الجزء الثاني

فُوجِئَت أمل بزيارة صديقتها غير المُتوقعة.
فقالت لها- ضاحكةً- : ماذا لديكِ يا فتاة؟
قالت لها هناء: انتظري قليلاً، لديَّ فِكرةٌ خطيرة.
أمل: وما هي؟
هناء: نفتحُ حِسابًا في الفيس بوك، مُشتركًا بيني وبينكِ،
ونعرض بهِ الصُّور النَّادِرة والطَّريفة والمُضحِكَة،
فيزداد عددُ المُتابِعين والمُهتمِّين بنا.
أمل- وبدون تفكير- : مُوافِقة.
وزيَّنَ لهما الشَّيطانُ فتحَ هذه الصَّفحة، وساعدهما على ذلك
ثقة الأهل وانشغالهم عنهما.
وفي بادئ الأمر كان التَّصويرُ لمُقتنياتٍ شخصيَّةٍ ونادرة،
ثمَّ تطوَّر الأمرُ بهما إلى وضع صُوَرٍ عاريةٍ وفاضحةٍ،
ففاق عددُ المُتابعين الخيالَ، وكان هذا مصدر فَخرٍ واعتزازٍ لهما.
وتراجع مُستوى أمل الدِّراسيّ، وانصرفت عن الاهتمام بوالدتها
والجلوس معها، كما أنها هجرت أقاربها، فما عادت تُطيقُ الابتعادَ
عن هذه المواقع، بل وصل بها الأمرُ لِضَجَرها من والِدَتِها،
ورفع صوتها عليها عندما تُعاتِبُها أو تلومُها.
أمَّا صلاتُها، فكم أضاعت من الفروض في النَّوم أو الانشغال بمواقعها المُفضلة!
وهجرت القرآنَ الكريمَ، فلم تعد تقرؤه.
حتى النَّضارة والبراءة غابت من وجهها، وظهرت بوادر المعصية على مُحَيَّاها.
أمَّا حالتُها النَّفسية فكانت سيئةً، فلا تنامُ سِوَى ساعاتٍ مَحدودة،
والسَّهرُ رسم علاماتٍ واضحةً تحت عينيها، فكانت قلقةً طوال الوقت،
وتشعر بالحُزن والكآبة، فتُغرق نفسها في المعاصي أكثر وأكثر.
وقد كانت تأتيها لحظاتٌ تتمنى فيها الموتَ؛ لشِدَّةِ ما تُعانيه من ضيقٍ وتعاسة.
وفي أحد الأيام، أتت والِدتُها فرحةً، تُخبرها بعودة والِدِها المُسافر،
مُحمَّلاً بالهدايا، وبإقامته بينهم بضعة أشهر، وفُوجِئَت الأمُّ من البرود
الذي كسا وجه ابنتها، فلم تبتهج كعادتها، ولم تطلب أشياء مُعينة من والِدِها،
ولم تقفز فرحًا كما كانت تفعل عندما تعرف بعودة والِدِها من السَّفر.
فقالت لها: ما بالُكِ يا بنيتي؟! ألم يُسعدكِ هذا الخبر؟!
فابتسمت أمل ابتسامةً باهِتةً، وقالت: بلى يا أمي.
وتمدَّدَت على سَريرها، وكأنَّها تقولُ لأُمِّها: من فضلك، أُريدُ أن أنام.
خرجت الأمُّ حزينةً حائرةً، لا تدري ماذا حَلَّ بابنتها.

اسئلة النقاش :
*برأيك كيف من الممكن ان يراقب الاهل اولادهم من دون اشعارهم بذلك؟
*لماذا لم تلاحظ الام اهمال البنت للصلاة وحالتها النفسيه المتغيره وعدم اهتمام البنت بامها وهجرها للاقارب ؟
*لماذا لم تفرح البنت بعودة ابيها؟

تعليق