انتقلت منتديات لكِ النسائية إلى هذا الرابط:
منتديات لكِ النسائية
هذا المنتدى للقراءة فقط.


للبحث في شبكة لكِ النسائية:
الصفحة 1 من 10 12345 ... الأخيرالأخير
عرض النتائج 1 الى 10 من 97

الموضوع: كثر القتل الهرج والمرج وانتشر تيار الفتن المتلاطمة في البلدان ..(مع فيديو)

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Apr 2011
    الموقع
    أرض الله الواسعة
    الردود
    128
    الجنس
    امرأة

    envlope كثر القتل الهرج والمرج وانتشر تيار الفتن المتلاطمة في البلدان ..(مع فيديو)

    بسم الله الرحمن الرحيم




    عظُم الهرج والمرج وكثُر اللغط والغلط، بشأن ما يحدث في بعض البُلدان المجاورة من فِتنٍ مُتلاطمة ومصائب مُتفاقمة، وقد صُدّر للخوض فيها كثيرٌ من الجاهلين وضاع أكثرُ الحقّ. وقد قلّ من يتحدث بعلمٍ صحيح مُستمدّ من الكتاب والسنّة ونهج السلف الكرام - عليهم رضوان الله أجمعين -; وبِسبب ما تقدم فقد ألقى صاحب الفضيلة الشيخ الدكتور عبدالله العنقري - أستاذ العقيدة بجامعة الملك سعود - مُحاضرة مساء الثلاثاء بعنوان ( المنهج الشرعي في التعامل مع الفتن )، وقد بين - وفقه الله - الجادّةَ المُستقيمة للمسلم في كيفية التعامل مع هذه الفتن، وقد انطوت المُحاضرة على تأصيل جيد وتوضيح مُفيد، يُغني بإذن الله عما سواه، والمُحاضرة أشبه ما تكون بدرس علمي مُكثف، وهي جديرة بالاستماع لا سيما في أيام الفِتن هذه.

    وهنا الفيديو :








    ألقى الشيخ عبد الله العنقري
    أستاذ العقيدة المساعد في جامعة الإمام سعود بالرياض هذه المحاضرة
    والتي نقلت في إذاعة القرآن الكريم


    المنهج الشرعي في التعامل مع الفتن
    صوتيا هنا :

    http://www.almeske.net//upload/aln3esa-1298868408.rm






    وهنا تفريغ المحاضرة




    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


    الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:


    فإن الله سبحانه وتعالى شاء وله الحكمة البالغة أن يختبر عباده بأنواع من الاختبار، وبيّن أنه سبحانه وتعالى جعل هذه الدار دار امتحان وابتلاء، يبلو عباده، فتظهر نتيجة هذا البلاء وهذا الامتحان في ذلك اليوم العظيم الذي يجمعهم الله عز وجل فيه " ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ "


    وقد أرسل الله عز وجل نبيا كريما بلّغ الرسالة وأدى الأمانة وجعل الأمة على مثل البيضاء، ليلها كنهارها، لايزيغ عنها بعده إلا هالك، صلوات الله وسلامه عليه. وقد تواردت النصوص كثيرا جدا عن أمر الفتن، واتضح من النصوص أنها تكثر وتتفاقم وتعظم في آخر الزمان، ويظهر لها دعاة، وتشتبه على كثير من الناس، مع أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يمت حتى جعل الأمة على مثل البيضاء، ليلها كنهارها، وهذا يدل دلالة واضحة على أن أمر الفتن إنما يقع الناس فيه لأحد سببين:


    إما جهل بأمر النصوص.


    وإما هوى حَمَلَ على عناد النصوص، والضرب بها عرض الحائط، وإتيان أمور الفتن بأنواع من التأويلات الفارغة.


    وذلك وقع قديما وحديثا وسبّب شيئا عظيما مِن الإرباك، وشيئا هائلا من البلايا التي أثرت أبلغ التأثير في أمة الاسلام، وذلك ما بإذن الله عز وجل سنعرض له في هذه الكلمات التي هي إبراء للذمة، وبيان لحقيقة الحال، وليكون المؤمنون على بصيرة من أمور الفتن في زمن قَلّ فيه الصدق مع الله عز وجل، والجهر بكلمة الحق، وإظهار ما ينبغي أن يظهر في مثل هذه الأمور! وذلك في ضوء إعلام عبث به العابثون، وتسلطوا مِن خلاله على إضاعة الحقائق، وعرض الأمور على خلاف ما يجب أن تُعرَض عليه في كتاب الله وفي سنة نبيه -صلى الله عليه وسلم-.


    وهذا الوضع لاشك أنه وضع يجب على أهل العلم أن يزيلوه أو يخففوه قدر ما يستطيعون، وأن يحرصوا أهم ما يحرصون على البيان، وعلى الإبلاغ، ثم أن الهداية بيد الله عز وجل الذي بيده مقاليد السماوات والأرض "لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ" .


    وهذا الموضوع الذي سنتولاه أحب أن أعرض له من خلال فقرات محددة.


    أولى هذه الفقرات:


    أن المقصود بهذه الكلمة بيان منهج أهل السنة في باب الفتن، لا التعليق على الأخبار، ولا ذكر تحليلات إخبارية، إنما المراد ذكر المنهج الذي ينبغي أن نكون عليه في التعامل مع هذه الفتن، وذلك أمر نحتاجه في جميع الأوقات والمواضع والمناسبات حينما ترد الفتن.


    أما الأخبار والأحوال فإنها تتغير وتتقلب، فإذا كان عند المؤمن منهج واضح في التعامل مع الفتن فإنه حين تقع الفتنة في أي وقت أو في أي مكان يكون فيه على بصيرة، وذلك ما أوجبه الله عز وجل على أهل العلم أن يبيّنوا ماينبغي أن يُبيّن للناس.


    الأمر الثاني فيما يتعلق بمعنى الفتنة.


    الفتنة في أصلها تعني الامتحان، وكثر استعمالها فيما أخرجه الاختبار للمكروه، ولها معان أُخر.


    الأمر الثالث في أحوال الناس في الفتنة.


    الناس في الفتن أنواع بحسب ما جعل الله لهم من العلم والتقى، فمنهم المبعد بنفسه، النائي عنها، لا يشارك فيها بقول ولا بسيف، لأنها فتنة. ومنهم المشترك فيها، الواقع فيها، ثم هؤلاء المشتركون أنواع، ليسوا على حال واحد من الاشتراك، وقد بيّن النبي صلى الله عليه وسلم ذلك بقوله كما في الصحيحين:


    (سَتَكُونُ فِتَنٌ الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنْ الْقَائِمِ وَالْقَائِمُ خَيْرٌ مِنْ الْمَاشِي وَالْمَاشِي فِيهَا خَيْرٌ مِنْ السَّاعِي مَنْ تَشَرَّفَ لَهَا تَسْتَشْرِفْهُ فَمَنْ وَجَدَ مَلْجَأً أَوْ مَعَاذًا فَلْيَعُذْ بِهِ)


    ورواه مسلم بلفظ: (تَكُونُ فِتْنَةٌ النَّائِمُ فِيهَا خَيْرٌ مِنْ الْيَقْظَانِ وَالْيَقْظَانُ فِيهَا خَيْرٌ مِنْ الْقَائِمِ وَالْقَائِمُ فِيهَا خَيْرٌ مِنْ السَّاعِي فَمَنْ وَجَدَ مَلْجَأً أَوْ مَعَاذًا فَلْيَسْتَعِذْ)


    وروى أبو داود وأحمد أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنْ الْقَائِمِ وَالْقَائِمُ فِيهَا خَيْرٌ مِنْ الْمَاشِي وَالْمَاشِي فِيهَا خَيْرٌ مِنْ السَّاعِي قَالُوا فَمَا تَأْمُرُنَا قَالَ كُونُوا أَحْلَاسَ بُيُوتِكُمْ)


    أي الزموا بيوتكم، والحلس هو الكساء الذي يلي ظهر البعير تحت القتب، شبّهها به للزومها ودوامها.


    مِن هذا الحديث العظيم بهذه الألفاظ يتبين أن الناس في الفتنة بين نائم فيها، وبين قاعد، وبين قائم فيها قياما، وبين ماش فيها مشيا، وبين ساع يبذل فيها أكثر مما يبذله غيره! ولهذا ترجم العلماء رحمهم الله على هذا الحديث بما يبيّن المراد منه، فترجم أبو داود رحمه الله بقوله: (باب النهي عن السعي في الفتنة) وترجم الآجري بقوله: (باب فضل القعود في الفتنة).


    الأمر الرابع: في صفات الفتنة في النصوص.


    جاءت النصوص بوصف محدد للفتن، منها عياذا بالله أنها تتفاقم وتزادا وتكثر وتعظم. روى مسلم في كتاب الإمارة من صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إِنَّ أُمَّتَكُمْ هَذِهِ جُعِلَ عَافِيَتُهَا فِي أَوَّلِهَا وَسَيُصِيبُ آخِرَهَا بَلَاءٌ وَأُمُورٌ تُنْكِرُونَهَا وَتَجِيءُ فِتْنَةٌ فَيُرَقِّقُ بَعْضُهَا بَعْضًا وَتَجِيءُ الْفِتْنَةُ فَيَقُولُ الْمُؤْمِنُ هَذِهِ مُهْلِكَتِي ثُمَّ تَنْكَشِفُ وَتَجِيءُ الْفِتْنَةُ فَيَقُولُ الْمُؤْمِنُ هَذِهِ هَذِهِ). فمن خلال هذا الحديث يتضح أن الفتن -نسأل الله العافية- تتفاقم حتى أن بعضها يرقق بعضا، وذلك يعني أن الفتنة الأولى تكون كبيرة، لكن يعقبها فتنة أعظم منها فترق الأولى مع أنها شديدة بالنسبة للثانية!


    من صفات الفتن التي جاءت بها النصوص: شدة اشتباهها، وكونها مظلمة لا يتضح فيها وجه الصواب عند كثير من الناس.


    روى حذيفة رضي الله عنه في حديثه المشهور الذي أصله في الصحيح ورواه أحمد وأبو داود بلفظ أن النبي صلى الله عليه وسلم لما ذكر الفتن ومراحلها التي تمر بها قال: قال في آخره: (فِتْنَةٌ عَمْيَاءُ صَمَّاءُ عَلَيْهَا دُعَاةٌ عَلَى أَبْوَابِ النَّارِ فَإِنْ تَمُتْ يَا حُذَيْفَةُ وَأَنْتَ عَاضٌّ عَلَى جِذْلٍ خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ تَتَّبِعَ أَحَدًا مِنْهُمْ)


    والجذل هو أصل الشجرة.


    نقل صاحب عون المعبود في شرحه لأبي داود أن المراد بكون الفتنة عمياء صماء: أن تكون بحيث لا يرى منها مخرج، ولا يوجد دونها مستغاث، أو أن يقع الناس فيها على غرّة من غير بصيرة، فيعمون فيها ويصمون عن تأمل الحق واستماع النصح.


    من صفات الفتن التي وردت بها النصوص: أنّ التعرض لها يُوقع صاحبه في الورطة بالدخول بها، لهذا تقدم الحديث: (مَنْ تَشَرَّفَ لَهَا تَسْتَشْرِفْهُ) معناه أنّ مَن تَطَلّع إلى الفتنة وتَعرّض لها وقع فيها كما ذكر صاحب النهاية في غريب الحديث.


    الأمر الخامس: إلى أي شيء أرشدتنا النصوص وأرشدنا السلف الصالح رضي الله عنهم عند وقوع الفتن.


    من فضل الله ومنته أن النصوص كما تأتي مبينة تغير الأحوال وشدة وخطب آخر الزمان، فإن مِن فضل الله عز وجل ومن نعمته البالغة ومن رحمته لأمة محمد صلى الله عليه وسلم أن بيّنت النصوص المخارج الجلية الواضحة المبنية على العلم النافع لا على الهوى وعلى التخرص والظنون!


    فأرشدتنا النصوص في أمر الفتن إلى أمور منها:


    أولا: الفرار من الفتن وعدم التعرض لها أو الاشتراك فيها.


    في الحديث السابق أن الفتن (مَنْ تَشَرَّفَ لَهَا تَسْتَشْرِفْهُ) وذلك يفيد التحذير من التعرض لها، ويعني أيضا الفرار من الفتنة. إذا كان استشرافك للفتنة وتعرضك لها يجعلك تقع فيها فإن البُعد عنها طريق للسلامة منها، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم في شأن الدجال، والدجال كما في الحديث الصحيح هو أعظم فتنة، ما جعل الله منذ خلق آدم إلى قيام الساعة فتنة أشد من الدجال، يقول صلى الله عليه وسلم في الدجال: (مَنْ سَمِعَ بِالدَّجَّالِ فَلْيَنْأَ عَنْهُ) كما في المسند، فلينأ عنه أي فليبعد عنه، لا تأته، تبعد عنه، وهكذا بقية الفتن، وقال صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين: (يُوشِكُ أَنْ يَكُونَ خَيْرَ مَالِ الْمُسْلِمِ غَنَمٌ يَتْبَعُ بِهَا شَعَفَ الْجِبَالِ وَمَوَاقِعَ الْقَطْرِ يَفِرُّ بِدِينِهِ مِنْ الْفِتَنِ) هذا هو الشاهد.


    هذا الرجل لا همّة له في الأغنام وليس مقصده التجارة بها لكنه صار يتبع شعف الجبال العالية ويتبع مواقع القطر والمطر، لماذا؟ يفر بدينه من الفتن، لأن دينه أعظم ما يملك، أعظم من روحه التي بين جنبيه، فيفر به من الفتن.


    فهذا العلاج الأول.


    العلاج الثاني: كف اللسان عن الدخول في الفتن. روى ابن أبي شيبة وأبو داود وابن ماجة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في شأن الفتنة: (اللِّسَانُ فِيهَا أَشَدُّ مِنْ وَقْعِ السَّيْفِ) تأمل هذا الحديث العظيم: (اللِّسَانُ فِيهَا أَشَدُّ مِنْ وَقْعِ السَّيْفِ) ولهذا ترجم ابن أبي شيبة على الحديث بقوله -وعلى عدد من الأحاديث أيضا-: (مَن كره الخروج في الفتنة وتعوذ منها). وترجم أبو داود بقوله: (باب في كف اللسان)، وترجم ابن ماجة بقوله ( باب كف اللسان في الفتنة ).

    سبب الأمر بكف اللسان أن اللسان في أحيان كثيرة يثير الناس ويحرض بعضهم على بعض ويشجعهم على الوقوع في أشد أنواع الولوج في الفتنة بدلا مِن أن يطفئها ويسعى في تخفيف نارها ويحرض أخوانه على تقوى الله. يدخل فيها ويشجع! ربما جعل في ذلك شعرا، ربما جعل في ذلك مقالات دبجها ورفع بها صوته وحرَّض الناس عليها، فأدَّى ذلك إلى دخول الناس في الفتنة وتشجيعهم على الولوج فيها، ويتسبب هذا في سفك دماء كثيرة، ويُسأل هذا الذي تسبب وهو في أبعد موضع عن الفتنة عن دماءٍ ما قتل أصحابها. ما أزهق أرواحًا، ولا أطلق رصاصًا، ولكنه بلسانه هذا كما في الحديث: (اللِّسَانُ فِيهَا أَشَدُّ مِنْ وَقْعِ السَّيْفِ) لأنه يثيرها، ويجعلها تتفاقم،



    ويحرض الناس على الولوج فيها، ولهذا جاء عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه رأى خطباء الفتنة، قال: (مر بقوم تُقرض ألسنتهم وشفاههم قرضا –عياذًا بالله تقطيع نسأل الله العافية والسلامة رآهم لما أُسري به عليه الصلاة والسلام- مر بقوم تُقرض ألسنتهم وشفاههم، كلما قُرضت عادت،) لأن هذا عذاب القبور، نسأل الله العافية- يستمر لو قرض لسان إنسان وقُطّع؛ لنزف حتى يموت، أما في القبور فالعذاب مستديم –نسأل الله العافية والسلامة- إلا لمن رحمه الله، ومنهم هؤلاء الخطباء الذين يخطبون في الفتن، يحرضون الناس عليها، قال: (مر بقوم تقرض ألسنتهم وشفاههم، كلما قرضت عادت، قال: هؤلاء خطباء الفتنة) نسأل الله العافية والسلامة.


    مما أرشدت إليه النصوص أيضا، كف اليد، فإنك إذا أُمرت أن تكف لسانك؛ فكفك ليدك من باب أولى، روى أحمد في المسند عن أهبان بن صيفي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم عهد إليه –يعني أوصاه- إذا كانت فتنة بين المسلمين أن أتخذ سيفا من خشب، وفي لفظ: (سَتَكُونُ فِتْنَةٌ وَفُرْقَةٌ، فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَاكْسِرْ سَيْفَكَ وَاتَّخِذْ سَيْفًا مِنْ خَشَبٍ)، قال -رضي الله عنه-: "فقد وقعت الفتنة والفرقة، وكسرت سيفي واتخذت سيفا من خشب"، وكان قد جعل سيفا من خشب عمدا تطبيقا لهذا الحديث، ويعلم الجميع أن سيف الخشب لا يمكن أن يدخل به أحد في قتال، لأن الناس معهم سيوف الحديد التي تفلق الهام، وسيف الخشب ماذا يفعل؟ المقصود أنه يتخذ سيفًا من خشب، أي: حتى لا يدخل في القتال، ولذا قال سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه كما في المسند لما اعتزل القتال الذي وقع بين المسلمين، جاءه ابنه عامر، في بعض الروايات أن عامرًا قال: يا أبتِ، الناس يختصمون في المُلك، وأنت كالأعرابي في غنمك –لأن سعدا أخذ بعض الأغنام وخرج بها خارج المدينة-، فقال سعد رضي الله عنه أول ما رآه: (أعوذ بالله من شر هذا الراكب)، لأنه تفرس في أنه سيحرضه على الدخول في الفتنة. في لفظ المسند أنه قال: " أَفِي الْفِتْنَةِ تَأْمُرُنِي أَنْ أَكُونَ رَأْسًا لَا وَاللَّهِ حَتَّى أُعْطَى سَيْفًا إِنْ ضَرَبْتُ بِهِ مُؤْمِنًا نَبَا عَنْهُ وَإِنْ ضَرَبْتُ بِهِ كَافِرًا قَتَلَهُ"، وهذا مستحيل لأن السيف لا يعرف الكافر من المسلم، يقول: أنا لا أدخل فيها إلا إذا وُجد هذا السيف الذي إذا ضربتُ به المسلم صار خشبة لا تقتله، وإذا ضربتُ به الكافر صار حديدًا كأصله يقتل، ثم قال: "سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُحِبُّ الْغَنِيَّ الْخَفِيَّ التَّقِيَّ) انتهى الحديث.


    لتقواه اعتزل وخاف على نفسه من الدخول في الفتنة.


    مما أرشدت إليه النصوص علاجًا لأمر الفتنة: عدم التعجل، والتروي، والتثبت، والتؤدة، وعدم الطيش والاستعجال في أمر الفتن، فإن الإنسان لو أتاه أمر من أمور دنياه من بيع أو شراء؛ لتروّى ونظر إلى أحسن السلع، ونظر إلى أحسن العروض، فكيف بأمر الفتن يستعجل ويطيش الإنسان فيها كما سيأتي، فجاءت توجيهات السلف –رضي الله تعالى عنهم- بالتروي والتثبت وعدم الاستعجال، ولهذا روى ابن أبي شيبة عن ابن مسعود -رضي الله عنه- أنه قال: "إنها ستكون هنَّات وأمور مُشبّهات، فعليك بالتؤدة، فتكون تابعًا في الخير، خيرًا مِن أنْ تكون رأسًا في الشر"، يعني عليك بالتؤدة، الترفق والتأني، لا تستعجل، هذا لن يجعلك من الزعماء الرؤساء الذين يبرزون في الفتن، يقول: هذا خير لك، أن تكون تابعًا في الخير أحسن من أن تكون رأسا مميزا في الشر والفتنة، ولهذا كان من تراجم ابن ماجة رحمه الله في كتاب الفتن: (باب التثبت في الفتنة)، وروى البخاري في كتاب الفتن من صحيحه في باب: (الفتنة التي تموج كموج البحر)، عن خلف بن حوشب أنهم كانوا يستحبون أن يتمثلوا بهذه الأبيات عند الفتن:


    الحرب أول ما تكون فتيَّة تسعى بزينتها لكل جهول



    حتى إذا اشتعلت وشب ضرامها ولَّت عجوزًا غير ذات حليل



    شمطاء يُنكَر لونها وتغيرتْ مكروهة للشم والتقبيلِ


    مرادهم بالتمثل بهذه الأبيات أنَّ النفوس في أول ما ترد الفتن تجد أنها شغوفة مستعجلة إلى الدخول فيها، ولهذا يحرص الناس كثيرًا على أمر الحرب والقتال والدخول في الفتنة، وعدم البحث عن علاج أخفّ من هذا، ولهذا شبهوه بأبيات امرئ القيس هذه.


    الحرب أول ما تكون فتيَّة: يعني كالشابة الفتية التي يُرغب فيها.


    تسعى بزينتها لمن؟ لكلّ جهول، للجُهال.


    حتى إذا اشتعلت وشبّ ضرامها: يعني: ورأى الناس آثار هذه الفتنة وما خلَّفت من قتل وترويع وخوف، ولَّت تلك الفتاة، ولّت عجوزًا غير ذات حليل.


    شمطاء، يُنكر لونها وتغيرت مكروهة للشم والتقبيل.


    ومن تروّي السلف ونظرهم للعواقب والتؤدة والتطبيق لما أمروا به؛ ما رواه البخاري في صحيحه، قال: خطب معاوية -رضي الله تعالى عنه- فقال: "مَنْ كَانَ يُرِيدُ أَنْ يَتَكَلَّمَ فِي هَذَا الْأَمْرِ فَلْيُطْلِعْ لَنَا قَرْنَهُ فَلَنَحْنُ أَحَقُّ بِهِ مِنْهُ وَمِنْ أَبِيهِ " يقصد بهذا الأمر أمر الخلافة، فكان ابن عمر رضي الله تعالى عنهما حاضرًا، قَالَ حَبِيبُ بْنُ مَسْلَمَةَ: فَهَلَّا أَجَبْتَهُ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: فَحَلَلْتُ حُبْوَتِي وَهَمَمْتُ أَنْ أَقُولَ: أَحَقُّ بِهَذَا الْأَمْرِ مِنْكَ مَنْ قَاتَلَكَ وَأَبَاكَ عَلَى الْإِسْلَامِ، يريد أن يقول: إنّ في الصحابة مَن هو أحق بالأمر منك، وأقربهم الذين أسلموا قبلك، والدليل على إسلامهم قبلك أنهم اشتركوا مع النبيّ -صلى الله عليه وسلم- في القتال، واشتركتَ أنتَ وأباك قبل أن يهديكما الله عزّ وجل إلى الإسلام، فمن أسلم مُتقدمًا؛ فله فضل، كما قال تعالى: {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ} [التوبة : 100].


    فللسابقين مزية لا شك. يقول: (فَحَلَلْتُ حُبْوَتِي)، والحبوة عند العرب: ثوب يعقده الواحد منهم على ساقيه حين ينصبها، ويديره خلف ظهره، بمنزلة اتكائك الآن على السارية. يقول: (فَحَلَلْتُ حُبْوَتِي)، وكان الواحد منهم يحل حبوته إذا أراد أن يقوم ويتكلم، فحللت حبوتي وهممت أن أقول: "فَحَلَلْتُ حُبْوَتِي وَهَمَمْتُ أَنْ أَقُولَ: أَحَقُّ بِهَذَا الْأَمْرِ مِنْكَ مَنْ قَاتَلَكَ وَأَبَاكَ عَلَى الْإِسْلَامِ. فَخَشِيتُ أَنْ أَقُولَ كَلِمَةً تُفَرِّقُ بَيْنَ الْجَمْعِ وَتَسْفِكُ الدَّمَ وَيُحْمَلُ عَنِّي غَيْرُ ذَلِكَ فَذَكَرْتُ مَا أَعَدَّ اللَّهُ فِي الْجِنَانِ" قَالَ حَبِيبٌ – وهو حبيب بن مسلمة - حُفِظْتَ وَعُصِمْتَ.


    تأمل كلام ابن عمر رضي الله عنهما،


    هذا الموقف من معاوية رضي الله عنه وأرضاه وأجل الله عز وجل ورفع مقداره في جنات النعيم، لا ينبغي أن يكون سببًا للتكلم فيه، لكن كأنه كان في حال غضب، فقال هذا الكلام، فأراد ابن عمر أن يرد عليه بأن هناك مَن هو أحق بالخلافة منك، لكن خشي من الأمور الثلاثة، وتأمل دقة السلف رضي الله تعالى عنهم


    نظر ابن عمر للآتي:


    خشي أن تكون هذه الكلمة سببًا في فرقة الجمع، إذ إن ابن عمر رضي الله عنهما من خيار الصحابة، فإذا رد على معاوية رضي الله عنه؛ فقد ينتصر له أناس، ويقومون في ذلك الموضع الذي تكلم فيه، والكلمة كما تَقدَّم تفعل، اللسان يفعل أعظم من وقع السيف، فسكت خشية من تفرق الجماعة، وخشية من أمر آخر يعقب هذا: أن تسفك الدماء بسبب هذه الكلمة، لأن ذلك قد يؤدي إلى فرقة يتبعها حرب وحمل للسلاح. وخشي من أمر ثالث: أن يُحمَل كلامه على غير ما أراد، هو لو ردَّ على معاوية بهذا؛ لكان رده عليه من باب واحد، يقول: تذكر أن في الصحابة مَن هو أولى منك، ويقف عند هذا، لكنه خشي أن المسألة تُحمل على غير هذا، ويأتي من يقول: معنى ذلك أن معاوية يُطعَن في خلافته. مما قد يعزز الفتنة ويؤدي إلى الخروج عليه.


    ومن تروي السلف وتؤدتهم وعدم عجلتهم وطيشهم في الفتن، ما رواه ابن سعد أن مطرِّف بن عبد الله رحمه الله تعالى أتاه الحرورية وهم الخوارج، يدعونه إلى رأيهم، فقال على سبيل التعليم والتنبيه لهم: "يا هؤلاء، إنه لو كانت لي نفسان؛ تابعتكم بإحداهما، وأمسكتُ الأخرى، فإنْ كان الذي تقولونه هدى -يعني: ورأيت عاقبته عند الله- أتبعتها بالأخرى، لأن هذا درب رضي الله عنه فأزهق نفسي فيه، وإن كانت ضلالة هلكت نفس وبقيتْ لي نفس، ولكنها نفس واحدة، وأنا أكره أن أغرر بها" يقول: لا أدخل في هذا الأمر غير الواضح.


    ولا شك أن أمر الحرورية واضح جدا عند مطرف –رحمه الله-، وأنهم كما تواردت الأحاديث كلاب النار، وأن النبي -صلى الله عليه وسلم- حرض على قتلهم، لكنه أراد أن يبين لهم أن إزهاق الأرواح والدخول في أمور يكون من آثارها سفك الدماء لا ينبغي أن يكون في الأمور المشتبهة، وإنما يكون في الجهاد الواضح البيّن.


    ولهذا روى ابن سعد في هذا الموضع أيضًا عن مطرّف –رحمه الله- أنه جاءه ناس يدعونه إلى قتال الحجاج بن يوسف –وهو الأمير الظالم المعروف- وكانوا من أتباع ابن الأشعث الذي خرج على الحجاج، فلما أكثروا عليه، قال: "أرأيتم هذا الذي تدعونّي إليه هل يزيد على أن يكون جهادًا في سبيل الله؟ قالوا: لا. قال: فإني لا أخاطر بين هَلَكة أقع فيها وبين فضل أصيبه".


    يقول: أشد ما يكون خروجي على الحجاج أحسن أحواله أن يكون جهادا في سبيل الله، هل يمكن أن يكون أكثر من ذلك؟ قالوا: لا، قال: "أنا لا أخاطر" لا أخاطر لا خوفًا على نفسي، ولكن لأن هذا السبيل وهو سبيل الخروج على الحجاج سبيل هلكة، وأنتم تقولون إنه جهاد، والجهاد هو فضلٌ، وفيه حسناتٌ وأجور، لكن لما تردد الأمر بين الجهاد وبين ضدّه وهو الخروج والهلكة؛ فلن أدخل في هذا الباب رغبة في أن أصيب فضلًا يمكن أن يكون بدلا من هذا الفضل هلكة.


    ولهذا قال -رحمه الله- أيضا: "لَأن آخذ بالثقة في القعود – إذا قعدت في الفتنة فأنت على ثقة بأنك على صواب- أحب إليّ من أن ألتمس، أو قال: أطلب فضل الجهاد بالتغرير". لأن الجهاد ما يكون بالتخرص والتوقعات، وإنما هو درب واضح في سبيل الله، أما إذا اشتبه الأمر وكان احتمالًا أن يكون خروجًا، لا، أجلس، ولا أدخل فيه أصلا.


    ولهذا روى ابن سعد أيضًا أن مسلم بن يسار –رحمه الله- وهو من خيار السلف، أكرهَهُ ابن الأشعث وأجبره على أن يخرج معه، لكنه لما خرج معه جبرًا لم يدخل في القتال، ولكنه ذهب معهم فترة، ولم يزهق نفسًا، ولم يرم بسهم، فقال لأبي قلابة -متحدثا بما يرى أنه نعمة من نعم الله عليه-: "أحمد إليك الله، إني لم أطعن فيها برمح، ولم أرم فيها بسهم، ولم أضرب فيها بسيف". فقال له أبو قلابة: يا أبا عبد الله، فكيف بمن رآك واقفًا في الصف؟ فقال: هذا أبو عبد الله، وقف هذا الموقف ما وقفه إلا وهو على حق، فتقدم هذا الذي رآك فقاتل حتى قُتِلَ. فبكى وبكى، قال: حتى تمنيتُ أني لم أكن قلتُ شيئًا.


    يقول: نعم أنا لم أدخل في القتال، لكن يمكن أن هناك مَن اقتدى بي، وقال: (هذا فقيه البلد، دخل في هذا الموضوع، وها هو الآن خارج معنا، فذلك يدل على صحة القتال)، مع أنه لم يدخل في القتال، لكنه خشي مِن أن يكون هناك مَن ائتسى به فقاتل بسبب أنه رآه.


    هذا مجمل ما يقال في هذا الموضوع على سبيل العجلة باستعراض للنصوص، والنصوص كثيرة جدا، لكني آثرت أن أذكر جملة منها، فيها غُنية بإذن الله لمن أراد التبصر والبيان في هذا الأمر العظيم.


    فتأتي الفقرة المتعلقة بنا نحن اليوم: أين نحن مِن هذا الهدي العظيم الذي تقدّم في النصوص وفي كلام السلف رضي الله تعالى عنهم ؟


    نعود إلى ما قلناه في الفقرات السابقة:


    أولًا: أحوال النَّاس في الفتنة:


    تقدَّم أنَّ النَّاس في الفتنة بين نائمٍ فيها وقاعدٍ فيها وقائم وماشٍ وساع.


    ما حال النَّاس اليوم؟


    لا ريب أنَّ كثيرين جدًا يدخلون في الفتن، وكثيرٌ منهم أيضًا يثيرها، إمَّا بلسانه الذي تقدّم أنَّه أشد من وقع السيف، وهذا جلي بالذات في وسائل الإعلام التي صارت تحرّض على الفتن كثيرا، وتتسبّب فيها، وتحرص على نوع من التحليلات وعلى نوعية من الضيوف معينين يهيجون الناس ويثيرون بعضهم على بعض، همتهم وغرضهم أن تشتعل هذه البلدان، هذا هو مقصدهم، والدليل على ذلك هذه الحماسة العظيمة فيهم، والسعي الدؤوب لأن تشتعل، ولهذا تلاحظ أنهم يريدون أن يعمّ هذا الأمر جميع البلاد، يريدون أن تعم الفتنة الجميع وأن لا يبقى موضع إلا وقد دخلته، فأمر اللسان أمر خطير والمشتركون فيه كثير بلا ريب.


    ومن أنواع الاشتراك في الفتنة في واقع اليوم: الاشتراك بالفعل، والمباشرة والسعي الحثيث، الذي بيَّن عليه -الصَّلاة والسَّلام- أنَّ النَّاس فيه على تلك المراتب، لهذا حَقَّ على كثيرين من النَّاس قول النَّبي –صلَّى الله عليه وسلَّم- في الفتنة: ((مَنْ تَشَرَّفَ لَهَا تَسْتَشْرِفْهُ))، فتطلّعوا لها واشتركوا فيها، فوقعوا فيها، ويلقون الله مفتونين، يُكتبون في القيامة في المفتونين والداخلين في الفتن، ويلقون الله على هذا الحال، نسأل الله العافية.


    من أخطر ما في الموضوع على الإطلاق: أن يشترك أحدٌ من أهل العلم في تهييج النَّاس وتحريضهم، وإصدار فتوى تشوش النَّاس على بعضهم، وتحرِّضهم على سفك الدماء، وتحرِّضهم على التدمير؛ لأنَّ النَّاس إذا رأوا هذا المُقتدَى به يفتيهم؛ فإنهم يكونون على حال من الاطمئنان الشديد بأنَّ ماهُم فيه ما هو إلاَّ نوعٌ من أنواع الجهاد، وأنهم يتقربون إلى الله بهذا الذي هم فيه مفتونون، ولهذا جاء في الحديث أنَّ "مَن أفتى بفتوى على غير بصيرة فالإثم على من أفتى"، فإذا أفتيتَ إنسانًا بقتل إنسان فقَتَلَه فقد اشتركت في الإثم لأنَّك أنت الذي حرضته عليه، ولهذا أمر التحريض والسعي في الفتن ظاهرٌ جليٌ واضح. كثير من الناس يحرّض على الفتنة، ولذلك أحوال سنذكرها في الأخير بإذن الله –عزَّ وجل-.


    الأمر الثاني في واقع النَّاس اليوم: هناك عدد غير قليل من النَّاس يحبون التغيير، يحبون أن يُغيَّر الحال، وأن يبدلوا الحال الموجود السائد إلى حال آخر، ولهذا يتغنون كثيرًا بالتغيير ويهتفون كثيرًا مشجعين على التغيير، لكنهم لا يتبصرون في ثلاثة أمور لا يكون التغيير مشروعًا إلا بها، فالتغيير إذا خلا مِن هذه الأمور الثلاثة فإنه لا يكون مشروعًا.


    الأمر الأول: هل الوسائل المستخدمة في التغيير شرعية أو لا؟


    الأمر الثاني: هل الراية المرفوعة لإيجاد التغيير إسلامية أو جاهلية؟


    الأمر الثالث: هل عواقب التغيير مأمونة؟


    هذه أمور ثلاثة، أهل البصيرة والعلم والعقل لا يدخلون في أمر التغيير إلاَّ مِن خلال تأملها، فإنْ سقط واحد منها؛ فالتغيير شر محض.


    وأُعيدها مرة أخرى: نقول: التغيير لا يكون مشروعًا إلا إذا لاحظ مَن يريد التغيير أمورًا ثلاثة:


    الأمر الأول: هل وسائل التغيير مشروعة، الوسائل التي تستخدمها في تغييرك مشروعة أو غير مشروعة؟


    الأمر الثاني: الراية التي ترفعها ليجتمع الناس حولها فيُحدِثوا التغيير، هل هي راية إسلامية أو جاهلية؟


    الأمر الثالث: إذا تأكدتَ مِن الأمرين معًا؛ هل تأملتَ في أمر العواقب للشروع في التغيير؟ هل عواقب هذا التغيير مأمونة أو غير مأمونة؟


    نتأمل هذه الأمور الثلاثة مربوطة بالنصوص حتى نكون على بصيرة وعلى علم، لا نكون منساقين من خلال العواطف، فإن أمر العواطف سهل ميسور، لكن أمر العلم المربوط بالنصوص هذا هو الذي يكون الإنسانٌ فيه إذا لقي الله بإذنه ومنته تعالى على حال من الثقة والسلامة.


    الأمر الأول في وسائل التغيير: التغيير ماذا يعني في الشرع؟


    يعني باختصار شديد إنكار المنكر. التغيير شرعًا يعني: تغيير المنكر، والدليل على ذلك أنَّ النَّبي –صلَّى الله عليه وسلَّم- قال: (مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ) وذلك يعني أنك إذا أردتَ أن تغير؛ فإنك تسلك المسلك الذي يجب أن يُسلَك في إنكار المنكر.


    ولهذا جاء عنه عليه الصَّلاة والسَّلام كما في ابن ماجة في الحديث السابق في الصحيحين وفي ابن ماجة أخبر عليه الصَّلاة والسَّلام أنَّه "مَا مِنْ قَوْمٍ يُعْمَلُ فِيهِمْ بِالْمَعَاصِي هُمْ أَعَزُّ مِنْهُمْ وَأَمْنَعُ لَا يُغَيِّرُونَ إِلَّا عَمَّهُمْ اللَّهُ بِعِقَابٍ" منكرات ومعاصي، التغيير الشرعي يعني أن تُنكَر إما باليد وإما باللسان وإما بالقلب على حسب ما فصَّل النَّبي صلى الله عليه وسلم وبيّن أهل العلم. إذن فالتغيير الذي نسمعه كثيرا في وسائل الإعلام إذا كان تغييرًا حقًا يعني إنكار المنكر.


    وعلى هذا يجب أن يُراعَى في التغيير جميع ما يُراعَى في إنكار المنكر مِن الشروط نفسها، والنظر في العواقب وأن يكون وفق درجات النهي عن المنكر الثلاث المعروفة.


    أما إذا استُعملت وسائل للتغيير ليست مشروعة؛ فهذا التغيير في نفسه منكرٌ، وإن كان صاحبه يريد أن يغيِّر منكرًا، فلا يُغيَّر المنكر بمنكر، المنكر لا يُغيَّر إلا بالأسلوب الشرعي ولهذا ذكر أهل العلم في شروط تغيير المنكر:


    أن لا يؤدي إنكار المنكر إلى منكرٍ أشدَّ منه؛ لأنَّه إذا أدّى إلى منكر أشد منه فذلك يعني أن تغييره سيُفاقمه، ستتفاقم الأمور، والمقصود بتغيير المنكر أن يزول أو يخف لا أن يزداد ويضطرم، فالحاصل أن أمر التغيير يجب أن يكون بالأسلوب الشرعي، فإن غُيّر بأسلوب غير شرعي فذلك التغيير منكر، ولهذا روى الآجري أن الحسن البصري –رحمه الله- قيل له: خرج خارجيّ بالخُريبة -وهي محلة في البصرة- فقال –رضي الله عنه: "المسكين رأى منكراً فأنكره، فوقع فيما هو أنكر منه".


    هذا الخارجي رأى منكرات، فأتى إلى هذه المنكرات ليغيرها، وربما كان قصده طيبًا صالحًا، لكن لا بد أن تكون وسيلة التغيير شرعية، وإلا فقد توجد نوايا طيبة ومقاصد صحيحة وسليمة لأناس يريدون أن يزيلوا هذا المنكر، فيُقال: لا تزيلوه إلا بالأسلوب الشرعي. ولهذا قال الحسن –رحمه الله-في هذا الخارجي: (مسكين) وذلك يدل على ضعف عقل هذا الخارجي، كما قال عليه الصلاة والسلام فيهم (حُدَثَاءُ الْأَسْنَانِ سُفَهَاءُ الْأَحْلَامِ) رأى منكرًا فوقع فيما هو أنكر منه.


    ثانيًا:


    راية التغيير التي تُرفع، ما هي؟ هل هي إسلامية على منهج محمد -صلى الله عليه وسلم- وعلى منهج أصحابه وسلف الأمة؟ أم هي راية جاهلية؟


    إذا كانت الراية التي تُرفع ليجتمع الناس عليها ليست راية الإسلام؛ فهي باختصار شديد راية جاهلية أيًا كانت هذه الدعوة، وإلى أي شيء انتمت، وإلى أي وجهة اعتزى أصحابها، لا تكون راية إسلامية إلا في حال اتباع رسول الله –صلى الله عليه وسلم- وصحبه والسلف، فإن كان الأمر على خلاف ذلك فهي جاهلية وإن رغم أنف مَن لا يريد، لقوله عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح الذي رواه مسلم في كتاب الإمارة (مَنْ قُتِلَ تَحْتَ رَايَةٍ عِمِّيَّةٍ يَغْضَبُ لِلْعَصَبَةِ وَيُقَاتِلُ لِلْعَصَبَةِ فَلَيْسَ مِنْ أُمَّتِي) هذه الراية العِمّية، وفي لفظ -عياذًا بالله-: (فَقِتْلَةٌ جَاهِلِيَّةٌ) يعني أنه إذا قُتل؛ فليس في سبيل الله وإنما قُتل قِتلةً جاهلية -نسأل الله العافية والسلامة-.


    ما معنى الراية العمية؟ العمية كما في النهاية لأبن الأثير: مِن العَمَاء وهي الضلالة، كالقتال في العصبية والأهواء.


    واقع الفتن ما هو اليوم؟


    الرايات المرفوعة في كثير من الأحيان لا ذِكْر فيها للإسلام أصلًا، لا يُذكر الإسلام نهائيًا في رايات التغيير في كثير من الأحيان.


    الأمر الآخر: الأهداف المُعلَنة لا الخفية، الأهداف المعلنة التي يصرّح بها كثير ممن يريدون التغيير لا تتحدث عن إقامة دين الله، ولا عن إحقاق حقّ وفق شرع الله، أو إبطال باطل أبطلته النصوص، بل تركِّز في كثير من الأحيان على أمور دنيوية محضة، وكأنّا سبحان الله كأنّا لم نُخلَق إلا للدنيا، وكأن منكَر الدين أمر يُرمى به خلف الظهور، وإنما ينظر إلى أمر المآكل والمشارب فقط، أما أمر الدين وما يُعصى الله –عز وجل- به ويُجاهر ليلاً ونهارًا، سرًا وجهارًا، فهذا لا يحرك في كثير منهم ساكنًا، ولهذا لا يتحدثون عنه لا في أهداف خفية بل والله في مُعلنة، ماذا تريدون من التغيير؟ استمع إلى ما يقولون في التغيير، ولا أعمّم، لا شك أني لا أعمّم، ولذا فأنا ملازم لكلمة: (كثير من الأحيان) وملازم لكلمة: (كثيرين من الناس) حتى لا أعمّم الكلام، وعلى هذا فمَن رفع مثل هذه الرايات فقد رفع راية جاهلية، لا يجوز أن يدعو إليها مسلم يؤمن بالله واليوم الآخر فضلًا عن أن يقاتل ويناضل ويجاهد في زعمه في سبيل الله.


    وها هنا أمر مهم جدًا في التغيير: في كثير من الأحيان يطالب الناس بتعيين (فلان)، وتمليك (فلان)، وأن يتولى زمام الأمور (فلان)، ويُزهقون أرواحهم ليكون هو الحاكم دون غيره، واعلم أن هذا ليس مقصدًا مشروعًا أبدًا، لأن الواجب أن يُطلَب تحقيق أمر الله، لا أن يكون المُلك لفلان أو فلان. إذا كان المقصود أن يُزاح (فلان) ويأتي (فلان) فقط؛ فلا شك أنَّ هذا ليس في سبيل الله، لأنَّ الذي في سبيل الله قد بيَّنه النبيّ صلى الله عليه وسلم أنّ: (مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ).


    ولنتأمل يا عباد الله هذا الحديث العظيم الصحيح الذي أتمنى أن يُنشر في أمّة الإسلام اليوم، وأن يُترجَم لمن لا يعرف العربية، حديث صحيح رواه النسائي وغيره، روى النسائي -رحمه الله- في (تعظيم الدم) من كتاب السنن حديث ابن مسعود –رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يَجِيءُ الرَّجُلُ آخِذًا بِيَدِ الرَّجُلِ –يعني في القيامة- فَيَقُولُ: يَا رَبِّ هَذَا قَتَلَنِي. فَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ: لِمَ قَتَلْتَهُ؟ فَيَقُولُ: قَتَلْتُهُ لِتَكُونَ الْعِزَّةُ لَكَ –يعني لله في سبيل الله-. فَيَقُولُ: فَإِنَّهَا لِي. وَيَجِيءُ الرَّجُلُ آخِذًا بِيَدِ الرَّجُلِ فَيَقُولُ: إِنَّ هَذَا قَتَلَنِي. فَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ: لِمَ قَتَلْتَهُ؟ فَيَقُولُ: لِتَكُونَ الْعِزَّةُ لِفُلَانٍ. فَيَقُولُ –سبحانه وبحمده-: إِنَّهَا لَيْسَتْ لِفُلَانٍ. فَيَبُوءُ بِإِثْمِهِ) نسأل الله العافية والسلامة.


    لأن من قاتل ليكون الحاكم فلانًا ولتكون العزة له فليست العزة إلا لله، ولا يجوز أن يكون هذا هدفًا، بينما الأول قاتل، قال: لتكون العزة لك يعني: قاتلتُ لتكون كلمتك هي العليا.


    أما الثاني: فقال لتكون العزة ولتكون الغلبة لفلان. ولهذا روى النسائي هذا الحديث عن جندب بلفظ: (قَتَلْتُهُ عَلَى مُلْكِ فُلَانٍ) يعني: حتى يكون فلان هو الذي يتولى. قال جندب -بعد أن روى الحديث-: "فَاتَّقِهَا" يعني: اتقِ أن تدخل في حرب تُزهق نفسك أو نفس غيرك لأجل أن يكون فلان هو الحاكم.


    الأمر الثالث: إذا تأكدتَ من الأمرين السابقين، وصارت الراية إسلامية، وكان الغرض منها وجه الله عز وجل، واستعملتَ الوسائل الشرعية للتغيير، فلا بُد من مراعاة أمر ثالث: هل عواقب التغيير مأمونة؟


    تقدمت النقول عن السلف في التروّي والتثبت في الفتنة، وأذكر بيانًا لكون كثيرين لا يتروّون في الفتن ما يأتي، حتى تعرف أن هناك مَن يدخل في الفتن ولا ينظر في عواقب التغيير: أنّ كثيرًا ممن يدخلون في الفتن إنما يدخلون فيها من باب ردة الفعل، لإزالة الظلم بتبنّي مفاهيم متحررة، وكأن الشرع لا وسط فيه، فبعد أن يظلمهم الحاكم ويتسلط عليهم سجنا وتعذيبا وإزهاقا للأرواح وأخذا للمال وسفكا للدماء، ينتقلون إلى طرف مقابل، فيُطالبون بحريّة مطلقة، لماذا؟ ليزول الظلم، سبحان الله!


    كأنّ الشرع لا وسط فيه؟ إمّا ظلم محض، وإمّا فوضى الغرب! لا يوجد وسط في الشرع يُزال به الظلم وتُنهى به البهيمية المسماة بالحرية، فلهذا تُرفَع في كثير من الأحيان رايات الحرية المطلقة، وأنّ المقصود أن يكون الجميع أحرارًا، في ماذا؟ في كلّ شيء، مَن؟ الجميع بدون استثناء، والله ليس هذا مِن شرع الله، لا في قليل ولا كثير، بل الأمر في التغيير يجب أن يكون على وفق الشرع، لا بأن يُفتَح الباب على المسلمين ليكونوا كالهمل الهمج في الغرب وغيره، الذين يعدّون الفوضى في الأعراض والفوضى في الاعتقادات حرية، لا والله، ليست هذه حرية، وليس هذا أسلوبًا يزيل الظلم، وردة الفعل الحمقاء ليست هي الطريق لإزالة الباطل، بل الباطل سواء صدر من حاكم أو غيره له أسلوبه الشرعي لإزالته أو تخفيفه، وليس الأسلوب الصحيح له أن نتجه وُجهة مقابلة، فنطلب لنزيل الظلم أن تُفتَح الأبواب على مصارعها للفوضى، هذا هو الأمر الأولّ الدال على عدم تروّي الكثيرين وعدم نظرهم في: هل عواقب التغيير مأمونة أم لا.


    الأمر الثاني: كثير من الناس يريدون التغيير نعم، لكن لا يتفطنون في العواقب التي يمكن أن تنشأ لو انفلت الأمن.


    هناك أناس كثيرون لا يردعهم خوف من الله، ولا يتقونه سبحانه وتعالى، هم في غاية التربص والانتظار لأي انفلات أو فوضى، ليهجموا سرقةً وسفكا لدماءٍ بينهم وبين أناس بينهم ثارات قديمة، وبعضٌ منهم يريد –والعياذ بالله- الأعراض والنساء، فإذا انفلت الأمر انفتحت الأبواب الواسعة لهؤلاء المفسدين في الأرض، لينهبوا وليقتلوا مَن شاؤوا، وليتعرّضوا للمحارم، فكثير ممن يطلب التغيير لا يريد هذا وليس لِصّا، وليس زانيا مجرمًا، لكنه يريد التغيير، ولا يتفطن إلى أنّ هذا التغيير المتعجرف البعيد عن منهج الشرع يمكن أن يفتح لهؤلاء المفسدين الباب، ثم إنه -والعياذ بالله- قد يُفتَح ولا يُغلَق، هؤلاء المجرمون الذين لا يخشون الله قد ينطلقون ويسبّبون زعزعة حقيقية يعجز العقلاء لاحقًا عن أن يردعوهم، لأنهم أهل فوضى وأهل شهوات وانفتح لهم الباب، فقد يعجز الناس عنهم، وفي بعض البلدان انفلت الأمن الآن مِن عشرين سنة، وظل الوضع على ما هو عليه، لا يستطيع كثير منهم أن تمر به ليال متوالية قد نام فيها قرير العين، بسبب تغيير هائج سريع أدى إلى انفلات الأمور وضياع الهيبة، مما أدى إلى دخول هؤلاء المفسدين في أرض الله إلى المحارم والأموال وإلى الدماء، ولهذا كثُر مَن يتشردون مِن بلدانهم بعد أن كانوا في بلدانهم آمنين مطمئنين، تشردوا، وصاروا في حال يُرثَى لها، ولهذا كثيرون يتذكرون ما كانوا عليه قبل أن تدبّ الفتن فيهم فيقولون: ألا ما أحلى الحال السابق الذي كنا فيه، كنا في حال فيه منكرات، وفيه بلايا، لكن بعد أن حصلت الفرقة وحصلت الفوضى صرنا في حال أسوأ بكثير منه.


    ولهذا ثبت عن ابن مسعود رضي الله عنه كما روى الآجريّ في الشريعة أنه قال: "ما تكرهون في الجماعة خيرٌ ممّا تحبون في الفُرقة". ما تكرهون في الجماعة: يعني مِن وقوع بعض المنكرات، هو خيرٌ مما تتخيلون أنه سيكون لكم لو وقعت فرقة.


    من الأمور وهو الأمر الثالث الدال على عدم نظر كثيرين للعواقب:


    أنّ كثيرين ممن يتحدثون لإذكاء الفتنة إنما يحملهم على التحدث أنهم بعيدون عن المكان الذي وقعت فيه الفتنة، فهم غير متضررين، بل يتفرجون من وراء الشاشات مئات الأميال أو آلاف الأميال، يتفرجون على الناس وهم بعيدون. هو بعيد، وأسرته بعيدة، وقرابته بعيدة، فهو يُذْكِي هذه النار وكأن لسان حاله يقول: (أنا غير متضرر)، ولهذا لو أن لأحدهم أسرة في تلك البلاد وسمِع صوت عاقل يدعو إلى التؤدة والتأني لجزَّاه خيرًا، وقال: (هذا صوت العقل، وهذا والله هو الحق، ونحن ينبغي أن نكون إخوة وأن نكون متحابين)، هكذا يقول، لأن النار ستصل إلى أهله، أما إذا كان بعيدًا فإنه يحرّض، ولهذا ينبغي للمسلمين أن يتعقلوا مِن هؤلاء الذين يطلون عليهم مِن شاشات بعيدة في أوروبا وأمريكا وفي غيرها يحرّضونهم على الفوضى، فنقول: نحلف بالله غير حانثين لو أنهم في حمأة هذه الفتنة، اصطلوا بنارها، وقُتل لهم مَن قتل، وباتوا لا يستطيعون أن يهجعوا، لالتمسوا أسباب السلامة والخلاص، لكنهم يتفرجون وليس في قلوبهم ما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى) لا يشعرون بهذا، يتفرجون على إخوانهم يُقتَّلون، وينفلت الأمن وهم يصفقون ويشجعون، عليهم مِن الله ما يستحقون.


    الأمر الرابع الذي يدل على عدم التبصر: أن كثيرين لا ينتبهون إلى استغلال العدو المجرم الكافر للفتن، وتحريكها داخل بلاد المسلمين، إما لإضعاف الأمة ونشر الفوضى والرعب فيها، أو ليتقدم عارضًا مبدأه، وكأنه ينتشلنا ويحلّ مشاكلنا، ويسوِّق لمبدئه الضال، ويقول: (عندي ما يخلّصكم ويجمعكم، ألا فخذوا مبادئي، وعليكم بما بنيت عليه بلدي، ابنوا بلادكم على مثل ما بنيت عليه بلاد الفوضى في أوروبا وغيرها، تسلموا وتهدأ أحوالكم ويُسمَع لأصواتكم!)، فيسوّق مبادئه، والناس مِن شدة سعيهم في التخلص مِن الفوضى يرخون الآذان لمثل هذه الدعوات، ويقولون: (لو أنّا عملنا مثلما عملوا لهدأت بلادنا مثلما هدأت بلادهم)، فيجد العدو المتربص فرصة ليسوق مبدأه، ولهذا لا يُستبعَد أبدا أن تكون بعض الفتن التي تقع في بلاد المسلمين وراءها أعداؤهم، يريدون أن يقسروهم قسرًا على هذه المباديء، وهذا يدل كما قلت –وهو الرابع- على عدم نظر كثيرين في العواقب.


    الأمر الخامس: جهل كثيرين ممن يتحدثون في هذه الفتن بأبعادها وأساساتها؛ فإن كثيرا من الناس في مجالسهم وغيرها إنما يردد ما يسمعه ويراه من تحليلات وسائل الإعلام، وليس على دراية لا شرعية، ولا على دراية بالواقع الذي يتحدث عنه، ومع ذلك يتبنى رأيا ويشجع جهة، وهو في الحقيقة لا علم شرعي عنده، ولا دراية دقيقة عنده بالأوضاع وماذا يمكن أن تصل بالناس في تلك البلاد الذين نساؤها أمهاته وأخواته وبناته، لا بد أن يشعر بهذا، ورجالها آباؤه وإخوانه وأبناؤه، إذا شعر بهذا لا يرخي أذنه لهؤلاء الذين يحرضون، وتكون وسائل الإعلام هي التي تجعل الناس يتبنون هذه الآراء لأنها تستجلب كثيرين ممن راياتهم على أسوأ ما يكون من الرايات، ودعواتهم على أسوأ ما يكون من الدعوات، ثم يبدؤون في طرح ما عندهم فيتبنى هذا كثير من الجُهال الذين لا يعرفون هذه المسائل التي دخلوا فيها.


    الأمر السادس: عدم رد الأمور إلى مَن أمر الله أن تُرد إليهم، وهم مَن؟ أهل العلم.


    قال الله عز وجل في محكم القرآن: {وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ} [النساء : 83] لو رُد الأمر إلى أهل البصيرة والعلم، وإلى أهل الدراية والبصر الشرعي الذين ينظرون النظرة الشرعية لا النظرة العاطفية، ولا النظرة العلمانية والليبرالية أو النظرة الحاقدة المتربصة، ينظرون إليها نظر مَن ينظر إلى إخوانه نظر المشفق الراحم لهم، الذي كأنه في وسطهم، وإن كان بينه وبينهم آلاف الأميال، أهل العلم هكذا، إذا رُدت إليهم الأمور؛ علموها وبيّنوا حُكم الله فيها، لكن كثيرين لا يردونها إلى أهل العلم، ويردونها -كما قلت- إلى وسائل الإعلام فيتبنون ما فيها مِن تحريض وتشجيع على الفساد وعلى الظلم وعلى انتهاك الأحكام الشرعية، أنت إذا حرّضت إنسانًا على أخيه فقد اشتركت معه، وقد تقدَّم أنّ اللسان يفعل أكثر من السيف، فلنتق الله عز وجل ولنكن على بصيرة.


    وختاما أقول: إن كثيرين اليوم يقرّرون كلامًا غير ما قررناه هنا، عاطفة هائجة، أو حقدا دفينا على شعوب معينة، يتمنون لها أن تكون في موضع الفُرجة في وسائل الإعلام، وأن تكون مِن ضمن ما يدخل في ألبومات التصوير للغرب وغيره، يضحكون بهم، ويستخفون بهم، ويقولون: (إنهم أمة فوضوية). نحن نعرف أن كثيرين لا يروق لهم هذا، ولكن نقول: إنّا قررنا ما قررته النصوص ومضى عليه السلف الصالح الذين ذكرنا جزءًا يسيرا قليلا من أقوالهم، فمن رأى أن منهج السلف الصالح غير مناسب للسياسة أوغيرها فما ذاك إلا لفساد اعتقاده هو، لا لأن منهج السلف فيه إشكال، وانحرافه المنهجي هذا حين لا يرضخ للحق هو مثل انحراف أهل البدع من الجمهية والمعتزلة مثلا حين يُقرَّر منهج السلف في أسماء الله وصفاته، وهو كغضب الرافضة حين يُقرر منهج أهل السنة فيما يتعلق بالصحابة، وكغضب المتميعين من الليبراليين وغيرهم حين يُعرَض منهج الحق في الجهاد في سبيل الله وفي أمر الولاء والبراء، ونحن ولله الحمد لا نلتمس رضاهم كلهم، ونسأل ربنا أن يجعلنا ممن يلتمس رضاه وحده وإن غضب كل أحد إلا أهل الحق فإن أهل الحق لا يغضبون، أما مَن كان ينظر: ماذا سيكون مِن آثار كلمتي هذه؟ لعلها تُغضِب وسيلة إعلامية، أو تُغضِب أناسا طائشين يحرضون على أن يكون النموذج الموجود مُعممًا في جميع البلاد فلا أرضاهم الله عنا إلى قيام الساعة، جَمَعَنا بهم تعالى ليحكم بيننا وهو خير الحاكمين، فإن هذا الأمر على خلاف منهج السلف الصالح رضي الله عنهم، ليعلم ذلك كثير من الناس الذين تحملهم الغيرة وحُب الخير وحُب أن يفشو المعروف ويزول المنكر، يعلم الله ذلك مِن سويداء قلوبهم، لكن علينا أن لا نكتفي بمجرد النية الطيبة، وعلينا أن نتعلم العلم الشرعي سواء في أمر التقرير في مثل هذه المسائل أو غيرها من الأمور حتى نكون على بصيرة، أما مَن كان غرضه أن يرضى عنه فلان أو فلان، أو تلك الوسيلة، فغرضه غرض دنيء وهو لا يقصد الله ولا الدار الآخرة، والواجب عليه أن يحرص على إرضاء الله عز وجل، فإن مَن التمس رضا الله بسخط الناس رضي الله عنه وأرضى عنه الناس، ومَن التمس رضا النا بسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناس، والداهية الدهياء لا في سخط الناس ولكن في سخط الله عياذا بالله.




    نسأل الله بأسمائه وصفاته أن يجعلنا وإياكم وسائر المسلمين ممن يستمعون الحق فيتبعونه، ولا يقدّمون عليه هوى، ونسأله تبارك وتعالى أن يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه، ويرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه. نسأله تعالى أن لا يجعله علينا مُلتبِسا فنضل، ونسأله سبحانه أن يصلح أحوال المسلمين، وأن يرزقهم العود الحميد الصادق له تبارك وتعالى، وأن يجعل ما وقع لهم مِن هذه الكروب والمحن سببا في عودة رعيتهم ورُعاتهم جميعا إلى الله عز وجل، فإن الله تعالى يقول: "وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ" فالواجب أن يتوب الرعاة والملوك والرؤساء توبة إلى الله صادقة، والواجب أن يتوب الرعية والناس توبة إلى الله صادقة، فإن الله سبحانه وتعالى يكون الناس عنده بأهون حال وأردأ حال إذا بارزوه بالعصيان، ولا يعبأ بهم سبحانه وتعالى كما في الحديث الصحيح في البخاري: (يَذْهَبُ الصَّالِحُونَ الْأَوَّلُ فَالْأَوَّلُ وَيَبْقَى حُثالَةٌ كَحُثَالَةِ الشَّعِيرِ أَوْ التَّمْرِ لَا يُبَالِيهِمْ اللَّهُ بَالَةً) فإن الناس إذا لم يكترثوا بأمر الله فإن الله سبحانه لا يتكرث بهم ولا يرفع لهم سبحانه وتعالى راية.نسأل الله أن يجمعنا وإخواننا المسلمين على الهدى ويُحسِن لنا العاقبة والخاتمة، والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبيينا محمد.


    ا.هـ


    _________________________________________




  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2009
    الموقع
    في انتظار انتهاء غربتي
    الردود
    2,377
    الجنس
    امرأة
    الشيخ حامد العلي حفظه الله بشأن الثورات العربية

    الحمدلله والصلاة والسلام على نبيّنا محمّد وعلى آله وصحبه ..وبعد :
    قال الحقَّ سبحانه : ( ربّ بما أنعمتَ علـيّ فلن أكون ظهيـراً للمجرمين ) ، وقال جل وعــزّ : ( ولاتركنوا إلى الذين ظلموا فتمسّكم النّار ، وما لكم من دون الله من أولياء ، ثمّ لاتُنصرون ) ، وقال سبحانه : ( ولاتكن للخائنيـنَ خصيماً ) وقال تعالى : ( ولا تجادل عن الذين يختانون أَنفسهم ) ، وقال : ( هاأنتم هؤلاء جادلتم عنهم في الحياة الدنيا فمن يجادل الله عنهم يوم القيامة أمّن يكون عليهم وكيلا ) ..

    وبعـد .. فإنَّ مـن أعظم ما افترضه الله تعالى على العلماء ، بما حمَّلهـم من أمانـة العلـم ، أن يكونوا سـدَّا منيعا في وجه ظلـم الطغـاة ، وبغيهم ، وعدوانهم على حقوق العباد ، ومقدّرات البـلاد ،
    وأن يقومـوا ضـدّ نشر الطغـاة للفساد ، والفتن في بلاد المسلمين ، وإعانتهم أعداء الأمّـة على مقدَّساتها سيما في فلسطين ، وعلى رأسها قُدسنا المعظـَّم ، والأقصـى المقدَّس المحـرَّم ، الذي يتعرض اليوم لتهديد يتزايد بهدمه ، بسبب تحالف النظام الفاسد في مصر مع الصهاينة.
    .
    وهذه بعض جرائم النظام المصري الذي أمعـن أيمّـا إمعان في حربه أمّتنـا ، وإعانة أعدائها عليها ، والتآمر مع العدوّ الصهيوني ، ضدّ كلّ حقوق المسلمين في فلسطين ، من تبادل المعلومات الأمنية مع الصهاينة لإجهاض كلِّ أشكال مقاومة الإحتلال ، إلى حصار غزة ، قبل وأثنـاء الحرب الصهيونية التي إستباحتها فدمّرتـها ، ثم واصل بعد ذلك خنقها ، ولايزال ، يصدّر الغاز للكيان الصهيوني بأسعار زهيـدة ، ويحاصر المسلمين في القطاع ! حتى حفـر أخيـراً الجدار الفولاذي الذي يمنع التهريب من الأنفاق ، ليعطي الصهاينة في نيل رضاهـم ، كلّ مبتغاهـم .
    أما ما فعله في شعب مصر من الظُّلم ، والبغي ، والفتن ، والفسـاد ، والجرائم ، فقد بلغ حـدَّا لاتفي بوصفه الكلمات من بشاعته ،



    فبينما تنشر التقارير عن إمتلاكه ، وأسرته عشرات المليارات من الثروة ، ويستولي كبار أعضاء حزبه على مقدّرات مصر ، وخيراتهـا .
    فثمة 48 مليون فقيرا في شعب مصر ، و1109 منطقة عشوائية ، و12 مليون مواطن بلا مأموى ، و9 ملايين عانس ، و22% من قوة العمل معطلة ، و50% من أطفال مصر مصابون بالإنيميا ، و29% مصابون بالتقـزّم بسبب سوء التغذية ، وبسبب سوء الرعاية الصحية يوجد 9 ملايين مصري مصاب بفيروس سي ، و106 ألف يصابون بالسرطان سنويا ، و20 مليون مصري مصاب بالإكتئاب ، منهم مليون ونصف مصابون بإكتئاب شديد ، و15% منهم يلجأون للإنتحار !!



    وبعد 30 عاما من حكم هذا الطاغيـة ، أصبحت مصر تحتل المركز 57 من بين 60 دولة في تقرير البؤس العالمي كما في مؤشر بلومبيرج ، وصار شحّ المياه النظيفة الصحيّة ظاهرة شائعة في أرض النيل !! ، وفسد القمح المصري الشهير بجودته ، وضُرب القطن المصري الذي هو أجود القطن في العالم ، وأصيبت الأراضي الزراعية بآفات لم تعرفه من قبـل أرض مصـر !!
    أما إنتهاك آدمية الشعب في مراكز الشرطة ، وغيـرها ، فقد بلغ من الوحشية ما تقشعر منه الأبدان ، وقـد تحوَّل لسياسة منهجية للحكم منذ 6 أكتوبر 1981 ، وطال جميع فئات الشعب ، من السياسيين ، إلى المواطنين العاديين ، مرورا بالمتهمين الجنائيين ، وتحـوَّل تعذيب المواطن المصري إلى درجة إلقائه جثة هادمة امام مراكز الشرطة إلى ظاهـرة متكررة مفزعة في المجتمع المصري .



    أما الزجّ بالآلاف في المعتقـلات بغير حق ، مع ما يلاقونه فيها من أهـوال ، وإفساد القضاء ، والتلاعب بأدواته ، فغدا عادة السلطة التي لاتُعرف إلاّ بهـا .
    وقد بلغ الأمر بهذا الشعب الكريـم الأبيّ الذي هو قطب رحى الإسلام ، وقلب العروبة النابض بين الأنام ، أن يضطر أحيـانا إلى بيع أعضاء جسمه ليعيش ، ومنهـم من لايأمن عليها أن تُسرق في المستشفيات لتُباع من شدّة الفقـر ، والحاجة ، و البؤس !!



    وغـدا الملايين مـن الناس لاينالون أدنى حقوقهم البشريّة في أرض النيـل التي هي أخصـب البلاد ، ومن أعظمـها بركة !!


    بل هـم لايشعرون بآدميّتهم ! وأشد ما يشعرون بالخـوف على أنفسهم من أجهـزة الأمـن ! وقـد أُنتهكت كرامتهم ، وأهينت إنسانيتهم ، وزاد الطين بلـّة ، إجبار هذا النظام الخبيث المهتديات من النصرانية إلى الإسلام على الإرتداد أو يسلمهـنّ إلى القساوسة الذين يسومهم أشـدّ العذاب ، وكذا محاربته القنوات الإسلامية ، وإعلانه الحـرب الشعـواء على النقاب ، تضييقا على الحريـّات !! ، وإمعانـاً في نشر الفساد !


    وأمـا تقزيمه دور مصر في تبنّي قضايا الأمة ، فلا تسل عما فعل ، بل قـد حـوَّل دورهـا الأهـم ، إلى حـرب على قضايا الأمـّة ، وإلى وقـوف مع أعدائها ضد مقدّساتها لاسيما في فلسطين المغتصبة .


    حتى إذا بلغ السيل الزبى ، انفجـر الشعب المصري البطل في وجه هذا الطاغية ، صارخا صرخة الكرامة ، منتفضا إنتفاضة العدالة ، آخـذا على يد الجزّار الذي لم يزل يذبحه ثلاثين عاما ، ليضع حـدّا لجرائمه ، وليوقف بلاياها ، ومصائبه .


    إنفجر إنفجار البركان الثائر على الطغيان ، وفق سنن الله تعالى التي أودعها في الفطرة البشرية ، وزرعها في النفس الإنسانية ، في حال إجتماعها كحال إنفرادها ، أنها تطلب الخلاص عنـد شدّة الضيـق نافرةً من الظـلم ، طالبـةً للعدل ، والحريـة ،
    وإنتفض الشعب المصري البطـل مُصـرّا على أن ينال حقوقه ، ويسترجع حريّته ، ويعيش بأمان في أرضه ، وينصر قضايا أمّته ، ويصنع له تاريخا يشرّفه بين الشعـوب ، نابذا حياة الذل ، والإستعبـاد .

    هذه هي الحقيقة كما هـي ، فليس ثمـّة مؤامرة خارجيّة ، ولا مكيدة داخليّة ، بل المتآمـر على كل قيم العـدالة هو النظام الباغي لاسـواه ، والكائد ضد الحقّ هو الطاغيـة وأعوانه لاغيـرهم .
    ومع ذلك فقـد كان تحرُّك الشعـب للمطالبة بحقوقه في غاية الإنضباط ، وفق ما يُبـاح له ، وتسمح به قوانين بلاده ، في أن يتظاهر سلميا ، مطالبـاً بتحقيق مطالبه العادلة باسلوب راقٍ ، ومنضبط ، وأن يستمر في إستعمال حقـّه ، بهذه الوسائل السلمية حتى يحُدث التغيير المنشود ، ويرفع كـلّ المظالم عنه ، ويعيش إنسانيته التي كرّم الله تعالى بها البشـر !



    فهـو لم يأت بفتنة ، ولا دعا إلى فساد ، بل الفتنة كلَّ الفتنة ما فعله النظام عندما رأى الشعب يقف في وجه طغيانه ، فأخذ يستبيح دماءهم ، ويفتك بهم ، وينشر الفوضى في المجتمع ليبقى حكمه الظالم ولو على أشـلاء ، دماء الأبرياء ! لكنّه فشل في كلّ سعيه ، وانقلب عليه مكره ، وازداد إصرار الشعب على نيل حقوقه .
    وأيـمُ الحـق .. لقـد كانت الفتنة كلِّ الفتنة ، في حكم هذا النظام الطاغية الذي لم يزل يفتن الناس منذ ثلاثين عاما ، وقـد كان الفساد كلَّ الفساد في حكمه الذي لم يألُ جهدا في أن يملأ البلاد والعباد من الخبث ، والشـرّ ، فسلَّط على شعبه الطيب ، شرارَ الخلق ، وهو أشرُّهم ، ومكَّن من رقاب المستضعفين أرذل الناس ، وهو أرذلهـم ،

    حتى ضاقت بهم الأرض بما رحبت ، وضاقت عليهم أنفسهـم ، فخرجوا يستغيثون بربهّم من حكم الطاغية ، ويستصرخون أمَّتهم أن تعينهم على الخلاص منه ، ويطلقون مناشدتهـم أن يقف معم في وجه الظلم ، علماء الدين ، ومثقفو الأمة ، ونخبُها ، ومحبُّو العدالة من جميـع الأمم ، لإنقاذهم من بؤسهـم ، وإخراجهـم من محنتهم التي طالت عليهـم ، فلم تعـُد تُطـاق !
    فإستجاب لهم أكثر الناس ، وأيّدتهم معظم الشعوب العربية ، وشكـرت ثورتهم كلّ الشعوب المحبّة للعدالة ، إذ هذا هو مقتضى الفطرة ، كما هو روح الشريعة .



    هذه هي حقيقة الموقف في مصر ، كما كانت في تونس تماما ، وستتكرر في كلِّ بلد عربي ، يعيش أهله مثل هذه الحياة البائسة ، والعيشة الناكسة ، في ظلِّ أنظمة لايهمّها إلاّ أن تنهب الثروات ، وتكدِّس الأموال المنهوبة من مقدرات الوطن في أرصدتـها الغربيـة ، لترضي القوى الكبرى ، ولو على حساب شعوبها المسحوقة ، المظلومـة ، المقهـورة .
    نعم سيتكرر ما حدث في تونس ، ومصـر ، وسيعمّ بإذن الله تعالى جميع الشعوب العربية المستضعفة ، حتى تُعامل على أنها شعوب ، وليست قطعانا من السائمة !



    وحتى تستعيد كرامَتها كاملة ، وحقوقها تامـّة ، وترفع الطغيان الجاثم على صدورها ، كلَّ العقـود التي مضـت ، كانت فيها تحُكم بالخوف ، وتُقـاد بالجوع ، وتقيـَّد بالقهـر !


    وإنّ هذه النهضة المباركة قد عصفـت رياحها ، ولن يقـف في وجهها شيء بإذن الله تعالى .
    وإنـَّه لمن الأذى العظيم لهذه الشعب المصـري الكريم _ بل هو أذى للأمـّة بأسرها _ أن يقف علماء الشريعة ضدَّهم ، فيوصف سعيهم للخلاص من الظلم بأنـّه فتنة ، وفسـاد !! وأن يستهان بدماء شهدائهم ، وبتضحياتهم العظيـمة التي يقدّمونها لنهضة الأمة ، وليس لمصر وحدهـا .

    وياللعجـب .. أن تُلقـى التُّهم جزافـا على هذا الشعب المظلوم ، ويُسكت عن الظالم ، الباغي ، الطاغية ، المجرم ، الأثيـم ، وأن يُتّهم الشعب المستضعف المضطهد بالفتنة !! ويُصمـت عن فتن نظامٍ لم يدع فتنة يفتن به الخلق عن دين الحقّ إلاّ إقترفها !!



    هذا ..وقد علم من نصوص الشرع ما تكاثرت به آيُ القرآن الحكيم حتى بلغت منه عُشْرهُ أو أكثـر ، تحذّر من الظلم ، ومن الركون إلى الظالمين ، وتبيّن عواقبه الوخيمة ، ومصائبه العميمه ، وأنّه مبيد النعـم ، ومعيـد البلايـا ، والنقـم .


    وما تواترت به نصوص ، وأكدته القواعد الشرعية ، والكليّات الدينيّة القطعيّة ، مما أجمـع عليه العلماء ، ولايخفى على أحـد من الفقهـاء ،


    أنَّ العدل هـو أساس السلطان ، والظُّلم ممحـقة للعمـران .
    وأنّ حفظ الضرورات الخمس ، هي غاية الدين العظمى ، ومقصد الإسلام الأسمى ،

    فأيّ نظام يهدمها ، وكلّ سلطان يقوّضها ، فالقيام في وجهه فرض الدين ، حتى يستقيـم ، وأنَّ هذا هو نظام الحكم في هذا الدين القويـم .



    روى ابن اسحاق : حدثني الزهري ، حدثني أنس رضي الله عنه ، فيما قاله الصديق رضي الله عنه ، في أوّل خطبه سياسية في الإسلام بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : ( ثم تكلم أبو بكر ، فحمد الله ، وأثنى عليه بما هو أهله ، ثم قال : أما بعد ، أيها الناس ، فإني قد وليت عليكم ، ولست بخيركم ، فان أحسنت فأعينوني ، وإن أسأت فقوّموني ، الصدق أمانة ، والكذب خيانة ، والضعيف منكم قوي عندي حتّى أزيح علّته إن شاء الله ، والقويُّ فيكم ضعيف حتى آخذ الحقّ إن شاء الله ، لا يدع قومٌ الجهاد في سبيل الله إلاّ ضربهم الله بالذلّ ، ولا يشيع قومٌ قط الفاحشة إلاّ عمّهم الله بالبلاء ، أطيعونـي ما أطعت الله ورسوله ، فإذا عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم ، قوموا إلى صلاتكم يرحمكم الله ) قال ابن كثير ، وهذا إسناد صحيح أ.هـ ،
    وقد قال الصديق هذه الجمل العظيمة ، في حضرة خيار الصحابة ، وفي مجمع عام يشملهم ، فكان هذا منهج الإسلام الأصيـل .

    فالواجب على العلماء أن يتفقّـدوا حال السلطة ، فإن هي أقامت العدل في الناس ، فأوصلت إليهم حقوقهم وعلى رأسها أن يختاروهـا ، ويحاسبوهـا ، وإن هـي أغنتهم بمال الوطن الذي هو مالهم عن مواقف المهانة ، ومواطن الذلّ ، وأكرمتهم عن الإنتهاك ، وحفظت لهم ما يجب حفظه ، وعملت بقوله تعالى : ( إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون ) ، كانوا عونا لهـا .



    وإن هي تحوَّلت إلى آلة للظلم ، والفتن ، والفسـاد ، واستبدَّت بالجور على العبـاد ، نأوا بأنفسهم أن يكونوا أبواقا لها ، فيصيروا أعوانا للظـلمة !


    بـل واجبهـم أن يقوموا عليها بما يجب على القائمين بالقسـط من الأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ، والتحرُّك بما يعيـد الأمور إلى نصابها ، ويحمي الشعوب من الطغـيان ، وفق ما جاء في الشريعة العليّة في هذا الباب من الميـزان ، بحيث لايُعقب ذلك ما هو أعظـم شـرّا .
    وذلك كما فعل مَنْ فعـل مِن شيوخ الأزهـر المبجـَّل _ والناطق بإسمه _ عندما انضموا إلى الشعـب المصري في تظاهراته الغـرّاء ، ومسيراته الشمـّاء ، في وجه الطغيـان .

    وهذا من الجهـاد المأمور به شرعا ، كما في الحديث الذي ذكر الطغـاة : ( إنها تخلف مـن بعدهم خلوف ، يقولون مالا يفعلون ، ويفعلون مالا يؤمرون ، فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن ، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن ، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن ، وليس وراء ذلك من الإيمان حبّة خردل ) رواه مسلم



    وفي الحديث : ( إنَّ الناس إذا رأوْا الظالم فلم يأخذوا على يديه ، أوشك أن يعمّهم الله بعقاب منه ) رواه احمد ، وأصحاب السنن
    .

    وفي الحديث : ( أنصر أخاك ظالما أو مظلوما ) رواه البخـاري ، وفيه أنّ المعنى في حالة الظالم منعه ، وحجزه عن ظلمه ، فكلّ شعب مظلوم تجب نصـرته ، وخذلانه إثم مبين ، ومخالفة عظيمة لفرض الدين.
    .
    وفي الحديث : ( ما من امرئ يخذل امرءا مسلما في موطن ينتقص فيه من عرضه ، وينتهك فيه من حرمته ، إلاّ خذله الله تعالى في موطن يحب فيه نصرته ، وما من أحد ينصر مسلما في موطن ينتقص فيه من عرضه ، وينتهك فيه من حرمته ، إلاّ نصره الله في موطن يحبّ الله فيه نصرته ) رواه أحمـد وأبو داود .
    .
    وفي الحديث : ( المسلم أخو المسلم لا يظلمه ، ولا يسلمه ، من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته ، ومن فرَّج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة ، ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة ) متفق عليه ، ومعنى يُسلمه ، أي يتخلَّى عنه ، فيراه يُظلم ولاينصره ، وأيُّ تفريجٍ لكربة أعظـم من إزاحة الظلم ، والبغي ، و الطغيان ، بالسلطة التي تفسد الدين ، والدنيـا ، فتغتصب الأعراض ، وتسفك الدمـاء ، وتنتهك الحرمات ، وتستولي على الحقوق .



    والله أعلـم ، وصلّى الله على نبيّنا محمّد وعلى آله وصحبه وسلّم تسليما كثيرا ، وهو حسبنا عليه توكّلنا ، وعليه فليتوكـّل المتوكـّلون .








  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Apr 2011
    الموقع
    أرض الله الواسعة
    الردود
    128
    الجنس
    امرأة
    النصوص من السنة واضحة وصريحة واضحة في التعامل مع الحكام الظلمة وفي حالة الفتنة
    راجعي عزيزتي كتاب الفتنة في صحيح البخاري

    والأساس هو قال الله وقال رسوله وليس رأي فلا ن وعلان

    قال ابن عباس : يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء أقول لكم قال الله وقال رسوله وتقولون قال أبو بكر وعمر

    الله يهدي المسلمين ويحقن داماءهم ويرحم من مات منهم

    ( فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول ذلك خير وأحسن تأويلا )

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Apr 2008
    الموقع
    في الدنيا
    الردود
    5,224
    الجنس
    امرأة
    التكريم
    • (القاب)
      • سفيرة النوايا الحسنة
      • مُبدعة صيف 1430
      • درة النافذة الاجتماعية
      • عطاء وتميز في ركن النافذة الاجتماعية
      • بصمة أمل
      • كوميديا طفولية
      • ضياء مناهل النور
      • درة النافذة لشهر مايو
    (أوسمة)
    جزاك الله خيرا اختي الكريمة كيك

    وجزي الله الشيخ الفقيه حامد العلي

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Apr 2011
    الموقع
    أرض الله الواسعة
    الردود
    128
    الجنس
    امرأة
    أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم واضحة ولكن الهوى تعمي القلوب والأبصار
    يامقلب القلوب والأبصار ثبت قلوبنا على دينك .

    الله يهدي المسلمين إلى سنة رسولنا وإلى المنهج الصحيح ولا يتبعون الهوى والعواطف
    أبي ذر رضي الله عنه، قال:
    مهلا مهلا يا أهل الإسلام، فإني سمعت الرسول صلى الله عليه و سلم يقول: سيكون بعدي سلطان فأعزوه، من التمس ذُلَّه ثغر ثغرة في الإسلام، ولم يُقبل منه توبةٌ حتى يعيدها كما كانت
    ((من التمس ذله)) >> أي من نقب عن ضعفه و نشره ثم هيج العامة لم
    يُقبل منه توبةٌ حتى يعيدها كما كانت

    أخرج مسلم في صحيحه :
    عَنْ أَبِي سَلَّامٍ قَالَ : قَالَ حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ : قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ : إِنَّا كُنَّا بِشَرٍّ فَجَاءَ اللَّهُ بِخَيْرٍ فَنَحْنُ فِيهِ ، فَهَلْ مِنْ وَرَاءِ هَذَا الْخَيْرِ شَرٌّ ؟ .
    قَالَ : (( نَعَمْ )) .
    قُلْتُ : هَلْ وَرَاءَ ذَلِكَ الشَّرِّ خَيْرٌ ؟ .
    قَالَ : (( نَعَمْ )) .
    قُلْتُ : فَهَلْ وَرَاءَ ذَلِكَ الْخَيْرِ شَرٌّ ؟ .
    قَالَ : (( نَعَمْ )) .
    قُلْتُ : كَيْفَ ؟ .
    قَالَ : (( يَكُونُ بَعْدِي أَئِمَّةٌ لَا يَهْتَدُونَ بِهُدَايَ وَلَا يَسْتَنُّونَ بِسُنَّتِي ، وَسَيَقُومُ فِيهِمْ رِجَالٌ قُلُوبُهُمْ قُلُوبُ الشَّيَاطِينِ فِي جُثْمَانِ إِنْسٍ )) .
    قَالَ : قُلْتُ كَيْفَ أَصْنَعُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ أَدْرَكْتُ ذَلِكَ ؟ .
    قَالَ : (( تَسْمَعُ وَتُطِيعُ لِلْأَمِيرِ ، وَإِنْ ضُرِبَ ظَهْرُكَ ، وَأُخِذَ مَالُكَ فَاسْمَعْ وَأَطِعْ )).

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Jan 2009
    الموقع
    في انتظار انتهاء غربتي
    الردود
    2,377
    الجنس
    امرأة
    تعقيب كتبت بواسطة شابت شعري عرض الرد
    النصوص من السنة واضحة وصريحة واضحة في التعامل مع الحكام الظلمة وفي حالة الفتنة
    راجعي عزيزتي كتاب الفتنة في صحيح البخاري

    والأساس هو قال الله وقال رسوله وليس رأي فلا ن وعلان

    قال ابن عباس : يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء أقول لكم قال الله وقال رسوله وتقولون قال أبو بكر وعمر

    الله يهدي المسلمين ويحقن داماءهم ويرحم من مات منهم

    ( فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول ذلك خير وأحسن تأويلا )
    صحيح أنا جبتلك رأي لأحد المشائخ ولكن رده كان مدعما بآيات من كتاب الله وأحاديث من سنة الحبيب صلى الله عليه وسلم والشيخ بارك الله فيه لم يأت بشيء من عنده

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Jan 2009
    الموقع
    في انتظار انتهاء غربتي
    الردود
    2,377
    الجنس
    امرأة
    باب نصرة الإسلام وإعلاء كلمة الله يبدأ بنهاية الحكام الظلمة

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Apr 2011
    الموقع
    أرض الله الواسعة
    الردود
    128
    الجنس
    امرأة
    عزيزتي رده لم يكن مدعما بأحاديث وآيات التعامل مع الحكام خاصة
    لأن ما أتاه أدلة عامة
    وليس خاصة في الفتنة أو الحكام
    فتنبهي عزيزتي !!!!!
    والحق واضح
    راجعي كتاب الفتن من صحيح البخاري واقرئي شرحها واقرئي الأاحاديث الصحيحة وشرحها فإن اللة قال أولا : ( وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم )
    فعند النزاع ماذا أمر الله ؟؟؟؟
    ( فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول ذلك خير وأحسن تأويلا )
    فصار المرجع هو فقط قال الله وقال رسوله

    وأنا تخصصي شرعي ، لم أتكلم بغير علم ، بل بقال الله وقال رسوله
    ومن اتبع قال الله وقال رسوله نجى من الفتن ولكن من اتبع عواطفه ونفسه فالنفس أمارة بالسوء إلا مارحم ربي

    والحق واضح

    وكيفكم أخواتي ،،،،،،،،
    من شاء يتبعه ومن شاء اتبع نفسه وهواه
    آخر مرة عدل بواسطة شابت شعري : 25-04-2011 في 03:41 PM

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Jun 2008
    الموقع
    (❀◕‿◕)..لايهم اين ..فكلها ارض الله...
    الردود
    3,108
    الجنس
    امرأة
    لا ازيد عما قالته اختي kik
    و لكن
    اين هي الفتنة .. اختي الكريمة فنحن كنا نعيش في ظل ظلم عظيم ما ان سقط راينا ما لا يصدقه عقل من حجم
    الظلم و الفساد ... لقد هزنا للحظة مشهد المعارضين و المؤيدين و قلت لا للفتنة و لكن من الذي حركها اليس النظام نفسه
    و لو استمر ماذا كان سيحدث استمرار للفقر والفساد في كل المجالات صحة و زراعة و صناعة مستمر محاربة للشعب في كل شيء و اهمال
    لكل شيء ...
    حتى ماء النيل بسبب عدم الاكتراثهم نفقدها و من سخرية الموقف انهم فقدو حتى الاتفاقية التي تثبت حصتنا من ماء النيل
    و يسألون بريطانيا ان ترسلها لا حول ولا قوة الا بالله
    ما همهم بشئون الشعب و فعند بزوغ مظاهر الانهيار فبميلياراتهم ستفتح لهم البلدان ابوابها على مصراعيها... فلنصمت و لنمت
    على ارضنا اتقاءا للفتنة نموت بلا حتى كرامة
    نموت من تفجير الكنائس بايدي النظام الفاسد ... نموت من الاكل المسرطن ... يموت شبابنا نفسيا لفقدان الامل في العيش
    عيشة كريمة او نقتل كما قتل خالد سعيد و سيد بلال بايدي النظام ومثلهم الكثيرين
    نعم نصمت اتقاءا للفتنة
    ونتركهم يزيدو ظلما و طغيانا

    نحن هنا لسنا بصدد الحديث عن مصر فهل نتحدث عن اليمن ام سوريا ام ليبيا مع ان وضع ليبيا مختلف لان القذافي
    قاتله الله لم ينتظر حكم شعبه بل حكم عليهم بالحرب ربنا ينصرهم قريبا ان شاء الرحمن
    سوريا و اليمن هل ما يحدث لهم الان يرضي بشر من قتل و سفك لدماء
    حكامنا في هذه البلدان ليسوا امراء بل سفاحين
    هل نترك دماء شهدائنا تذهب هباء و ينعم هؤلاء السفاحين بالعيش المطمئن
    علينا ان نتحد ... علينا ان نصمد علينا ان ننصر اخوانا لا ان نستسلم لبلطجية الانظمة و شبيحتهم ان تحكمنا
    لا نجعل خوفنا يسيطر علينا لقد استفقنا بعد ثبات عميق
    فهل نتراجع الان
    شهداء تونس حوالي 400 شهداء مصر 840 شهداء ليبيا بالالاف شهداء اليمن لا نعرف عددهم شهداء سوريا لا نعلم عددهم
    حتى الان
    الكل خرج في هذه المظاهرات وهو يعلم انه قد لا يعود الي بيته مره اخرى
    انتراجع و نتخاذل لحماية هؤلاء السفاحين الذين استعملوا ابشع الطرق لهزمنا و قتلنا

    قال تعالى: ((وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمْ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لا تُنصَرُونَ)).
    ما رواه الترمذي عن أبي بكر الصديق (رضي الله عنه) أنه قال: (يا أيها الناس إنكم تقرأون هذه الآي
    ة: ((يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ)) واني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
    (إن الناس إذا رأوا ظالماً فلم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم بعقاب منه).

    ان تاريخ سقوط الدول هو تفشي الظلم ..


    اللهم الطف باهل ليبيا و سوريا و اليمن .. اللهم احفظهم بحفظك واكلأهم برعايتك
    و احفظ بلاد المسلمين يا رب العالمين

    اللهم احقن دماءهم واحفظ أعراضهم و سلم ذراريهم و أموالهم.

    نسألك اللهم أن تعصم دماء المسلمين وأموالهم وأن تجنبهم الفتن ما ظهر منها وما بطن
    وان تصرف عنهم شرارهم وجميع بلاد المسلمين .

    نسأل الله أن يجعل لإخواننا هناك من كل هم فرجا ومن كل ضيق ومخرجا ويحفظهم من الفتن ما ظهر منها وما بطن.

    اللهمّ إنا نسألك السلامة
    اللهمّ بدّل خوفنا امنا

    اللهم كن لأهلنا ناصراً ومعيناً
    اللهم ارزقهم الأمن والأمان والسلامة والإيمان

    اللهم اعصم دماء المسلمين و أعراضهم و أموالهم
    اللهم خذ الظالمين أخذ عزيز مقتدر

    اللهم أبرم للمسلمين أمرا رشيدا؛ تُعِز فيه أولياءك، وتُذِل فيه أعداءك، ويُعمل فيه بطاعتك

    اللهم يا حي يا قيوم يا من بيده ملكوت كل شيء أنت تعلم ما حل بإخوان لنا و وأخوات لنا فيك فمن لتلك الأعراض ومن لتلك الدماء ومن لتلك الأرواح إلا أنت اللهم احفظهم بحفظك وأمن خوفهم وأبرم لهم أمر رشد يعز فيه أهل طاعتك ويذل فيه أهل معصيتك اللهم آمين والحمد لله رب العالمين.















    فريق المحبــه










  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Jun 2008
    الموقع
    كنداحاليا....ليبيا الحره ان شاء الله مستقبلا
    الردود
    15,391
    الجنس
    أنثى
    التدوينات
    6
    جزاك الله خيرا اختىkik

مواضيع مشابهه

  1. ليبي رفض ترديد اسم القذافي فكان مصيره القتل - فيديو
    بواسطة أم أدريس في ركن المواضيع المكررة
    الردود: 0
    اخر موضوع: 03-04-2011, 07:34 PM
  2. الردود: 1
    اخر موضوع: 29-03-2009, 08:32 PM
  3. فضل العبادة في الهرج وهو الاختلاط والفتن وغيرها
    بواسطة فراشة القنديل في روضة السعداء
    الردود: 1
    اخر موضوع: 25-06-2008, 02:21 PM
  4. الهرد عند اليمن والهند
    بواسطة عباده في جمالكِ سيدتي وأناقتك حواء
    الردود: 4
    اخر موضوع: 15-04-2006, 09:51 AM
  5. صورة المخرج الهولندي قبل القتل وبعد القتل
    بواسطة خيشة قريض يابس في الملتقى الحواري
    الردود: 14
    اخر موضوع: 11-02-2006, 12:35 AM

أعضاء قرؤوا هذا الموضوع: 0

There are no members to list at the moment.

الروابط المفضلة

الروابط المفضلة
لكِ | مطبخ لكِ