،،
الجوُّ اليومَ جميلٌ وصحو .. والشمسُ زاهيةٌ ولا غيومَ في السماء الصافية .
أدخلُ إلى حجرتي ، وأحتبي على أريكتي المفضَّلة ، أُذبلُ عينيَّ وأتنفس في هدوءٍ بعد ساعاتٍ مُنهِكةٍ .
وكالعادةِ أتناول كتابي وكراسي ، وأقتطفُ من ثمرات شرح المعلقات ، مع فنجانِ قهوة .
وبينما أنا على تلك الحال ، إذ تحتشدُ أسرابٌ من الغيوم الرماديّة ، لتتلبّدَ فوق أسقف الدور وتحجب شعاع الشمس في لحظات!
فقلتُ في نفسي : سبحان مقلّب الأحوال!
تمُرّ دقائق قليلة ، وأسمعُ السماءَ البعيدةَ ترعد وتدوّي ، واشتدّ الرعدُ واقتربَ وجلجل !
فقلتُ سبحان الذي يُسبّح الرعد بحمده والملائكة من خيفَته
وسبحان مقلب الأحوال!
وعدتُ إلى المستشذراتِ وما على الذبل (:
وما أكملتُ سطرينِ حتى سمعتُ طرقاً خفيفاً على زجاجِ نافذتي ، وفي ثوانٍ تتبّعتِ الطرقةَ ثانيةٌ وثالثةٌ ورابعة!
لتأخذ تسارعاً متناغماً وكأنها عزفٌ طروب .
فنهضّتُ وأزحتُ الستارة لأجد السماءَ تسكُبُ حبّاتٍ كاللؤلؤِ النقي ، يتناثرُ وقعهُ هنا وهناك
فقلتُ في نفسي سبحانَ مقلب الأحوال!
وما أجملَ حبات البَرَد تنهلُّ على وريقاتِ أزهاري
فإذا بالزنبق يتمايلُ ، والجوريُّ ينوسُ من وقع الحَبّ عليه
وبالقرب من العريشة فراشةٌ رقيقةٌ بياضها هِجَان
تفتش عن مِظلّةٍ تحمي ثوبها المنسدلِ كالعروس من البلل
فتعلو حيناً وتثقلُ عليها حبّة البَرَد تكادُ تسقطها حيناً أخرى !
وترتوي الأشجار وتَعُبُّ العصافير ، وتمتلئُ أزقّةُ الحيّ بسيلٍ برّاق
ورائحةٌ معطّرَةٌ تفوحُ في الأرجاء لا يُحْدِثها إلا المطر
"نسيمَ الصبا جاءت بريِّ القرنفلِ"
ويهدأ المطرُ شيئاً فشيئاً ليصبحَ رذاذاً لطيفاً ينادي الشمسَ أن تقتحمَ جدرانَ الغيوم المُكثّفة
وتنشرَ دفئها بين ربوعِ الأرض كما كانت قبل دقائق
وكأن الغيوم قدّمت لنا عرضاً مسرحياً سريعاً تحكي تفاصيلهُ عن مقدرة إلهٍ عظيم
يُسخّر السحابَ والأمطار والرعود وكل ما سواه!
فسبحانه البديعُ المحسن
وسبحان مقلّب الأحوال!
،
الروابط المفضلة