رجل عشرة آلاف".
    وانقسم بنو إسرائيل تجاه قارون وتصرفاته وطغيانه إلى فريقين:




    يُتبع ,,



  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2009
    الموقع
    الصَاحِبُ الذي لاَيخذِلُ صَاحِبه أبدا *كتاب ربي*
    الردود
    19,607
    الجنس
    أنثى
    التدوينات
    6
    التكريم
    • (القاب)
      • درة صيفنا إبداع 1432هـ
      • إبداع الكلمة
      • بصمة مبدعة
      • باحثة متألقة في الصوتيات
      • فراشة الحلم والأناة
    (أوسمة)
    وانقسم بنو إسرائيل تجاه قارون وتصرفاته وطغيانه إلى فريقين:

    أناس خُدِعوا وأُعجبوا بقارون، وفُتنوا بكنزه، كلما رأوه في زينته قالوا:
    {يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} وهذا حال الماديين الذين لا يرون في الحياة سوى المال والشهوات،

    وأما الفريق الآخر فهم العاقلون القانعون، الذين يرون بل ويؤمنون أن الحياة الدنيا جميلة بتسخير طيبتها في طاعة الله،
    وأنها ابتلاء وامتحان، فهذا الفريق لم يسكت بل قام بواجبه وأدى ما عليه تجاه قارون، فنصح، وقالوا:
    يا قارون!{لا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ} لا تفرح الفرح الذي يدفع للكبر والبطر، لا تفرح الفرح الذي ينسي حق الله في هذا المال،
    وحق عباده من البائسين والمحرومين، وقالوا له مذكرين:
    {وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ
    وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ}،
    ما أروع
    هذه يا عباد الله! رغم وجازتها فقد اشتملت على خمس جمل، كل جملة تقرر قاعدة من القواعد القرآنية الثابتة
    في كيفية التعامل مع المال، وكيفية توظيفه لنفع صاحبه وإسعاد الآخرين، وجعله وسيلة إلى تحقيق عبودية الله ونيل رضوانه،

    فالقرآن لا ينهاك عن كسب المال، بل يوجهك كيف صرف المال، فخذ من حلاله ما تشاء، بشرط ألا يشغلك عن دينك،
    وعن حق الفقراء والمحتاجين، فأحسن إليهم كما أحسن الله إليك، ليحفظ عليك نعمتك، ويزيد في مالك، وبركته،

    دع الحرص على الدنيا وفي العيش فلا تطمع
    ولا تجـمع من المـال فلا تـدري لمن تجمع
    غـني كل من يقـنع فقـير كل من يطمع
    عباد الله! هل تدرون كيف استقبل لكن قارون رفض النصيحة، وأعمى عينه؟! وأنى لمن أعماه المال وأطغاه أن يستمع لوعظ أو أن يأخذ به، ولذا لم يكتف قارون برد النصيحة فقط، بل زاد الطين بلة، وأمعن في العلو والتكبر والفساد،
    وأضاف النعمة إلى علمه وكسبه ومهارته، فقال: {إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي}
    أي: لست بحاجة إلى نصحكم، فأنا أرجحكم عقلاً، وأسدُّكم رأيًا، وما أوتيت هذا المال إلا لأني حاذق اقتصادياً،
    عارف بالتطور وحضاراته، وما أنتم إلا رجعيون ظلاميون، فاحتفظوا بالنصيحة لأنفسكم، وقوِّموا بها أموركم،
    وإلى اليوم ما زالت هذه هي حجة طغاة المال والفكر،




    ولذا كان رد الله على قارون وأمثاله: {أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا}
    وفي هذا تحذير شديد لقارون، وأنه سيلقى مصير هؤلاء الجاحدين، وأن كل جاحد أسخط الله سيلقى نفس المصير،
    {وَلا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ}
    لا يسألهم الله بل يعاقبهم ويعذبهم على ما يعلمه منهم،
    وأيضاً في هذا تحذير شديد لكل صاحب مال لا يعمل فيه بأمر الله، فالمال مال الله، وإنما هو عارية عندكم، ستسألون عنه،
    والكريم عند الله هو التقي، وليس مجرد الغني، وهذا صريح الوحيين، قال تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}،
    وقَالَ
    عليه الصلاة والسلام
    :
    ((إِنَّ اللَّهَ قَسَمَ بَيْنَكُمْ أَخْلَاقَكُمْ كَمَا قَسَمَ بَيْنَكُمْ أَرْزَاقَكُمْ وَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُعْطِي الدُّنْيَا
    مَنْ يُحِبُّ وَمَنْ لَا يُحِبُّ وَلَا يُعْطِي الدِّينَ إِلَّا لِمَنْ أَحَبَّ))

    الراوي : عبدالله بن مسعود | المحدث : الألباني | المصدر : السلسلة الصحيحة

    الصفحة أو الرقم: 2714 | خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح


    وهذا نص صريح لمن أعطاه الله الدين، بأن الله يحبه فهنيئاً له بهذا المحبة،

    الله العظيم مالك الملك يحبك، وإذا أحبك أصبح سمعك وبصرك، ويدك ورجلك أي بالحفظ والتوفيق والرعاية،
    نسأل الله الكريم من فضله، أليس هذا هو الكنز الحقيقي، بمثل هذا يكون الفخر والتباهي،
    إنه عزاء لكل فقير ومحتاج في الدنيا، وهو نذير وتحذير لكل غني أن يتنبه ويتوجس،


    يقول أحد المغنين المشهورين التائبين، وبعد أن هرب من مجتمع الطرب وأهله، فعرف بعضهم طريقه،
    تذمر وقال:" أسأل الله الثبات، ستكثر عليّ المحن والامتحانات، تقول زوجته: وبالفعل حضر شخصان من شركة غنائية كبيرة
    وعرضا عليه شيكاً بمبلغ فاق
    المليون ريال، مع تأمين المنزل والسيارة مقابل العودة للغناء، وكان وضعنا المادي سيئاً جداً
    وكنا بحاجة ماسة للمال، إلا أنه فاجأهم بقوله:"ما عند الله خير وأبقى"، فغادر الشخصان المنزل لكن ما لبثا أن عادا في اليوم التالي
    لتقديم العرض بصورة موسعة ومغريات كبيرة جداً، إلا أنه ردد عليهم:"ما عند الله خير وأبقى".
    تقول زوجته: وكان يقول: إنه لو أعطي أموال قارون لما عاد إلى ذلك لأنه وجد الراحة النفسية والسعادة التي عاش زمنا طويلاً
    يبحث عنها، وكان يدعو الله أن يثبته حتى الممات، ونحسب أنه تحقق له ما أراد، فقد مات بخاتمة حسنة،
    نسأل الله لنا وله المغفرة والمتاب.






    إذا فالسعادة في تقليل الرغبات لا في زيادة الثروات، " ولا يملأ ابن آدم إلا التراب.."، فما أروع القناعة والرضا،
    وما أجمل أن تنظر في أمور الدنيا لمن هو أقل منك وإلا فلا نهاية للشره والطمع وشرور النفس،
    فإنه لما قارون {..عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ. قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا: يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ}
    خرج في زينته، عليه ثياب الأُرْجُوان، وهو الشديد الحمرة من أثر النعيم، راكباً براذين بيض، عليها سروج الأرجوان،
    وعليهم المعصفرات مع ثلاث مائة جارية على البغال الشهب، عليهن ثياب حمر، نحو أربعة آلاف دابة،
    عليهم وعلى دوابهم الأرجوان
    ، خرج في زينة عظيمة، وتجمل باهر، من مراكب وملابس فاخرة عليه وعلى خدمه وحشمه،
    فلما رآه مَنْ لا يعيش إلا للدنيا فقط، تمنوا فقالوا: {يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ}

    فقال العقلاء محذرين وناصحين: {وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلا يُلَقَّاهَا إِلا الصَّابِرُونَ}
    وهكذا ينقسم الناس اليوم عند رؤيتهم لمواكب الأغنياء والمشاهير بين انبهار واعتبار،


    يُتبع ,,



  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jan 2009
    الموقع
    الصَاحِبُ الذي لاَيخذِلُ صَاحِبه أبدا *كتاب ربي*
    الردود
    19,607
    الجنس
    أنثى
    التدوينات
    6
    التكريم
    • (القاب)
      • درة صيفنا إبداع 1432هـ
      • إبداع الكلمة
      • بصمة مبدعة
      • باحثة متألقة في الصوتيات
      • فراشة الحلم والأناة
    (أوسمة)


    فليسأل كل منا نفسه: من أي الفريقين هو؟! لكن كما أخبر الله بقوله: {وَلا يُلَقَّاهَا إِلا الصَّابِرُونَ}
    وفي هذا يظهر فضل العلم وأثره في الوعي على أهله، فميزان العلم يقول: المال ملول سَرعان ما يزول،
    فنظروا لقارون وأفعاله فوجدوه هالكًا خاسرًا محرومًا، ووجدوه معذَّبًا شقيًّا مطرودًا،

    ففي صحيح مسلم عن عبد الله بن الشخير قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ
    صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَقْرَأُ
    }أَلْهَاكُمْ التَّكَاثُرُ} قَالَ:
    ((يَقُولُ ابْنُ آدَمَ: مَالِي مَالِي! قَالَ: وَهَلْ لَكَ يَا ابْنَ آدَمَ مِنْ مَالِكَ إِلَّا مَا أَكَلْتَ فَأَفْنَيْتَ، أَوْ لَبِسْتَ فَأَبْلَيْتَ، أَوْ تَصَدَّقْتَ فَأَمْضَيْتَ)) صحيح مسلم،


    هكذا العلم والدين يزن المال، مهما كانت المغريات ومهما كثرت الفلاشات والأضواء فالغوغاء هم من يجري وراء كل سراب وبريق كاذب،
    ولذا قيل:"إن الفتنة إذا أقبلت عرفها كل عالم، وإذا أدبرت عرفها كل جاهل".

    ولذا كما علم العقلاء سقط قارون، وحلت عليه العقوبة، وحاق به العذاب، ولقي جزاء ما اقترفته وعملته يداه:
    {فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الأرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ}


    سبحان الله! الجزاء من جنس عمله، فكما رفع نفسه على عباد اللّه بكل غرور، أنزله اللّه أسفل سافلين، هو وما اغتر به، من داره وأثاثه، ومتاعه،{فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ}أي: ما أغنى عنه مالُه، وما جَمَعه، ولم يكن له جماعة وعصبة تستطيع
    أن تدفع عنه نقمة الله وعذابه {وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ} فما نُصِرَ ولا انتَصَر،
    وفي البخاري أَنَّ النَّبِيَّ
    صلى الله عليه وسلم قَالَ:((بَيْنَمَا رَجُلٌ يَجُرُّ إِزَارَهُ مِنْ الْخُيَلَاءِ خُسِفَ بِهِ فَهُوَ يَتَجَلْجَلُ فِي الْأَرْضِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ)) صحيح
    قال الحفاظ في شرح الحديث: "وجزم الكلاباذي في معاني الأخبار بأنه قارون،
    وكذا ذكر الجوهري في الصحاح، وهذا يوضح خطورة الكبر وأثره، وأنه كما قال
    عليه الصلاة والسلام
    :
    "لا يدخل الجنة من كان في قلبه ذرة من كبر"
    لأنه ينافي العبودية التي من أجلها خلق الله الخلق، وكم في هذا من الدروس والعبر للناس،
    بل إن هلاك قارون صار عقوبة له، وعبرة وموعظة لغيره،كما حكا القرآن موقف الغافلين المنبهرين لما رأوا ما حصل لقارون،
    وقد كانوا يتمنون مقامه وفتنوا بما يملك من مال {وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالأمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ
    مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ}
    الآن علموا نعمة الله عليهم ولُطفه بهم،
    وهو العليم بما يناسب عباده، إذ لو كانوا كما كان قارون لخسف بهم كما خسف به، فلولا فضله ومنته لكان مصيرنا مثله.
    ثم
    ختم الله قصة قارون وعقبه بتعقيب بليغ وقاعدة عظيمة تكتب بماء العينين فقال:
    {تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأرْضِ وَلا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ*
    مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا وَمَن جَاء بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى الَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}
    .
    فنعيم الدار الآخرة لا يحول ولا يزول، وقد جعله الله لعباده المؤمنين المتواضعين، الذين لا يريدون علوًّا في الأرض،
    ولا ترفعًا على خلق الله وتعاظمًا عليهم وتجبرًا بهم، ولا فسادًا فيهم، جعلنا الله وإياكم منهم،
    ورزقنا الهدى والتقى والتواضع والغنى، بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الهدى والقصص
    والآيات والذكر والحكيم، أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم .




    المصدر: الموقع الرسمي سماء الإسلام
    للــــ د . أ . إبراهيم الدويش

    كل ما زاد الإنسان قربا إلى الله زادت ولاية الله للعبد وكل ما زادت الولاية
    زاد عطاء الله لك (توفيق , سداد , حفظ ورعاية , تأييد , يلطف بك )

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Apr 2015
    الموقع
    اعيش هناك
    الردود
    780
    الجنس
    أنثى
    التدوينات
    1
    اللهم اجعلنا من الفرقة الاولى ولا تكلنا الى انفسنا طرفة عين.
    اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل والجبن والبخل والهرم ، وعذاب القبر . اللهم أتي نفسي تقواها وزكها أنت خير من زكَّها ، أنت وليها ومولاها .
    اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع ومن قلب لا يخشع ومن نفس لا تشبع ومن دعوة لا يستجاب لها.
    آآمين
    ؛
    متابعتك الى النهاية (:

  5. #5
    الشفاعة's صورة
    الشفاعة غير متواجد مشرفة ركن الصحة والتغذية - النجمة الفضية 2012م
    تاريخ التسجيل
    Aug 2008
    الموقع
    في بيتي
    الردود
    15,303
    الجنس
    أنثى
    التكريم
    • (القاب)
      • شعلة العطاء
      • بسمة النزهة
      • مبدعة صيفنا إبداع1431هـ
      • ناصحة متألقة
    (أوسمة)
    سبحان الله...
    ربي ارزقنا العلم النافع واخرج الدنيا من قلبنا واجعل عملنا خااالص لوجهك الكريم دون تكبر او جهل...

    جزاكِ الله خيرا علوتنا الغالية كل مواضيعك مواعظ وعبر





    اللهم انصر اهل غزة وسوريا و العراق واليمن و مصر
    و افغانستان وبورما و الشيشان ....
    اللهم انهم مظلووومون فانتصر لهم ياحي ياقيوووم .....



    الرجاء الرد من الاخوات فقط

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Jan 2009
    الموقع
    الصَاحِبُ الذي لاَيخذِلُ صَاحِبه أبدا *كتاب ربي*
    الردود
    19,607
    الجنس
    أنثى
    التدوينات
    6
    التكريم
    • (القاب)
      • درة صيفنا إبداع 1432هـ
      • إبداع الكلمة
      • بصمة مبدعة
      • باحثة متألقة في الصوتيات
      • فراشة الحلم والأناة
    (أوسمة)
    رفع الله قدركم وشرح صدوركم بالعلم عنه سبحانه

    كل ما زاد الإنسان قربا إلى الله زادت ولاية الله للعبد وكل ما زادت الولاية
    زاد عطاء الله لك (توفيق , سداد , حفظ ورعاية , تأييد , يلطف بك )

  7. #7
    الثمال's صورة
    الثمال غير متواجد رئيسة الأركان التعليمية-مشرفة ركني الروضة ودار لك للتحفيظ -محررة في موقع لكِ
    تاريخ التسجيل
    Mar 2002
    الموقع
    اللهم ارحم غربتي في الدنيا وارحم مصرعي عند الموت وارحم قيامي بين يديك
    الردود
    44,066
    الجنس
    امرأة
    التدوينات
    13
    التكريم
    • (القاب)
      • درة الحوار
      • محلقة في سماء الإبداع
      • الإصرار على النجاح
      • متميزة
      • محررة بمجلة انا ورحلة الامومة
      • درة صيفنا إبداع 1432هـ
      • واميره النظافة والتنظيم 2
      • تربوية مثقفة
      • لمسة عطاء
      • درة صيفنا إبداع 1431هـ
      • فن وإبتكار
      • بصمة إبداع
      • الماهرة
      • مُبدعة صيف 1430هـ
      • أنامل ذهبية
      • بصمة إنجاز
      • بصمة تعاون
      • مصممة رائعة
      • بصمة مبدعة
      • ريشة متميزة
      • ذاكرة سياحية مميزة
      • فراشة الحلم والأ
    (أوسمة)
    بارك الله فيك غاليتي

مواضيع مشابهه

  1. صور لدار قارون
    بواسطة {..لَـْ نَبْضُ ـٍـْكِ ~♥ في السياحة والسفر
    الردود: 30
    اخر موضوع: 15-03-2010, 03:47 PM
  2. ::: مال قارون + عمر نوح + صبر أيوب :::
    بواسطة حـ عين ـور في روضة السعداء
    الردود: 2
    اخر موضوع: 29-03-2008, 03:16 AM
  3. قصة قارون ...!
    بواسطة زوزو في روضة السعداء
    الردود: 2
    اخر موضوع: 24-10-2001, 02:01 AM

أعضاء قرؤوا هذا الموضوع: 0

There are no members to list at the moment.

الكلمات الاستدلالية لهذا الموضوع

الروابط المفضلة

الروابط المفضلة
لكِ | مطبخ لكِ