انتقلت منتديات لكِ النسائية إلى هذا الرابط:
منتديات لكِ النسائية
هذا المنتدى للقراءة فقط.


للبحث في شبكة لكِ النسائية:
الصفحة 1 من 2 12 الأخيرالأخير
عرض النتائج 1 الى 10 من 11

الموضوع: تفسيرسورة الحاقة على حلقات ..تابعوا

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    الموقع
    مصر
    الردود
    383
    الجنس
    امرأة

    L22 تفسيرسورة الحاقة على حلقات ..تابعوا





    تفسيرسورة الحاقة
    (1)مقدمة وتمهيد



    1- سورة «الحاقة» من السور المكية الخالصة، وكان نزولها بعد سورة «الملك» وقبل سورة «المعارج» ، وعدد آياتها إحدى وخمسون آية، وعند بعضهم اثنتان وخمسون آية.
    قال الآلوسى: «ويدل على مكيتها ما أخرجه الإمام أحمد عن عمر بن الخطاب قال:
    «خرجت أتعرض لرسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن أسلم، فوجدته قد سبقني إلى المسجد، فوقفت خلفه، فاستفتح بسورة (الحاقة) ، فجعلت أعجب من تأليف القرآن، فقلت- أى في نفسي-: هذا والله شاعر، فقرأ وَما هُوَ بِقَوْلِ شاعِرٍ قَلِيلًا ما تُؤْمِنُونَ فقلت:
    كاهن، فقرأ وَلا بِقَوْلِ كاهِنٍ قَلِيلًا ما تَذَكَّرُونَ. تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ إلى آخر السورة. فوقع الإسلام في قلبي كل موقع».
    الراوي:عمر بن الخطاب المحدث:ابن كثير المصدر:مسند الفاروق الجزء أو الصفحة:2/618 حكم المحدث:حسن جيد الإسناد إلا أن شريح بن عبيد لم يدرك أيام عمر

    وعلى هذا الحديث يكون نزولها في السنة الرابعة أو الخامسة من البعثة لأن إسلام عمر- رضى الله عنه- كان- تقريبا- في ذلك الوقت.
    2- والسورة الكريمة زاخرة بالحديث عن أهوال يوم القيامة، وعن مصارع المكذبين، وعن أحوال أصحاب اليمين وأصحاب الشمال، وعن إقامة الأدلة المتعددة على أن هذا القرآن من عند الله- تعالى- وعلى أن الرسول صلى الله عليه وسلم صادق فيما يبلغه عن ربه- عز وجل-.
    وتمتاز هذه السورة بقصر آياتها، وبرهبة وقعها على النفوس، إذ كل قارئ لها بتدبر فكر، يحس عند قراءتها بالهول القاصم، وبالجد الصارم، وببيان أن هذا الدين حق لا يشوبه باطل. وأن ما أخبر به الرسول صلى الله عليه وسلم صدق لا يحوم حوله كذب.
    نرى ذلك كله في اسمها، وفي حديثها عن مصارع الغابرين، وعن مشاهد يوم القيامة التي يشيب لها الولدان.
    نسأل الله تعالى- أن يرحمنا جميعا برحمته . تفسير الوسيط الطنطاوي

    مقدمة من الظلال


    • هذه سورة هائلة رهيبة ; قل أن يتلقاها الحس إلا بهزة عميقة ، وهي بذاتها أقوى من كل استعراض ومن كل تحليل , ومن كل تعليق !
    • والسورة بجملتها تلقي في الحس بكل قوة وعمق إحساسا واحدا بمعنى واحد . . أن هذا الأمر , أمر الدين والعقيدة , جد خالص حازم جازم . جد كله لا هزل فيه . ولا مجال فيه للهزل . جد في الدنيا وجد في الآخرة , وجد في ميزان الله وحسابه . جد لا يحتمل التلفت عنه هنا أو هناك كثيرا ولا قليلا . وأي تلفت عنه من أي أحد يستنزل غضب الله الصارم , وأخذه الحاسم . ولو كان الذي يتلفت عنه هو الرسول . فالأمر أكبر من الرسول وأكبر من البشر . . إنه الحق . حق اليقين . من رب العالمين .
    • يبرز هذا المعنى في اسم القيامة المختار في هذه السورة , والذي سميت به السورة:"الحاقة " . . وهي بلفظها وجرسها ومعناها تلقي في الحس معنى الجد والصرامة والحق والاستقرار .


    •ويبرز في مصارع المكذبين بالدين وبالعقيدة وبالآخرة قوما بعد قوم , وجماعة بعد جماعة , مصارعهم العاصفة القاصمة الحاسمة الجازمة:
    ( فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ (5) وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ (6) سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ (7) فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ (8) . .
    _ وهكذا كل من تلفت عن هذا الأمر أخذ أخذة مروعة داهمة قاصمة , تتناسب مع الجد الصارم الحاسم في هذا الأمر العظيم الهائل , الذي لا يحتمل هزلا , ولا يحتمل لعبا , ولا يحتمل تلفتا عنه من هنا أو هناك !




    • ويبرز في مشهد القيامة المروع , وفي نهاية الكون الرهيبة , وفي جلال التجلي كذلك وهو أروع وأهول:

    {فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ (13) وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً (14) فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ (15) وَانْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ (16) وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ (17) يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ (18)}.



    • ذلك الهول . وهذا الجلال . يخلعان الجد الرائع الجليل على مشهد الحساب عن ذلك الأمر المهول . ويشاركان في تعميق ذلك المعنى في الحس مع سائر إيقاعات السورة وإيحاءاتها . هو وما بعده من مقالة الناجين والمعذبين: فأما من أوتي كتابه بيمينه فيقول:هاؤم اقرؤوا كتابيه . إني ظننت أني ملاق حسابيه . . فقد نجا وما يكاد يصدق بالنجاة . .
    {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ (19) إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ (20) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ (21) فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ (22) قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ (23) كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ (24)}. . بهذا التفجع الطويل , الذي يطبع في الحس وقع هذا المصير . .



    • ثم يبدو ذلك الجد الصارم والهول القاصم في النطق العلوي بالقضاء الرهيب الرعيب , في اليوم الهائل , وفي الموقف الجليل:
    { خُذُوهُ فَغُلُّوهُ (30) ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ (31) ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ (32) } .

    وكل فقرة كأنها تحمل ثقل السماوات والأرض , وتنقض في جلال مذهل , وفي هول مروع , وفي جد ثقيل . .



    • ثم ما يعقب كلمة القضاء الجليل , من بيان لموجبات الحكم الرهيب ونهاية المذنب الرعيبة:
    {إِنَّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ (33) وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ (34) فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَاهُنَا حَمِيمٌ (35) وَلَا طَعَامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ (36) لَا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخَاطِئُونَ (37)}
    • ثم يبرز ذلك المعنى في التلويح بقسم هائل , وفي تقرير الله لحقيقة الدين الأخير:
    ({فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ (38) وَمَا لَا تُبْصِرُونَ (39) إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (40) وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ (41) وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ (42) تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (43).



    • وأخيرا يبرز الجد في الإيقاع الأخير . وفي التهديد الجازم والأخذ القاصم لكل من يتلاعب في هذا الأمر أو يبدل . كائنا من كان , ولو كان هو محمدا الرسول:
    (وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ (44) لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (45) ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ (46) فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ (47)). .
    فهو الأمر الذي لا تسامح فيه ولا هوادة ولا لين .


    .
    ••وعندئذ تختم السورة بالتقرير الجازم الحاسم والقول الفصل الأخير عن هذا الأمر الخطير:(وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِلْمُتَّقِينَ (48) وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنْكُمْ مُكَذِّبِينَ (49) وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكَافِرِينَ (50) وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ (51) فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ (52)}). . وهو الختام الذي يقطع كل قول , ويلقي بكلمة الفصل , وينتهي إلى الفراغ من كل لغو , والتسبيح باسم الله العظيم . .



    •إن أسلوب السورة يحاصر الحس بالمشاهد الحية , المتناهية الحيوية , بحيث لا يملك منها فكاكا , ولا يتصور إلا أنها حية واقعة حاضرة , تطالعه بحيويتها وقوتها وفاعليتها بصورة عجيبة !


    _ فهذه مصارع ثمود وعاد وفرعون وقرى لوط [ المؤتفكات ] حاضرة شاخصة , والهول المروع يجتاح مشاهدها لا فكاك للحس منها . وهذا مشهد الطوفان وبقايا البشرية محمولة في الجارية مرسوما في آيتين اثنتين سريعتين . . ومن ذا الذي يقرأ:
    ( وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ (6) سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ (7) فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ (8) . .

    ولا يتمثل لحسه منظر العاصفة المزمجرةالمحطمة المدمرة . سبع ليال وثمانية أيام . ومشهد القوم بعدها صرعى مجدلين (كأنهم أعجاز نخل خاوية !).
    _ وهو مشهد حي ماثل للعين , ماثل للقلب , ماثل للخيال ! وكذلك سائر مشاهد الأخذ الشديد العنيف في السورة .

    ثم هذه مشاهد النهاية المروعة لهذا الكون . هذه هي تخايل للحس , وتقرقع حوله , وتغمره بالرعب والهول والكآبة . ومن ذا الذي يسمع
    {فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ (13) وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً (14) فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ (15) وَانْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ (16) وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ (17) يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ (18)}!! ومن الذي يسمع: (وانشقت السماء فهي يومئذ واهية . والملك على أرجائها). . ولا يتمثل خاطره هذه النهاية الحزينة , وهذا المشهد المفجع للسماء الجميلة المتينة ?! ثم من الذي لا يغمر حسه الجلال والهول وهو يسمعوالملك على أرجائها ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية . يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية). .
    •ومشهد الناجي الآخذ كتابه بيمينه والدنيا لا تسعه من الفرحة , وهو يدعو الخلائق كلها لتقرأ كتابه في رنة الفرح والغبطة:
    {فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ (19) إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ (20) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ (21) فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ (22) قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ (23) كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ (24)}




    • ومشهد الهالك الآخذ كتابه بشماله . والحسرة تئن في كلماته ونبراته وإيقاعاته:
    ( يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ (25) وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ (26) يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ (27) مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ (28) هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ (29))

    ومن ذا الذي لا يرتعش حسه , وهو يسمع ذلك القضاء الرهيب:

    ( خُذُوهُ فَغُلُّوهُ (30) ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ (31) ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ (32).
    . الخ. . وهو يشهد كيف يتسابق المأمورون إلى تنفيذ الأمر الرهيب الجليل في ذلك البائس الحسير !
    وحاله هناك:
    { فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَاهُنَا حَمِيمٌ (35) وَلَا طَعَامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ (36) لَا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخَاطِئُونَ (37)}
    وأخيرا فمن ذا الذي لا تأخذه الرجفة وتلفه الرهبة , وهو يتمثل في الخيال صورة التهديد الشديد:
    ( وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ (44) لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (45) ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ (46) فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ (47)!). .
    إنها مشاهد من القوة والحيوية والحضور بحيث لا يملك الحس أن يتلفت عنها طوال السورة , وهي تلح عليه , وتضغط , وتتخلل الأعصاب والمشاعر في تأثير حقيقي عنيف ! سيد قطب



    انتهت المقدمة ونبدأ بإذن الله فى تفسير السورة
    المراجع:
    الطنطاوى التفسير الوسيط
    سيد قطب فى ظلال القرآن.

    بارك الله فيكم على طيب المتابعة فى أمان الله



  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    الموقع
    مصر
    الردود
    383
    الجنس
    امرأة



    تفسيرسورة الحاقة

    الآيات (1- 8):


    {الْحَاقَّةُ (1) مَا الْحَاقَّةُ (2) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحَاقَّةُ (3) كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ بِالْقَارِعَةِ (4) فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ (5) وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ (6) سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ (7) فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ (8)}


    شرح الكلمات:


    {الحاقة}: أي الساعة الواجبة الوقوع وهي القيامة.
    {مالقارعة}: لفظ القارعة، من أسماء يوم القيامة، وسمى يوم القيامة بذلك، لأنه يقرع القلوب ويزجرها لشدة أهواله:
    {فأهلكوا بالطاغية}: أي بطغيانهم وعتوهم عن أمر ربهم فأخذتهم صيحة طاغية أيضاً.
    {بريح صرصر عاتية}: قوية شديدة الهبوب لها صوت أبلغ من صوت الرعد؛ فأهلكت بالريح الشديدة، التي لها صوت عظيم، والتي تجاوزت كل حد في قوتها.
    {حسوماً}: أي متتابعات الهبوب بلا فاصل كتتابع الكيّ القاطع للداء.
    {كأنهم أعجاز نخل خاوية}: أي أصول نخل ساقطة فارغة ليس في جوفها شيء.



    .معنى الآيات:


    {الْحَاقَّةُ (1) مَا الْحَاقَّةُ (2)}
    { الْحَاقَّةُ } من أسماء يوم القيامة، لأنها تحق وتنزل بالخلق، وتظهر فيها حقائق الأمور، ومخبآت الصدور، فعظم تعالى شأنها وفخمه، بما كرره من قوله: { الْحَاقَّةُ مَا الْحَاقَّةُ وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحَاقَّةُ } فإن لها شأنا عظيما وهولا جسيما، [ومن عظمتها أن الله أهلك الأمم المكذبة بها بالعذاب العاجل]




    • كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ بِالْقَارِعَةِ
    ثم ذكر نموذجا من أحوالها الموجودة في الدنيا المشاهدة فيها، وهو ما أحله من العقوبات البليغة بالأمم العاتية فقال: { كَذَّبَتْ ثَمُودُ } وهم القبيلة المشهورة سكان الحجر الذين أرسل الله إليهم رسوله صالحا عليه السلام، ينهاهم عما هم عليه من الشرك، ويأمرهم بالتوحيد، فردوا دعوته وكذبوه وكذبوا ما أخبرهم به من يوم القيامة، وهي القارعة التي تقرع الخلق بأهوالها، وكذلك عاد الأولى سكان حضرموت حين بعث الله إليهم رسوله هودا عليه الصلاة والسلام يدعوهم إلى عبادة الله [وحده] فكذبوه وكذبوا بما أخبر به من البعث فأهلك الله الطائفتين بالهلاك المعجل




    • فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ

    { فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ } وهي الصيحة العظيمة الفظيعة، التي انصدعت منها قلوبهم وزهقت لها أرواحهم فأصبحوا موتى لا يرى إلا مساكنهم وجثثهم.




    • وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ

    { وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ } أي: قوية شديدة الهبوب لها صوت أبلغ من صوت الرعد [القاصف] { عَاتِيَةٍ } [أي: ] عتت على خزانها، على قول كثير من المفسرين، أو عتت على عاد وزادت على الحد كما هو الصحيح.




    • سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَىٰ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ

    { سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا } أي: نحسا وشرا فظيعا عليهم فدمرتهم وأهلكتهم، { فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى } أي: هلكى موتى
    { كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ } أي: كأنهم جذوع النخل التي قد قطعت رءوسها الخاوية الساقط بعضها على بعض.


    فى ظلال الآيات:



    {الْحَاقَّةُ (1) مَا الْحَاقَّةُ (2) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحَاقَّةُ (3)}
    والجو كله في السورة جو جد وجزم , كما أنه جو هول وروع . وهو يوقع في الحس إلى جانب ما أسلفنا في التقديم , شعورا بالقدرة الإلهية الكبرى من جهة , وبضآلة الكائن الإنساني تجاه هذه القدرة من جهة أخرى ; وأخذها له أخذا شديدا في الدنيا والآخرة , عندما يحيد أو يتلفت عن هذا النهج الذي يريده الله للبشرية , ممثلا فيما يجيء به الرسل من الحق والعقيدة والشريعة ; فهو لا يجيء ليهمل , ولا ليبدل , إنما يجيء ليطاع ويحترم , ويقابل بالتحرج والتقوى . وإلا فهناك الأخذ والقصم , وهناك الهول والروع .


    والألفاظ في السورة بجرسها وبمعانيها وباجتماعها في التركيب , وبدلالة التركيب كله . . تشترك في إطلاق هذا الجو وتصويره . فهو يبدأ فيلقيها كلمة مفردة , لا خبر لها في ظاهر اللفظ الحاقة). . ثم يتبعها باستفهام حافل بالاستهوال والاستعظام لماهية هذا الحدث العظيم ما الحاقة ?). . ثم يزيد هذا الاستهوال والاستعظام بالتجهيل , وإخراج المسألة عن حدود العلم والإدراك وما أدراك ما الحاقة ?). . ثم يسكت فلا يجيب على هذا السؤال . ويدعك واقفا أمام هذا الأمر المستهول المستعظم , الذي لا تدريه , ولا يتأتى لك أن تدريه ! لأنه أعظم من أن يحيط به العلم والإدراك !



    كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ بِالْقَارِعَةِ (4) فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ (5) وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ (6) سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ (7) فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ (8)}


    ويبدأ الحديث عن المكذبين به , وما نالهم من الهول , وما أخذوا به من القصم , فذلك الأمر جد لا يحتمل التكذيب , ولا يذهب ناجيا من يُصر فيه على التكذيب.

    [بِالْقَارِعَة] هذا اسم جديد للحاقة . إنها فوق إنها تحق . . فهي تقرع . . والقرع ضرب الشيء الصلب والنقر عليه بشيء مثله . والقارعة تقرع القلوب بالهول والرعب , وتقرع الكون بالدمار والحطم . وها هي ذي بجرسها تقعقع وتقرقع , وتقرع وتفزع . . وقد كذبت بها ثمود وعاد . فلننظر كيف كانت عاقبة التكذيب . .(فأما ثمود فأهلكوا بالطاغية). .

    وثمود - كما جاء في مواضع أخرى - كانت تسكن الحجر في شمالي الحجاز بين الحجاز والشام . وكان أخذهم بالصيحة كما سماها في غير موضع . أما هنا فهو يذكر وصف الصيحة دون لفظها . .(بالطاغية). . لأن هذا الوصف يفيض بالهول المناسب لجو السورة . ولأن إيقاع اللفظ يتفق مع إيقاع الفاصلة في هذا المقطع منها . ويكتفي بهذه الآية الواحدة تطوي ثمود طيا , وتغمرهم غمرا , وتعصف بهم عصفا , وتطغى عليهم فلا تبقي لهم ظلا !

    وأما عاد فيُفصل في أمر نكبتها ويطيل , فقد استمرت وقعتها سبع ليال وثمانية أيام حسوما . على حين كانت وقعة ثمود خاطفة . . صيحة واحدة . طاغية . .(وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر عاتية). والريح الصرصر:الشديدة الباردة . واللفظ ذاته فيه صرصرة الريح . وزاد شدتها بوصفها(عاتية). . لتناسب عتو عاد وجبروتها المحكي في القرآن , وقد كانوا يسكنون الأحقاف في جنوب الجزيرة بين اليمن وحضرموت . وكانوا أشداء بطاشين جبارين . هذه الريح الصرصر العاتية: (سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما). . والحسوم القاطعة المستمرة في القطع . والتعبير يرسم مشهد العاصفة المزمجرة المدمرة المستمرة هذه الفترة الطويلة المحددة بالدقة: (سبع ليال وثمانية أيام). ثم يعرض المشهد بعدها شاخصا: (فترى القوم فيها صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية). .
    _ فترى . . فالمنظر معروض تراه , والتعبير يلح به على الحس حتى يتملاه !(صرعى). . مصروعين مجدلين متناثرين (كأنهم أعجاز نخل)بأصولها وجذوعها(خاوية)فارغة تآكلت أجوافها فارتمت ساقطة على الأرض هامدة !
    إنه مشهد حاضر شاخص . مشهد ساكن كئيب بعد العاصفة المزمجرة المدمرة . .(فهل ترى لهم من باقية ?). . لا ! فليس لهم من باقية !!!

    ذلك شأن عاد وثمود . . وهو شأن غيرهما من المكذبين .



    .من هداية الآيات:
    1- تقرير عقيدة البعث والجزاء.
    2- بيان أن كلا من عاد وثمود كانوا يكذبون بالبعث وبيان ما أهلكهم الله به.
    3- بيان أن معصية الرسول موجبة للعذاب الدنيوي والأخروي.


    فائدة :

    ابتدأ- سبحانه- بذكر ما أصاب هاتين القبيلتين، لأنهما أكثر القبائل المكذبة معرفة لمشركي قريش، لأنهما من القبائل العربية، ومساكنهما كانت في شمال وجنوب الجزيرة العربية.
    وحتى لا اطيل على القاريء الكريم سأفرد موضوع خاص بقصص هؤلاء والله الموفق
    بارك الله فيكم على طيب المتابعة



    المراجع:
    تيسير الكريم الرحمن فى تفسير كلام المنان للسعدى.
    التفسير الوسيط الطنطاوى
    سيد قطب فى ظلال القرآن.
    الجزائرى أيسر التفاسير



  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    الموقع
    مصر
    الردود
    383
    الجنس
    امرأة



    تفسيرسورة الحاقة
    الآيات 12:9


    وَجَاءَ فِرْعَوْنُ وَمَنْ قَبْلَهُ وَالْمُؤْتَفِكَاتُ بِالْخَاطِئَةِ (9) فَعَصَوْا رَسُولَ رَبِّهِمْ فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رَابِيَةً (10) إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ (11) لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ (12)}



    شرح الكلمات
    {والمؤتفكات بالخاطئة}: أي أهلها وهي قرى لوط بالفعلات ذات الخطأ.
    {أخذة رابية}: أي زائدة في الشدة على غيرها.
    {لما طغا الماء}: أي علا فوق كل شيء من الجبال وغيرها.
    {حملناكم في الجارية}: أي السفينة التي صنعها نوح ونجا بها هو ومن معه من المؤمنين.
    {وتعيها أذن واعية}: أي وتحفظها أذن واعية أي حافظة لما تسمعٌ.



    .معنى الآيات
    وَجَاءَ فِرْعَوْنُ وَمَن قَبْلَهُ وَالْمُؤْتَفِكَاتُ بِالْخَاطِئَةِ
    أي: وكذلك غير هاتين الأمتين الطاغيتين عاد وثمود جاء غيرهم من الطغاة العتاة كفرعون مصر الذي أرسل الله إليه عبده ورسوله موسى [ابن عمران] عليه الصلاة والسلام وأراه من الآيات البينات ما تيقنوا بها الحق ولكن جحدوا وكفروا ظلما وعلوا وجاء من قبله من المكذبين، { وَالْمُؤْتَفِكَاتِ } أي: قرى قوم لوط الجميع جاءوا { بِالْخَاطِئَةِ } أي: بالفعلة الطاغية وهي الكفر والتكذيب والظلم والمعاندة وما انضم إلى ذلك من أنواع الفواحش والفسوق.
    فَعَصَوْا رَسُولَ رَبِّهِمْ فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رَّابِيَةً
    { فَعَصَوْا رَسُولَ رَبِّهِمْ } وهذا اسم جنس أي: كل من هؤلاء كذب الرسول الذي أرسله الله إليهم. فأخذ الله الجميع { أَخْذَةً رَابِيَةً } أي: زائدة على الحد والمقدار الذي يحصل به هلاكهم.

    إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ
    ومن جملة أولئك قوم نوح أغرقهم الله في اليم حين طغى [الماء على وجه] الأرض وعلا على مواضعها الرفيعة.وامتن الله على الخلق الموجودين بعدهم أن الله حملهم { فِي الْجَارِيَةِ } وهي: السفينة في أصلاب آبائهم وأمهاتهم الذين نجاهم الله.

    لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ
    فاحمدوا الله واشكروا الذي نجاكم حين أهلك الطاغين واعتبروا بآياته الدالة على توحيده ولهذا قال: { لِنَجْعَلَهَا } أي: الجارية والمراد جنسها، { لَكُمْ تَذْكِرَةً } تذكركم أول سفينة صنعت وما قصتها وكيف نجى الله عليها من آمن به واتبع رسوله وأهلك أهل الأرض كلهم فإن جنس الشيء مذكر بأصله. وقوله: { وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ } أي: تعقلها أولو الألباب ويعرفون المقصود منها ووجه الآية بها. وهذا بخلاف أهل الإعراض والغفلة وأهل البلادة وعدم الفطنة فإنهم ليس لهم انتفاع بآيات الله لعدم وعيهم عن الله، وفكرهم بآيات الله


    فى ظلال الآيات
    وَجَاءَ فِرْعَوْنُ وَمَنْ قَبْلَهُ وَالْمُؤْتَفِكَاتُ بِالْخَاطِئَةِ (9) فَعَصَوْا رَسُولَ رَبِّهِمْ فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رَابِيَةً (10) إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ (11) لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ (12)}

    وفرعون كان في مصر - وهو فرعون موسى - ومن قبله لا يذكر عنهم تفصيل .

    والمؤتفكات قرى لوط المدمرة التي اتبعت الإفك أو التي انقلبت , فاللفظ يعني هذا وهذا . ويجمل السياق فعال هؤلاء جميعا , فيقول عنهم انهم جاءوا(بالخاطئة)أي بالفعلة الخاطئة . . من الخطيئة . . (فعصوا رسول ربهم). . وهم عصوا رسلا متعددين ; ولكن حقيقتهم واحدة , ورسالتهم في صميمها واحدة . فهم إذن رسول واحد , يمثل حقيقة واحدة - وذلك من بدائع الإشارات القرآنية الموحية - وفي إجمال يذكر مصيرهم في تعبير يلقي الهول والحسم حسب جو السورة: (فأخذهم أخذة رابية). . والرابية العالية الغامرة الطامرة . لتناسب(الطاغية)التي أخذت ثمود(والعاتية)التي أخذت عادا , وتناسب جو الهول والرعب في السياق بدون تفصيل ولا تطويل !

    ثم يرسم مشهد الطوفان والسفينة الجارية , مشيرا بهذا المشهد إلى مصرع قوم نوح حين كذبوا . وممتنا على البشر بنجاة أصولهم التي انبثقوا منها , ثم لم يشكروا ولم يعتبروا بتلك الآية الكبرى:
    _إنا لما طغى الماء حملناكم في الجارية , لنجعلها لكم تذكرة وتعيها أذن واعية . .
    _ومشهد طغيان الماء ومشهد الجارية على الماء الطاغي , كلاهما يتناسق مع مشاهد السورة وظلالها . وجرس الجارية وواعية يتمشى كذلك مع إيقاع القافية . وهذه اللمسة(لنجعلها لكم تذكرة وتعيها أذن واعية)تلمس القلوب الخامدة والآذان البليدة , التي تكذب بعد كل ما سبق من النذر وكل ما سبق من المصائر , وكل ما سبق من الآيات , وكل ما سبق من العظات , وكل ما سبق من آلاء الله ونعمه على أصول هؤلاء الغافلين !



    من هداية الآيات
    1- تقرير عقيدة البعث والجزاء.
    2- بيان أن معصية الرسول موجبة للعذاب الدنيوي والأخروي.
    3- التذكير بحادثة الطوفان وما فيها من عظة وعبرة.


    فائدة
    1_قوله (وَالْمُؤْتَفِكَاتُ بِالْخَاطِئَةِ)
    وخصوا بالذكر، لشهرة جريمتهم وبشاعتها وشناعتها حيثُ أتوا بفاحشة ما سبقهم إليها أحد من العالمين... ولمرور أهل مكة على قراهم وهم في طريقهم إلى الشام للتجارة، كما قال- تعالى-: وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ. وَبِاللَّيْلِ أَفَلا تَعْقِلُونَ.

    2_ قوله (أَخْذَةً رابِيَةً)
    كانت نتيجة إصرارهم على ارتكاب المعاصي والفواحش.. أن أخذهم الله- تعالى- أَخْذَةً رابِيَةً أى: أخذة زائدة في الشدة- لزيادة قبائحهم- على الأخذات التي أخذ بها غيرهم.

    فقوله: رابِيَةً مأخوذ من ربا الشيء إذا زاد وتضاعف.والتعبير بالأخذ، للإشعار بسرعة الإهلاك وشدته، فإذا وصف هذا الأخذ بالزيادة عن المألوف، كان المقصود به الزيادة في الاعتبار والاتعاظ لأن هؤلاء جميعا قد أهلكهم- سبحانه- هلاك الاستئصال، الذي لم يبق منهم باقية


    3_ (قوله حَمَلْناكُمْ فِي الْجارِيَةِ )
    مع أن الحمل كان للآباء الذين آمنوا بنوح- عليه السلام- لأن في نجاة الآباء، نجاة للأبناء، ولأنه لو هلك الآباء لما وجد الأبناء. وكأنهم هم المحمولون، لأن نجاتهم سبب ولادتهم.
    جزاكم الله خيراً على طيب المتابعة ..طيب الله أوقاتكم..فى أمان الله


    المراجع:
    تيسير الكريم الرحمن فى تفسير كلام المنان للسعدى.
    التفسير الوسيط الطنطاوى
    سيد قطب فى ظلال القرآن.
    الجزائرى أيسر التفاسير



  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    الموقع
    مصر
    الردود
    383
    الجنس
    امرأة

    L22


    سورة الحاقة
    تفسير الآيات (13- 18)



    {فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ (13) وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً (14) فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ (15) وَانْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ (16) وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ (17) يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ (18)}



    .شرح الكلمات:
    {نفخة واحدة}: أي النفخة الأولى.
    {حملت الأرض والجبال}: أي رُفعت من أماكنها.
    {فدكتا دكة واحدة}: أي ضرب بعضها ببعض فاندكت وصارت كثيبا مهيلا.
    {وقعت الواقعة}: أي قامت القيامة.
    {فهي يومئذ واهية}: أي مسترخية ضعيفة القوة.
    {على أرجائها}: أي على أطرافها وحافاتها.
    {ثمانية}: أي من الملائكة وهم حملة العرش الأربعة وزيد عليهم أربعة.
    {لا تخفى منكم خافية}: أي لا تخفى منكم سريرة من السرائر التي تخفونها.


    .معنى الآيات:
    (فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ)
    لما ذكر ما فعله تعالى بالمكذبين لرسله وكيف جازاهم وعجل لهم العقوبة في الدنيا وأن الله نجى الرسل وأتباعهم كان هذا مقدمة لذكر الجزاء الأخروي وتوفية الأعمال كاملة يوم القيامة. فذكر الأمور الهائلة التي تقع أمام القيامة وأن أول ذلك أنه ينفخ إسرافيل { فِي الصُّورِ } إذا تكاملت الأجساد نابتة. { نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ } فتخرج الأرواح فتدخل كل روح في جسدها فإذا الناس قيام لرب العالمين.

    ( وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً (14) فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ (15))

    { وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً }
    أي: فتتت الجبال واضمحلت وخلطت بالأرض ونسفت على الأرض فكان الجميع قاعا صفصفا لا ترى فيها عوجا ولا أمتا. هذا ما يصنع بالأرض وما عليها.

    وَانشَقَّتِ السَّمَاءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ
    وأما ما يصنع بالسماء، فإنها تضطرب وتمور وتتشقق ويتغير لونها، وتهي بعد تلك الصلابة والقوة العظيمة، وما ذاك إلا لأمر عظيم أزعجها، وكرب جسيم هائل أوهاها وأضعفها.

    {وَالْمَلَكُ } أي: الملائكة الكرام { عَلَى أَرْجَائِهَا } أي: على جوانب السماء وأركانها، خاضعين لربهم، مستكينين لعظمته. { وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ } أملاك في غاية القوة إذا أتى للفصل بين العباد والقضاء بينهم بعدله وقسطه وفضله.يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَىٰ مِنكُمْ خَافِيَةٌ

    { يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ } على الله { لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ } لا من أجسامكم وأجسادكم ولا من أعمالكم [وصفاتكم]، فإن الله تعالى عالم الغيب والشهادة. ويحشر العباد حفاة عراة غرلا، في أرض مستوية، يسمعهم الداعي، وينفذهم البصر، فحينئذ يجازيهم بما عملوا، ولهذا ذكر كيفية الجزاء،فى الآيات التالية



    فى ظلال الآيات:
    فى الآيات بعد هذا التمهيد يكمل العرض , ويكشف عن الهول كأنه التكملة المدخرة للمشاهد الأولى:

    {فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ (13) وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً (14) فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ (15) وَانْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ (16) وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ (17)


    ونحن نؤمن أن هناك نفخة في الصور وهو البوق تحدث بعدها هذه الأحداث . ولا نزيد في تفصيلها شيئا . لأنها غيب . ليس عندنا من دلائله إلا مثل هذه النصوص المجملة ; وليس لنا مصدر آخر لتفصيل هذا الإجمال . والتفصيل لا يزيد في حكمة النص شيئا , والجري وراءه عبث لا طائل تحته , إلا اتباع الظن المنهي عنه أصلا .

    {فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ } فتبع هذه النفخة تلك الحركة الهائلة:
    (وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً ). . ومشهد حمل الأرض والجبال ونفضها ودكها دكة واحدة تسوي عاليها بسافلها . . مشهد مروع حقا . هذه الأرض التي يجوس الإنسان خلالها آمنا مطمئنا , وهي تحته مستقرة مطمئنة . وهذه الجبال الراسية الوطيدة الراسخة التي تهول الإنسان بروعتها واستقرارها . . هذه مع هذه تحمل فتدك كالكرة في يد الوليد . . إنه مشهد يشعر معه الإنسان بضآلته وضآلة عالمه إلى جانب هذه القدرة القادرة , في ذلك اليوم العظيم . .


    فإذا وقع هذا . إذا نفخ في الصور نفخة واحدة , وحملت الأرض والجبال فدكتا دكة واحدة . . فهو حينئذ الأمر الذي تتحدث عنه السورة:(فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ). . والواقعة اسم من أسمائها كالحاقة والقارعة . فهي الواقعة لأنها لا بد واقعة . كأن طبيعتها وحقيقتها الدائمة أن تكون واقعة ! وهو اسم ذو إيحاء معين وهو إيحاء مقصود في صدد الارتياب فيها والتكذيب !

    ولا يقتصر الهول على حمل الأرض والجبال ودكها دكة واحدة , فالسماء في هذا اليوم الهائل ليست بناجية:

    {وَانْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ}

    ونحن لا ندري على وجه التحقيق ما السماء المقصودة بهذا اللفظ في القرآن . ولكن هذا النص والنصوص الأخرى التي تشير إلى الأحداث الكونية في ذلك اليوم العظيم كلها تشير إلى انفراط عقد هذا الكون المنظور , واختلال روابطه وضوابطه التي تمسك به في هذا النظام البديع الدقيق , وتناثر أجزائه بعد انفلاتها من قيد الناموس . .

    ولعله من المصادفات الغريبة أن يتنبأ الآن علماء الفلك بشيء يشبه هذا تكون فيه نهاية العالم , استنباطا من ملاحظتهم العلمية البحتة , وحسب القليل الذي عرفوه من طبيعة هذا الكون وقصته كما افترضوها . .

    فأما نحن فنكاد نشهد هذه المشاهد المذهلة , من خلال النصوص القرآنية الجازمة ; وهي نصوص مجملة توحي بشيء عام ; ونحن نقف عند إيحاء هذه النصوص , فهي عندنا الخبر الوحيد المستيقن عن هذا الشأن , لأنها صادرة من صاحب الشأن , الذي خلق , والذي يعلم ما خلق علم اليقين . نكاد نشهد الأرض وهي تحمل بجبالها بكتلتها هذه , الضخمة بالقياس إلينا , الصغيرة كالهباءة بالقياس إلى الكون , فتدك دكة واحدة ; ونكاد نشهد السماء وهي مشققة واهية والكواكب وهي متناثرة منكدرة . . كل ذلك من خلال النصوص القرآنية الحية , المشخصة المشاهد بكامل قوتها كأنها حاضرة . .

    ثم يغمر الجلال المشهد ويغشيه , وتسكن الضجة التي تملأ الحس من النفخة والدكة والتشقق والانتثار . يسكن هذا كله ويظهر في المشهد عرش الواحد القهار:

    (وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ (17))


    والملائكة على أرجاء هذه السماء المنشقة وأطرافها , والعرش فوقهم يحمله ثمانية ثمانية أملاك أو ثمانية صفوف منها , أو ثمانية طبقات من طبقاتهم , أو ثمانية مما يعلم الله . لا ندري نحن من هم ولا ما هم . كما لا ندري نحن ما العرش ؟ ولا كيف يحمل ؟ونخلص من كل هذه الغيبيات التي لا علم لنا بها , ولم يكلفنا الله من علمها إلا ما قص علينا . نخلص من مفردات هذه الغيبيات إلى الظل الجليل الذي تخلعه على الموقف . وهو المطلوب منا أن تستشعره ضمائرنا . وهو المقصود من ذكر هذه الأحداث ليشعر القلب البشري بالجلال والرهبة والخشوع , في ذلك اليوم العظيم , وفي ذلك الموقف الجليل:

    (يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ (18)}). .


    فالكل مكشوف . مكشوف الجسد , مكشوف النفس , مكشوف الضمير , مكشوف العمل , مكشوف المصير . وتسقط جميع الأستار التي كانت تحجب الأسرار , وتتعرى النفوس تعري الأجساد , وتبرز الغيوب بروز الشهود . . ويتجرد الإنسان من حيطته ومن مكره ومن تدبيره ومن شعوره , ويفتضح منه ما كان حريصا على أن يستره حتى عن نفسه ! وما أقسى الفضيحة على الملأ . وما أخزاها على عيون الجموع ! أما عين الله فكل خافية مكشوفة لها في كل آن . ولكن لعل الإنسان لا يشعر بهذا حق الشعور , وهو مخدوع بستور الأرض . فها هو ذا يشعر به كاملا وهو مجرد في يوم القيامة . وكل شيء بارز في الكون كله . الأرض مدكوكة مسواة لا تحجب شيئا وراء نتوء ولا بروز . والسماء متشققة واهية لا تحجب وراءها شيئا , والأجسام معراة لا يسترها شيء , والنفوس كذلك مكشوفة ليس من دونها ستر وليس فيها سر !

    _ألا إنه لأمر عصيب . أعصب من دك الأرض والجبال , وأشد من تشقق السماء ! وقوف الإنسان عريان الجسد , عريان النفس , عريان المشاعر , عريان التاريخ , عريان العمل ما ظهر منه وما استتر . أمام تلك الحشود الهائلة من خلق الله , من الإنس والجن والملائكة , وتحت جلال الله وعرشه المرفوع فوق الجميع . .

    _ كيف بهذا المخلوق وهو عريان . عريان حقا . عريان الجسد والقلب والشعور والنية والضمير . عريان من كل ساتر . عريان . . . كيف به وهو كذلك تحت عرش الجبار , وأمام الحشد الزاخر بلا ستار ?!

    ألا إنه لأمر , أمر من كل أمر !!!
    وبعدئذ يعرض مشهد الناجين والمعذبين , كأنه حاضر تراه العيون . .



    .من هداية الآيات:
    1- تقرير عقيدة البعث والجزاء.

    2- بيان كيفية الانقلاب الكوني لنهاية الحياة الأولى وبداية الحياة الثانية.
    3- تقرير العرض على الله عز وجل للحساب ثم الجزاء.


    * المراجع:
    تيسير الكريم الرحمن فى تفسير
    كلام المنان للسعدى.
    التفسير الوسيط الطنطاوى
    سيد قطب فى ظلال القرآن.
    الجزائرى أيسر التفاسير






  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    الموقع
    مصر
    الردود
    383
    الجنس
    امرأة

    L22



    سورة الحاقة
    تفسير الآيات (19- 24)




    {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ (19) إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ (20) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ (21) فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ (22) قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ (23) كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ (24)}


    .شرح الكلمات:



    {هاؤم}: أي خذوا.
    {إني ظننت}: أي علمت.
    {راضية}: أي يرضى بها صاحبها.
    {قطوفها دانية}: أي ما يقتطف ويجنى من الثمار.
    {بما أسلفتم}: أي بما قدمتم.
    {في الأيام الخالية}: أي الماضية.



    .معنى الآيات:

    فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ
    وهؤلاء هم أهل السعادة يعطون كتبهم التي فيها أعمالهم الصالحة بأيمانهم تمييزا لهم وتنويها بشأنهم ورفعا لمقدارهم، ويقول أحدهم عند ذلك من الفرح والسرور ومحبة أن يطلع الخلق على ما من الله عليه به من الكرامة: { هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ } أي: دونكم كتابي فاقرأوه فإنه يبشر بالجنات، وأنواع الكرامات، ومغفرة الذنوب، وستر العيوب.




    إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ
    والذي أوصلني إلى هذه الحال، ما من الله به علي من الإيمان بالبعث والحساب، والاستعداد له بالممكن من العمل، ولهذا قال: { إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ } أي: أيقنت فالظن -هنا- [بمعنى] اليقين.



    فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ
    { فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ } أي: جامعة لما تشتهيه الأنفس، وتلذ الأعين، وقد رضوها ولم يختاروا عليها غيرها.



    فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ
    { فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ } المنازل والقصور عالية المحل.



    • قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ
    { قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ } أي: ثمرها وجناها من أنواع الفواكه قريبة، سهلة التناول على أهلها، ينالها أهلها قياما وقعودا ومتكئين.

    كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ
    ويقال لهم إكراما: { كُلُوا وَاشْرَبُوا } أي: من كل طعام لذيذ، وشراب شهي، { هَنِيئًا } أي: تاما كاملا من غير مكدر ولا منغص. وذلك الجزاء حصل لكم { بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ } من الأعمال الصالحة -وترك الأعمال السيئة- من صلاة وصيام وصدقة وحج وإحسان إلى الخلق، وذكر لله وإنابة إليه. فالأعمال جعلها الله سببا لدخول الجنة ومادة لنعيمها وأصلا لسعادتها.



    فى ظلال الآ
    يات:


    ({فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ (19) إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ (20)}

    المشهد المعروض هو مشهد الناجي في ذلك اليوم العصيب , وهو ينطلق في فرحة غامرة , بين الجموع الحاشدة , تملأ الفرحة جوانحه , وتغلبه على لسانه , فيهتف: هاؤم اقرؤوا كتابيه . . ثم يذكر في بهجة أنه لم يكن يصدق أنه ناج , بل كان يتوقع أن يناقش الحساب . . "
    _ومن نوقش الحساب عذب " كما جاء في الأثر:عن عائشة - رضي الله عنها - قالت:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
    " من نوقش الحساب عذب " فقلت:أليس يقول الله تعالى فأما من أوتي كتابه بيمينه فسوف يحاسب حسابا يسيرا وينقلب إلى أهله مسرورا)
    فقال:" إنما ذلك العرض وليس أحد يحاسب يوم القيامة إلا هلك " .

    وقد قال ابن أبي حاتم:حدثنا بشر بن مطر الواسطي , حدثنا يزيد بن هارون , أخبرنا عاصم , عن الأحول , عن أبي عثمان , قال:المؤمن يعطى كتابه بيمينه في ستر من الله , فيقرأسيئاته , فكلما قرأ سيئة تغير لونه , حتى يمر بحسناته فيقرؤها فيرجع إليه لونه , ثم ينظر فإذا سيئاته قد بدلت حسنات . قال:فعند ذلك يقول: هاؤم اقرؤوا كتابيه .ابن كثير

    وروى عن عبد الله بن حنظلة - غسيل الملائكة - قال:إن الله يوقف عبده يوم القيامة فيبدي - أي يظهر - سيئاته في ظهر صحيفته , فيقول له:أنت عملت هذا ؟ فيقول:نعم أي رب ! فيقول له:إني لم أفضحك به , وإني قد غفرت لك . فيقول عند ذلك: هاؤم اقرؤوا كتابيه . إني ظننت أني ملاق حسابيه .

    وفي الصحيح من حديث ابن عمر حين سئل عن النجوى , فقال:" سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم: يقول:" يدني الله العبد يوم القيامة , فيقرره بذنوبه كلها , حتى إذا رأى أنه قد هلك قال الله تعالى:إني سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم . ثم يعطى كتاب حسناته بيمينه . وأما الكافر والمنافق فيقول الأشهاد:هؤلاء الذين كذبوا على ربهم , ألا لعنة الله على الظالمين "

    ثم يعلن على رؤوس الأشهاد ما أعد لهذا الناجي من النعيم , الذي تبدو فيه هنا ألوان من النعيم الحسي , تناسب حال المخاطبين إذ ذاك , وهم حديثو عهد بجاهلية , ولم يسر من آمن منهم شوطا طويلا في الإيمان , ينطبع به حسه , ويعرف به من النعيم ما هو أرق وأعلى من كل متاع:

    فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ (21) فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ (22) قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ (23)
    وهذا اللون من النعيم , مع هذا اللون من التكريم في الالتفات إلى أهله بالخطاب وقوله: ({كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ (24)})
    .. فوق أنه اللون الذي تبلغ إليه مدارك المخاطبين بالقرآن في أول العهد بالصلة بالله , قبل أن تسمو المشاعر فترى في القرب من الله ما هو أعجب من كل متاع . . فوق هذا فإنه يلبي حاجات نفوس كثيرة على مدى الزمان . والنعيم ألوان غير هذا وألوان



    .من هداية الآي
    ات:


    1- تقرير عقيدة البعث والجزاء أي الإِيمان باليون الآخر.
    2- آثار الإِيمان بالبعث والجزاء ظاهرة في سلامة كتاب المؤمن من السيئات. وقد علل لذلك بقوله إني ظننت أني ملاق حسابي فلذا لم أعصِ ربي.
    3- إثبات حقيقة هي قول العامة الدنيا مزرعة الآخرة أي من عمل في الدنيا نال ثمار عمله في الآخرة خيراً أو شراً.


    بارك الله فيكم على طيب المتابعة فى رعاية الرحمن


    المراجع:

    تيسير الكريم الرحمن فى تفسير كلام المنان للسعدى.
    التفسير الوسيط الطنطاوى
    سيد قطب فى ظلال القرآن.
    الجزائرى أيسر التفاسير











  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    الموقع
    مصر
    الردود
    383
    الجنس
    امرأة


    تفسيرسورة الحاقة
    الآيات (25- 37):

    {وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ (25) وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ (26) يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ (27) مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ (28) هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ (29) خُذُوهُ فَغُلُّوهُ (30) ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ (31) ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ


    .شرح الكلمات

    {يا ليتني لم أُوت كتابية}: أي يتمنى أنه لم يعط كتابه لما رأى فيه من السيئات.
    {كانت القاضية}: أي الموتة في الدنيا كانت القاطعة لحياتي حتى لا أبعث.
    {هلك عني سلطانية}: أي قوتي وحجتي.
    {خذوه}: أي أيها الزبانية خذوا هذا الكافر.
    {فغلوه}: أي اجعلوا يديه إلى عنقه في الغل.
    {ثم الجحيم صلوه}: أي ثم في النار المحرقة أدخلوه وبالغوا في تصليته كالشاة المصلية.
    {حميم}: أي من قريب ينفعه أو صديق.
    {إلا من غسلين}: أي صديد أهل النار الخارج من بطونهم لأكلهم شجر الغسلين.


    .معنى الآيات:


    وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ (25)
    هؤلاء أهل الشقاء يعطون كتب أعمالهم السيئة بشمالهم تمييزا لهم وخزيا وعارا وفضيحة، فيقول أحدهم من الهم والغم والخزي { يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ } لأنه يبشر بدخول النار والخسارة الأبدية.

    وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ (26)يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ (27)
    { وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ } أي: ليتني كنت نسيا منسيا ولم أبعث وأحاسب ولهذا قال:{ يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ } أي:: يا ليت موتتي هي الموتة التي لا بعث بعدها.

    مَا أَغْنَىٰ عَنِّي مَالِيَهْ ۜ (28)
    ثم التفت إلى ماله وسلطانه، فإذا هو وبال عليه لم يقدم منه لآخرته، ولم ينفعه في الافتداء من عذاب الله فيقول: { مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ } أي: ما نفعني لا في الدنيا، لم أقدم منه شيئا، ولا في الآخرة، قد ذهب وقت نفعه.

    هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ (29)
    { هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ } أي: ذهب واضمحل فلم تنفع الجنود الكثيرة، ولا العدد الخطيرة، ولا الجاه العريض، بل ذهب ذلك كله أدراج الرياح، وفاتت بسببه المتاجر والأرباح، وحضر بدله الهموم والغموم والأتراح.

    خُذُوهُ فَغُلُّوهُ (30)ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ (31)
    فحينئذ يؤمر بعذابه فيقال للزبانية الغلاظ الشداد: { خُذُوهُ فَغُلُّوهُ } أي: اجعلوا في عنقه غلا يخنقه.{ ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ } أي: قلبوه على جمرها ولهبها.

    ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ (32)
    { ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا } من سلاسل الجحيم في غاية الحرارة { فَاسْلُكُوهُ } أي: انظموه فيها بأن تدخل في دبره وتخرج من فمه، ويعلق فيها، فلا يزال يعذب هذا العذاب الفظيع، فبئس العذاب والعقاب، وواحسرة من له التوبيخ والعتاب.


    فى ظلال الآيات:

    {وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ (25) وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ (26) يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ (27) مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ (28) هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ (29)
    وهي وقفة طويلة , وحسرة مديدة , ونغمة يائسة , ولهجة بائسة . والسياق يطيل عرض هذه الوقفة حتى ليخيل إلى السامع أنها لاتنتهي إلى نهاية , وأن هذا التفجع والتحسر سيمضي بلا غاية ! وذلك من عجائب العرض في إطالة بعض المواقف , وتقصير بعضها , وفق الإيحاء النفسي الذي يريد أن يتركه في النفوس . وهنا يراد طبع موقف الحسرة وإيحاء الفجيعة من وراء هذا المشهد الحسير . ومن ثم يطول ويطول , في تنغيم وتفصيل . ويتمنى ذلك البائس أنه لم يأت هذا الموقف , ولم يؤت كتابه , ولم يدر ما حسابه ; كما يتمنى أن لو كانت هذه القارعة هي القاضية , التي تنهي وجوده أصلا فلا يعود بعدها شيئا . . ثم يتحسر أن لا شيء نافعه مما كان يعتز به أو يجمعه ما أغنى عني ماليه). .(هلك عني سلطانيه). . فلا المال أغنى أو نفع . ولا السلطان بقي أو دفع . . والرنة الحزينة الحسيرة المديدة في طرف الفاصلة الساكنة وفي ياء العلة قبلها بعد المد بالألف , في تحزن وتحسر . . هي جزء من ظلال الموقف الموحية بالحسرة والأسى إيحاء عميقا بليغا . .

    ولا يقطع هذه الرنة الحزينة المديدة إلا الأمر العلوي الجازم , بجلاله وهوله وروعته:

    خُذُوهُ فَغُلُّوهُ (30) ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ (31) ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ
    يا للهول الهائل ! ويا للرعب القاتل ! ويا للجلال الماثل !

    كلمة تصدر من العلي الأعلى . فيتحرك الوجود كله على هذا المسكين الصغير الهزيل . ويبتدره المكلفون بالأمر من كل جانب , كما يقول ابن أبي حاتم بإسناده عن المنهال بن عمرو:"إذا قال الله تعالى:خذوه ابتدره سبعون ألف ملك . إن الملك منهم ليقول هكذا فيلقي سبعين ألفا في النار" . . كلهم يبتدر هذه الحشرة الصغيرة المكروبة المذهولة !
    فأي السبعين ألفا بلغه جعل الغل في عنقه . . !ونكاد نسمع كيف تشويه النار وتصليه .
    ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ
    وذراع واحدة من سلاسل النار تكفيه ! ولكن إيحاء التطويل والتهويل ينضح من وراء لفظ السبعين وصورتها .


    .من هداية الآيات:

    1- تقرير عقيدة البعث والجزاء بذكر أحداثها.
    2- المال الذي باع المفلسون فيه الأمة والملة لا يغني يوم القيامة عن صاحبه شيئا.
    3- التنديد بالكفر بالله وأهله.
    4- عظم جريمة منع الحقوق المالية من الزكاة وغيرها
    جزاكم الله خيراً على طيب المتابعة ..
    طيب الله أوقاتكم..فى أمان الله
    المراجع:
    ==========
    تفسير القرآن العظيم ابن كثير
    تيسير الكريم الرحمن فى تفسير كلام المنان للسعدى.
    التفسير الوسيط الطنطاوى
    سيد قطب فى ظلال القرآن.
    الجزائرى أيسر التفاسير





  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    الموقع
    مصر
    الردود
    383
    الجنس
    امرأة


    سورة الحاقة
    تفسير الآيات33:37



    إِنَّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ (33) وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ (34) فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَاهُنَا حَمِيمٌ (35) وَلَا طَعَامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ (36) لَا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخَاطِئُونَ (37)}


    .شرح الكلمات:



    وَلَا يَحُضُّ :الحض على الشيء أن يَطْلُبَ من أحد فعلَ شيء ويُلِحّ في ذلك الطلب .
    {إلا من غسلين}: أي صديد أهل النار الخارج من بطونهم لأكلهم شجر الغسلين.
    { حَمِيمٌ }: أى صديق ينفعه ، أو من قريب يشفق عليه ، أو يحميه ، أو يدفع عنه .



    معنى الآيات:


    إِنَّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ
    فإن السبب الذي أوصله إلى هذا المحل: { إِنَّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ } بأن كان كافرا بربه معاندا لرسله رادا ما جاءوا به من الحق.
    وَلَا يَحُضُّ عَلَىٰ طَعَامِ الْمِسْكِينِ
    { وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ } أي: ليس في قلبه رحمة يرحم بها الفقراء والمساكين فلا يطعمهم من ماله ولا يحض غيره على إطعامهم، لعدم الوازع في قلبه، وذلك لأن مدار السعادة ومادتها أمران: الإخلاص لله، الذي أصله الإيمان بالله، والإحسان إلى الخلق بوجوه الإحسان، الذي من أعظمها، دفع ضرورة المحتاجين بإطعامهم ما يتقوتون به، وهؤلاء لا إخلاص ولا إحسان، فلذلك استحقوا ما استحقوا.

    فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَاهُنَا حَمِيمٌ
    { فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَاهُنَا } أي: يوم القيامة { حَمِيمٍ } أي: قريب أو صديق يشفع له لينجو من عذاب الله أو يفوز بثواب الله: { وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ } { مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ } .

    وَلَا طَعَامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ لَّا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخَاطِئُونَ
    وليس له طعام إلا من غسلين وهو صديد أهل النار، الذي هو في غاية الحرارة، ونتن الريح،وقبح الطعم ومرارته لا يأكل هذا الطعام الذميم { إِلَّا الْخَاطِئُونَ } الذين أخطأوا الصراط المستقيم وسلكوا سبل الجحيم فلذلك استحقوا العذاب الأليم.



    فى ظلال الآيات:



    {إِنَّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ (33) وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ (34) لَا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخَاطِئُونَ (37)}

    إنه قد خلا قلبه من الإيمان بالله , والرحمة بالعباد . فلم يعد هذا القلب يصلح إلا لهذه النار وذلك العذاب .


    خلا قلبه من الإيمان بالله فهو موات , وهو خرب , وهو بور . وهو خلو من النور . وهو مسخ من الكائنات لا يساوي الحيوان بل لا يساوي الجماد . فكل شيء مؤمن , يسبح بحمد ربه , موصول بمصدر وجوده . أما هو فمقطوع من الله . مقطوع من الوجود المؤمن بالله .
    وخلا قلبه من الرحمة بالعباد . والمسكين هو أحوج العباد إلى الرحمة ولكن هذا لم يستشعر قلبه ما يدعو إلى الاحتفال بأمر المسكين . ولم يحض على طعامه وهي خطوة وراء إطعامه . توحي بأن هناك واجبا اجتماعيا يتحاض عليه المؤمنون . وهو وثيق الصلة بالإيمان . يليه في النص ويليه في الميزان !

    _ فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَاهُنَا حَمِيمٌ (35) وَلَا طَعَامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ (36)


    وهي تكملة الإعلان العلوي عن مصير ذلك الشقي . فلقد كان لا يؤمن بالله العظيم , وكان لا يحض على طعام المسكين . فهو هنا مقطوع (فليس له اليوم ها هنا حميم). . وهو ممنوع:(ولا طعام إلا من غسلين). . والغسلين هو غسالة أهل جهنم من قيح وصديد ! وهو يناسب قلبه النكد الخاوي من الرحمة بالعبيد ! طعام(لا يأكله إلا الخاطئون). . المذنبون المتصفون بالخطيئة . . وهو منهم في الصميم !

    وبعد , فذلك هو الذي يجعله الله مستحقا للأخذ والغل والتصلية والسلسلة التي ذرعها سبعون ذراعا في الجحيم . وهو أشد دركات جهنم عذابا . . فكيف بمن يمنع طعام المسكين ومن يجيع الأطفال والنساء والشيوخ , ومن يبطش بطشة الجبارين بمن يمد إليهم يده باللقمة والكساء في برد الشتاء ؟؟ أين ترى يذهب هؤلاء , وهم يوجدون في الأرض بين الحين والحين ؟؟ وما الذي أعده الله لهم وقد أعد لمن لا يحض على طعام المسكين , ذلك العذاب في الجحيم؟؟.

    وينتهي هذا المشهد العنيف المثير . الذي لعله جاء في هذه الصورة المفزعة لأن البيئة كانت جبارة قاسية عنيدة تحتاج إلى عرض هذه المشاهد العنيفة كي تؤثر فيها وتهزها وتستحييها . ومثل هذه البيئة يتكرر في الجاهليات التي تمر بها البشرية , كما أنه يوجد في الوقت الواحد مع أرق البيئات وأشدها تأثرا واستجابة . لأن رقعة الأرض واسعة . وتوزيع المستويات والنفسيات فيها مختلف . والقرآن يخاطب كل مستوى وكل نفس بما يؤثر فيها , وبما تستجيب له حين يدعوها . والأرض تحتوي اليوم في بعض نواحيها قلوبا أقسى , وطبائع أجسى , وجبلات لا يؤثر فيها إلا كلمات من نار وشواظ كهذه الكلمات . ومشاهد وصور مثيرة كهذه المشاهد والصور المثيرة . .



    من هداية الآيات:



    1- تقرير عقيدة البعث والجزاء بذكر أحداثها.
    2- المال الذي باع المفلسون فيه الأمة والملة لا يغني يوم القيامة عن صاحبه شيئا.
    3- التنديد بالكفر بالله وأهله.
    4- عظم جريمة منع الحقوق المالية من الزكاة وغيرها.



    فائدة:



    شدة حر جنهم نعوذ بالله من حر جهنم، قال عليه الصلاة والسلام
    والحديث متفق عليه عند البخاري -: {ناركم هذه جزء من سبعين جزءاً من نار جهنم، قالوا: يارسول الله! إنها كانت كافية، قال: فإن نار جهنم فضلت عليها بتسعة وستين جزءاً} فهذه نار الدنيا وهذه نار جهنم والعياذ بالله، نارنا هذه جزءاً من سبعين جزءاً من نار جهنم، وفي بعض الروايات: {أنها غمست في البحر سبعين مرة، حتى بردت ولولاها ما طاقها الناس} نعوذ بالله من النار التي أعدها الله للمعرضين.

    روى الترمذي بسند صحيح أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: {أوقد على النار ألف سنة حتى احمرت، وأوقد عليها ألف سنة حتى ابيضت، وأوقد عليها ألف سنة حتى اسودت، فهي سوداء مظلمة}
    ورد في الصحيح: {إن أخف الناس عذاباً رجل يوضع بين أخمص قدميه جمرة يغلي منها دماغه} فنعوذ بالله من النار.

    ورد عند أحمد والترمذي بأسانيد صحيحة، أن الرسول عليه الصلاة والسلام ذكر السلسلة من سلاسل جهنم، فقال عليه الصلاة والسلام {لو أن حديدة -وأشار إلى الجمجمة- وقعت من السماء وما بين السماء والأرض مسيرة خمسمائة عام، وقعت هذه السلسلة قبل الليل لوضعت في الصباح، وإن هذه الجمجمة لتوضع في سلسلة في جهنم من أولها إلى آخرها، فلا تقطعها إلا في أربعين خريفاً}.
    اللهم ارحمنا وايَّاكم وأجرنا من خزى الدنيا وعذاب الآخرة بارك الله فيكم على طيب المتابعة



    المراجع:
    تفسير القرآن العظيم ابن كثير
    تيسير الكريم الرحمن فى تفسير كلام المنان للسعدى.
    سيد قطب فى ظلال القرآن.
    الجزائرى أيسر التفاسير
    ( صحيح الأخبار في وصف النار )
    للشيخ : ( عائض القرني )





  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    الموقع
    مصر
    الردود
    383
    الجنس
    امرأة



    سورة الحاقة

    تفسير الآيات (38- 43)



    {فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ (38) وَمَا لَا تُبْصِرُونَ (39) إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (40) وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ (41) وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ (42) تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (43)}



    شرح الكلمات:

    {بما تبصرون ومالا تبصرون}: أي بكل مخلوق في الأرض وفي السماء.
    {إنه لقول رسول كريم}: أي القرآن قاله تبليغا رسول كريم هو محمد صلى الله عليه وسلم.
    {وما هو بقول كاهن}: أي ليس القرآن بقول كاهن إذ ليس فيه من سجع الكهان شيء.



    .معنى الآيات:

    فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ (38) وَمَا لَا تُبْصِرُونَ (39) إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (40)
    أقسم تعالى بما يبصر الخلق من جميع الأشياء وما لا يبصرونه، فدخل في ذلك كل الخلق بل يدخل في ذلك نفسه المقدسة، على صدق الرسول بما جاء به من هذا القرآن الكريم، وأن الرسول الكريم بلغه عن الله تعالى.


    وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ (41) وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ (42)
    ونزه الله رسوله عما رماه به أعداؤه، من أنه شاعر أو ساحر، وأن الذي حملهم على ذلك عدم إيمانهم وتذكرهم، فلو آمنوا وتذكروا، لعلموا ما ينفعهم ويضرهم، ومن ذلك، أن ينظروا في حال محمد صلى الله عليه وسلم، ويرمقوا أوصافه وأخلاقه، لرأوا أمرا مثل الشمس يدلهم على أنه رسول الله حقا.


    تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ
    وأن ما جاء به تنزيل رب العالمين، لا يليق أن يكون قول البشر بل هو كلام دال على عظمة من تكلم به، وجلالة أوصافه، وكمال تربيته لعباده، وعلوه فوق عباده، .


    فى ظلال الآيات:

    إن الأمر لا يحتاج إلى قسم وهو واضح هذا الوضوح , ثابت هذا الثبوت , واقع هذا الوقوع . لا يحتاج إلى قسم أنه حق , صادر عن الحق , وليس شعر شاعر , ولا كهانة كاهن , ولا افتراء مفتر ! لا . فما هو بحاجة إلى توكيد بيمين:

    فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ (38) وَمَا لَا تُبْصِرُونَ (39)


    بهذه الفخامة وبهذه الضخامة , وبهذا التهويل بالغيب المكنون , إلى جانب الحاضر المشهود . . والوجود أضخم بكثير مما يرى البشر . بل مما يدركون . وما يبصر البشر من الكون وما يدركون إلا أطرافا قليلة محصورة , تلبي حاجتهم إلى عمارة هذه الأرض والخلافة فيها - كما شاء الله لهم - والأرض كلها ليست سوى هباءة لا تكاد ترى أو تحس في ذلك الكون الكبير . والبشر لا يملكون أن يتجاوزوا ما هو مأذون لهم برؤيته وبإدراكه من هذا الملك العريض , ومن شؤونه وأسراره ونواميسه التي أودعها إياه خالق الوجود . .

    فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ (38) وَمَا لَا تُبْصِرُونَ (39)


    ومثل هذه الإشارة تفتح القلب وتنبه الوعي إلى أن هناك وراء مد البصر ووراء حدود الإدراك جوانب وعوالم وأسرارا أخرى لا يبصرها ولا يدركها . وتوسع بذلك آفاق التصور الإنساني للكون والحقيقة . فلا يعيش الإنسان سجين ما تراه عيناه , ولا أسير ما يدركه وعيه المحدود . فالكون أرحب والحقيقة أكبر من ذلك الجهاز الإنساني المزود بقدر محدود من الطاقة يناسب وظيفته في هذا الكون . ووظيفته في الحياة الدنيا هي الخلافة في هذه الأرض . . ولكنه يملك أن يكبر ويرتفع إلى آماد وآفاق أكبر وأرفع حين يستيقن أن عينه ومداركه محدودة , وأن هناك وراء ما تدركه عينه ووعيه عوالم وحقائق أكبر - بما لا يقاس - مما وصل إليه . . عندئذ يتسامى على ذاته ويرتفع على نفسه , ويتصل بينابيع المعرفة الكلية التي تفيض على قلبه بالعلم والنور والاتصال المباشر بما وراء الستور !

    إن الذين يحصرون أنفسهم في حدود ما ترى العين , ويدرك الوعي , بأدواته الميسرة له . . مساكين ! سجناء حسهم وإدراكهم المحدود . محصورون في عالم ضيق على سعته , صغير حين يقاس إلى ذلك الملك الكبير . .

    وفي فترات مختلفة من تاريخ هذه البشرية كان كثيرون أو قليلون يسجنون أنفسهم بأيديهم في سجن الحس المحدود , والحاضر المشهود ; ويغلقون على أنفسهم نوافذ المعرفة والنور , والاتصال بالحق الكبير , عن طريق الإيمان والشعور . ويحاولون أن يغلقوا هذه النوافذ على الناس بعد ما أغلقوها على أنفسهم بأيديهم . . تارة باسم الجاهلية . وتارة باسم العلمانية ! وهذه كتلك سجن كبير . وبؤس مرير . وانقطاع عن ينابيع المعرفة والنور !

    والعلم يتخلص في هذا القرن الأخير من تلك القضبان الحديدية التي صاغها - بحمق وغرور - حول نفسه في القرنين الماضيين . . يتخلص من تلك القضبان , ويتصل بالنور - عن طريق تجاربه ذاتها - بعد ما أفاق من سكرة الغرور والاندفاع من أسر الكنيسة الطاغية في أوربا ; وعرف حدوده , وجرب أن أدواته المحدودة تقوده إلى غير المحدود في هذا الكون وفي حقيقته المكنونة . وعاد "العلم يدعو إلى الإيمان" في تواضع تبشرأوائله بالفرج ! أي نعم بالفرج . فما يسجن الإنسان نفسه وراء قضبان المادة الموهومة إلا وقد قدر عليه الضيق !

    _{فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ (38) وَمَا لَا تُبْصِرُونَ (39) إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (40) وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ (41) وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ (42) تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (43)}


    ولقد كان مما تقول به المشركون على القرآن وعلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.قولهم:إنه شاعر . وإنه كاهن . متأثرين في هذا بشبهة سطحية , منشؤها أن هذا القول فائق في طبيعته على كلام البشر . وأن الشاعر في وهمهم له رئي من الجن يأتيه بالقول الفائق , وأن الكاهن كذلك متصل بالجن . فهم الذين يمدونه بعلم ما وراء الواقع ! وهي شبهة تسقط عند أقل تدبر لطبيعة القرآن والرسالة , وطبيعة الشعر أو الكهانة . .

    فالشعر قد يكون موسيقي الإيقاع , رائع الأخيلة , جميل الصور والظلال ; ولكنه لا يختلط أبدا ولا يشتبه بهذا القرآن إن هنالك فارقا أساسيا فاصلا بينهما . إن هذا القرآن يقرر منهجا متكاملا للحياة يقوم على حق ثابت , ونظرة موحدة , ويصدر عن تصور للوجود الإلهي ثابت , وللكون والحياة كذلك . والشعر انفعالات متوالية وعواطف جياشة , قلما تثبت على نظرة واحدة للحياة في حالات الرضى والغضب , والانطلاق والانكماش , والحب والكره , والتأثرات المتغيرة على كل حال !


    كذلك الأمر في الكهانة وما يصدر عنها . فلم يعرف التاريخ من قبل أو بعد كاهنا أنشأ منهجا متكاملا ثابتا كالمنهج الذي جاء به القرآن . وكل ما نقل عن الكهنة أسجاع لفظية أو حكمة مفردة , أو إشارة ملغزة !

    وهناك لفتات ليس من طبيعة البشر أن يلتفتوها , وقد وقفنا عند بعضها في هذه الظلال أحيانا . فلم يسبق لبشر ولم يلحق كذلك أن أراد التعبير عن العلم الشامل الدقيق اللطيف , فاتجه إلى مثل هذه الصورة التي جاءت في القرآن:

    _ وعنده مفاتيح الغيب لا يعلمها إلا هو , ويعلم ما في البر والبحر , وما تسقط من ورقة إلا يعلمها , ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين . . أو إلى مثل هذه الصورة: يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها , وما ينزل من السماء وما يعرج فيها , وهو معكم أينما كنتم , والله بما تعملون بصير أو إلى مثل هذه الصورة: وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه . وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره إلا في كتاب . إن ذلك على الله يسير

    _ كذلك لم يسبق لبشر ولم يلحق أن التفت مثل هذه اللفتة إلى القدرة التي تمسك هذا الكون وتدبره: إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا . ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده . . أو هذه اللفتة إلى انبثاقات الحياة في الكون من يد القدرة المبدعة وما يحيط بالحياة من موافقات كونية مدبرة مقدرة:

    _ (إن الله فالق الحب والنوى , يخرج الحي من الميت ومخرج الميت من الحي . ذلكم الله . فأنى تؤفكون . فالق الإصباح . وجعل الليل سكنا والشمس والقمر حسبانا , ذلك تقدير العزيز العليم . وهو الذي جعل لكم النجوم لتهتدوا بها في ظلمات البر والبحر , قد فصلنا الآيات لقوم يعلمون . وهو الذي أنشأكم من نفس واحدة فمستقر ومستودع , قد فصلنا الآيات لقوم يفقهون . وهو الذي أنزل من السماء ماء فأخرجنا به نبات كل شيء , فأخرجنا منه خضرا , نخرج منه حبا متراكبا , ومن النخل من طلعها قنوان دانية , وجنات من أعناب والزيتون والرمان مشتبها وغير متشابه . انظروا إلى ثمره إذا أثمر وينعه إن في ذلكم لآيات لقوم يؤمنون) . .

    = وهذه اللفتات الكونية كثيرة في القرآن كثرة ملحوظة , ولا نظير لها فيما تتجه إليه خواطر البشر للتعبير عن مثل المعاني التي يعبر عنها القرآن . . وهذه وحدها كافية لمعرفة مصدر هذا الكتاب . . بغض النظر عن كل دلالة أخرى من صلب الكتاب أو من الملابسات المصاحبة له على السواء .

    فالشبهة واهية سطحية . حتى حين كان القرآن لم يكتمل , ولم تتنزل منه إلا سور وآيات عليها ذلك الطابع الإلهي الخاص , وفيها ذلك القبس الموحي بمصدرها الفريد .

    وكبراء قريش كانوا يراجعون أنفسهم , ويردون على هذه الشبهة بين الحين والحين . ولكن الغرض يعمي ويصم . وإذ لم يهتدوا به فسيقولون:هذا إفك قديم . كما يقول القرآن الكريم !
    وقد حكت كتب السيرة مواقف متعددة لزعماء قريش , وهم يراجعون هذه الشبهة وينفونها فيما بينهم .
    من ذلك ما رواه ابن اسحق عن الوليد بن المغيرة , وعن النضر بن الحارث , وعن عتبة بن ربيعة وقد جاء في روايته عن الأول:


    "ثم إن الوليد بن المغيرة اجتمع إليه نفر من قريش . وكان ذا سن فيهم ; وقد حضر الموسم . فقال لهم:يا معشر قريش , إنه قد حضر هذا الموسم , وإن وفود العرب ستقدم عليكم فيه , وقد سمعوا بأمر صاحبكم هذا ; فأجمعوا فيه رأيا واحدا , ولا تختلفوا فيكذب بعضكم بعضا , ويرد قولكم بعضه بعضا , فقالوا:فأنت يا أبا عبد شمس فقل , وأقم لنا رأيا نقل به . قال:بل أنتم فقولوا أسمع . قالوا:نقول:كاهن . قال:لا والله , ما هو بكاهن , لقد رأينا الكهان فما هو بزمزمة الكاهن ولا سجعه . قالوا:فنقول:مجنون . قال:ما هو بمجنون , لقد رأينا الجنون وعرفناه , فما هو بخنقه ولا تخالجه ولا وسوسته . قالوا:فنقول:شاعر . قال:ما هو بشاعر , لقد عرفنا الشعر كله رجزه وهزجه وقريضه ومقبوضه ومبسوطه فما هو بالشعر . قالوا:فنقول:ساحر . قال:ما هو بساحر ; لقد رأينا السحار وسحرهم , فما هو بنفثهم ولا عقدهم . . قالوا:فما نقول يا أبا عبد شمس؟قال:والله إن لقوله لحلاوة , وإن أصله لعذق , وإن فرعه لجناة وما أنتم بقائلين من هذا شيئا إلا عرف أنه باطل , وإن أقرب القول فيه لأن تقولوا:هو ساحر جاء بقول هو سحر يفرق بين المرء وأبيه , وبين المرء وأخيه , وبين المرء وزوجه , وبين المرء وعشيرته . فتفرقوا عنه بذلك , فجعلوا يجلسون بسبل الناس - حين قدموا الموسم - لا يمر بهم أحد إلا حذروه إياه , وذكروا لهم أمره . . . "

    إذن فما كان قولهم:ساحر أو كاهن , إلا حيلة ماكرة أحيانا وشبهة مفضوحة أحيانا . والأمر أوضح من أن يلتبس عند أول تدبر وأول تفكير . وهو من ثم لا يحتاج إلى قسم بما يعلمون وما لا يعلمون:إنه لقول رسول كريم . وما هو بقول شاعر . ولا بقول كاهن . . إنما هو تنزيل من رب العالمين .

    _ وتقرير أنه قول رسول كريم لا يعني أنه من إنشائه , ولكن المراد هنا أنه قول من نوع آخر . لا يقوله شاعر , ولا يقوله كاهن , إنما يقوله رسول , يرسل به من عند الله , فيحمله من هناك , من ذلك المصدر الذي أرسله .



    .من هداية الآيات:

    1- لله تعالى أن يحلف بما شاء من مخلوقاته لحكم عالية وليس للعبد أن يحلف بغير الربّ تعالى.
    2- تقرير الوحي وإثبات النبوة المحمدية.
    3- وصف الرسول بالكرم وبكرامته على ربّه تعالى.
    بارك الله فيكم على طيب المتابعة



    المراجع:
    تفسير القرآن العظيم ابن كثير
    تيسير الكريم الرحمن فى تفسير كلام المنان للسعدى.
    سيد قطب فى ظلال القرآن.
    الجزائرى أيسر التفاسير.




  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    الموقع
    مصر
    الردود
    383
    الجنس
    امرأة


    سورة الحاقة
    تفسير الآيات47:44


    وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ (44) لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (45) ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ (46) فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ (47) "

    معنى الكلمات
    {لأخذنا منه باليمين}: أي بالقوة لأخذنا بيمينه لنقتله.
    {ثم لقطعنا منه الوتين}: أي نياط القلب وهو عرق يتصل بالقلب. متى قطع مات صاحبه..
    {حاجزين}:لا قدر أحد أن يمنعه من عذاب الله. أي مانعين وهو خبر ما النافية العاملةعمل ليس وجمع لأن أحد يدل على الجمع نحو لا نفرق بين أحد من رسله وبين لا تقع إلا بين اثنين فأكثر.



    .معنى الآيات:

    •وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ
    ثم بين- سبحانه- ما يحدث للرسول صلى الله عليه وسلم لو أنه- على سبيل الفرض- غيّر أو بدل شيئا من القرآن فقال: وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ، لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ، ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ. فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حاجِزِينَ.
    والتقول: افتراء القول، ونسبته إلى من لم يقله، فهو تفعل من القول يدل على التكلف والتصنع والاختلاق.
    والأقاويل: جمع أقوال، الذي هو جمع قول، فهو جمع الجمع.
    أى: ولو أن محمدا صلى الله عليه وسلم افترى علينا بعض الأقوال، أو نسب إلينا قولا لم نقله، أو لم نأذن له في قوله.. لو أنه فعل شيئا من ذلك على سبيل الفرض.

    •لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ
    لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ أى: لأخذنا منه باليد اليمنى من يديه، وهو كناية عن إذلاله وإهانته.
    أو: لأخذناه بالقوة والقدرة، وعبر عنهما باليمين، لأن قوة كل شيء في ميامنه.
    والمقصود بالجملة الكريمة: التهويل من شأن الأخذ، وأنه أخذ شديد سريع لا يملك معه تصرفا أو هربا.

    •ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ
    ثم أضاف- سبحانه- إلى هذا التهويل ما هو أشد منه في هذا المعنى فقال: ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ.
    أى: ثم بعد هذا الأخذ بقوة وسرعة، لقطعنا وتينه. وهو عرق يتصل بالقلب. متى قطع مات صاحبه.
    وهذا التعبير من مبتكرات القرآن الكريم، ومن أساليبه البديعة، إذ لم يسمع عن العرب أنهم عبروا عن الإهلاك بقطع الوتين.

    •{ فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ }
    أي: لو أهلكه، ما امتنع هو بنفسه، ولا قدر أحد أن يمنعه من عذاب الله.


    فى ظلال الآيات:
    وفي النهاية يجيء ذلك التهديد الرعيب , لمن يفتري على الله في شأن العقيدة وهي الجد الذي لا هوادة فيه . يجيء لتقرير الإحتمال الواحد الذي لا احتمال غيره , وهو صدق الرسولصلى الله عليه وسلم وأمانته فيما أبلغه إليهم أو يبلغه . بشهادة أن الله لم يأخذه أخذا شديدا . كما هو الشأن لو انحرف أقل انحراف عن أمانة التبليغ:


    _ وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ (44) لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (45) ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ (46) فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ (47)
    ومفاد هذا القول من الناحية التقريرية أن محمدا [ ص ] صادق فيما أبلغهم . وأنه لو تقول بعض الأقاويل التي لم يوح بها إليه , لأخذه الله فقتله على هذا النحو الذي وصفته الآيات . ولما كان هذا لم يقع فهو لا بد صادق .

    هذه هي القضية من الناحية التقريرية . . ولكن المشهد المتحرك الذي ورد فيه هذا التقرير شيء آخر , يلقي ظلالا بعيدة وراء المعنى التقريري . ظلالا فيها رهبة وفيها هول . كما أن فيها حركة وفيها حياة . ووراءها إيحاءات وإيماءات وإيقاعات !
    فيها حركة الأخذ باليمين وقطع الوتين . وهي حركة عنيفة هائلة مروعة حية في الوقت ذاته .
    ووراءها الإيحاء بقدرة الله العظيمة وعجز المخلوق البشري أمامها وضعف البشر أجمعين . .
    كما أن وراءها الإيماء إلى جدية هذا الأمر التي لا تحتمل تسامحا ولا مجاملة لأحد كائنا من كان . ولو كان هو محمد الكريم عند الله الأثير الحبيب . ووراءها بعد هذا كله إيقاع الرهبة والهول والخشوع !



    من هداية الآيات:
    - عجز الرسول صلى الله عليه وسلم عن الكذب على الله تعالى وعدم قدرته على ذلك لو أراده ولكن الذي لا يكذب على الناس لا يكذب على الله كما قال هرقل ما كان ليدع الكذب على الناس ويكذب على الله ردّاً على أبي سفيان لما قال له لم نجرب عليه كذباً قط.


    فائدة:
    وفي هذه الآيات الكريمة أقوى الأدلة على أن هذا القرآن من عند الله- تعالى- لأنه لو كان- كما زعم الزاعمون أنه من تأليف الرسول صلى الله عليه وسلم لما نطق بهذه الألفاظ التي فيها ما فيها من تهديده ووعيده.

    كما أنها كذلك فيها إشارة إلى أنه صلى الله عليه وسلم لم يتقول شيئا.. وإنما بلّغ هذا القرآن عن ربه- عز وجل- دون أن يزيد حرفا أو ينقص حرفا.. لأن حكمة الله- تعالى- قد اقتضت أن يهلك كل من يفترى عليه الكذب، ومن يزعم أن الله- تعالى- أوحى إليه، مع أنه- سبحانه- لم يوح إليه.
    بارك الله فيكم على طيب المتابعة دمتم طيبين


    المراجع:
    تفسير القرآن العظيم ابن كثير
    تيسير الكريم الرحمن فى تفسير كلام المنان للسعدى.
    سيد قطب فى ظلال القرآن.
    تفسير الوسيط للطنطاوى
    الجزائرى أيسر التفاسير.







  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    الموقع
    مصر
    الردود
    383
    الجنس
    امرأة



    تفسيرسورة الحاقة الآيات52:48

    (آخر السورة)


    وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِلْمُتَّقِينَ (48) وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنْكُمْ مُكَذِّبِينَ (49) وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكَافِرِينَ (50) وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ (51) فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ (52)}




    .شرح الكلمات:


    {وإنه لحسرة على الكافرين}: أي التكذيب بالقرآن حسرة يوم القيامة على المكذبين به.
    {وإنه لحق اليقين}: أي الثابت يقينا أو اليقين الحق.
    {فسبح باسم ربك العظيم}: أي نزه ربك العظيم الذي كل شيء أمام عظمته صغير حقير أي قل سبحان ربي العظيم


    .معنى الآيات:



    • وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ
    يعني : القرآن كما قال : ( قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء والذين لا يؤمنون في آذانهم وقر وهو عليهم عمى ) [ فصلت : 44 ] .
    _ يتذكرون به مصالح دينهم ودنياهم، فيعرفونها، ويعملون عليها، يذكرهم العقائد الدينية، والأخلاق المرضية، والأحكام الشرعية، فيكونون من العلماء الربانيين، والعباد العارفين، والأئمة المهديين.
    • وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنكُم مُّكَذِّبِينَ
    أي : مع هذا البيان والوضوح ، سيوجد منكم من يكذب بالقرآن . تفسير ابن كثير

    • وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكَافِرِينَ
    فإنهم لما كفروا به، ورأوا ما وعدهم به، تحسروا إذ لم يهتدوا به، ولم ينقادوا لأمره، ففاتهم الثواب، وحصلوا على أشد العذاب، وتقطعت بهم الأسباب.

    • وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ
    { وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ } أي: أعلى مراتب العلم، فإن أعلى مراتب العلم اليقين وهو العلم الثابت، الذي لا يتزلزل ولا يزول.
    = واليقين مراتبه ثلاثة، كل واحدة أعلى مما قبلها:
    - أولها: علم اليقين، وهو العلم المستفاد من الخبر.

    - ثم عين اليقين، وهو العلم المدرك بحاسة البصر.
    -ثم حق اليقين، وهو العلم المدرك بحاسة الذوق والمباشرة.
    وهذا القرآن الكريم، بهذا الوصف، فإن ما فيه من العلوم المؤيدة بالبراهين القطعية، وما فيه من الحقائق والمعارف الإيمانية، يحصل به لمن ذاقه حق اليقين.

    • فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ
    أي: نزهه عما لا يليق بجلاله، وقدسه بذكر أوصاف جلاله وجماله وكماله
    تفسير السعدى.



    فى ظلال الآيات:



    • وأخيرا تجيء الخاتمة التقريرية بحقيقة هذا الأمر وطبيعته القوية:

    وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِلْمُتَّقِينَ (48).

    -فهذا القرآن يذكر القلوب التقية فتذكر .
    إن الحقيقة التي جاء بها كامنة فيها . فهو يثيرها فيها ويذكرها بها فتتذكرها .
    - فأما الذين لا يتقون فقلوبهم مطموسة غافلة لا تتفتح ولا تتذكر , ولا تفيد من هذا الكتاب شيئا .
    - وإن المتقين ليجدون فيه من الحياة والنور والمعرفة والتذكير ما لا يجده الغافلون .

    • (وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنْكُمْ مُكَذِّبِينَ (49) .
    ولكن هذا لا يؤثر في حقيقة هذا الأمر , ولا يغير من هذه الحقيقة . فأمركم أهون من أن يؤثر في حقائق الأمور .

    (وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكَافِرِينَ (50).
    حسرةبما يرفع من شأن المؤمنين , ويحط من قدر المكذبين وبما ينتهي إليه من إقرار الحق وإزهاق الباطل الذي يستمسك به الكافرون . ثم إنه حجة عليهم عند الله في اليوم الآخر , حيث يعذبون.

    وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ (51) فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ (52)
    (وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ). . مع تكذيب المكذبين . حق اليقين . فليس مجرد اليقين , ولكنه الحق في هذا اليقين . وهو تعبير خاص يضاعف المعنى ويضاعف التوكيد . وإن هذا القرآن لعميق في الحق , عميق في اليقين . وإنه ليكشف عن الحق الخالص في كل آية ما يشي بأن مصدره هو الحق الأول الأصيل . .

    • فهذه هي طبيعة هذا الأمر وحقيقته المستيقنة . لا هو قول شاعر . ولا هو قول كاهن . ولا هو تقول على الله . إنَّما هو التنزيل من رب العالمين . وهو التذكرة للمتقين . وهو حق اليقين .

    • هنا يجيء التلقين العلوي للرسول الكريم , في أنسب وقت وأنسب حالة لهذا التلقين:
    (
    فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ). .
    التسبيح بما فيه من تنزيه وتمجيد . وبما فيه من اعتراف وتحقيق . وبما فيه من عبودية وخشوع . . . هو الشعور الذي يخالج القلب , بعد هذا التقرير الأخير , وبعد ذلك الاستعراض الطويل , لقدرة الله العظيم , وعظمة الرب الكريم . .



    من هداية الآيات:



    - مشروعية التسبيح بقول سبحان ربي العظيم إن صح أنه لما نزلت قال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه اجعلوها في ركوعكم فكانت سنة مؤكدة سبحان ربي العظيم ثلاثا في الركوع أو أكثر.



    فائدة



    قوله تعالى (وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكَافِرِينَ (50).
    فهذا كقوله تعالى:
    •{وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ} [مريم: 39].
    {أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى علَى مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ} [الزمر: 56].
    •{يَوْمَ لا يَنفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ} [غافر: 52].

    • {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا * يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولًا} [الفرقان: 27-29].

    • {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَن لَّمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِّنَ النَّهَارِ} [يونس: 45]، وقال تعالى: {كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا} [النازعات: 46].


    *وهكذا يأمر الله تعالى نبيَّه محمدًا - صلى الله عليه وسلم - أن يُنْذِرَ الناسَ يومَ الحسرة والندامة، وهو يوم القيامة؛ حيث تَشْتَدُّ فيه الحسرة، وتَعْظُم فيه الندامة، وأي حسرةٍ أعظم من فَوات رضا الله وجنَّته، واستحقاق سَخَطِه، والخلود في نارِه، على وجهٍ لا يَتمكَّن فيه أحدٌ من الرُّجوع إلى الدنيا ليستأنِف العمل..اللهم عافنا نسألكَ رضاكِ والجنّة ونعوذ من عقابك والنار
    *بارك الله فيكم على طيب ا لمتابعة..دمتم طيبين
    ومفقين


    المراجع:
    تفسير القرآن العظيم ابن كثير
    تيسير الكريم الرحمن فى تفسير
    كلام المنان للسعدى.
    سيد قطب فى ظلال القرآن.
    الجزائرى أيسر التفاسير.



مواضيع مشابهه

  1. تفسيرسورة التحريم (بالتسلسل)
    بواسطة ام امه الله في دار لكِ لـ تحفيظ القرآن
    الردود: 6
    اخر موضوع: 20-05-2015, 09:03 AM
  2. فقه الصيام حلقات من فقه السنة تابعوا
    بواسطة ام امه الله في روضة السعداء
    الردود: 1
    اخر موضوع: 05-05-2015, 09:12 PM
  3. الردود: 1
    اخر موضوع: 02-05-2015, 01:51 PM
  4. الردود: 2
    اخر موضوع: 25-04-2015, 07:47 AM
  5. الردود: 1
    اخر موضوع: 21-04-2015, 07:47 AM

أعضاء قرؤوا هذا الموضوع: 0

There are no members to list at the moment.

الروابط المفضلة

الروابط المفضلة
لكِ | مطبخ لكِ