لتكن بيوتنا كبيت النحلة ولا تكن كبيت العنكبوت(شعار مشاركة قيمة)
قال تعالى : وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) [الروم: 21]. " أَيْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ جِنْسكُمْ إِنَاثًا تَكُون لَكُمْ أَزْوَاجًا " لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا "
كَمَا قَالَ تَعَالَى : " هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْس وَاحِدَة وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا "
يَعْنِي بِذَلِكَ حَوَّاء خَلَقَهَا اللَّه مِنْ آدَم مِنْ ضِلْعه.
دائماً عندما نسمع قول الحق (وَمِنْ آَيَاتِهِ) يجب أن ندرك أن هناك معجزة ما سوف يحدثنا عنها الله سبحانه وتعالى، وهذه المعجزة هي " معجزة الزواج " .
وجه الله سبحانه وتعالى خطابا لعباده المؤمنين رجالا ونساء بأهمية بناء أسرة إسلامية صالحة تبنى على أسس الرحمة والمودة والاحترام والرأفة والسكن
مودة وهي المحبة ورحمة وهي الرأفة فإن الرجل يمسك المرأة إما لمحبته لها أو رحمة بها
والمودة مطلوبة في السراء والرحمة مطلوبة في الضراء.
وهذه هي حكمة اجتماع الكلمتين في أمر الزواج.
ولذلك يجب الإنتباه عند تأسيس بيت الزوجية ليقوم على دعائم ربانية صالحة لكل زمان ومكان
واليوم وددت أن أقوم بعمل مقارنة بين بيت أسس على التقوى وبيت من اوهن البيوت كبيت العنكبوت
- بيت المسلم المخلص لله تعالى علاقاته قوية أساسها الدين والرحمة والامتثال لأوامر الله عز وجل
- بيت فيه للزوج مكانته وتقديره وقوامته , وللزوجة إحترامها وحقها ومكانتها التي كفلها لها الإسلام
- بيت إذا غضب الزوج من زوجته ولم يعجبه صفة من صفاتها وجد الكثير من الصفات الحميدة بها عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقا رضي منها آخر " صحيح مسلم
- بيت فيه توقير للكبير ورحمة ورأفة بالصغير قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويعرف حق كبيرنا ) رواه أبو داود والترمذي
- بيت فيه إيثار الغير على النفس وتسمو فيه روح حب لأخيك ما تحبه لنفسك
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :ـ " لا يؤمن أحدكم حتى يحب لاخيه ما يحب لنفسه " متفق عليه
- بيت فيه حماية من الله عز وجل للأب والأم عند الكبر من أقل وأصغر الأشياء من قول كلمة أف .
قال تعالى :" فلا تقل لهما أفٌ ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريما " الإسراء 23.
- بيت متماسك متعاون عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" المؤمن للمؤمن كالبنيان يَشُدُّ بعضُه بعضاً – وشبك بين أصابعه " متفق عليه.
أما بيت العنكبوت
قال تعالى :
{مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوامِن دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاء كَمَثَلِ الْعَنكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّأَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ } ( العنكبوت41)
تعرف سورة العنكبوت بسورة الفتن وهنا يأتي سؤال هام جدا وضروري وهو
لماذا سميت سورة الفتن باسم العنكبوت؟
نجد الإجابة في : طبيعة خيوط العنكبوت
ويعود ذلك إلى أن تداخل الفتن يشبه خيوط العنكبوت, فطبيعة الفتن أنها متشابكة ومتداخلة ، فلا تقدر أن تميز فتنة دون سواها ، وهي كثيرة ومعقدة ، تغطي تفاصيل حياة المرء.. لكنها بالمقابل هشة وضعيفة ، إذا استعنت بالله في مواجهتها.
( وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنكَبُوتِ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ ) (41).
وفى المقابل : نجد الإنسان عادةً إذا أصيب بفتنة ، انقلب على وجهه وجرى يبحث عن ملجأ , وفي الغالب ( للأسف ) يستعين بغيرالله تعالى ، ويلجأ إلى البشر .
لذلك توجه لنا السورة الكريمة نصيحة غالية :
إذا لجأتم إلى البشر هرباً من الفتن ، فستكونون كمن هرب ولجأ إلى بيت العنكبوت ذلك البيت الضعيف الهش الذي لا يقي صاحبه ولا يستره
فمن أشد الفتن وأخطرها ، أن ترضي الناس على حساب دينك ، أو تستعين بغير الله أو تتوكل على غيره.
طبيعة بيت العنكبوت : وبيت العنكبوت واهن بسبب ضعف خيوطه هذا من الناحية المادية الملموسة ومن الناحية الاجتماعية أيضاً, فبعد أن يلقِّح الذَّكر الأنثى تقوم بقتله وإلقائه خارج البيت
ليس هذا فقط بل حين يكبر الأولاد يقومون هم أيضاً بقَتل الأم وإلقائها خارج البيت ( كما تدين تدان )
إذن هو بيت من أسوأ البيوت على الإطلاق .
فسبحان الله على اختيار هذا الاسم لسورة الفتن، حتى يحذر الناس من تقليد هذه الحشرة في حياتها ومن التشبه بأفعالها.
و تسمية السورة الكريمة بصياغة الإفراد ( العنكبوت) يشير إلي الحياة الفردية لهذه الحشرة فيما عدا لحظات التزاوج , وأوقات فقس البيض
ونجد هنا اختلافا بين تسمية السورة بالمفرد وما يقابلها في كل من سورتي النحل والنمل والتي جاءت التسمية فيها بالجمع إشارة إلى الحياةالجماعية المستقرة والمتعاونة لتلك الحشرات
بيت أساسه الأنثى فقط : ونجد ذلك في قوله تعالى " اتخذت بيتاً "
في هذا النص القرآني الكريم إشارة واضحة إلي أن الذي يقوم ببناء البيت أساساً هي أنثي العنكبوت, وعلى ذلك فإن مهمة بناء بيت العنكبوت هي مهمة تقوم بها إناث العناكب التي تحمل في جسدها غدد إفراز المادة الحريرية التي ينسج منها بيت العنكبوت ,وإن اشترك الذكر في بعض الأوقات بالمساعدة في عمليات التشييد, أو الترميم , أو التوسعة, فإن العملية تبقي عملية أنثوية محضة
بيت العنكبوت من الناحية المعنوية هو أوهن بيت على الإطلاق لأنه بيت محروم من معاني المودة والرحمة التي يقوم على أساسها كل بيت سعيد, وذلك لأن الأنثى في بعض أنواع العنكبوت تقضي على زوجها بمجرد إتمام عملية الإخصاب وذلك بقتله وافتراس جسده والتغذية عليه لأنها أكبر حجما وأكثر شراسة منه, وفي بعض الحالات تلتهم الأنثى صغارها دون أدنى رحمة
وفي بعض الأنواع تموت الأنثى بعد إتمام إخصاب بيضها الذي عادة ما تحتضنه في كيس من الحرير, وعندما يفقس البيض تخرج العنكبوتة فتجد نفسها في مكان شديد الازدحام بالأفراد داخل كيس البيضفيبدأ الإخوة الأشقاء في الاقتتال من أجل الطعام أومن أجل المكان أو من أجلهما معا
فيقتل الأخ أخاه وأخته, وتقتل الأخت أختها وأخاها حتى تنتهي المعركة ببقاء عدد قليل من العنيكبات التي تنسلخ من جلدها, وتمزق جدار كيس البيض لتخرج الواحدة تلو الأخرىوتخرج الواحد تلو الآخر بذكريات تعيسة, لينتشر الجميع في البيئة المحيطة كارهون لبعضهم البعض وحاقدون على الآخرين
وتبدأ كل أنثي في بناء بيتها, ويهلك في الطريق إلي ذلك من يهلك من هذه العنيكبات, ويكرر من ينجو منها نفس المأساة التي تجعل من بيت العنكبوت أكثر البيوت شراسة ووحشية, وانعداما لأواصر القربى
لذلك : ضرب الله تعالى به المثل في الوهن والضعف لافتقاره إلي أبسط معاني التراحم بين الزوجة وزوجها والأم وصغارها , والأخ وشقيقه وشقيقته ,والأخت وأختها وأخيها..!!
ولذلك إن البيت الذي تقوم بتأسيسه المادي والمعنوي الأنثى دون الذكر والتي تلغى فيه شخصية الذكر نجده بيتا واهنا مفككا اسريا وهذا النموذج نقابله في حياتنا الدنيا فنجد الجحود من الأبناء ونكران الجميل غير الانحلال الأخلاقي.
فاحرصي أختي المسلمة أن يكون بيتك مثل بيوت النمل والنحل لا كبيت العنكبوت
الجزء الأول كتابتي أما الجزء الخاص ببيت العنكبوت فهو تجميع للتفسير مع صياغة اجتماعية
والله الموفق وبه نستعين ويا رب أكون أفدتكم
رد مع الاستدلال
الروابط المفضلة