-

-

كنا قد نبهنا مرات ومرات على مدى سنوات، إلى عمق التحالف الصليبي الصهيوني الصفوي على حساب العرب والمسلمين، فكان نذيرنا صرخةً في وادٍ.بل كثيراً ما لقينا تشكيكاً في رؤيتنا واتهامات لنياتنا، من أناس بعضهم من ذوي العلم والفضل لكن صلتهم بالواقع هشة ومعرفتهم بخفايا السياسة الدولية ضحلة، ومن آخرين ينطلقون من تبعيتهم المطلقة للغرب، فسعوا دائماً إلى تزيين الارتماء في أحضان أمريكا بذريعة حماية المصالح الكبرى!!فلما انطلقت الثورة السورية استبشرنا خيراً، أولاً لأن أهلنا في الشام مظلومون منذ نصف قرن على يد عصابة طائفية خائنة وفاسدة، وثانياً لأن الفرصة المثلى لقصم العمود الفقري لمؤامرة حلف الأقليات- وقف تغلغل السرطان الصفوي على الأقل- أتتنا على طبق من ذهب، وبخاصة بعد أن سُرِق منا العراق ونحن نتفرج، لأنه لم يكن لدينا إستراتيجية حقيقية لكبح جماح التمدد الصفوي الهائج.ومن بديهيات علم السياسة أن الإستراتيجيات لا يمكن مواجهتها بالكلام أو بحذلقات استخبارية ركيكة تؤخر ولا تقدم، فالتصدي في هذه الحال يتطلب رؤية إستراتيجية متكاملة، وإرادة جادة لتنفيذها، وإدارة بصيرة وحازمة لمتابعة سيرها فوق أرض الواقع.ومما يضاعف الحزن على تضييع العراق حتى بعد بكائنا على الأطلال، أننا لم نقرأ الرزية قراءة صادقة متعمقة، فصاحب النصيب الأكبر من تقديم بلاد الرافدين إلى المجوسية الجديدة، هو الغازي الأمريكي الذي نتوهم أنه صديق بل حليف!!وكان درس العراق كافياً لإيقاظنا على حقيقة الحلف الصليبي الصهيوني مع الصفوية الوقحة، غير أن إغفالنا هذه الحقيقة الساطعة-أو تغافلنا عنها-انعكس سلباً على أدائنا في نصرة الشعب السوري، إذ ظل سقفها رهين النذالة الأمريكية.لقد ماطل الأمريكان مماطلة شديدة القبح على حساب الدم السوري، الذي ما زال يتدفق شلالات على يد الطاغية وحلفائه المجوس من شتى بقاع الأرض، فلم يفعلوا شيئاً سوى الثرثرة الكاذبة التي أضرت بالثورة، وقدمت لنيرون مادة دعائية وضيعة لتشويه الثورة النقية وتصويرها على أنها جزء من مؤامرة صهيونية غربية عليه!! ويكفي واشنطن عاراً وافتضاحاً أنها ظلت تزعم أن الطاغية بشار الأسد فقد شرعيته، في حين دأبت على ترسيخ " شرعيته"عملياً، فلم تطرد سفيره ولم تمنعه من تمثيل سوريا في الأمم المتحدة!!وكان كل ما يشغل بال أمريكا منع السلاح والذخائر عن المقاتلين الأحرار، بقسوة وحقد غير مسبوقين.المهم، أن الغرب في طريقه الآن لتسليم سوريا إلى ملالي قم الذين أثبتوا "صدقهم الاستثنائي" في الإخلاص للصهيونية والصليبية، وحقدهم المتأجج على المسلمين بعامة والعرب منهم بخاصة.فما الذي سوف يفعله العرب الغاضبون حقاً من خيانة الغرب لهم للمرة الثانية منذ اقتلاع العراق وتحويله حديقة خلفية لأطماع المجوس الجدد؟يظن بعض الساذجين أن أمريكا بإتاحة فرصة للتدخل في مناطق أخرى تقدم تعويضاً عن محو سوريا من خريطة أمنهم القومي، فالحقيقة هي أن ما خططته واشنطن لتلك التغييرات هي طعنة مزدوجة، فهذه العملية البشعة شقت صفوف أهل السنة وهم أحوج ما يكونون إلى وحدة الصف والكلمة، وتأجيل أي خلافات هامشية أو ثانوية للتفرغ لمواجهة العدو الرئيسي.ومن يتعمق في استقراء معطيات التاريخ والجغرافيا، يعلم علم اليقين أن تأثير العرب في ظل هذه المتغيرات سوف يظل سطحياً، فالمؤسسة العسكرية في بلدان الطوق المحيطة بفلسطين المحتلة مبنية بناء وثيقاً يلائم متطلبات الإستراتيجية الأمريكية/الصهيونية ويستحيل التأثير على هذه العلاقة البنيوية.وفي ضوء انشغال كل من مصر وليبيا وتونس واليمن بأوضاعها الداخلية إلى مدى غير قصير، فإن دول الخليج العربية هي المستهدفة بمؤامرة تطويق خطيرة ابتداء من عراق المالكي فسوريا التي عقوداً صفقة قذرة مع "الشيطان الأكبر" باعتبارها ركناً رئيسياً في حزام الأقليات ذي الهدف المزدوج:حماية الكيان الصهيوني ومحاصرة أهل السنة في الجزيرة العربية.لذلك فإن استنقاذ الشام من مخالب الحلف الثلاثي الحقود عاجلاً قد يكون هو الفرصة الوحيدة لمنع الحلف الموتور من إكمال عملية التطويق المكشوفة.المصدر : المسلم .



-

-