.. بعـد أن ماتت ..!!

تقليص
X
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • بسمـة
    بصمة عطاء
    • Sep 2010
    • 2049

    .. بعـد أن ماتت ..!!


    .. بعد أن ماتَت ..!!


    **

    أقبلَت إليها ، ودُمُوعُها على خَدَّيْها . ألقتَ عليها السَّلامَ ،
    ومَدَّت يَدَها إليها ؛ لِتُصافِحَها . فأعرضَت عنها ، ولم تَرُدّ
    عليها . فزادت الدُّمُوعُ في عينيها ، و قالت : إنْ كان إلقاءُ
    السَّلامِ سُنَّةٌ ، فرَدُّهُ فَرْضٌ ، فلا تحرِمي نَفسكِ الأجرَ .
    ومَدَّت إليها يَدَها ثانيةً ، فلم تنظُر إليها .

    وفاء : ما الذي جرى يا صديقتي ؟!

    سماح : ألَا تذكُرين ما فعلتيه معي مُنذُ شهرٍ أو أكثر ؟!
    أنسيتِ بهذه السُّرعة ؟!

    وفاء : وماذا فعلتُ ؟!

    سماح : أنسيتِ خِلافَكِ معي حول الأمر الذي كُنَّا نتناقشُ فيه ،
    وإصراركِ على رأيكِ ، وعدم اقتناعكِ برأيي ؟

    وفاء : يا لقلبكِ صديقتي !! لقد نسيتُه ؛ لأنِّي لم أُعِرهُ
    اهتمامًا كبيرًا مِثلما فعلتِ ، واعتبرتُه خِلافًا عادِيًّا في الرأي
    قد يَحدُثُ بين أيِّ شخصين ، لكنِّي لم أكُن أتوقَّعُ أن يكونَ
    هذا الخِلافُ سببًا في إعراضِكِ عَنِّي ، وقَطع عِلاقتِكِ بي .
    فهو ليس خِلافًا في العقيدةِ ، والأمرُ سهلٌ هَيِّنٌ مقبول .

    سماح : سهلٌ هَيِّنٌ عليكِ ، لكنَّه صعبٌ عليَّ . كم أثَّرَ في
    نفسي وأتعبني !

    وفاء : ولماذا لم تُخبريني حِينها يا سماح ؟!

    سماح : لا أُريدُ مزيدًا من الكلام الذي يُتعِبُني .

    وفاء : صديقتي الحبيبة ، أبهذه السهولةِ تذهبُ الصَّداقاتُ ،
    وتُقطَعُ العِلاقاتُ ؟! ألِأَجلِ أُمُورٍ دُنيويَّةٍ تنسينَ أُخُوَّتنا في
    الله ؟! أَلِأَجلِ خِلافٍ صغيرٍ تنسينَ الحُبَّ في اللهِ الذي
    اجتمعنا عليه ؟!

    سماح : كفَى يا وفاء . احتفِظي بنصائِحِكِ لِنفسِكِ .

    وفاء : لكنَّ رمضانَ أقبَلَ يا حبيبة ، ولا أُحِبُّ أن يكونَ بيني
    وبينكِ خُصُومةٌ أو قطيعة .

    سماح : معذرةً ، لم أعُد أتحمَّلُ المَزيد . سأذهبُ الآن .

    وفاء : سماح ، سماح .

    فذهبت ، ولم ترُدّ عليها .

    وعادت وفاء إلى بيتِها ، والألَمُ يملأ قلبَها ، والدُّمُوعُ لم تُفارِق
    عينيها ، ورَفعت يَديها إلى السَّماءِ ، و قالت : اللهم اهدِ قلبَ
    صديقتي ، وألِّف بيني وبينها ، فإنَّنا لم نجتمِع إلَّا على طاعتِكَ .

    وتمُرُّ الأيَّامُ ، وينتهي شهرُ رمضان ، ويأتي العِيدُ . وتُفكِّرُ
    وفاء في الاتِّصالِ بصديقتِها سماح ، لكنَّها تتردَّدُ قليلاً ،
    وتستشيرُ أُمَّها .

    وفاء : أُمِّي ، تعرفين صديقتي سماح ، وما حَدَثَ بيني وبينها ،
    وأُريدُ أن أتَّصِلَ عليها ، علَّ قلبَها يَلِينُ ، وتعُودُ الأُخُوَّةُ بيننا
    كما كانت .

    الأُمُّ : لكنِّي أخشى يا بُنيَّتي أن لا ترُدّ عليكِ ، أو أن تُضايقكِ
    بكلامِها . أنصحُكِ ألَّا تُعاوِدي الحَديثَ معها ثانيةً ، فمِثلُها
    لا يُصاحَب .

    وفاء : لكنْ ...

    الأبُ : بل اتَّصِلي عليها يا وفاء ، فصديقتُكِ سماح مِن أُسرةٍ
    طيِّبةٍ ، وأنا أعرِفُ أباها ، فهو يُصلِّي معنا بالمَسجِد . لعلَّ
    الشيطانَ تدخَّلَ في أمرِكما ، وأراد أن يُفسِدَ الأُخُوَّةَ بينكما ،
    فلا تمنحيه فُرصةَ الإيقاعِ بينكما ، ولا تجعليه ينتصِرُ عليكما .

    وفاء : حسنًا يا أبي ، سأتَّصِلُ عليها إن شاء الله .

    وتَتَّصِلُ وفاء على صديقتِها سماح .

    وفاء : السَّلامُ عليكم .

    سماح : وعليكم السَّلام . مَن أنتِ ؟

    وفاء : أنا صديقتُكِ وفاء .

    سماح : ليس عِندي صديقاتٌ بهذا الاسم .

    وتُغلِقُ الهاتِف .

    أخَذَت وفاء تبكي ، و تقولُ لِنفسِها : حتَّى في يَوم العِيدِ
    يا صديقتي لا يَزالُ قلبُكِ مُتغيِّرًا عليَّ !! آهٍ ثُمَّ آهٍ لِتلكَ
    الآلامِ التي تملأ قلبي : " (.

    وتمُرُّ الأيَّامُ ، و وفاء لم تنسى صديقتَها سماح مِن الدُّعاءِ .

    وبعد أشهُرٍ تُفيقُ سماح ، وتتذكَّرُ كُلَّ ما حَدَثَ ، وترى الأمرَ
    أصغرَ مِن أن يُوجِدَ بينها وبين صديقتِها التي أحبَّتها خِلافًا ،
    وتندمُ على ما فعلت . فتُقرِّرُ الاتِّصالَ على صديقتِها وفاء ؛
    تمهيدًا لزيارتِها ، ولتطلُب منها أن تُسامِحَها على القسوةِ
    التي تعاملَت بها معها . وتَتَّصِلُ عليها ، فترُدُّ أُمُّها .

    سماح : السَّلامُ عليكم .

    الأُمُّ : وعليكم السَّلام .

    سماح : كيف حالُكِ يا خالة ؟

    الأُمُّ : بخيرٍ وللهِ الحَمد . مَن أنتِ ؟

    سماح : أنا سماح ، صديقةُ وفاء .

    الأُمُّ : رَحِمَها اللهُ ، كم كانت تُحِبُّكِ !

    وأخذت الأُمُّ تبكي .

    سماح : أين وفاء يا خالة ؟!

    الأُمُّ : وفاء ! لقد ماتت مُنذُ أُسبوعين تقريبًا . وكانت تُحِبُّكِ ،
    وتُكثِرُ مِن الدُّعاءِ لكِ .

    فبكَت سماح ، وبدأت تستعيدُ ذِكرياتِها مع صديقتِها ، والدُّمُوعُ
    تنزِلُ بغَزراةٍ مِن عينيها ، والحَسرةُ والألَمُ يملآن قلبَها .

    رَحِمَكِ اللهُ يا رفيقةَ الخير ، يا مَن كُنتِ تُذكِّرينني دائِمًا باللهِ ،
    يا مَن كُنتِ تتعاونينَ معي على البِرِّ ، يا مَن كُنتِ تُبادِرينَ
    بالاعتذارِ إليَّ ، وطلَبِ مُسامحتي وإنْ كُنتُ أنا المُخطِئة ،
    يا مَن أحببتِني في اللهِ ، ولم تنسينني حتَّى وأنا بعيدةٌ عنكِ ،
    يا مَن كُنتِ تذكُرينني في دُعائِكِ رغم عِنادي وبُعدي . رَحِمَكِ
    اللهُ يا حبيبتي () .

    آهٍ ثُمَّ آهٍ على ذاكَ القلب !
    أَلِأَجلِ خِلافٍ صغيرٍ أهجُرُكِ !!
    أَلِأَجلِ دُنيا فانيةٍ أقطعُكِ !!
    أَلِأَجلِ نَفسي أبتعِدُ عنكِ !!
    أَلِأَجلِ تفاهاتٍ أُضيِّعُ مِن يَدي ( ورِجُلانِ تحابَّا في اللهِ ،
    اجتمعا عليه ، وتفرَّقا عليه ) مُتَّفقٌ عليه !!

    أهذا هو التَّأسِّي برسُولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ، واتِّباعُ سُنَّتِهِ !!

    أين التَّسامُحُ والعَفو والصَّفحُ الذي حَثَّنا عليه دِينُنا ، وكان
    خُلُقًا لِنبيِّنا صلَّى اللهُ عليه وسلَّم !!

    رَبَّاهُ ، أشعُرُ بغُصَّةٍ في حَلْقِي ، وجُرْحٍ في قلبي .
    أشعُرُ أنَّ قدماي لا تكادُ تحمِلاني ، وأنَّ جوارحي
    كُلَّها تُؤلِمُني .

    رَبِّ اهدِ قلبي ، وأصلِح حالي ، وارحَم صديقتي ،
    واجمعني بها في الفِردوس الأعلى .

    **

    بقلم / الساعية إلى الجنة
    صباح الثلاثاء
    30 شعبان 1434 هــ / 9 يوليو 2013 م


    **

    التعديل الأخير تم بواسطة ارتِواء; 14-03-2014, 02:16 PM. سبب آخر: إضافة شعار التميز ()()()
  • ارتِواء
    مشرفة المدارس والمصليات وركن همسات بنات
    • Feb 2006
    • 5730

    #2
    ياربى
    عن جد قصة محزنة للغاية
    فيها عبرة وعظة وكل شئ ()()()
    أتمنى لو كنت مثل وفاء فى طيبة قلبها ودينها
    جزاكِ الله خيراُ غاليتى ()()()
    تستحقى الــ
    بل وأكثر ، بارك الله فيكِ وكتب أجركِ يا حبيبة : )

    تعليق

    • كَوثر~
      زهرة لا تنسى
      • Oct 2011
      • 1200

      #3
      مــــــؤثــــره جـــــدا
      بـــــــورك قلمــــــــــــكِ ياجميلة
      وبورك مســـعاكِ ياساعية للجنه
      جزاكِ الله خير


      تعليق

      • anapella
        مساعدة مشرفة ركني الطفل والتغذية - محررة في موقع لكِ
        • Nov 2006
        • 3644

        #4
        قصة مؤثرة .. بجد قشعرتنى
        بارك الله بك

        تعليق

        • ساكنة الغيوم
          مساعدة مشرفة همسات بنات
          • Jan 2013
          • 1363

          #5
          قصه مؤثره جداً اقشعر لها بدني
          بارك الله فيك غاليتي
          http://www.lakii.com/vb/a-111/a-821178/

          تعليق

          • حكايات القمر
            مشرفة الصحة والتغذية
            • Jul 2009
            • 16410

            #6
            جزاك الله خيرا قصة مؤثرة فعلا


            تعليق

            • آزال العريقة
              كبار الشخصيات , متألقة ركن المعجنات
              • Jan 2010
              • 22684

              #7
              قصة مؤثرة و فيها الكثير من العبر ..
              جزاكِ الله خيراً غاليتي .
              ودي و احترامي ..

              تعليق

              • اسلوبي مجننهم
                النجم البرونزي
                • Jun 2010
                • 541

                #8
                جزاكي الله كل خير ...وجمعنا واياكي بالجنة ...ما اروع لما يتوافق الاسم مع الصفة والسبيل...بارك الله فيك

                تعليق

                • هاله 666
                  مساعدة مشرفة ركن الجوال - فريق تطوير المدارس والمصليات
                  • Feb 2006
                  • 11267

                  #9
                  قصة جميلة المعني

                  التسامح من القيم الاسلامية

                  توفي الي رحمة الله زوجي 4من جماد اول 1437 اللهم ارحمه واغفر له واسكنه فسيح جناتك
                  اللهم ارحم أمي واغفر لها وزد من حسناتها وتجاوز عن سيئاتها


                  برنامج Reflect يجعل الصوره وكانها على حافة ماء فى مسابقة كنوزى من البرامج الصغيرة

                  تعليق

                  • كنزي وحدتي
                    عضو جديد
                    • Jul 2008
                    • 30

                    #10
                    قصة مؤثرة جداً ..
                    ليتنا نضع الآخرة نصب أعيننا في علاقاتنا مع الناس ..

                    لكن هل هذه القصة حقيقة عزيزتي بسمة ؟

                    تعليق

                    يعمل...