قد يخطىء البعض في الحديث وقد يخطىء البعض الآخر في الاستماع ولقد تعودنا أن نرى ونقابل أشخاصا من شتى الأشكال والاصناف فمنهم من يسمع ومنهم لا يسمع ومنهم يسمع ولكن لا يفهم ما يسمع فمن هنا أبدأ سلسلتي التي بعنوان حوار طرشان والتي سأناقش معكم فيها قضايا اجتماعية وأسرية ومشاكل نفسية وسأكشف الغطاء عن أخطائنا اليومية التي نواجهها ونقع بها كل يوم وسنحاول تعديل الصورة وتوضيح الألوان والتوصل معا إلى الحل .
موضوع حلقة اليوم هو: يوم من مذكرات شارع
حوار الطرشان
خرج عماد من المنزل مسرعاً لأنه تأخر على الدوام فرمى كيس القمامة الذي بيده بجانب الحاوية وليس فيها(مسكين مستعجل مو قصده)ليكمل طقم الأكياس المصفوفة حول الحاوية (معلش برضو مستعجلين).
وهو بالطريق التقى بعامل النظافة ولم يخجل من نفسه أنه رمى كيس القمامة خارج الحاوية بل أكمل طريقه وكأنه لم ير شيئاً.
ثم وقف على الرصيف لينتظر باص المواصلات ، ركب عماد الباص وقد كان ممتلأً ، بينما هم في الطريق كان هناك إمرأة تحمل طفلها تحت الشمس وعلى بعد متر منها كانت تقف فتاة تلبس بنطالاً ضيق ونظارات شمسية ؛ فترك السائق المرأة الأولى وأخذ الأخرى ، دخلت الفتاة الباص وأخذ الجميع يحدق بها وبملابسها ، حتى السائق كان ينظر إليها من المرآة ، وطبعا لا يخلو الأمر من تعليقات الشباب التافهة حول الفتاة وملابسها .
في الطريق أشعل عماد سيجارة وبدأ يدخن.
السائق: يا أخي ممنوع التدخين طفي السيجارة .
عماد: أنا بدخن عند الشباك مش مضايق حد.
السائق: بالنسبة الي مضايقني.
عماد: ليش أنا بدخن بمناخيرك ؟ لما توصلك ريحة الدخان تعال قلي
السائق: شكلك ناوي تعمل مشكلة من الصبح ، شوف اذا ما بتطفي السيجارة برميك من الشباك الي قاعد جنبه.
عماد: طب والله ماني منطفيها بدك ترميني انا يا طوووووووووووووووط يابن ال ططووووووووووووووووووط طوووط.
اشتعل السائق غيظا ودعس بريك فجأة وأوقف الباص فطار جميع الركاب من أماكنهم
السائق: انت واحد طوووووووووووووط طوووووووط ينعن طوووووووووووووووووووووط
رماد سيجارة واحدة خلّف نارأ مشتعلة بين السائق وعماد .
خرج جميع الركاب من الباص وحاول البعض تهدئة الموقف أما الباقون فدبروا أنفسهم بمواصلات أخرى ، وكان من بينهم معلمة مدرسة فاضطرت أن تأخذ تاكسي نظراً لضيق الوقت .
ركبت التاكسي وكان السائق مشعلاً الاغاني على أعلى صوت .
المعلمة: ياريت أخي تطفي المسجل لاني ما بسمع أغاني.
تضايق السائق من طلبها وقال: بس أنا بحب أسمع
المعلمة: طيب لو سمحت وطي الصوت لانه مزعجني
السائق: كبسة الصوت معلقة ما بتشتغل
همست المعلمة بنفسها وقالت : الله ينتقم منك .
بينما هم في الطريق تجاوزت احدى السيارات المسرعة من أمام التاكسي فضغط السائق على الزامووووووور حتى انفجر ثم أخرج رأسه من الشباك وقال: يا ابن ال طوووووووووووووووط طوووووط ينعن طووووووووووووط طوووط .
فجر كل ما لديه من طاقة في السب ثم أكمل طريقه وأخذ المعلمة من طريق طويلة جدا استغرقت وقتا أطول من المعتاد وعندما وصلت المعلمة الممدرسة تفاجأت بالحساب .
المعلمة: انت واحد نصاب أخدتني من طريق طويلة عمدا
السائق : احترمي حالك انا ما نصبت عليك هيك الحساب
رمت المعلمة الحساب في وجه السائق وقالت: الله لا يهنيك ولا يباركلك فيهم .
دخلت المعلمة الى المدرسة وهي منزعجة من هذا اليوم المشؤوم.
كانت الطالبات في الشارع في طريقهن الى المدرسة ايضاً وعلى الجانب الآخر شباب(مغازلجية) يلحقون بهم .
الشباب: صباح الفل يا فل .... ايش هالمشية الحلوة........ على مهلك وانت ماشية
وانت يا حلو ليش مكشر ... عبرينا بكلمة حلوة.....
طالبة من الطالبات: استحي على حالك يا حـ... يا قليل الادب وامشي بطريقك وانت مخروس .
الشباب: روق يا حلو مو حلوة عليك العصبية
طالبة أخرى: انقلع من هون با ابن الشوارع يا طووووووووووط
ضحك الشباب وهم ينظرون الى الفتيات الغاضبات وكانت الشتائم كالعسل على قلوبهم ، ثم دخلت الطالبات المدرسة .
هكذا انتهى يوم أقصد ربع يوم من مذكرات شارع ، ففي الشارع كل شيء شائع .
لنعكس الصورة الآن ونعيد الشريط من البداية ليس لنرى حوار الطرشان بل حوار المحبين
حوار المحبين
خرج عماد من المنزل مسرعاً لأنه تأخر على الدوام فرمى كيس القمامة الذي بيده في داخل الحاوية وفوجأ عندما رأى منظر الاكياس الملقاة على الأرض وقال بتأسف: لاحول ولا قوة الا بالله ، الله يهدي هالناس ما عندهم لا رحمة ولاذوق مع عامل النظافة .
ثم أخذ الاكياس ورماها في داخل الحاوية وأكمل طريقه لينتظر باص المواصلات وهو يدعو أذكار الصباح ويسأل الله الرزق والتوفيق.
بينما هو في الطريق التقى بعامل النظافة ابتسم بوجهه وقال: صباح الخير يا عم حسن يعطيك العافية.
حسن: صباح النور الله يعافيك ويوفقك يارب .
ركب عماد الباص وكان ممتلأً ، فبينما هم في الطريق إذ بإمرأة تحمل طفلها تحت الشمس وعلى بعد متر منها فتاة تلبس بنطالا ضيقا ونظارت شمسية ، فوقف الباص عند المرأة الأولى وترك الأخرى متعمدا خوفاً عليها من نظرات شباب الباص وتعليقاتهم.
في الطريق أشعل عماد سيجارة وبدأ يدخن.
السائق: لو سمحت يالحبيب تطفي السيجارة لانه ممنوع التدخين
عماد: بس أنا بدخن عند الشباك
السائق: الباص مليان ركاب والريحة بتزعجهم وأنا بهمني راحة ركابي.
عماد: تكرم عيونك هاي طفيناها
السائق :تسلم يا غالي الله يخليك ... الله يكرهك بالدخان ويبعدك عنه متل ما بعدت عنه
عماد: ليش حضرتك كنت تدخن ؟
السائق: أنا كنت مدمن دخان بس الله تاب علي وتركته الحمد لله لانه كان .....
وبدأ السائق يروي له قصة تركه للتدخين وكان الجميع منصت لحديثه ، ربما استفاد البعض ربما لا المهم أنه كان يتحدث في موضوع مهم فيه مصلحتهم .
في الطريق توقف الباص فجأة وتعطل فنزل جميع الركاب وحاول الرجال مساعدة السائق في اصلاح الخلل ، فكان هناك روح أخوة وتعاون جميل بالرغم من أنهم تعطلوا عن أشغالهم .
أما النساء فدبرن أنفسهن بمواصلات أخرى وكان من بينهن معلمة مدرسة فاضطرت أن تأخذ تاكسي نظراً لضيق الوقت .
ركبت التاكسي وانزعجت من صوت الاغاني العالي التي يضعها السائق.
المعلمة: لو سمحت أخي تطفي المسجل لاني ما بسمع اغاني.
السائق:على راسي (أطفأ المسجل ووضع على محطة قرآن)
في الطريق تجازوت سيارة مسرعة من أمام التاكسي وكانت على وشك الاصطدام به ، فابتعد السائق عنها وتفادى الموقف .
السائق: الله ستر كان راح يروّح نفسه ، الله يهديهم هالشباب دائما متهورين .
وصلت المعلمة المدرسة ولكنها لاحظت ان الطريق كان جدا قصير.
فقالت : غريبة وصلنا بسرعة
السائق: ما أنا أخذتك من طريق مختصر مشان أوفر عليك
المعلمة: الله يجزيك الخير بارك الله فيك.
حاسبت السائق وتركت له البقشيش اكراما له ودخلت المدرسة، في الشارع كانت الطالبات في طريقهن الى المدرسة أيضاً ، وكان خلفهم مجموعة شباب يقومون بمعاكستهم.
الشباب: صباح الفل يا فل .... ايش هالمشية الحلوة........ على مهلك وانت ماشية
وانت يا حلو ليش مكشر ... عبرينا بكلمة حلوة.....والخ
ولكن كانت الطالبات يمشين في استحياء وأدب ولم يتفوهن بأي كلمة أو يجادلن الشباب في الشارع . ولكن احد الشباب استمر في المعاكسة.
فقالت إحدى الطالبات له:والله مو حلوة يا أخي تلحق بنات مؤدبات في الشارع رايحين يتعلموا وما أظن ترضاها لأختك ينحكالها هادا الكلام في الشارع ، ياريت تتركنا بحالنا وتمشي بطريقك لو سمحت.
خجل الشباب من أنفسهم واعتذروا للفتاة ومشوْ في طريقهم.
ما ذكرته اليوم في حلقتي هو نقطة في بحر من سلبيات الشارع لذلك وقبل أن أختم الحلقة أود أن أسئلكم ومن ثم أسأل نفسي هذه التساؤلات:
من الجميل أن تتواجد الإيجابية حتى في الشارع .
لا أعتقد أننا إذا تصرفنا بأدب وذوق سنلقى العكس إلا نادراً
لماذا اقترن الشارع بالمسبات البذيئة والألفاظ المشينة؟
لماذا أصبحت الأخلاق والنظام والنظافة والذوق كلمات مفقودة من قاموس الشارع؟
إلى متى ستبقى شوراعنا مليئة بهذه السلبيات ؟
صدقاً لا أعرف الإجابة ولا أود معرفتها لأنني أعرف شيئاً واحداً
وهو إذا صلح الفرد صلح المجتمع
التقي معكم في الحلقة القادمة مع قصة جديدة وأبطال جدد من سلسلة حوار طرشان
ترقبوني
الروابط المفضلة