القرآن ووسائل الاتصالات الحديثة
نِعم الله علينا كثيرة , كيف لا وهو سبحانه المعطي ذو الجود والكرم , ومن والنعم التي أنعم الله بها علينا في هذا الزمان , نعمة وسائل الاتصال , فلا يكاد ترى أحدا صغيرا ولا كبيرا إلا ومعه وسيلة من هذه الوسائل من جوالات نقالة , وحاسوبات صغيرة وكبيرة .. إلى غيرها .
ومن واجبنا اتجاه هذه النعمة شكر الله عليها , وذلك باستخدامها فيما يحب الله ويرضاه .
وبالنظر إلى حال بعض الناس-هداهم الله- تجدهم قد بارزوا الله تعالى باستخدام خاطئ لهذه الوسائل , وذلك باستخدامها في علاقات محرمة عبر الجوالات , والشبكات العنكبوتية , زاعمًا بعضهم أن تلك العلاقات مجرد صداقات , لكن تناسوا أن الله سبحانه وتعالى قد حذرنا رحمة بنا وحكمة منه من اتباع خطوات الشيطان { يأيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر }النور, فلا مصداقية لما يقولون مادام ان الله ربنا العالم بأنفسنا قد حذرنا من أي طريق يوصل للفحشاء والمنكر ..
ونرى أن اغلب فئة وقعت في هذه المخاطر – استخدام وسائل الاتصالات بطريقة محرمة – هي من فئة الشباب , وإن كان الكبار الراشدين لم يسلموا , بل حتى صغار السن والله المستعان .
من خلال ما سبق , سنجد أن السبب الرئيسي للوقوع في مخاطر وسائل الاتصالات : عدم معرفة الله سبحانه وتعالى ؛ فلو عرف المسلم أن الله تعالى أولا قد أنعم وتفضل عليه بهذه النعمة فكان ينبغي له أن لا يتعرض لغضبه سبحانه بفعل مساخطه وارتكاب مناهيه .. ولو عرف أن الله رقيب شهيد مطلع عليه في جميع أحواله , لما بالى بنظر الله له , وجعل مخافة الله عنده أعظم من مخافة البشر , فالمراقبة ثمرة من ثمار علم العبد بأن الله رقيب عليه في كل وقت ونفس وطرفة عين ..
ولو اتصل بكلام ربه , وتلاقاه كما يتلقى رسائل محبوبه , لانتفع به , فالله تعالى في كتابه قد حذرنا من الزنا – الذي غالبا ما ينتج عن العلاقات المحرمة – بل ونهانا عن قربانه وهو أبلغ من مجرد فعله { ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة ومقتا وساء سبيلا } الإسراء , فهو فاحشة مستفحشة من الشرع والعقل والفطرة , لتضمنه الاجتراء على الحرمة في حق الله , وحق المرأة , وحق اهلها , وحق زوجها , وغير ذلك من المفاسد ..
ونجد أيضا ان عدم الاهتمام بالوقت والصحبة السيئة سبب في الوقوع في الأهواء , أضف إلى ذلك ضعف استشعار ( كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته ) من قبل الوالدين والمعلمين والمربين .
فمن تأمل هذه الأسباب وغيرها , علم يقينا أن علاجها في معرفة الله تعالى, وأن أعلى أعمال القلوب أن نعبد الله باسمه الرقيب والشهيد , واستحضار أن الله محيط عليم بحركات العبد ظاهرا وباطنا , فيجتنب العبد كل طريق يغضب الله تعالى { وكان الله بما يعملون محيطا } النساء , ولا سبيل لمعرفة الله إلا بقراءة وتدبر وتعلم كلامه سبحانه والانكباب عليه ..
ومن العلاج بيان عاقبة الزنا وطرقه , وأنه بئس الطريق , وتوضيح معنى الزنا وحده , وأن الله أمر بالإشهاد عليه-حال الجلد أو الرجم- حتى يحصل الزجر والارتداع من المسلمين فلا يتجرؤون على حدود الله { الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين } النور.
والنفس أمارة بالسوء , والنقص مستولٍ على العبد من جميع جهاته , فلا بد من تزكيتها وتطهيرها من الذنوب , لذلك كان عليه الصلاة والسلام يدعو ( اللهم آت نفسي تقواها وزكها أنت خير من زكاها أنت وليها ومولاها ) .
ولا يخفى أن الوقت رأس المال , والصحبة الصالحة كنز يجب استغلالهما , فالأصحاب غالبا ما يتأثرون ببعضهم , فلو اجتهد الوالدان بتنمية قوة الثقة بالنفس , وزرع ثوابت إيمانية من مراقبة الله , والاعتزاز بدينه وأحكامه , فلن نرى بحول االله أثرًا لسيطرة التقليد , و لكان اعتقادهم أقوى بالابتعاد عن ما حذر منه النبي ( ولو دخلوا جحر ضب لدخلتموه).
لا بد ان يكون هناك أثرا للمعلمين والمربين في إفادة الأبناء والبنات بكيفية الاستفادة من الوسائل الحديثة , باقتراح أفكار تناسب أعمارهم , وتشغل اوقاتهم بما ينفعهم , كعمل مجموعات في البرامج الاجتماعية للتعريف بالصحابة والصحابيات والعلماء , نشر أحاديث وسنن مهجورة , نشر اعتقادات مهمة في القران عبر التويتر أو الفيس بوك وغيرها من البرامج والأفكار ..
ولابد أولا وآخرا بالاستعانة بالله , وطلب الاعتصام به { ومن يتوكل على الله فهو حسبه } والاستعاذة من وساوس الشيطان { وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله } والإكثار من الدعاء بأن يصرف الله عنا وساوس الشيطان ولا يسلطه علينا .
وليُعلم أن سرور القلب وفرحه لا يكون إلا بالله , وبما يحب الله , فهو نعيم معجل يناله العبد في دنياه قبل أخراه..
والله تعالى اجل وأكرم وأعلم
والحمد لله رب العالمين
الروابط المفضلة