خيركم من بدأ بالسلام ..

قصة رائعة واقعية من قصص الشيخ / علي الطنطاوي ..

يقول الشيخ علي الطنطاوى رحمه الله : "وقع مرةً بيني وبين صديقٌ لي ما قد يقع مثله بين الأصدقاء ، فأعرَض عني وأعرضتُ عنه ، ونأى بجانبه ونأيتُ بجنبي ، ومشى بيننا أولاد الحلال بالصلح ، فنقلوا مني إليه ومنه إليَّ ، فحوَّلوا الصديقين ببركةِ سعيهما إلى عدوين ، وانقطع ما كان بيني وبينه ، وكان بيننا مودةَ ثلاثين سنة ..

وطالت القطيعة وثقُلَت عليَّ ؛ ففكرتُ يوماً في ساعة رحمانية ، وأزمعتُ أمراً .
ذهبت إليه فطرقتُ بابه ، فلما رأتني زوجه كذَّبت بصرها ، ولما دخلت تُنبِئه كذَّب سمعه ، وخرج إليَّ مشدوهاً !
فما لبثته حتى حييته بأطيب تحيةً كنتُ أُحييه أيام الوداد بها ، واضطر فحياني بمثلها ، ودعاني فدخلتُ ، ولم أدعه في حَيرته ، فقلتُ له ضاحكاً : لقد جئتُ أصالِحك !
وذكرنا ما كان وما صار ، وقال وقلتُ ، وعاتبني وعاتبته ، ونفضنا بالعِتاب الغبار عن مودتنا ، فعادت كما كانت ، وعُدنا إليها كما كُنَّا .

وأنا أعتقد أن ثلاثة أرباع المختلفين لو صنع أحدهما ما صنعتُ لذهبَ الخلاف ، ورجع الائتلاف ، وإن زيارةً كريمةً قد تمحو عداوةً بين أخوين كانت تؤدي بهما إلى المحاكم والسجون .

إنها والله خطوة واحدة تصِلون بها إلى أنس الحب ، ومتعة الود ، وتسترجعون بها الزوجة المهاجرة ، والصديق المخالِف .

فلا تترددوا...".